غضب حقوقي وبرلماني بعد وفاة عاملات زراعيات بالمغرب

3
غضب حقوقي وبرلماني بعد وفاة عاملات زراعيات بالمغرب
غضب حقوقي وبرلماني بعد وفاة عاملات زراعيات بالمغرب

أفريقيا برس – موريتانيا. طرقت مجدداً وفاة عاملات زراعيات في حوادث سير خطيرة باب البرلمان المغربي، كما شكلت موضوع بيان لـ «جمعية التحدي للمساواة والمواطنة»، وذلك عقب حادثة وقعت بإقليم اشتوكة آيت باها، أودت بحياة سيدتين وأصابت 16 شخصاً آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.

وتكرر السيناريو نفسه الذي يخلف في كل مرة فواجع مؤلمة: سيارة لنقل البضائع ـ وليس البشرـ تقل مجموعة كبيرة من العاملات الزراعيات إلى حقل أو مزرعة، تتعرض لحادث انقلاب بسبب السرعة أو الحالة الميكانيكية أو إثر اصطدام مع ناقلة أخرى.

الحادث الأخير تمثل في اصطدام عنيف جداً، كما وصفته مصادر إعلامية، بين شاحنة صغيرة كانت تقل عمالاً زراعيين وسيارة خفيفة. وسارعت السلطات المحلية إلى التدخل، حيث جرى نقل المصابين نحو أقرب مستشفى للعلاج والعناية الطبية، فيما أودعت جثتا الضحيتين مستودع الأموات.

وتناقلت المنابر الإعلامية خبر «الفاجعة» الجديدة، وهو الوصف الذي يلازم باستمرار مثل هذه الحوادث التي لها سوابق عديدة، وكانت حصيلتها في كثير من الأحيان ثقيلة وصورها صادمة. وتعالت الأصوات المطالبة بالحد من هذا النزيف الذي يحصد أرواح العاملات الزراعيات، كما دقت «جمعية التحدي للمساواة والمواطنة» ناقوس الخطر، مسجلة ارتفاع معدل الوفيات في صفوفهن نتيجة حوادث السير، ومؤكدة أن «المسؤولية مشتركة بين الفاعل الحكومي والبرلماني». أما النائبة البرلمانية عن حزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، خديجة أروهال، فقد قالت في تدوينة: «أوقفوا هذا النزيف وفكوا أحزمة البؤس والفقر والإهانة عن هذه الفئة المستضعفة». ووجهت سؤالاً مكتوبًا إلى وزير النقل «حول الآليات المهترئة المستخدمة في نقل العاملات والعمال الزراعيين».

واستشهدت النائبة بالحادث الذي تسبب في وفيات وإصابات في صفوف العمال الزراعيين، مؤكدة أنه «يكشف عن المخاطر الناجمة عن استخدام شاحنات صغيرة وآليات مهترئة مخصصة أصلاً لنقل البضائع وليس الإنسان»، مضيفة أن «هذه الآليات غالباً ما تكون مكتظة، من دون أحزمة أمان أو تجهيزات سلامة، مما يعرض حياة العمال للخطر بشكل يومي».

واستفسرت النائبة أروهال وزير النقل عن «الإجراءات التي ستتخذ لتنظيم وتأمين وسائل نقل آمنة للعمال والعاملات الزراعيين، خاصة في المناطق الزراعية النائية»، وعن «خطة الوزارة لفرض معايير صارمة على العربات المستخدمة في نقل العمال والعاملات، بما في ذلك الفحص الدوري للسلامة ومنع استخدام الآليات غير المطابقة؟»، كما تساءلت عن «سبل التعاون مع القطاع الخاص والجمعيات المحلية لتوفير وسائل نقل آمنة وبأسعار في متناول العمال والعاملات ذوي الدخل المحدود؟».

وسجلت «جمعية التحدي للمساواة والمواطنة» بأسف شديد «استمرار تسجيل الوفيات في صفوف النساء العاملات في القطاع الزراعي، كنتيجة مباشرة لحوادث السير الناتجة عن غياب معايير الأمن والسلامة، وضعف المراقبة والتتبع الإداري لمفتشيات الشغل، فضلاً عن محدودية المنظومة التشريعية الحامية للنساء العاملات في هذا القطاع».

وشددت بشرى عبدو، رئيسة الجمعية، في تصريح لـ «القدس العربي»، على أن الحديث عن وفيات العاملات الزراعيات في الطرقات «مشكلة تتكرر باستمرار، وليست مجرد حوادث معزولة حتى نقول إنها لن تتكرر»، بل هي «مآسٍ تتجدد مراراً وتكراراً لغياب وسائل نقل آمنة، ناهيك عن الاكتظاظ داخل السيارات المخصصة أصلاً لنقل البضائع، وغياب التأمين بالنسبة للعاملات».

وأضافت أن العاملات الزراعيات «يُعتبرن أيادي عاملة رخيصة يقمن بأعمال شاقة، من دون أن نحافظ على كرامتهن، أو نوفر لهن تأميناً على حياتهن، أو أجوراً مناسبة تضمن لهن ولأسرهن العيش الكريم».

وحسب بشرى عبدو، فإن العاملات الزراعيات «يعاملن مثل البهائم؛ يتم تكديسهن في حافلات أو شاحنات أو سيارات نفعية، من دون أي تأمين على حياتهن، لذلك ففي حالة الوفاة لا تستفيد أسرهن من أي تعويض، فضلاً عن غياب الاهتمام بهن وحماية كرامتهن».

وترى الناشطة الحقوقية أن من الضروري دق ناقوس الخطر حتى تتدخل الجهات المعنية والمؤسسات ذات الصلة لحماية العاملات الزراعيات، وذلك «بفرض مراقبة صارمة على وسائل النقل التي تقلهن، فضلاً عن تحسين وضعية الطرقات».

وشددت على ضرورة توفير الحماية القانونية والاجتماعية والاقتصادية للعاملات الزراعيات، حتى يشتغلن في ظروف مناسبة تحترم كرامتهن ويمنحهن العيش الكريم مقابل الجهد الذي يبذلنه.

وفي بيانها الذي اطلعت عليه «القدس العربي»، عبّرت الجمعية عن «عميق أسفها وامتعاضها من استمرار اللامبالاة وعدم الاكتراث المؤسساتي بهذه الشريحة الواسعة من النساء، اللواتي يشتغلن في ظروف صعبة وبأجور هزيلة، أمام مخاطر حوادث السير التي باتت سمة رئيسية مرتبطة بمهنة العاملة الزراعية»، معتبرة أنه «من غير المقبول السماح بمرور شاحنات وناقلات مخصصة للبضائع وهي تكدّس عشرات النساء العاملات، من دون اتخاذ إجراءات حازمة لوقف ذلك».

وحسب البيان، فإن «استمرار معاناة النساء العاملات في القطاع الزراعي مع مخاطر حوادث السير، يضع على المحك السلطة الحكومية المكلفة بالإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ووزارة النقل واللوجستيك، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، باعتبارها مسؤولية مشتركة بين ثلاثة قطاعات حكومية معنية بالتدخل المباشر والفعّال للحد من الأوضاع المزرية التي تعيشها العاملات».

واقترحت الجمعية «التعجيل بوضع إطار قانوني ينظم نقل العاملات الزراعيات ويمنع استخدام وسائل نقل غير مخصصة لذلك»، كما دعت «السلطات الأمنية والمجالس المحلية إلى تشديد الرقابة ومنع مرور وسائل النقل غير الآمنة»، وطالبت وزارة النقل واللوجستيك «باعتماد دفتر تحملات (كتاب شروط والتزامات) موجه لأرباب الضيعات الزراعية يحفظ سلامة وكرامة النساء العاملات».

وفي السياق نفسه، دعت الجمعية «وزارة الإدماج الاقتصادي إلى إدماج هذه الفئة ضمن برامج الحماية الاجتماعية والتشغيل اللائق»، وأكدت الحاجة إلى «سياسة عمومية مندمجة لحماية العاملات الزراعيات، تقوم على التنسيق بين القطاعات الحكومية بمشاركة الجمعيات النسائية والحقوقية». كما طالبت بـ «إحداث آلية وطنية لرصد وتتبع النقل المرتبط بالقطاع الفلاحي، تنشر تقارير دورية توظَّف نتائجها في السياسات العمومية». وختمت الجمعية بيانها بالتأكيد على أن «حياة النساء العاملات في المجال الزراعي لا تحتمل التأجيل، وأن كرامتهن وسلامتهن مسؤولية جماعية يجب أن تكون على رأس أولويات السلطة التنفيذية والتشريعية، انسجاماً مع الالتزامات الدستورية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس