أفريقيا برس – المغرب. أعربت الحركة من اجل ديمقراطية المناصفة عن أسفها لما اعتبرها “عنفًا سياسيًا ضد المرأة” داخل مجلس النواب، وذلك في رسالة مفتوحة وُجّهت إلى البرلمان حول هذا الموضوع. وقد نُشرت الرسالة بالتزامن مع انطلاق حملة 16 يومًا من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة من 25 نونبر إلى 10 دجنبر 2025، وتشمل المغرب أيضًا.
وتؤكد الرسالة التي اطلع عليها الموقع ضرورة إدراج هذا الوعي ضمن النضال الشامل من أجل حقوق المرأة، معتبرة أن القضية “واحدة وغير قابلة للتجزئة”. وأوضحت خديجة الرباح، منسقة الحركة للموقع قائلة: “اليوم نتحدث عن أشكال متعددة من العنف: الجسدي، والمعنوي، والاقتصادي، وحتى الرقمي… لكننا نرفض استثناء العنف السياسي من هذا التصنيف”. وأضافت: “نعلم أيضاً أنه مع اقتراب كل انتخابات، تُمنع نساء داخل الأحزاب نفسها من الترشح بشكل كامل، بفعل الضغوط ومعايير غير واضحة: وهذا ما نعتبره عنفًا سياسيًا”.
وتشير الرسالة إلى أن تمثيل النساء في مجلس النواب لا يتجاوز 24,3%، وهو رقم ترى أنه “أقل بكثير مما تفرضه التحولات الاجتماعية في المغرب، ولا ينسجم مع التزامات البلاد في مجال المساواة بين الجنسين”. وتذكّر الرسالة بأن تاريخ 25 نونبر يوافق اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، بينما يصادف 10 دجنبر يوم حقوق الإنسان. وخلال هذه الأيام الستة عشر، تؤكد الحركة سعيها إلى “المساهمة في حماية وتعزيز المكتسبات التي حققها المغرب في مجال المساواة” وترسيخ مشاركة سياسية عادلة.
عدم استشارة الحركة بشأن مشاركة النساء
في هذا السياق، تعرب خديجة الرباح عن استيائها من تطورات السياسات العمومية التي، برأيها، تُعمّق “تآكل الديمقراطية التشاركية”، وهو مبدأ ينص عليه الدستور وتؤكد عليه التزامات المغرب الدولية. كما تعبر عن قلقها إزاء “التراجع عن تنفيذ مبدأ المناصفة في المناصب والوظائف الانتخابية”.
وتضيف الرباح أنها تأسف لهذا التوجه “في الوقت الذي تعلن فيه وزارة الداخلية عن مرحلة جديدة في مسار الحكامة المبنية على الشفافية”. وتوضح: “قدّمنا مقترحات لاعتماد القوائم الانتخابية الإقليمية المخصصة للنساء. وقد يبدو الأمر من الخارج خطوة متقدمة، لكنه عند التدقيق لن يؤدي إلى تغييرات رقمية كبيرة”.
وشهد اجتماع حديث للجنة الداخلية بمجلس النواب نقاشًا متوتراً حول الموضوع، بحضور الوزير عبد الوافي لفتيت، حيث اتهمت نائبات من الأغلبية أحزابهن بعرقلة وصول النساء إلى الدوائر المحلية، متجاهلات مطلب تخصيص ثلث المقاعد (132 مقعدًا) بدل 90 الممنوحة حاليًا عبر القوائم الإقليمية.
وتؤكد الرباح أن الحركة “أوصت بالبدء بتقييم شامل لوضعية تمكين المرأة السياسي، قبل الشروع في إعداد أي مشروع قانون”. وتضيف: “هذا التقييم يسمح بفهم أفضل لتطور التمثيل، ولمستوى المشاركة، ولمدى احترام مبادئ الديمقراطية التشاركية، والحماية من الانتهاكات بما فيها العنف السياسي، حتى تكون المقترحات متلائمة مع الواقع”.
وتختم قائلة: “طلبنا عقد جلسة منذ 15 غشت، ولم نتلقَّ أي رد”. لذلك قررت الحركة من اجل ديمقراطية المناصفة نشر رسالتها، بعد أن رأت أن مقترحاتها “لم تُؤخذ بعين الاعتبار”. وتوضح خديجة الرباح أن “شبكتنا تضم أكثر من 1000 منظمة من المجتمع المدني، وقد دافعنا منذ 2005—عندما كنا نشتغل تحت اسم حركة من أجل الثلث—عن ضرورة تحقيق تمثيل متساوٍ بين الجنسين”.
وتضيف الرباح: “نحن نتابع عن كثب النقاش الدائر حول القوانين الانتخابية، وخاصة مشروع القانون التنظيمي 53.25 الذي يعدل القانون 27.11 المتعلق بمجلس النواب، ومشروع القانون 54.25 الذي يعدل القانون 29.11 الخاص بالأحزاب السياسية، إضافة إلى مشروع القانون 55.25 الذي يعدل القانون 57.11 المتعلق بالقوائم الانتخابية والاستفتاءات وتنظيم استخدام وسائل الإعلام العمومية السمعية البصرية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية”.
وتشدد على أن هذه النصوص “بحكم أهميتها المحورية، يجب أن تكون موضوع تشاور سياسي ومدني واسع، سواء مع الأحزاب أو مع الهيئات الحقوقية النسائية”. لكن، كما تقول، “الهياكل النسوية التي راكمت خبرة تمتد لعشرين سنة، لم يتم الإصغاء إليها”.
الاعتراف بالعنف السياسي في التشريع الانتخابي ضرورة
وتعرب المنسقة عن استيائها من هذا الإقصاء، موضحة أن الحركة “كانت جزءاً أساسياً من كل مراحل التشاور السابقة”. وتتابع: “هذه المرة، ورغم تأكيدنا على ضرورة ممارسة دورنا الدستوري في المشاركة بصياغة توجهات العملية الانتخابية التي تؤطرها هذه المشاريع القانونية، لم نُمنح أي مساحة للحوار أو النقاش”، معتبرة أن ما حدث هو “تشاور حصري مع قيادات الأحزاب”.
وفي رسالتها، دعت الحركة مجلس النواب إلى “اتخاذ تدابير عاجلة لضمان احترام المسار الديمقراطي، والحفاظ على استقلالية المؤسسة التشريعية، وتقديم جميع النصوص القانونية دون استثناء البنود المتصلة بالمشاركة السياسية للنساء”. كما أوصت بضرورة “إضفاء الطابع المؤسسي على مبدأ المناصفة في المناصب والوظائف الانتخابية، من خلال تضمينه بشكل صريح في مشاريع القوانين التنظيمية المنظمة للنظام الانتخابي”.
إلى جانب ذلك، دعت الحركة إلى “الاعتراف بالعنف السياسي ضد النساء داخل التشريع الانتخابي، مُستلهمة التجارب الدولية المتقدمة، مع اعتماد آليات زجرية صارمة…”





