عبد الرحمن البكوش
أفريقيا برس – ليبيا. في وقتٍ حساس يمر فيه الملف الليبي، برز لقاء بوزنيقة الذي جمع أعضاء من مجلس النواب ومجلس الدولة في المغرب، حيث كان له وقعٌ كبير في الساحة السياسية. بين مؤيد ومعارض، طرح هذا اللقاء العديد من التساؤلات حول مدى جدوى هذه المفاوضات وموقف الأطراف المختلفة منها. وقد تنوعت الآراء بين التحليل النقدي والتأييد الحذر، مما يعكس تعقيدات الأزمة الليبية وتعدد الأطراف المتنافسة.
في البداية، اعتبر المحلل السياسي محمد امطيريد في تصريحاته لموقع “أفريقيا برس” أن مبادرة بوزنيقة لا تدعم الخطة الأممية التي تقودها ستيفاني خوري، بل تتعارض معها من حيث الخارطة وآلية العمل.
وأوضح امطيريد أن طرح خطة خوري يعتمد على تشكيل لجنتين: لجنة حوار ولجنة فنية، تتخصصان في مواضيع عالقة مثل قوانين الانتخابات التي تم إعدادها من قبل لجنة 6+6. وأضاف أن هذه المبادرة جاءت كردة فعل على ما قدمته البعثة الأممية، مشيرًا إلى أنها في الواقع “ولدت ميتة” مثلما حدث مع حكومة باشا آغا التي لم تلقَ دعمًا دوليًا ولم تنجح في دخول طرابلس.
ورأى أن لقاء بوزنيقة لن يحقق أي توافقات على الأرض، وأنه يشكل محاولة لإضعاف الخطة الأممية و”خروجًا عن المسار الحقيقي لحل الأزمة الليبية”.
في سياق متصل، قال صلاح البكوش، مستشار مجلس الاعلى للدولة سابقا، إن النخب السياسية الليبية تواصل إهدار المزيد من الوقت في الصراع على تشكيل حكومة جديدة وعضوية “اللجنة الاستشارية” التابعة لبعثة الأمم المتحدة. وأضاف في تدوينة على “فيسبوك” أن “الليبيين قد يضطرون إلى انتظار صفقة بوتين-ترامب-أردوغان بشأن أوكرانيا وسوريا وليبيا فقط ليشهدوا حلًا أجوفا لأزمة الشرعية التي يعانون منها”. تعكس تصريحات البكوش انزعاجه من تأخير الحلول العملية التي تأثرت بالتجاذبات السياسية الداخلية.
من جهة أخرى، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس، في تصريحات له على” تلفزيون المسار” حول لقاء بوزنيقة، أن هذا اللقاء يأتي في إطار استكمال جهود اللقاءات السابقة في تونس والقاهرة، حيث يهدف إلى توحيد السلطة التنفيذية وإجراء الانتخابات المتزامنة.
وأضاف كرموس أنه تم التوصل إلى عدة اتفاقات تتعلق بالسلطة التنفيذية والمناصب السيادية، بالإضافة إلى تعزيز مكافحة الفساد وتهريب الأموال. وأشار إلى أن تشكيل لجان مشتركة قد تم لتناول هذه الملفات ووضع خطة طريق للتنفيذ، مشدداً على أن التفاهمات التي تم التوصل إليها كانت نتيجة توافق مثمر بين أعضاء المجلسين التشريعيين. واعتبر أن هذه التفاهمات تمثل خطوة هامة في الوصول إلى حل شامل، وأن لقاء بوزنيقة سيكون له تأثير إيجابي على العملية السياسية في ليبيا.
من جانبه، أشار رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الدولة، سعيد ونيس، في تصريح له لصحيفة “هيسبرس المغربية،” إلى أن مخرجات مشاورات بوزنيقة وضعت معالم واضحة لمسار الحل السياسي في ليبيا. وقال ونيس: “المخرجات أفرزت اتفاق المجلسين التشريعيين على خارطة طريق تفضي إلى توحيد السلطة التنفيذية، وصولاً إلى إجراء الانتخابات”. وأضاف أن التفاهمات التي تم التوصل إليها تلبي احتياجات المضي قدمًا نحو حل شامل في ليبيا، داعيًا جميع الأطراف إلى قبول هذه المخرجات من أجل إنجاح العملية السياسية.
من جانبه، أشار المحلل السياسي إبراهيم بلقاسم إلى أن اللقاءات في بوزنيقة، رغم إعلانها دعم مبادرة خوري، لكن تتقاطع معها في عدة نقاط حاسمة طرحتها الخطة الأممية.
وأضاف بلقاسم في تصريحاته لـ”أفريقيا برس”: “المجلسان لا يزالان يؤكدان على ضرورة أن تكون الحكومة القادمة مستندة إلى تفاهمات بينهما فقط، دون إشراك أي طرف آخر”. وأضاف أن هذا يعكس عدم الجدية في التوصل إلى توافقات حول القوانين الانتخابية التي لا تزال عالقة، ما يعزز شكوكه حول إرادة المجلسين في الذهاب إلى انتخابات حقيقية بعد تشكيل حكومة جديدة.
كما اعتبر بلقاسم أن مسار بوزنيقة يشوش على الخطة الأممية ويعرقل مسار الحل السياسي، مشيرًا إلى أن أية محاولة فاشلة لإجهاض المبادرة الأممية قد تؤدي إلى طرح بدائل أخرى، مثل الخطة التي يُعدها المجلس الرئاسي.
وتظل الآراء حول لقاء بوزنيقة متباينة، ما يعكس حالة الانقسام والتنافس في المشهد السياسي الليبي. في حين يرى البعض أن التفاهمات التي أُعلن عنها في هذا اللقاء قد تساهم في توحيد السلطة التنفيذية وإجراء الانتخابات، يعتقد آخرون أن هذه المبادرة لا تقدم حلاً حقيقياً للأزمة، بل تساهم في إعاقة الخطة الأممية. في النهاية، يبقى الحل السياسي في ليبيا رهين التوافق بين الأطراف المختلفة، سواء كانت محلية أو دولية، لضمان انتقال حقيقي نحو الاستقرار والانتخابات.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس