أفريقيا برس – ليبيا. في حوار خاص أجرته أفريقيا برس مع رجل الأعمال الليبي حسني بي حول بيان مصرف ليبيا المركزي الأخير بخصوص زيادة العجز في النقد الأجنبي لسنة 2024 وتأخير الواردات من مبيعات النفط.
وأوضح بي أن الحل متوفر ولكن الإرادة غائبة والحل هو ما نكرره دائمًا: “استبدال الدعم نقدًا لتحقيق عدالة التوزيع”.
ومن خلال ذلك يتحقق “ترشيد الاستهلاك من قبل المواطن” ويتوقف “التهريب” و”السرقات”. حتى التهريب يتحول إلى تجارة عبور تحقق فائضًا في ميزان المدفوعات يتعدى 5 مليار دولار سنويًا، وتحقق نموًا في الناتج المحلي يتعدى 20%.
وأشار بي أيضا ومن أهم أسباب هذه الأزمة وهي انخفاض إيرادات النفط في عام 2024، خاصة بعد شهر يونيو، بسبب الأزمة مع فرنسا وتوقف الإنتاج في حقل الشرارة، بالإضافة إلى الأزمة التي مر بها مصرف ليبيا المركزي وتوقف التصدير لمدة 6 أسابيع.
ويضيف أن ارتفاع فاتورة مبادلة المحروقات أثقلت كاهل الميزانية وذلك مقابل المحروقات والطاقة، حسبما ورد في رسالة المؤسسة الوطنية للنفط.
ما هي أسباب انخفاض الإيرادات من النفط وزيادة العجز في النقد الأجنبي لعام 2024؟
انخفاض إيرادات النفط في عام 2024، خاصة بعد شهر يونيو، بسبب الأزمة مع فرنسا وتوقف الإنتاج في حقل الشرارة، بالإضافة إلى الأزمة التي مر بها مصرف ليبيا المركزي وتوقف التصدير لمدة 6 أسابيع. ويضاف إلى ذلك ارتفاع فاتورة المحروقات باسم “أكذوبة الدعم السعري للطاقة”.
أيضًا، يمكن إدراج أهم مسببات الانخفاض فيما يلي:
أولاً: ارتفاع فاتورة مبادلة المحروقات مقابل محروقات وطاقة، حسبما ورد في رسالة المؤسسة الوطنية للنفط، مثل تزويد مصافي “الزاوية والبريقة وطبرق والسرير” بالخام وأخذ مقابلها بنزين ونافثا، بالإضافة إلى الخام المخصص لمحطة توليد كهرباء أوباري والغاز الطبيعي المستعمل لمحطات الكهرباء ومصانع الأسمنت والحديد والصلب والبتروكيماويات. وتقدر إجمالي هذه الفاتورة بـ 375 مليون دولار شهريًا (أو ما يعادل 4.5 مليار دولار سنويًا).
ثانيًا: فاتورة مبادلة المحروقات والطاقة خارجيًا بالمقايضة، وتقدر إجماليها شهريًا بـ 750 مليون دولار (أو سنويًا 9 مليار دولار).
ثالثًا: توقف إنتاج حقل الشرارة (300 ألف برميل يوميًا) لمدة 12 أسبوعًا، بالإضافة إلى توقف تصدير النفط لمدة 6 أسابيع بسبب أزمة مصرف ليبيا المركزي. وتقدر قيمة الفاقد من الإيرادات بسبب الأزمتين بـ 4.5 مليار دولار، مما يسبب عجزًا في النقد الأجنبي وانخفاضًا في قيمة الإيرادات من بيع النفط.
في ظل هذه الظروف والانقسامات وعدم وجود حل حقيقي كما ذكرت، ما هي الحلول العملية لإنقاذ الاقتصاد الوطني؟
نحن الليبيون نريد “حمرة وجراية وما تاكلش شعير”، وهو مثل شعبي يعني أننا نريد كل شيء دون أن نبذل جهدًا حقيقيًا. نريد وقودًا وطاقة مجانية، ونطالب بترشيد الإنفاق وعدم الإفراط في الاستهلاك. كما نطالب بتوقف سرقات الوقود وبتفعيل دور الجيش والشرطة للتصدي للتهريب.
لكن هذه هي ثنائيات ومتناقضات مستحيلة، حيث أن هذه الأماني لا يمكن تحقيقها في ظل الاستمرار في دعم الطاقة السعري، مع كافة المعطيات ومتطلبات المواطن مثل الصحة والتعليم والطاقة المجانية.
لكن في الحقيقة، الحل متوفر رغم غياب الإرادة. والحل هو ما نكرره دائمًا: “استبدال الدعم نقدًا لتحقيق عدالة التوزيع”. ومن خلال ذلك يتحقق “ترشيد الاستهلاك من قبل المواطن” ويتوقف “التهريب” و”السرقات”. حتى التهريب يتحول إلى تجارة عبور تحقق فائضًا في ميزان المدفوعات يتعدى 5 مليار دولار سنويًا، وتحقق نموًا في الناتج المحلي يتعدى 20%.
نؤكد أن توقف إنتاج النفط وتصديره تحت أي مبرر أو ذريعة، يدفع ثمنه كامل الشعب الليبي من خلال التضخم وانهيار قيمة الدينار مقابل الدولار. توقف الإنتاج أو التصدير يتسبب في انخفاض الدينار الليبي بما لا يقل عن 15% شهريًا. لدينا عبرات سابقة من 2013 إلى 2019، 2020، 2024.
ما هو دور الجهات التشريعية والتنفيذية لإيجاد حل للوضع الاقتصادي؟
يجب أن نأخذ العبرة ونعمل على التالي:
– البرلمان أو السلطة التشريعية من خلال الحكومة أو السلطة التنفيذية يجب عليهما التوافق وإقرار ميزانية تمثل كامل الإيرادات العامة وكامل الإنفاق العام لليبيا (بما في ذلك قيمة المحروقات المكررة داخليًا وخارجيًا والغاز).
– يجب إخراج إنتاج النفط، الذي يمثل 65% من الناتج المحلي، من أي صراع، سواء كان سياسيًا أو غيره من الصراعات، مع عدم التعرض للإنتاج والتصدير تحت أي ذريعة أو سبب.
من وجهة نظرك، ما هي آثار هذا التعثر الاقتصادي على الحياة اليومية للمواطنين؟
الشعب بأكمله هو من يدفع ثمن الفشل، ويدفع فاتورة توقف تصدير النفط، الذي يؤدي إلى انهيار العملة والتضخم وارتفاع الأسعار. للأسف، ثقافتنا مبنية على مثل ليبي آخر: “رزق الحكومة، ربي يدومه”. لكن الحقيقة أن الرزق هو رزق الشعب، وليس رزق الحكومة. الحكومة لا تملك، بل تدير فقط.
شعاري هو “استبدال الدعم نقدًا لتحقيق عدالة التوزيع”. ونحن نؤمن بأن تنفيذ هذه الرؤية يحقق إخراج كامل الشعب الليبي من تحت خط الفقر، حيث نسمع منذ عقود عن التوزيع العادل للثروة والمطلوب تطبيقه.
بعد مرور ثلاثة أشهر من بدء الإدارة الجديدة في مصرف ليبيا المركزي، هل ترى تحسنًا في السياسات المالية المتبعة؟ وهل هناك أي إشارات على خطط إصلاح جادة لمعالجة هذه الأزمات المالية؟
بعد أزمة مصرف ليبيا المركزي وعشر سنوات من إدارة منقسمة وإغلاق المقاصة منذ عام 2014، ثم العمل من خلال مقاصتين بعد عام 2016 في دولة واحدة تعتمد على مصدر مشترك يمثل 65% من الناتج المحلي (النفط)، للأسف، الشعب دفع الثمن من خلال فقدان القدرة الشرائية لأمواله بنسبة 75%. وقد أفقرت 80% من الشعب وثرّت القلة.
تكليف محافظ ونائب محافظ توافقي، بالإضافة إلى اكتمال باقي الأعضاء الستة من خلال الترشيح والتوافق بين المحافظ ونائبه، ثم اعتماد مجلس الإدارة من قبل السلطة التشريعية المتمثلة في “مجلس النواب”.
أول اجتماع لمجلس الإدارة واتخاذ حزمة من القرارات كان له أثر إيجابي على الاقتصاد وعلى البيئة العامة.
انخفض سعر الصرف الحر خلال أيام بسبب حزمة القرارات المعلنة. ما قبل تكليف المحافظ كان سعر الصرف للدولار في السوق الحر يتعدى 8.200 د.ل، بينما انخفض بنسبة 20% إلى أقل من 6.000 د.ل.
شخصيًا أرى أن السعر الحقيقي للدينار بدون اللجوء للاحتياطيات يتراوح في حدود 6.000 د.ل/$، والبقاء على سعر 4.850 مضافًا له الرسم 15% الذي لا أرى ضرورة لرفعته في الوقت الحالي. ولكن إذا ما قرر المركزي دعم الدينار من خلال اللجوء للاحتياطيات بمقدار 5 مليار دولار سنويًا، يمكن للمركزي مواجهة أي طلب في حدود سقف 5.500 د.ل/$.
مجلس إدارة المركزي لديه من الخبرة والقدرات ما يمكنه من اختيار المسار الأمثل للسياسات النقدية. مع العلم أن لدى المركزي 90 مليار دولار احتياطيات يمكنه الدفاع عن الدينار بسعر يقره حتى وإن كان 4.850 د.ل وبدون رسم.
هل تعتبر الإيرادات من الرسم المفروض على مبيعات النقد الأجنبي (27.2 مليار دينار) مؤشرًا إيجابيًا، أم أنه مؤشر على اعتماد مفرط على هذا المصدر في تمويل الاقتصاد؟
يجب إلغاء الرسم وترك قرار سعر العملة للمركزي في حدود ما يمكنه من الدفاع عن الدينار بأقل ما يمكن من القيود التي يجب ألا تتعدى القيود المنصوص عليها بقانون محاربة الفساد وغسيل الأموال والجريمة المنظمة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس