بالأمر الواقع لا بغيره تكمل البعثة الأممية ما قد بدأ في السنوات الماضية من خلال تنفيذ سياسة كشفت سوءاتها وبان عوارها، فالبعثة أعلنت اليوم أن الحوار سياسي في جنيف سيبدأ في موعده المقرر بمن حضر، ضاربة بعرض الحائط موقف مجلس النواب الذي تمسك بثوابته ومطالبه، وأيضاً في الجهة المقابلة بموقف الأعلى للدولة بشكله الحالي الذي عرض التأجيل لما بعد جولات المسار العسكري.
وقد تخلّف سياسة الأمر الواقع من قبل البعثة الأممية نتائج عكسية لا يحبذها رئيسها غسان سلامة، فبرغم الضغوطات التي تمارس عليه لعقد جولة مسار سياسي في جنيف إلا أن البداية من دون توافق قد تهدد بنسف العملية برمتها واستنساخ تجربة لم تنجح، وهي تجربة الاتفاق السياسي في 2015 الذي كان تمثيلاً واقعياً لفرض سياسة الأمر الواقع وشرعنة الأجسام التي ولدت كالمجلس الرئاسي الذي ظل مشوهاً، و”الأعلى للدولة” الذي كان امتداداً للمؤتمر الذي فرض الأمر الواقع بفعل عملية فجر ليبيا التي أنتجت أيضاً حكومة إنقاذ.
الأمر الواقع هو من أفضى إلى حكومتين، ومجلسي نواب، ومؤتمر تحول إلى استشاري الدولة، والأمر الواقع هو من أوصل ليبيا إلى مؤسستي نفط، ومصرفين مركزيين، وأحدث انقساماً سياسياً، وليس تقسيماً جغرافيا الذي قد تصل البلاد إليه طالما أن نهج تكريس الأمر الواقع سيظل مستمراً.