بقلم : ناصف الفرجاني
أفريقيا برس – ليبيا. الوضع الافتراضي للحالة الليبية وفق الاتفاقات والتوافقات ومخرجات ماعقد من حوارات في برلين وجنيف والقاهرة أن تسير البلاد في ثلاث مسارات متوازية متزامنة، ومن المعروف أن قاطرة هذة المسارات هو المسار العسكري (لجنة5+5 أو اللجنة العسكرية المشتركة حسب تسمية الامم المتحدة) ووقف إطلاق النار رغم أنه لم يوثق بشكل قانوني ليصبح ملزما حتى الآن ، حيث كان وقف إطلاق النار الذي تدخلت في فرضية أطراف دولية هو بداية توفر ظروف ساعدت على تحريك المسار الاقتصادي الذي انطلق قبل مؤتمر برلين الاول، وعقد في روسيا خلال اتصالات غير معلنة بين نائب رئيس المجلس الرئاسي حينها أحمد معيتيق ووزير مالية الحكومة المؤقتة في الشرق ، وقد أسفر عن اتفاق يقضي بفتح تصدير النفط وبداية خطوات لتوحيد المركزي .. حيث كانت القبائل في الشرق قد قامت بإيقاف تصدير النفط احتجاجا على عدم منح مخصصات مالية الشرق الليبي كعقوبة سياسية بسبب دعم الجيش والبرلمان، حيث أن كل حقول وموانئ التصدير تقع ضمن منطقة الهلال النفطي الخاصعة للمشير خليفة حفتر.
ثم انطلق المسار السياسي والذي كانت بدايته بما يعرف بإعلان القاهرة ثم لقاءات تونس والمغرب وبرلين الأول ثم مؤتمر جنيف الذي تمخض عن مخرجات تمثلت في السلطة الحالية ، ورغم أن كل مسار كانت تحكمه بنود محددة للوصول الى أهداف معلنة، الا أن الوضع الواقعي على الأرض كان ولايزال لايجري بطريقة تخدم ولا تلتزم بنصوص الاتفاق، وسيطرت حالة من عدم الثقة بين الأطراف حيث ظلت المؤسسة العسكرية حتى اليوم تعمل بمعزل عن سلطة جنيف وليس هناك أي ارتباط إداري ولا مؤسسي بينهما وفي المقابل لم تعترف سلطة جنيف بالقيادة العامة للجيش ولا بالجيش الوطني التي يمثلها حفتر ، ولا برئيس الأركان الفريق عبدالرازق الناظوري .بل إن حكومة الوحدة الوطنية لم تضع قوات الجيش في الشرق ضمن المؤسسات المشمولة بمخصصات المالية ضمن الميزانية العامة للدولة وإدراج كل المسميات الأمنية والعسكرية في الغرب الأمر الذي يعكس استمرار صراع خفي حول الشرعية بين طرابلس وبنغازي ، وقد انعكس ذلك سلبا في عرقلة اعتماد الميزانية حتى الآن.
بل إن التحركات العسكرية الميدانية للجيش لمقتضيات أمنية تصدر مباشرة من المشير حفتر وقد أصدر في ظل وجود الحكومة أوامر لوحدات تابعة له بالتحرك للسيطرة وتأمين المنافذ البرية مع الجزائر والتمركز في جنوب غرب البلاد وارسال وحدات سيطرة على بلدة مرزق في أقصى الجنوب حيث كانت خاضعة لمجموعات مسلحة تشادية أحدثت تغيير في التركيبة السكانية لصالح التواجد التشادي وبذلك يصبح اقليم فزان بالكامل تحت سيطرة حفتر وهذه التحركات العسكرية لحفتر وإن كان المعلن فيها لا يستهدف طرابلس إلا أن توقيتها زاد من الشكوك وعدم الثقة لدى الحكومة الوطنية.
وقد صدر بيان عن القيادة العامة بمضامين سياسية في خطوة استباقية لجلسة مجلس الأمن يوم 16يونيو 2021 تضمن عدة نقاط تدور حول مطالبة الدول الراعية لمؤتمر برلين والامم المتحدة باحترام تنفيذ خارطة الطريق. في حين شارك رئيس الحكومة في جلسة لمجلس الأمن كممثل عن ليبيا..وتحدث عن واقع افتراضي توحدت فيه المؤسسات وحلت كل المشكلات في حين أن السلطه لم تنجح في خلق مناخ يسمح لها بالتواجد في مناطق سيطرة حفتر حتى الآن وتعثرت استحقاقات 5+5 مثل فتح الطريق واتخاذ خطوات عملية لتفكيك ودمج المسلحين وتوحيد المؤسسة العسكرية بشكل عملي.
لو أضفنا الى كل هذة المعطيات فشل وتعطيل اعتماد قاعدة دستورية من قبل لجنة الحوار بسبب ضغوطات من أطراف محلية وأخرى خارجية، وعدم قدرة البرلمان على عقد جلسة مكتملة النصاب لاعتماد قاعدة دستورية، وتهديد المجلس الرئاسي مؤخرا بفرض قاعدة دستورية بقوة القانون حسب وصفة، وحالة الانقسام المجتمعي الذي تعززه حملات إعلامية من كل الأطراف وعدم تنفيذ البند الخاص بمنع تبني خطاب الكراهية والتحريض المضمنة في اتفاق جنيف، سنجد أن كل هذة المعطيات تجعل من الصعب التكهن بأي توقعات لمسارات الازمة الليبية ، وتبقى الفجوة بين الواقع والمتوقع كبيرة.