ليبيا: أسبوع الحسم بين الانفراج والانفجار

1
ليبيا: أسبوع الحسم بين الانفراج والانفجار
ليبيا: أسبوع الحسم بين الانفراج والانفجار

غازي معلى

أفريقيا برس – ليبيا. تعيش ليبيا لحظة سياسية وأمنية دقيقة، قد تحدد مصير المرحلة المقبلة، وسط تصاعد المواجهات المسلحة في العاصمة طرابلس، وعودة الحديث الجدي عن تشكيل حكومة موحدة. يتزامن هذا مع ضغوط دولية متزايدة، وتدخلات إقليمية تتشابك فيها المصالح بين قوى فاعلة، وشارع غاضب لم يعد يثق في النخب الحاكمة.

هذا الأسبوع قد يكون مفصليًا في تاريخ الأزمة الليبية، إذ تتقاطع فيه ثلاث مسارات: الانفجار الأمني، التحرك السياسي، والتدويل المحتمل.

تصعيد ميداني وغضب شعبي

شهدت طرابلس في الأيام الأخيرة اشتباكات عنيفة بين تشكيلات مسلحة محسوبة على حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها. وأسفرت هذه المواجهات عن وقوع ضحايا مدنيين، وسط شلل تام في مؤسسات الدولة التنفيذية وتصدّع واضح داخل الحكومة نفسها.

الغضب الشعبي لم يتأخر، حيث خرج آلاف المتظاهرين في ساحة الشهداء، مطالبين برحيل حكومة عبد الحميد الدبيبة، وإنهاء حالة التمديد السياسي التي تعيشها البلاد منذ سنوات.

ضغط أممي وإقليمي منسق

في ظل هذه التطورات، أصدر مجلس الأمن بتاريخ 17 مايو 2025 بيانًا أعرب فيه عن “قلقه العميق من التصعيد”، وطالب “باحترام الهدنة، وحماية المدنيين، والمضي فورًا نحو تشكيل حكومة موحدة”. البيان جاء مكمّلًا لقرار مجلس الأمن رقم 2769 (يناير 2025)، الذي كرّس مرجعية الحوار الليبي – الليبي وألزم الأطراف بتوحيد المؤسسات تحت سلطة تنفيذية واحدة.

وتزامنًا مع ذلك، وصلت وفود أمنية وسياسية تركية رفيعة إلى طرابلس، في ما يبدو أنه محاولة لاحتواء التصعيد الميداني والتنسيق مع الأمم المتحدة حول صيغة توافقية تحفظ مصالح أنقرة وتمنع انهيار حكومة طرابلس.

تحرك سياسي داخلي لاستباق الانهيار

أفادت مصادر برلمانية بأن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وعددًا من أعضاء مجلسي النواب والدولة يسعون لتسريع عملية اختيار رئيس حكومة توافقية جديدة، خلال أيام، في إطار استجابة مباشرة للبيان الأممي. وتفيد المعلومات بأن البعثة الأممية نفسها تدفع نحو تشكيل حكومة مؤقتة محايدة، تُهيّئ الأرضية لانتخابات وطنية موحدة في أقرب الآجال.

السيناريوهات الممكنة

1. توافق سياسي سريع يقود إلى تكليف رئيس حكومة جديد، يحظى بتزكية المجلسين ودعم دولي، مما قد يؤدي إلى تهدئة أمنية وبدء عملية توحيد مؤسسات الدولة.

2. انفجار أمني مستمر يؤدي إلى انهيار كامل في طرابلس، وإعادة إنتاج حكومتين متوازيتين، مع سيطرة الميليشيات على القرار الأمني.

3. تدويل تدريجي للأزمة من خلال مؤتمر دولي جديد على غرار “برلين 3″، تُفرض فيه خارطة طريق بإشراف دولي، ما يُقصي الفاعلين المحليين ويدخل البلاد في وصاية سياسية موسعة.

فاضل الأمين: خيار التوافق الممكن

وسط هذا المشهد المتشابك، يبرز اسم فاضل الأمين كمرشح توافقي لرئاسة الحكومة المرتقبة. الأمين، الخبير في الشؤون السياسية الليبية والدولية، ليس غريبًا عن دوائر صنع القرار في نيويورك أو طرابلس. سبق أن شارك في ملتقيات الحوار، ولديه علاقات متوازنة مع القوى الإقليمية والدولية.

في تصريح حديث لموقع Mondafrique، قال الأمين: “ليبيا لا تحتاج إلى منقذ، بل إلى عقد اجتماعي جديد”.

هذا الخطاب ربما يجعله قريبًا من الرؤية الأممية، ومقبولًا من الأطراف الداخلية التي تبحث عن شخصية غير تصادمية، تتقن العمل المؤسسي وتبتعد عن المشاريع الشخصية.

اختيار فاضل الأمين لا يعني حل الأزمة، لكنه قد يشكّل بوابة عبور نحو تسوية ممكنة، بدلًا من الانهيار.

الاختبار الأخير

ما يجري هذا الأسبوع في ليبيا قد يكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ المسار السياسي من الانهيار الكامل. إن لم يخرج الليبيون بحكومة موحدة تعكس التوافق وتُنهي الفوضى المسلحة، فإن الباب سيكون مفتوحًا أمام التدويل الكامل للأزمة، أو تفكك مؤسسات الدولة.

إنها لحظة الحقيقة… إما التوافق، أو الارتطام بجدار النهاية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here