أهم ما يجب معرفته
تشهد ليبيا تقلبات حادة في سوق الصرف، حيث ارتفعت أسعار الدولار واليورو بشكل ملحوظ. رغم تأكيدات المصرف المركزي بتلبية طلبات النقد الأجنبي، إلا أن القلق الاقتصادي يتزايد بسبب الغموض المحيط بملف تغطية حسابات النقد الأجنبي. الحملة الأمنية على مكاتب الصرافة المخالفة تأتي في إطار جهود تقنين السوق وتحسين السيولة.
أفريقيا برس – ليبيا. تشهد الساحة الاقتصادية مطلع هذا الأسبوع حالة من القلق المتصاعد، رغم الوعود المتكررة من المصرف المركزي باستمرار تلبية طلبات النقد الأجنبي، في ظل تقلبات حادة تضرب أسواق الصرف الرسمية والموازية.
ففي طرابلس وبنغازي، سجلت أسعار الصرف في السوق الموازية ارتفاعًا لافتًا، إذ تجاوز سعر الدولار حاجز 8.670 دينارًا، فيما صعد سعر اليورو إلى نحو 9.980 دينارًا.
كما تخطّى سعر شراء صكوك مصرفي التجارة والتنمية في بنغازي عتبة 9.900 دينار للدولار الواحد، وفق متابعات متعاملين في السوق.
ويأتي هذا الارتفاع رغم عودة النشاط المحدود للسوق الموازية عقب حملات أمنية نُفذت خلال الشهر الجاري وزادت الأسبوع الماضي، غير أن تجارًا أرجعوا الصعود المفاجئ إلى حالة الغموض التي تحيط بملف تغطية حسابات النقد الأجنبي، إضافة إلى الجدل القائم بين المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، ما عزز مخاوف السوق ورفع منسوب المضاربات.
وفي سياق موازٍ، أعلن جهاز الحرس البلدي طرابلس إغلاق عشرات أنشطة الصرافة المخالفة في العاصمة، بعد رصد محال تمارس نشاطها دون الحصول على التراخيص القانونية اللازمة من المصرف المركزي.
وشملت الحملة أسواق الصرف في مناطق المشير وحي الأندلس وأبوسليم والظهرة خلال الفترة الأخيرة.
وقال الناطق باسم جهاز الحرس البلدي امحمد الناعم، إن الجهاز نفّذ حملة أمنية لمراجعة إجراءات عمل محال الصرافة والتأكد من ترخيصها بشكل رسمي، مشيرًا إلى أن الإغلاقات جاءت نتيجة عدم استيفاء الشروط القانونية المعتمدة.
وأكد الناعم أن حملات التفتيش ستتواصل، ولن تقتصر على طرابلس، بل ستمتد إلى المنطقتين الشرقية والجنوبية، بالتنسيق مع غرفة العمليات المشتركة لفروع الحرس البلدي، بهدف تقنين الأنشطة غير الرسمية والحد من فوضى سوق الصرف.
وكانت الأجهزة الأمنية في بنغازي، حذرت خلال الشهر الجاري مكاتب الصرافة بضرورة إيداع أموالهم في المصارف طواعية، تفاديًا لاتخاذ ما وصفته بـ”الإجراءات القانونية ضد المخالفين”.
وأوضحت الأجهزة الأمنية، في بيان صادر باسم مكافحة الجرائم المالية وغسل الأموال، أن هذه الخطوة لا تُعد مصادرة للأموال، بل تهدف إلى “إعادة أموال الدولة إلى مسارها الصحيح”، مشيرة إلى أن المصارف تعاني من شح حاد في السيولة نتيجة خروج كميات كبيرة من النقد من التداول بطرق غير قانونية.
وأضاف البيان أن مبالغ مالية كبيرة جرى سحبها وإخراجها من المصارف بالمخالفة للتشريعات النافذة، ما فاقم أزمة السيولة في البلاد.
وكان وكيل وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب فرج اقعيم، أعلن بداية ديسمبر الجاري، إطلاق حملة لإجبار مكاتب الصرافة في بنغازي على إيداع أموالهم في حساباتهم المصرفية، موجهًا تحذيرًا أخيرًا لأصحاب المكاتب قبل الشروع في مداهمتها، بالتنسيق مع نيابة مكافحة الفساد.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت تشهد فيه البلاد أزمة سيولة متواصلة منذ سبتمبر الماضي، عقب سحب المصرف المركزي لفئتي 20 دينارًا و5 دنانير القديمتين، الأمر الذي دفع كثيرًا من المواطنين إلى اللجوء لمكاتب الصرافة والتعامل عبر الصكوك المصدقة مقابل عمولات تصل إلى 20%.
وفي المقابل، أعلن المصرف المركزي مع بداية الأسبوع بلوغ الإيرادات النفطية نحو 1.017 مليار دولار، منذ بداية شهر ديسمبر وحتى الآن، في خطوة يُفترض أن تمهّد لصرف مرتبات شهر ديسمبر، ضمن مساعٍ لطمانة الأسواق وتحسين مستوى السيولة.
ورغم هذه التطمينات والإجراءات الرقابية، يرى مراقبون أن تأثيرها لم ينعكس بعد على استقرار سوق الصرف، إذ يبقى السؤال مطروحًا حول مدى كفاية هذه الإيرادات وقدرة السياسات المتبعة، بالتوازي مع الحملات الأمنية، على تهدئة الأسواق وكبح موجة الارتفاع المتسارعة في أسعار العملات الأجنبية.
شهدت ليبيا تقلبات اقتصادية نتيجة الأزمات السياسية والمالية. منذ عام 2011، تأثرت البلاد بشكل كبير بسبب النزاعات الداخلية، مما أثر على استقرار السوق المالي. في السنوات الأخيرة، حاول المصرف المركزي اتخاذ إجراءات لتحسين الوضع الاقتصادي، لكن التحديات لا تزال قائمة، بما في ذلك أزمة السيولة وارتفاع أسعار العملات الأجنبية.
وتعتبر سوق الصرف في ليبيا من أكثر القطاعات حساسية، حيث تتأثر بالعديد من العوامل، بما في ذلك السياسات النقدية والضغوط الاقتصادية. في ظل الظروف الحالية، يسعى المصرف المركزي إلى تحقيق استقرار في السوق، لكن التحديات المستمرة تعيق هذه الجهود، مما يزيد من القلق بين المواطنين والتجار على حد سواء.





