تعزيز التنسيق بين موريتانيا وإسبانيا لمواجهة الهجرة

1
تعزيز التنسيق بين موريتانيا وإسبانيا لمواجهة الهجرة
تعزيز التنسيق بين موريتانيا وإسبانيا لمواجهة الهجرة

أهم ما يجب معرفته

أعلنت الحكومتان الموريتانية والإسبانية عن تعزيز التنسيق الأمني لمواجهة تدفق المهاجرين، في ظل زيادة ملحوظة في عمليات الترحيل الطوعي. حيث تم ترحيل أكثر من ألفي مهاجر منذ بداية العام، مع التركيز على الأطفال غير المصحوبين. تأتي هذه الخطوات في إطار جهود موريتانيا لمكافحة الهجرة غير النظامية وتعزيز الأمن.

أفريقيا برس – موريتانيا. فيما أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أمس عن ترحيل طوعي لما يزيد على ألفي مهاجر، أغلبهم أطفال وجدوا أنفسهم في رحلة بلا رفيق ولا أفق، تحدثت الحكومتان الموريتانية والإسبانية عن زيادة في تعزيز تنسيقهما الأمني في صد الهجرة إثر زيارة أنهى وزير داخلية موريتانيا محمد أحمد محمد الأمين قبل يومين، لمدريد وخصصت للتشاور في مجال تأمين الحدود ومراقبتها.

وأكدت الدولية للهجرة أن نحو ألفي مهاجر تمت إعادتهم طوعاً من موريتانيا إلى بلدانهم الأصلية منذ بداية العام الجاري، في ارتفاع ملحوظ مقارنة بعام 2024 الذي لم يتجاوز فيه عدد المرحلين الألف شخص.

وبحسب بيانات المنظمة، فقد استفاد 1,754 مهاجراً من برنامج العودة الطوعية بين كانون الثاني / يناير وأيلول/ سبتمبر 2025، قبل أن يرتفع العدد إلى 1,954 شخصاً عقب رحلة جديدة نُظّمت في 21 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وعاد على متنها مئتا مهاجر إضافي.

وشكّل المواطنون الغينيون النسبة الأكبر من العائدين، إذ تم ترحيل أكثر من 760 شخصاً من غينيا منذ آب / أغسطس الماضي عبر أربع رحلات خاصة نظّمتها المنظمة الدولية للهجرة، كان آخرها في 21 تشرين الأول / أكتوبر الجاري.

وتشير تقارير المنظمة إلى أن نحو 45% من المستفيدين من هذه البرامج هم أطفال غير مصحوبين، أو منفصلون عن أسرهم.

وتأتي هذه الزيادات في أعداد العائدين في ظل تشديد السلطات الموريتانية لإجراءاتها ضد الهجرة غير النظامية، حيث تتحدث مصادر محلية عن حملات توقيف متكررة في نواكشوط وغيرها من المدن؛ كما تؤكد المنظمة أن أكثر من ألفي مهاجر آخر، معظمهم من غينيا، قد قدموا طلبات للعودة الطوعية إلى بلدانهم.

ومنذ اعتماد تشريع جديد للهجرة في موريتانيا عام 2025، ازدادت صعوبة الحصول على تأشيرات دخول موريتانيا وفق شهادات عدة، في وقت أصبحت فيه البلاد نقطة عبور رئيسية نحو جزر الكناري الإسبانية. وتنص اتفاقية تعاون موقّعة عام 2024 بين نواكشوط والاتحاد الأوروبي على تقديم 210 ملايين يورو لدعم مراقبة الحدود ومكافحة شبكات التهريب وإنشاء مراكز استقبال للمهاجرين.

ومنذ بدء تنفيذ الاتفاق، تراجعت معدلات الوصول إلى جزر الكناري بنسبة 59%، إذ انخفض عدد الواصلين من 46,800 مهاجر في 2024 إلى أقل من 14,000 هذا العام، بحسب منظمات غير حكومية إسبانية.

وكان المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، جهاد ماضي، قد عبر في تقرير صدر خلال سبتمبر عن قلقه إزاء حالات اعتقال تعسفي وطرد جماعي في موريتانيا، محذّراً من المخاطر التي تواجه النساء والأطفال، غير أن الحكومة الموريتانية نفت تلك الاتهامات، مؤكدةً أنها تبنّت إجراءات جديدة تضمن كرامة وأمن المهاجرين خلال عمليات الإعادة. وفي سياق متصل، أشاد النائب البرلماني بابا بنيوك، بما وصفه بـ “النجاح اللافت الذي حققته موريتانيا في تنظيم الهجرة غير النظامية وضبط إقامة الأجانب تحت إشراف وزارة الداخلية واللامركزية”، مؤكداً “أن التجربة الموريتانية باتت نموذجاً يُحتذى به في المنطقة”.

وتوقف بنيوك عند زيارة وزير الداخلية واللامركزية الموريتاني محمد أحمد ولد احويرثي إلى إسبانيا، معتبراً أنها “تجسيد عملي للنجاحات المحققة في هذا الملف الحساس، ودليل على أن موريتانيا أصبحت شريكاً محورياً في حفظ أمن المنطقة ومكافحة الهجرة غير النظامية، ضمن مقاربة تجمع بين البعد الأمني والبعد الإنساني”.

وأوضح النائب، في تدوينة نشرها عبر حسابه الرسمي، “أن قرار الحكومة الموريتانية المتخذ عام 2022 والخاص بفتح باب التسجيل المجاني للأجانب المقيمين بصفة غير نظامية شكّل “خطوة استراتيجية جريئة في مجال تصحيح الأوضاع القانونية ودمج المقيمين ضمن إطار منظم يحفظ كرامتهم ويصون سيادة الدولة وهيبتها”.

وأضاف “أن السلطات واجهت في البداية تحديات تتعلق بتردد المهاجرين في التجاوب مع التعليمات الإدارية، غير أن النتائج اللاحقة أثبتت نجاعة المقاربة الحكومية”.

وانتقد بنيوك ما وصفه بـ “الحملات المغرضة” التي حاولت تشويه صورة موريتانيا، معتبراً أن اتهام البلاد بالتمييز أو العنصرية إساءة للوطن قبل أن تكون إساءة للسلطة، مؤكداً أن “موريتانيا لم تكن يوماً دولة عنصرية، بل أرضاً للتنوع والتعايش والانفتاح، وأن الحق في السيادة والتنظيم لا يعني الانغلاق ولا الإقصاء”.

وأشار النائب إلى أن النتائج الميدانية تتحدث بلغة الأرقام، إذ انخفضت معدلات الهجرة غير النظامية عبر السواحل الموريتانية إلى أقل من 10% مما كانت عليه سابقاً، كما تراجعت حوادث الغرق والاختفاء التي كانت تحصد عشرات الأرواح سنوياً.

وكانت الحكومة الموريتانية قد أعلنت عن إطلاق مشروع وطني لتسيير الهجرة وتعزيز المراقبة الإقليمية واستقرار المناطق الحدودية، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والمنظمة الدولية للهجرة بهدف تحسين إدارة الحدود وتنمية المجتمعات المحلية المتأثرة بحركات الهجرة.

ينفذ المشروع الجديد بتمويل من الاتحاد الأوروبي يبلغ 10.5 ملايين يورو، موزعاً على ثلاث مكونات رئيسية تتعلق بتسيير الهجرة، ودعم الاستقرار المحلي، وتعزيز قدرات الإدارة الإقليمية.

ومن المقرر أن يمتد تنفيذ المشروع إلى عام 2028، على أن تتولى وزارة الداخلية الموريتانية تنفيذ جزء من أنشطته بقيمة مليون يورو، فيما ستشرف المنظمة الدولية للهجرة على برنامج آخر بقيمة 4.5 ملايين يورو لمدة ثلاث سنوات ابتداءً من نوفمبر 2024.

وتأتي هذه الجهود في إطار الشراكة الاستراتيجية بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي في مجال إدارة الهجرة، والتي تعززت بتوقيع إعلان مشترك في آذار/مارس 2024 يرتكز على خمسة محاور تشمل تشجيع الهجرة القانونية، وخلق فرص عمل، ومكافحة التهريب، وتعزيز إدارة الحدود.

وبهذه التطورات كلها، تتحول قضية هجرة الأفارقة بل والأسيويين أيضاً، عبر موريتانيا إلى أوروبا ومعاركها الأمنية، من مجرد أرقامٍ تُسجَّل على جداول العبور، إلى قصة متشابكة من الأمن والإنسانية والسياسة.

وهكذا، تبدو موريتانيا اليوم أمام تحدٍ مزدوج يتمثل في تسيير تدفقات المهاجرين من جهة، والتعامل مع أزمة اللاجئين من جهة أخرى، في معادلة دقيقة تحاول فيها الحكومة الموازنة بين التزاماتها الإنسانية وضغوط الشراكات الأمنية الأوروبية، وسط مساعٍ لترسيخ مكانتها كـ “نقطة توازن” بين أوروبا والساحل الإفريقي في إدارة ملف الهجرة.

تاريخياً، شهدت موريتانيا زيادة في تدفقات المهاجرين، حيث أصبحت نقطة عبور رئيسية نحو أوروبا. في السنوات الأخيرة، اتخذت الحكومة الموريتانية خطوات لتعزيز الرقابة على الحدود، بما في ذلك توقيع اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي. هذه الجهود تهدف إلى تحسين إدارة الهجرة وتوفير الدعم للمهاجرين، خاصة في ظل التحديات الإنسانية التي تواجههم.

في عام 2025، تم اعتماد تشريع جديد للهجرة في موريتانيا، مما زاد من صعوبة الحصول على تأشيرات الدخول. ومع ذلك، تسعى الحكومة إلى تحقيق توازن بين الالتزامات الإنسانية وضغوط الشراكات الأمنية، مما يعكس التحديات المعقدة التي تواجهها البلاد في إدارة ملف الهجرة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس