أفريقيا برس – المغرب. أفادت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” بأن السلطات المحلية في عدد من المدن لجأت إلى منع الوقفات الاحتجاجية التي كانت مقررة أمام بعض المستشفيات، احتجاجًا على “تردّي الأوضاع الصحية”.
واعتبرت في بيان اطلعت عليه “القدس العربي”، أن “المنع الاستباقي لأشكال الاحتجاج السلمي، إجراء سلطوي وتحكمي في الفضاء العام، وممارسات قمعية لشرعنة الإجهاز الكلي على الحقوق الاجتماعية للمواطنين، وفي مقدمتها الحق في الصحة”. وعبّرت الجمعية عن دعمها ومساندتها وانخراطها في كافة الأشكال الاحتجاجية، مطالبة بالتطبيق الحقيقي والناجع للحقوق الاجتماعية، وفي طليعتها الحق في الصحة والتعليم والشغل والسكن والعيش الكريم.
وذكر البيان الذي صدر أمس الأحد، أنه “عوض التجاوب مع مطالب المواطنات والمواطنين والاستماع لنبض الشارع، عمدت الدولة إلى المنع المسبق لكل الاحتجاجات وجندت الباشوات (ممثلي وزارة الداخلية في المدن) لإخراج بلاغات لمنع الوقفات والاحتجاجات في مدن كثيرة من بينها بني ملال وطاطا وغيرها. وقامت بإنزالات أمنية كثيفة أمام مجموعة من المؤسسات الصحية، في كل من طاطا مراكش تاونات والصويرة، هذه الأخيرة التي عرفت تدخلا قمعيا مفرطا ومطاردات للمحتجين، أدت إلى اعتقال 10 من المناضلات والمناضلين، ضمنهم أعضاء بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، واقتيادهم إلى الدائرة الأمنية الثانية، وسط احتجاجات مطالبة بإطلاق سراحهم فورا”.
ووفق أحد المدونين، فقد جرى في الوقفة الاحتجاجية التي نفذت أمام المستشفى الإقليمي في مدينة الصويرة، اعتقال الناشط الحسين بوبكر وزوجته، بسبب احتجاجهما رفقة مواطنين آخرين على “الوضعية المأساوية التي يعيشها هذا المرفق العمومي”.
وأوضح المدون والكاتب محمد لشكر أن الحسين بوبكر معروف بمواقفه الجريئة وأفكاره التقدمية. وهو صاحب مقهى شعبي أصبح فضاءً مفتوحاً للنقاش الحر ولثقافة نقدية بديلة، ومتنفّساً نادراً في مدينة الصويرة.
وفي وقت لاحق من يوم أمس، جرى إطلاق سراح النشطاء الموقوفين، وفق مصادر محلية.
وبحسب المعطيات التي أوردتها “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، فقد جرى أمس الأحد في مدينة تيزنيت اعتقال ثلاثة نشطاء حقوقيين ومدنيين، بعد منع السلطات لوقفة احتجاجية أمام المستشفى الإقليمي الحسن الأول، كانت مخصصة للتنديد بتردي الخدمات الصحية. وأوضح المدني الذهبي، مسؤول فرع الجمعية في المدينة، أن الأمر يتعلق بخليل ادمولود، عضو الجمعية، بالإضافة إلى الناشطين حسن بلقيس ومحمد جعا، الذين أوقفتهم عناصر الأمن الإقليمي أثناء محاولة تنظيم الوقفة، وسط حضور أمني مكثف.
ويرى عادل تشيكيطو، أمين عام “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان”، أن “المشاحنات التي شهدتها الوقفة الأخيرة في أغادير، مقرونةً بالقرار الصادر عن باشا المدينة ـ المحيط، تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن قلب رئيس الحكومة، الذي هو في الآن نفسه رئيس المجلس البلدي للمدينة نفسها، ضاق ذرعاً بأي شكل من أشكال الاحتجاج”.
وتابع في تدوينة على “الفيسبوك” قائلا: “هي إشارة صريحة إلى إصراره على ممارسة مزيد من الضغط على السلطات الترابية من أجل التضييق على كل وسيلة تعبّر بها الساكنة عن سخطها من السياسة الصحية التي تنتهجها حكومته، سياسة أثقلت كاهل المواطن، وفاقمت معاناته مع المرض والدواء والاستشفاء”.
وفسّرت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” اللجوء إلى المنع والقمع والاعتقالات بأنه “محاولة من السلطات المغربية “للتغطية على سياستها الكارثية على الحق في الصحة”. ووصفت هذه العمليات بـ”الحملة تأديبية” التي أطلقتها الدولة لتغطية على “فشلها في المجال الصحي، ولتداري ما قد يفضح كذبتها الكبرى حول الحماية الاجتماعية التي تعتزم الترويج لها كفتح جديد من فتوحاتها”. ولفتت الانتباه إلى تزايد الدعوات للاحتجاج في العديد من المدن على تردي الأوضاع الصحية في الكثير من المناطق كما يتجلى في عجز المستشفيات، بما فيها تلك المصنفة كمستشفيات جامعية عن تقديم الحدود الدنيا من الخدمات الصحية والعلاج، نظرا لاهتراء البنايات وغياب التجهيزات وقلة الكوادر الصحية العاملة والنقص الكبير في الأدوية أو انعدامها.
وأدانت الجمعية في بيانها “أساليب المنع الاستباقي والممارسات الترهيبية والإنزالات الأمنية المكثفة أمام عدد من المؤسسات الصحية والتي تهدف إلى تخويف المواطنات والمواطنين وثنيهم عن ممارسة حقهم في التعبير والتظاهر السلمي”. كما طالبت الدولة بضمان الحق في الاحتجاج والتعبير السلمي، ومعالجة أسبابه عوض المقاربة القمعية، مؤكدة “ضرورة تمكين المواطنات والمواطنين من حقهم المكفول في الصحة، والرعاية الاجتماعية، وفق المعايير التعارف عليها في هذا الشأن”.
وكانت مدينة أغادير شهدت الأسبوع الماضي، وقفة احتجاجية أمام مستشفى “الحسن الثاني”، أدت إلى تدخل سريع من لدن وزير الصحة المغربي الذي زار هذه المؤسسة العمومية، ووعد بمعالجة الاختلالات التي تعاني منها. كما زار لاحقا مستشفى مدينة الناظور (شمال) ومكناس (وسط)، في محاولة لامتصاص الاحتقان وتدارك احتجاجات المواطنين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس