عبد الرحمن البكوش
أفريقيا برس – ليبيا. في ظل الوضع السياسي المعقد الذي تعيشه ليبيا، تسعى العديد من الأطراف إلى إيجاد حلول جذرية للتحديات التي تواجه البلاد. وقد تركزت العديد من الجهود على معالجة أزمة الانقسام السياسي في المجلس الأعلى للدولة، وهو ما كان محط اهتمام التكتلات الحزبية الليبية.
في هذا السياق وفي حوار مع “أفريقيا برس”، تحدث أسعد زهيو رئيس حزب النماء ورئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية، عن اللقاءات التشاورية التي تمت مع المجلس الأعلى للدولة والمقترحات التي يتم تداولها بهدف حل هذه الأزمة.
زهيو، الذي، شدد على أهمية الاستماع لجميع الأطراف وتبادل الآراء قبل طرح أي مبادرات حاسمة، مؤكدًا ضرورة التوصل إلى توافق شامل يمكن أن يساهم في استقرار ليبيا على المدى الطويل. وفي هذا الحوارأيضا، يسلط زهيو الضوء على التحديات الحالية والفرص الممكنة، ويناقش آفاق التوحيد السياسي والعسكري في البلاد بالإضافة إلى تقييمه للمبادرات المحلية والدولية لحل الأزمة الليبية.
ما أبرز النقاط التي تم تناولها خلال الاجتماع التشاوري بين الكيانات الحزبية والمجلس الأعلى للدولة؟
في البداية، التكتلات الحزبية لم ترغب في طرح مبادرة بأفكار ونقاط محددة قبل الاستماع إلى جميع الأطراف. وأنا أعتقد أن هذا كان الخيار الصحيح، لأننا في بعض الأحيان قد نطرح أفكارًا جيدة ونموذجية، لكنها قد لا تتماشى مع الحالة الراهنة للأطراف المعنية سواء في المجلس الأعلى للدولة أو غيره. لذلك، فضلت التكتلات الحزبية أن تستمع أولًا إلى جميع الأطراف قبل أن تقدم رؤية شاملة.
هذا الاجتماع الذي تم عقده مع خالد المشري ومن معه كان بمثابة المرحلة الأولى، حيث تم الاستماع لمخاوفهم وهواجسهم، وأيضًا تم طرح مقترحاتهم التي يقبلونها لإنهاء الأزمة داخل المجلس الأعلى للدولة.
هذه اللقاءات ستستمر حتى يتم الاستماع إلى جميع الأطراف، وتلخيص المطالب والمقترحات والتصورات التي يحملها كل طرف داخل المجلس الأعلى للدولة. بعدها، سنتمكن من الخروج بوثيقة تحتوي على أهم العناصر التي تمثل النقاط المشتركة بين جميع الأطراف.
لذلك، كان هذا اللقاء بمثابة فرصة لطرح أفكار جيدة ومنطقية، ونحن نأمل أن تتقبل الأطراف الأخرى هذه الأفكار. ولكننا لا نريد الإعلان عن أي شيء آخر الآن، إلا بعد الانتهاء من جميع المشاورات التي تقوم بها اللجنة المشكلة من جميع الكتل الحزبية مع أطراف الأزمة داخل المجلس الأعلى للدولة.
هل تم التطرق إلى خارطة طريق محددة أو آليات عملية لتحقيق التوافق الوطني خلال الاجتماع؟
نعم، بالفعل تم الحديث مع السيد خالد المشري كطرف من أطراف الأزمة، وسوف يتم الحديث أيضًا مع السيد تكالة كطرف آخر من أطراف الأزمة. كما سيتم عقد لقاءات مع جميع أعضاء المجلس الأعلى للدولة. وقد تم الحديث عن الأفكار وآليات العمل التي من الممكن أن تحقق التوافق الوطني داخل المجلس، بهدف إخراجه من الأزمة الحالية التي يعيشها.
ولقد استمعت إلى السيد المشري ومقترحاته وتصوراته، كما استمع هو أيضًا إلى مقترحات وتصورات اللجنة المشكلة من التكتلات الحزبية. وهناك صيغة تفاهم إلى حد ما بين الرؤيتين اللتين تم طرحهما. لذلك، سيتم استكمال اللقاءات، وبعدها سيتم طرح خارطة طريق واضحة المعالم، متفق عليها بين جميع الأطراف، لإنهاء الأزمة داخل المجلس الأعلى للدولة.
هل هناك خطوات عملية سيتم اتخاذها على الفور لتنفيذ مخرجات هذا الاجتماع؟
بالتأكيد، لابد أن تكون هناك خطوات عملية يتم اتخاذها، لأن الهدف من هذه المشاورات هو معالجة الأزمة، والمعالجة تتطلب خطوات فعلية. هذه الخطوات تمثل خارطة الطريق للحل، وبالتالي سيتم الإعلان عنها قريبًا لكي يتم تنفيذها. الهدف هو إنهاء أزمة المجلس الأعلى للدولة أولًا من خلال مجموعة من الإجراءات التي سيتم اتباعها لحل مشكلة الرئيس ومكتب الرئاسة، وإعادة الحياة إلى هذا الجسم كي يلعب دوره بشكل صحيح ومتناسق في العملية السياسية في المستقبل.
ما هي رسالتكم للأطراف التي لم تشارك في هذا الاجتماع؟ وكيف يمكن إشراكها بشكل فعال؟
حتى اليوم، لا يمكننا القول إن هناك أطرافًا امتنعت أو رفضت المشاركة، لأن اللقاء الأول كان موجهًا إلى السيد خالد المشري وفريقه بشكل خاص. وسوف تكون هناك لقاءات أخرى مع الأطراف الأخرى على حدة أيضًا. لذا، لا يوجد أي رفض حتى الآن من أي طرف لعقد لقاءات. ومن المهم أن نوضح أن اللقاء الأول لم يكن مطلوبًا أن يكون لقاءً جامعًا لجميع الأطراف، بل كان مخصصًا للحديث مع السيد خالد المشري وفريقه. وبعد هذا اللقاء، سيتم عقد لقاءات مع الأطراف الأخرى، وعليه سنرى كيف تسير الأمور. حتى الآن، الأمور تسير بشكل جيد.
كيف يمكن ضمان أن تكون هذه اللقاءات التشاورية مع الأجسام السياسية ذات تأثير حقيقي على الأرض؟
بالطبع، نحن نعتقد أن هذه اللقاءات مهمة للغاية، لأننا من خلالها نستمع إلى هواجس ومخاوف الأطراف المختلفة، كما نتعرف على مقترحاتهم وحلولهم المحتملة. تأثير هذه اللقاءات سيظهر في النتائج التي يمكن التوصل إليها بين الأطراف المختلفة لمعالجة أزمة المجلس الأعلى للدولة.
وعندما نتمكن من حل الأزمة داخل المجلس، سيكون له دور حقيقي وفاعل في الاستحقاقات السياسية القادمة. خصوصًا أن ليبيا اليوم تمر بمرحلة تغيير مفصلية، تتطلب التنسيق والحوار المستمر بين جميع الأطراف المعنية. كما يجب إجراء تفاهمات من أجل توحيد المؤسسات والسلطة التنفيذية، وإيجاد توافقات حول القوانين الانتخابية، ومن ثم التحضير لإجراء الانتخابات التي هي حلم كل الليبيين. وقبل الوصول إلى هذه المرحلة، يجب أن تكون هذه الأجسام السياسية موحدة وفي حالة صلبة وفعّالة، وليس في الوضع الذي هي عليه اليوم.
هل ترى أن هناك أفقًا لتوحيد المؤسسات السياسية والعسكرية قريبًا في ظل هذه الجهود؟
بالنسبة لتوحيد المؤسسة العسكرية، فإن المسألة تتطلب جهودًا كبيرة جدًا ووقتًا طويلاً. فحالة الانقسام والخلاف التي كانت موجودة داخل المؤسسة العسكرية كانت شديدة لدرجة أنها وصلت إلى مرحلة المواجهة العسكرية، كما حدث في حرب فجر ليبيا 2014 وحرب 4-4-2019. لذلك، لا أتوقع أن تتم عملية توحيد المؤسسة العسكرية بشكل سريع. ولكننا سعداء بالهدنة الحالية التي حافظت على صمودها حتى الآن، ونتمنى أن تستمر وتثبت، مما يمنحنا الأمل في توحيد هذه المؤسسة في المستقبل. أما بالنسبة للمؤسسات السياسية والتنفيذية، أعتقد أن أي محطة حوارية قد تساهم في توحيد السلطة التنفيذية وتوحيد المؤسسات السيادية والسياسية في البلاد.
في ظل تزاحم المبادرات، ما رأيكم حول لقاء بوزنيقة لحل الأزمة السياسية في البلاد؟ وهل يتوافق مع رؤية الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية لحل الأزمة في البلاد؟
في تصوري، كان اجتماع بوزنيقة محاولة لإظهار أن هناك مؤسسات سياسية مثل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وأن هذه المؤسسات هي المعنية بتشكيل أي سلطة قادمة. هذا الاجتماع لم يكن ضد مبادرة ستيفاني خوري ولا داعمًا لها بالكامل، بل كان بمثابة رسالة للأمم المتحدة من الأطراف الليبية، مفادها أننا موجودون وفاعلون. كما أراد مجلسا النواب والدولة أن يظهرا أنهما هما المعنيان بحل أي قصور في القوانين الانتخابية، وأي تسوية سياسية قادمة.
من وجهة نظرنا، فإن الاجتماع في بوزنيقة كان عبارة عن إشارة للأمم المتحدة بأننا مستعدون للعب دور إيجابي في تهدئة الأمور وتوجيه سلوك هذه الأجسام السياسية. كما أن المملكة المغربية أرادت أن تؤكد قدرتها على استضافة أي حوار قادم، ولعب دور فعال في نجاح هذه المبادرة.
ما هو رأيكم في الخطة التي طرحتها ستيفاني خوري لحل الأزمة؟ وهل تدعم مسار بوزنيقة أم تتقاطع معه؟
الخطة التي طرحتها ستيفاني خوري تشبه إلى حد كبير طرح الصخيرات والطرح الذي كان في جنيف سابقًا. هي استعانت بتجربتين سابقتين، واستدعت فكرة برناردينو ليون في الصخيرات، وهي تعتمد على المسارات المتعددة، كما أعلنت عن ذلك في مبادرتها الأخيرة. هذه المسارات تتناول الحكم المحلي، الهوية الاقتصادية، توحيد المؤسسات، بناء الثقة، والعقد الاجتماعي. كما استدعت أيضًا تجربة ستيفاني وليام وغسان سلامة في فكرة “لجنة 75” كمضلة جامعة.
ورغم أن هذه الخطة ليست جديدة، فإنها ليست سيئة على الأقل، لأنها تتيح فرصة للتفاهم بين الأطراف المختلفة.
ولكنني أعتقد أن أي تسوية يجب أن تشمل حوارًا مجتمعيًا يشرك الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات السياسية المستقلة وأطراف الصراع من خارج المجلسين، إضافة إلى مجلسي النواب والدولة كأطراف رئيسية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس