تقارب دولي يهدد حكومة الدبيبة ويخلط الأوراق

1
تقارب دولي يهدد حكومة الدبيبة ويخلط الأوراق
تقارب دولي يهدد حكومة الدبيبة ويخلط الأوراق

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. في حوار أجرته “أفريقيا برس” مع الباحث السياسي والاستراتيجي الليبي فرج زيدان، أشار إلى أن ما يجري في طرابلس من تطورات عسكرية وأمنية، خاصة بعد مقتل قائد جهاز دعم الاستقرار في ليبيا عبد الغني الككلي، والصدام مع قوات جهاز الردع بقيادة عبد الرؤوف كارة، يعكس تغيرات إقليمية ودولية تضغط باتجاه تغيير حكومة عبدالحميد الدبيبة. وأوضح زيدان أن هناك توافقاً غير معلن بين أطراف دولية فاعلة، مثل الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب والتقارب مع روسيا، وكذلك إقليمياً بين مصر وتركيا، ما قد يفضي إلى إعادة تشكيل السلطة التنفيذية والرئاسية في ليبيا.

ونوّه زيدان إلى أن الدبيبة سعى للتنسيق مع محمد المنفي لمواجهة هذا المشروع، حيث تحالف الطرفان لإصدار مراسيم تهدف إلى تعطيل خطوات البرلمان مثل تشكيل المحكمة الدستورية وإنشاء مفوضية الاستفتاء. وأضاف أن تحركات الدبيبة شملت أيضاً تصفية خصومه داخل العاصمة، بدءاً بالككلي، ثم استهداف جهاز الردع، في محاولة لإحكام السيطرة وإقصاء كل من يشكل تهديداً لنفوذه.

وأكد زيدان أن هذه الإجراءات لم تأتِ بدعم خارجي مباشر، بل هي نتاج تحالفات داخلية وخطط تهدف لإفشال أي سيناريو لتغيير حكومة الدبيبة. كما لفت إلى أن التوازن الحالي في طرابلس لم يحسم الأمور بعد، مشيراً إلى أن المشهد يبقى مفتوحاً على احتمالات متعددة في ظل حالة الهدوء الحذر التي تسود العاصمة.

كيف تقرأ تطورات المشهد العسكري والسياسي الأخيرة في طرابلس، خاصة بعد مقتل الككلي والأحداث المصاحبة لها؟

عند تحليل الوقائع الأخيرة في طرابلس، بما في ذلك مقتل الككلي والصدام مع قوات الردع، نجد أن هذه الأحداث تعكس تغييرات عميقة على المستويين الإقليمي والدولي. فهناك مؤشرات واضحة على وجود توافق بين بعض الأطراف الدولية المؤثرة، مثل الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب والتقارب مع روسيا في عديد الملفات، بهدف إعادة تشكيل السلطة في ليبيا. هذا التوافق يضغط باتجاه تغيير حكومة عبدالحميد الدبيبة، في سياق تصاعد التحركات السياسية والعسكرية التي تشير إلى إعادة ترتيب أوراق المشهد الليبي بشكل كامل.

كيف ينعكس التقارب الإقليمي، خصوصًا بين مصر وتركيا، على الوضع في ليبيا؟

على المستوى الإقليمي، يشكل التقارب المتزايد بين مصر وتركيا تطورًا هامًا في المشهد الليبي، حيث يُعتبر البلدان من اللاعبين الأساسيين في الصراع الليبي. هذا التقارب يعكس تحولًا في سياسات البلدين، خاصة مع انفتاح تركيا على جميع الأطراف الليبية، بما في ذلك التواصل مع القيادة العامة للجيش في شرق البلاد. هذه التحركات تشير إلى تراجع في نفوذ عبدالحميد الدبيبة وحلفائه، وتعزز احتمالات إعادة تشكيل التحالفات في الساحة الليبية، مما قد يساهم في تسريع الحلول السياسية وتقليص النفوذ العسكري لبعض الأطراف.

كيف تعامل الدبيبة وحلفاؤه مع هذه المتغيرات؟

رأى عبدالحميد الدبيبة وحلفاؤه، وخاصة تيار الصادق الغرياني، أن هذه المتغيرات قد تفرض تغييرات سياسية لا تصب في مصلحتهم. لذا، عمل الدبيبة على التنسيق مع محمد المنفي، باعتبار أن التغييرات القادمة ستشمل السلطة بركنيها الرئاسي والتنفيذي، والمتمثلة في حكومة الدبيبة. وقد تشكل تحالف بين الدبيبة والمنفي، رغم وجود تحفظات من بعض أعضاء المجلس الرئاسي على قرارات ومراسيم المنفي، حيث خرج الدبيبة مؤكدًا على ضرورة تنفيذ هذه المراسيم، في محاولة للتماسك أمام الضغوط الداخلية والخارجية.

ما طبيعة التحالف بين المنفي والدبيبة؟ وهل له أهداف سياسية مباشرة؟

نعم، هذا التحالف بين المنفي والدبيبة يأتي كرد فعل على مشروع التغيير المطروح حاليًا، والذي تدفع به اللجنة الاستشارية عبر تصوراتها الجديدة. ويرى الطرفان أن هذا المشروع قد يفضي إلى توافق دولي وإقليمي يعزز موقف ما يمكن وصفه بـ”الجناح المعتدل” في المشهد الليبي، مقابل الجناح الأكثر تشددًا، والذي يدعم حكومة الدبيبة ويعرف بجناح ثكالة. وبالتالي، شعر الدبيبة والمنفي بأن هناك خطرًا يهدد وجودهما في السلطة، فبادرا إلى التنسيق فيما بينهما لخلط الأوراق السياسية، وهو ما ترجم بخروج حزمة من المراسيم المؤيدة من قبل الدبيبة في محاولة لتأمين مواقعهما أمام التحولات القادمة.

ما أبرز هذه المراسيم؟ وما أهدافها؟

تتضمن هذه المراسيم عدة إجراءات تهدف إلى تعطيل مؤسسات قضائية وإدارية قد تشكل تهديدًا لمصالح الدبيبة وحلفائه. أبرز هذه المراسيم هو قرار إيقاف عمل المحكمة الدستورية التي أنشأها البرلمان في بنغازي، استنادًا إلى طعون دستورية. ويهدف هذا القرار إلى استخدام المحكمة العليا في طرابلس كذراع قضائي لتعطيل القوانين التي يصدرها مجلسا النواب والدولة، خاصة القوانين الانتخابية. كما تشمل المراسيم إنشاء مفوضية للاستفتاء والاستعلام، بهدف تمرير مشروع الدستور، الذي يعتبره الدبيبة وحلفاؤه مشروعًا سياسيًا يخدم مصالحهم في المرحلة القادمة.

كيف ترتبط هذه التحركات بتصفية الككلي وما تلاها من أحداث؟

بالإضافة إلى هذه المراسيم والتفاهمات مع المنفي وحلفائه، قام الدبيبة بعملية تصفية وإزاحة الككلي، الذي كان يمثل عائقًا أمام خططه للسيطرة على العاصمة. فقد شك الدبيبة في تواصل الككلي مع قيادات من الجيش في الرجمة ببنغازي، ورأى فيه تهديدًا لموقفه في حال فرض حل توافقي لا يرضاه. الككلي كان يسيطر على عدة مؤسسات أمنية داخل طرابلس، مما جعله يشكل ورقة ضغط كبيرة قد تُستخدم لإخراج الدبيبة من العاصمة. ولهذا السبب، نسّق الدبيبة مع محمود حمزة، رئيس اللواء 444، لتنفيذ عملية تصفية استهدفت الككلي وبعض المجموعات المرتبطة به، مما أدى إلى إنهاء جهاز دعم الاستقرار وحله بشكل كامل، في محاولة للقضاء على أي تهديد داخلي يمكن أن يعيق بقاءه في السلطة.

وهل طالت هذه الاستراتيجية أطرافًا أخرى؟

نعم، بعد إنهاء جهاز دعم الاستقرار وتصفية الككلي، اتجه الدبيبة وحلفاؤه إلى استهداف أطراف أخرى، وعلى رأسها جهاز الردع. وتمثلت خطتهم في نشر اتهامات حول ولاء جهاز الردع للجيش والقيادة في المنطقة الشرقية، وهو أسلوب يهدف إلى إضعاف الجهاز وإقصائه من المعادلة الأمنية في طرابلس. واستخدموا نفس الآلية التي اتبعوها سابقًا مع هيثم التاجوري وأيوب بوراس في كتيبة ثوار طرابلس، حيث سعى الدبيبة إلى تصفية كل خصم يمكن أن يشكل عائقًا أمام هيمنته الكاملة على العاصمة.

كما تهدف هذه الاستراتيجية إلى إعادة تموضع كتائب مصراتة، بما في ذلك كتائب القوة المشتركة، لضمان سيطرته التامة على العاصمة ومفاصل الدولة. إلا أن هذه التحركات واجهت رفضًا واسعًا من أهالي وسكان مدينة طرابلس، الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجًا على هذه السياسات الإقصائية ومحاولات فرض الهيمنة على المدينة.

هل تعتقد أن هذه التحركات مدعومة خارجيًا؟

لا أعتقد ذلك. كل هذه التحركات التي يقوم بها الدبيبة تهدف إلى فرض أمر واقع، وخلط الأوراق للبقاء في السلطة بأي ثمن، وإفشال أي سيناريو لتغييره. صحيح أن بعض المحللين يرون أن هذه التحركات تحظى بدعم خارجي، لكنني أختلف مع هذا الرأي تمامًا، وأرى أنها ناتجة بشكل رئيسي عن تحالفات داخلية ومحاولات من الدبيبة لتصفية خصومه وتحصين نفوذه، دون أي دعم مباشر من أطراف خارجية.

ما تقييمك للوضع الراهن في العاصمة طرابلس؟

الأوضاع في طرابلس حالياً تتسم بالهدوء النسبي، ولم يُحسم الصراع فيها لصالح أي طرف بعد. يبدو أن هناك توازنًا هشًا بين الأطراف المتصارعة، ولم يتمكن الدبيبة من فرض سيطرته الكاملة على المشهد. الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت حكومة الدبيبة ستستمر أم ستخرج نهائيًا من المشهد السياسي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here