عبد الرحمن البكوش
أفريقيا برس – ليبيا. في خطوة مثيرة للجدل، انطلقت العملية العسكرية التي تقودها المنطقة العسكرية الساحل الغربي بهدف تحقيق الأمن والاستقرار في مدينة الزاوية والمناطق المجاورة. هذه العملية تأتي في وقت حساس حيث تعاني المنطقة من فوضى أمنية متفاقمة تشمل الاتجار بالمخدرات، تهريب الوقود، والجريمة المنظمة. ورغم إعلان السلطات عن العملية مسبقًا، إلا أن الأسئلة حول جدوى هذه العمليات وارتباطها بالتحركات الأمنية في الجنوب لا تزال قائمة.
وعبر حوار أجرته “أفريقيا برس” مع المحللين السياسيين محمد محفوظ ومفتاح الدبيب، تم طرح مجموعة من التساؤلات التي تكشف لنا أبعاد هذه العملية وتسلط الضوء على جوانبها المختلفة..
أهداف العملية العسكرية وأبعادها الأمنية
عن الأهداف الرئيسية للعملية العسكرية في الساحل الغربي، يقول المحلل السياسي محمد محفوظ: “الأهداف تتلخص في إنهاء الفوضى الأمنية التي تعاني منها الزاوية، والتي تشمل قضايا مثل الاتجار بالمخدرات، الاتجار بالبشر، وتهريب الوقود. هذه المشاكل ليست جديدة، بل هي أزمة تعاني منها المدينة منذ سنوات”. ويرى محفوظ أن الهدف الأساسي من العملية هو بسط سيطرة الدولة على المدينة التي تسيطر عليها التشكيلات العسكرية الخارجة عن سلطة الدولة.
وفيما يخص تقييم العملية حتى الآن، يرى محفوظ أن الوقت لا يزال مبكرًا للحكم عليها بشكل نهائي. ويقول: “العملية لم تسفر عن القبض على أي متهم حتى الآن بالجرائم التي تم الإعلان عنها، مما يثير الشكوك حول جدوى العملية”. ويضيف محفوظ أنه رغم التشكيك في نجاح العملية، “لا يزال الوقت مبكرًا لتقييم النتائج النهائية. إذا استمرت الأمور على حالها، فإن العملية قد تكون مجرد دعاية سياسية لا أكثر”.
العملية العسكرية: علاقة مع تحركات الجنوب؟
يتساءل البعض عن علاقة العملية العسكرية في الساحل الغربي بالتحركات الأمنية في الجنوب، التي تهدف إلى محاربة الإرهاب والفوضى. يوضح محمد محفوظ أن هناك حديثًا عن مداهمة تشكيلات في الساحل الغربي مرتبطة بالحكومة في الشرق كرد فعل على مداهمة معسكر سبها، ولكنه يشير إلى أن هذا “لم يحدث ولعدة أسباب ومنها أنه “تمت محاولة تجنب إعطاء طابع سياسي للعملية”، ويضيف: “الفريق النمروش، آمر المنطقة العسكرية الغربية، حاول تجنب أي إشارات قد تربط العملية بخلفيات سياسية حتى لا يتم استخدامها ضد الحكومة من قبل التشكيلات غير المعترفة بحكومة الوحدة في الساحل الغربي”.
التحديات والتقييم الأولي للنتائج
يواجه الأمن في الساحل الغربي العديد من التحديات، لعل أبرزها “غياب التنسيق بين التشكيلات المسلحة والأجهزة الأمنية الرسمية”. ويرى محمد محفوظ أن “هذا الانقسام بين الأجهزة العسكرية والسياسية في ليبيا يعوق بشكل كبير أي محاولة لتحقيق استقرار أمني حقيقي”. ويضيف: “طالما هناك تدخلات سياسية في العمليات الأمنية، فمن الصعب أن تحقق هذه العمليات أهدافها”.
أما المحلل السياسي مفتاح الدبيب، فيشير إلى أن “العملية في الساحل الغربي تمت بالتعاون الكامل مع أهالي مدينة الزاوية”، مما يضمن نوعًا من القبول الشعبي للعملية. وفيما يتعلق بالتقييم، أشار الدبيب إلى أن “الوقت ما زال مبكرًا جدًا للحكم على نجاح العملية”، وذكر أن “نتائج العملية ستظهر في الأيام المقبلة”.
الإعلان المسبق للعملية: دلالة سياسية أم ضعف استراتيجي؟
من النقاط التي أثارها المحللون، مسألة الإعلان المسبق عن العملية العسكرية قبل تنفيذها. يرى محمد محفوظ أن هذا الإعلان “أفقد العملية عنصر المفاجأة”، مما جعلها تبدو وكأنها “مخطط مسرحي” فاقد للمصداقية. ويؤكد أن “الإعلان عن العملية قبل بدء تنفيذها شكك في نية الحكومة وجديتها في حل الأزمة الأمنية بشكل حاسم”. وفي الوقت نفسه، يشير إلى أن الإعلان المسبق قد يشير إلى “عدم وجود خطط استراتيجية متكاملة” لإنجاح العملية.
رفض الأهالي ودورهم في العملية العسكرية
عن الموقف الشعبي في الزاوية من دخول قوات من خارج المدينة، يوضح مفتاح الدبيب أنه “لا يوجد أي اعتراض من أهالي المدينة على أهداف العملية”. ويضيف أنه “في الحقيقة، العملية قوبلت بتعاون كبير من جانب الأهالي الذين يرون فيها خطوة هامة لاستعادة السيطرة الأمنية على المدينة”. ولكن في الوقت ذاته، يبقى من المبكر الحكم على نتائج العملية حتى تتضح آثارها في الأيام القادمة.
العملية العسكرية في الساحل الغربي تمثل خطوة حاسمة في محاولات حكومة الوحدة الوطنية لتعزيز الأمن والسيطرة على المناطق الغربية التي تعاني من الفوضى والأنشطة الإجرامية. وبينما تبرز بعض التحليلات التي تشير إلى غياب التنسيق السياسي والعسكري، فإن العملية لا تزال في مرحلة التقييم، ولا يمكن الجزم بنجاحها أو فشلها في هذه المرحلة. في النهاية، سيظل تأثير العملية على استقرار المنطقة مرهونًا بمدى قدرتها على تحقيق أهدافها الأمنية في ظل الانقسامات والظروف المعقدة التي تمر بها البلاد.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس