هدوء كامل في طرابلس بعد اشتباكات خلفت 32 قتيلاً

8
هدوء كامل في طرابلس بعد اشتباكات خلفت 32 قتيلاً
هدوء كامل في طرابلس بعد اشتباكات خلفت 32 قتيلاً

أفريقيا برس – ليبيا. خيّم الهدوء الكامل على أجواء العاصمة الليبية طرابلس، منذ الساعات الأولى لليوم الأحد، بعد يوم دامي خلف 191 ضحية، منهم 32 قتيلاً و159 جريحاً، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية.

وعادت المحال التجارية لفتح أبوابها، صباح اليوم الأحد، كما بدت الحركة تسير بشكل طبيعي في مفاصل المدينة، مع استمرار مظاهر الدمار الذي لحق بممتلكات المدنيين في أزقة وشوارع الأحياء التي شهدت الاشتباكات، لا سيما حي باب بن غشير وشارع الجمهورية وما جاورهما.

وبدأت الاشتباكات، فجر أمس السبت، بين الكتيبة 77 وقوة دعم الاستقرار، بهجوم الأخيرة على مقار الأولى المنتشرة في عدد من أحياء وسط طرابلس مكتظة بالسكان.

وبحسب شهود عيان، لم تتمكن فرق الإسعاف والإنقاذ من دخول تلك الأحياء لعدة ساعات لإجلاء المدنيين.

“غدر وخيانة”

وخلال الساعات الأولى خيّم الغموض على مسار الأحداث من القتال، إذ كان يعتقد أنه يدور بين مجموعتين مسلحتين تابعتين لحكومة الوحدة الوطنية باعتبارهما تابعتين لوزارة داخليتها، لكن سرعان ما أخذت الأوضاع طابعاً سياسياً بصدور بيان من جانب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، اتهم فيه رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا بـ”الغدر والخيانة”، وتورطه في أحداث طرابلس، فيما نفى الأخير علاقته بما يدور من قتال.

وأشار الدبيبة، في بيانه، إلى وجود مفاوضات مع باشاغا “لتجنيب العاصمة الدماء”، والتزام جميع الأطراف الذهاب للانتخابات في نهاية العام كحل للأزمة السياسية، مشيراً إلى أن باشاغا رفض المفاوضات وبادرت قوة موالية له بالرماية على رتل تابع لحكومته، فيما كانت قوات أخرى تحشد في بوابة الــ27 غرب طرابلس وبوابة الجبس جنوب طرابلس.

في المقابل، نفى باشاغا على الفور اتهامات الدبيبة، وأكد أن لا علاقة له بما يدور في طرابلس.

الناطق باسم حكومة فتحي باشاغا الموازية، ووزير الصحة بها عثمان عبدالجليل: دخول بعض الفصائل لطرابلس لم يتم بآمر الحكومة.

هجوم باشاغا

ومنذ صدور البيانين بدأت اتجاهات الأوضاع في الوضوح أكثر، إذ تقدمت قوات تابعة لحكومة باشاغا باتجاه طرابلس من محورين، الأول من مدينة الزاوية (30 كيلومتر غرب طرابلس) وسيطرت على كوبري 17 كم، قبل أن تدحرها قوات تابعة للدبيبة، والثاني من مدينة مصراته لكنها توقفت في مدينة زليتن على بعد 150 كيلومتراً حيث اشتبكت مع قوة تابعة للدبيبة أجبرتها على التراجع.

وفي الوقت ذاته، تقدمت قوة تابعة لآمر المنطقة العسكرية الغربية، اللواء أسامة الجويلي، الموالي لباشاغا، في اتجاه طريق المطار، جنوب طرابلس، قبل أن تتوقف بعد فشل التقدم من محوري الشرق والغرب، وبدأ انهيار مقرات التاجوري وسط العاصمة.

وعقب انتهاء الاشتباكات، أعلنت قوة دعم الاستقرار سيطرتها على كل مقار الكتيبة 77، وقالت إن قائد هذه الكتيبة هيثم التاجوري “كان يعد لزعزعة أمن العاصمة وإدخالها في دوامة صراع طويلة”، موضحة أن التاجوري “شرع في تنفيذ مخططه بالرماية المباشرة” على رتل تابع للحكومة.

الدبيبة: ولّى زمن الانقلابات العسكرية

وتزامن بيان دعم الاستقرار مع زيارة أجراها الدبيبة للمقاتلين قرب خطوط القتال بطريق المطار، أكد خلالها أن ما جرى “عدوان مخطط من الداخل والخارج”، في إشارة إلى تخطيط كان معداً مسبقاً بالتنسيق بين التاجوري من الداخل وقوات باشاغا التي بدأت في الاقتراب من العاصمة من الخارج، واصفاً رد فعل القوات التابعة له بأنه “دفاع عن الوطن والبيوت الآمنة”.

وجدد التمسك بالسلطة، مشدداً على أن “لا حل للأزمة الليبية إلا بالتوجه نحو الانتخابات”، وأن “زمن الانقلابات العسكرية قد ولى”.

وكانت القوات الموالية للدبيبة أثناء زيارته إلى خطوط القتال في طريق المطار تجري عمليات قتالية على بعض المعسكرات التي تتموضع فيها قوات الجويلي، وأهمها معسكر 7 إبريل بطريق الجبس، جنوب طرابلس، قبل أن تتمكن من السيطرة عليه، وترغم قوات الجويلي من الخروج من قطاعات العاصمة الجنوبية إلى خارجها.

وبدا جلياً أن ما خلصت له أحداث طرابلس يصب في حصيلة فشل جديد لباشاغا في دخول العاصمة، وعلى الرغم من محاولة إنكار صلته بما حدث خلال الساعات الأولى من القتال، إلا أن الناطق باسمه عثمان عبد الجليل، اعترف بولاء الكتيبة 77 لحكومته، في تصريحات لتلفزيون محلي ليل أمس، كما اعتبر الجويلي، في تصريحات صحافية، بأن “إدخال الحكومة الشرعية للعاصمة لا يعد فعلاً يعاقب عليه القانون”.

وبالإضافة لذلك كان باشاغا قد أصدر بيانين قبل اندلاع القتال بأيام قليلة، دعا في الأول الدبيبة لتسليم السلطة “طواعية”، وفي الثاني وجه “نداءً أخيراً” لمجموعات المسلحة في طرابلس بأن تلق السلاح.

وتبدو خطوات الدبيبة هذه المرة مختلفة في تعاملها مع تحركات باشاغا العسكرية، ففيما اكتفى بتجريد لواء النواصي من صلاحياته بعد تسهيله دخول باشاغا إلى طرابلس، منتصف مايو/ أيار الماضي، وإقالة الجويلي من منصبه مديراً للاستخبارات العسكرية، أصدر هذه المرة قراراً عقب انتهاء الاشتباكات بضرورة القبض على جميع المشاركين في “العدوان على العاصمة طرابلس”.

وكلف الدبيبة وزارة الداخلية والمدعي العسكري والأجهزة الأمنية بتنفيذ قراره الذي شدد فيه على عدم استثناء أي أحد، عسكريين أم مدنيين، وكذلك “أية أشخاص يشتبه في تورطهم بأي شكل من أشكال الدعم مع هذه العصابات الخارجة عن الشرعية”، ما يجعل قادة الحكومة المكلفة من مجلس النواب وقادتها العسكريين تحت طائلة هذا القرار.

مجلس النواب يلتزم الصمت

وفيما لم يصدر أي بيان أو موقف من جانب باشاغا يعلن فيه رسمياً عن علاقته بالصدام الذي شهدته طرابلس، وخطواته المقبلة، لا يزال مجلس النواب الذي كلف حكومة باشاغا بديلاً عن حكومة الدبيبة، يلزم الصمت حتى الآن.

كذلك لا يزال المجلس الرئاسي يلزم الصمت أيضاً على الرغم من إعلانه عن قطع رئيسه، محمد المنفي، زيارة رسمية إلى تونس والعودة إلى طرابلس لمتابعة الأحداث.

مواقف عربية ودولية

وتابع عديد من العواصم الإقليمية في طرابلس، ومنها وزارات خارجية قطر وتركيا ومصر والجزائر وتونس والإمارات، ودعت لضرورة التهدئة وقف الاشتباكات.

كما دعت واشنطن وروما والأمم المتحدة بوقف الاشتباكات، وضرورة توفير ممرات آمنة للمدنيين العالقين في مناطق الاشتباكات، واعتبرت جميع البيانات أن إجراء الانتخابات هو الطريق الوحيد لإنهاء أزمة في ليبيا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here