حامي الدين: حكومة أخنوش عاجزة عن الاستجابة لمطالب الشباب

10
حامي الدين: حكومة أخنوش عاجزة عن الاستجابة لمطالب الشباب
حامي الدين: حكومة أخنوش عاجزة عن الاستجابة لمطالب الشباب

آمنة جبران

أفريقيا برس – المغرب. قال عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي، إن حكومة عزيز أخنوش “تصم آذانها عن مطالب الشباب المحتج على تردي الأوضاع المعيشية”، معتبرًا أن ذلك “يؤكد فشلها وعجزها عن الوفاء بوعودها الانتخابية”.

وأكد حامي الدين، في حوار مع “أفريقيا برس”، أن الاحتجاجات الأخيرة تمثل “إنذارًا حقيقيًا لإعادة توجيه السياسات العمومية”، مشددًا على ضرورة إعادة الاعتبار للمرفق العمومي، وتعزيز مسؤولية الدولة في توفير تعليم جيد وخدمات صحية لائقة لجميع المواطنين.

وأضاف أن احتواء الأزمة يتطلب “جوابًا سياسيًا سريعًا”، عبر إطلاق دينامية سياسية ونقاش وطني يهيئ الأجواء الديمقراطية المناسبة، ويحقق انفراجًا سياسيًا وحقوقيًا شاملًا.

وأشار إلى أن هذا المسار يجب أن يُتوَّج بتنظيم انتخابات سابقة لأوانها، تكون حرة ونزيهة، وتُفضي إلى مؤسسات منتخبة قوية وذات شرعية، قادرة على فتح الأمل أمام الشباب وتلبية تطلعات المواطنين.

وعبد العالي حامي الدين هو قيادي بحزب العدالة والتنمية المغربي، وهو أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط.

عبد العالي حامي الدين هو قيادي بارز في حزب العدالة والتنمية المغربي، وعضو في أمانته العامة، وسبق له أن شغل عضوية مجلس المستشارين.

يُعرف بمواقفه السياسية الجريئة ونشاطه الفكري داخل الحزب، كما يعمل أستاذًا جامعيًا في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط.

حامي الدين كان من أبرز الوجوه المدافعة عن الإصلاح السياسي والحقوقي خلال فترة قيادة الحزب للحكومة، وارتبط اسمه بقضية قانونية مثيرة للجدل أعيد فتحها بعد سنوات من البت فيها، ما أثار نقاشًا واسعًا حول استقلالية القضاء والعدالة الانتقالية في المغرب.

تشهد المغرب احتجاجات ضد الأولويات الحكومية، ماهو موقفك كقيادي بحزب العدالة والتنمية من هذا الحراك الاجتماعي؟

هذه الدينامية الاحتجاجية هي تعبير من جهة أولى عن حيوية الشباب المغربي ويقظتهم واهتمامهم بالشأن العام وإصرارهم على ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية داخل الفضاء العام ترسيخا لمبدأ الحق في التظاهر والحق في التعبير، ومن جهة أخرى تعبير عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي المأزوم، الذي أخرج الناس للشارع، وتأكيد لفشل الحكومة الحالية وعجزها عن الوفاء بالوعود والالتزامات، وعن القيام بدور الوساطة المؤسساتية وتأطيرالانتظارات الاجتماعية والاستجابة لها، وهو ما سبق ونبه إليه حزب العدالة والتنمية بشكل واضح في العديد من المناسبات، عبر بياناته ومواقفه دون أن يلقى التجاوب المطلوب.

فهذه الاحتجاجات تتغذى على الفشل الحكومي في تدبير قطاعات التعليم والصحة والشغل والثقافة والشباب وغيره، والمتمثل في التخبط والتعثر في إصلاح منظومة التربية والتكوين؛ وخوصصة وتسليع الخدمات الصحية، وتهميش القطاع الصحي العمومي وتردي خدماته؛ وإقصاء ملايين المواطنين والمواطنات من التغطية الصحية الإجبارية؛ والعجز عن الوفاء بوعدها بجعل موضوع الشغل على رأس أولويات العمل الحكومي؛ وتشجيعها لسياسة ثقافية تكرس التفاهة والابتذال والتمييع، في محاولة لإلهاء الشباب وخلق جيل شبابي مقطوع عن قضايا وطنه وأمته ودفعه للعزوف وعدم الاهتمام بالشأن العام؛ وتفشي استغلال النفوذ وتضارب المصالح في الاستفادة من الاستثمارات والصفقات العمومية والشراكة بين القطاعين العام والخاص واعتماد تشريعات وامتيازات مالية وضريبية على مقاس هذه المصالح، وتكريس الريع وتضارب المصالح ؛ وتوقيف ورش محاربة الفساد من خلال سحب وتعطيل القوانين واللجان الحكومية ذات الصلة، وتكريس نهج التعالي والانفرادية وعدم احترام المنهجية التشاورية في بلورة قوانين ذات طبيعة إستراتيجية وأساسية في ضمان الحقوق والحريات الدستورية وشروط المحاكمة العادلة ومحاربة الفساد؛ وتفشي ظاهرة الزبونية والمحسوبية والحزبية في التوظيفات والمباريات والتعيينات في المناصب العليا، وعدم مراعاة معايير الكفاءة والشفافية وتكافؤ الفرص…

كل هذه الأسباب كانت كافية لاندلاع الاحتجاجات الأخيرة، ولذلك فهي احتجاجات مشروعة ما لم تنزلق إلى العنف أو المس بالمؤسسات والثوابت الدستورية.

اتهمت مؤخرا حكومة أخنوش باحتقار المغاربة، برأيك هل تقاعست الحكومة في اتخاذ قرارات جدية والتفاعل مع معاناة الناس،أم أنها ستتدارك وستتفاعل معها تجنبا لمزيد من الاحتقان؟

نعم، هذه الحكومة تحتقر المغاربة، ولازالت تصم آذانها عن مطالب الشباب، لأن المطلوب هو التفاعل السريع مع هذه الاحتجاجات بواسطة قرارات ملموسة، وليس عبر بيان بارد باسم الأغلبية الحكومية، التي لا صفة دستورية لها ولا صلاحيات، مع العلم أن الحكومة هي التي تتحمل كامل المسؤولية عن تردي الأوضاع الاجتماعية وتزايد الاحتجاجات والتظاهرات السلمية المطالبة بأبسط الحقوقق والخدمات الأساسية، التي كرسها الدستور وخاصة الفصل 31 منه، الذي يحمل المسؤولية للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، لتعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية؛ والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة؛ والتنشئة على التشبث بالهوية المغربية، والثوابت الوطنية الراسخة؛ والتكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية؛ والسكن اللائق؛ والشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي؛ وولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق؛ والحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة؛ والتنمية المستدامة.

برأيك هل ستواصل الحكومة اعتماد المقاربة الأمنية لاحتواء الاحتقان رغم سلمية مطالب المحتجين وتحركاتهم؟

بعد مرور أربعة أيام متواصلة من الاحتجاجات، تراجعت المقاربة الأمنية وتم السماح للشباب بحقهم في التظاهر في الساحات العمومية، كما أبان المتظاهرون بدورهم عن حرصهم على سلمية حركته النضالية، ومن الطبيعي أن تحصل بعض الانفلاتات هنا وهناك، ولكنها لم تؤثر في الطبيعية السلمية لهذه الدينامية.

ماهي مقترحاتكم للخروج من الأزمة الاجتماعية التي يعيشها المغرب؟

لابد من جواب سياسي سريع لاحتواء هذه الأزمة، أتصوره شخصيا في إطلاق دينامية سياسية ونقاش وطني يوفر الأجواء السياسية والديمقراطية المواتية ويحقق انفراجا سياسيا وحقوقيا شاملا، يُتَوَّجُ بتنظيم انتخابات سابقة لأوانها، تكون حرة ونزيهة وشفافة تمكن من اختيار مؤسسات منتخبة حقيقية قوية وذات شرعية وقادرة على فتح الأمل للشباب، واستيعاب انتظارات المواطنين والمواطنات، ولابد أيضا من مراجعة كل أشكال تضارب المصالح واستغلال النفوذ في الصفقات العمومية والتعيينات في الوظائف والمناصب العمومية، وتجنب الخطاب الاستعلائي والاستفزازي الذي يقفز على الواقع ويطغى عليه الرضى المفرط عن الذات والترويج لمنجزات وأرقام لا يجد لها المواطنونن والمواطنات وخاصة الشباب منهم أي صدى لها في واقعهم ومعيشهم اليومي.، ولابد أيضا من الاستمرار في التعامل مع هذه الأشكال الاحتجاجية والتظاهرات السلمية بصدر رحب وأفق استيعابي ومقاربة سياسية حكيمة، وفق ما ينص عليه ويضمنه الدستور، مع المسارعة بإطلاق سراح كل الشباب والشابات الذين تم اعتقالهم، على خلفية التظاهرات السلمية.

وصفت الاحتجاجات الأخيرة بالاحتجاجات الشبابية حيث يقودها “جيل زد 212″، هل برأيك هذا الجيل قادر على إيصال صوته والدفاع عن الطبقات الاجتماعية الفقيرة والمهمشة؟

أولا، هذا الجيل أثبت بأنه متابع للسياسة ويستوعب ما يجري في البلاد على عكس جميع الانطباعات، التي رسخت في أذهاننا فكرة عزوف الشباب على السياسة، ومن جهة أخرى، هذه الاحتجاجات تعتبر بمثابة إنذار حقيقي لإعادة توجيه السياسات العمومية بما يعيد الاعتبار للمرفق العمومي ومسؤولية الدولة في توفير تعليم جيد للجميع على قدم المساواة وتوفير خدمات صحية لائقة للجميع، كما أن هذه الاحتجاجات تعتبر بمثابة استفتاء شعبي على فشل هذه الحكومة، ومعها فشل جميع الأساليب التي راهنت على قتل السياسة بعد وضع حد لتجربة حزب العدالة والتنمية في انتخابات 8 سبتمبر، التي انتصر فيها المال والأعيان، والآن ظهرت الكلفة الثقيلة لهذا الخيار.

برأيك من يقف وراء هذه الاحتجاجات وهل هناك جهات خارجية تقف وراءها خاصة وأن هناك اتهامات في الفضاء الرقمي موجهة للجزائر وأخرى ترى في إسرائيل وأمريكا المستفيد الأساسي من التغيير في المغرب؟

لا أعتقد أن هناك جهات خارجية تقف وراء هذه الاحتجاجات، لأن العوامل الموضوعية كانت موجودة، لكن بالتأكيد هناك من سيحاول استغلالها للإيقاع بين المجتمع ومؤسساته، وهو ما تنبه له الجميع بما فيها الحراك الشبابي، الذي أعلن منذ اليوم الأول أنه يطالب بإصلاح الصحة والتعليم وتوفير الشغل والعدالة الاجتماعية في إطار الثوابت الدستورية المعروفة ووفق المنهج السلمي وفي إطار القانون.

ماهو تقييمك لموقف الأحزاب هل هو داعم للاحتجاجات أم متوجس منها خاصة وأنها تقاد بلا قيادة واضحة ومطالبها يمكن أن تتغير بتطور الاحتجاجات في الميدان؟

بكل صراحة، هذه الدينامية تتجاوز الأحزاب السياسية وتتوجه بمطالبها بشكل مباشر إلى المؤسسة الملكية، التي تعتبرها صمام أمان الاستقرار والضامنة لحسن سير عمل المؤسسات، وهي تراهن على تدخل ملكي لوضع حد لسياسة الافتراس الاقتصادي، التي أبان عنها رئيس الحكومة بشكل غير مسبوق وللسياسة النيوليبرالية المتبعة، التي كرست الفوارق الاجتماعية في مجال الصحة والتعليم. علما أن الأحزاب السياسية مطالبة بتحمل مسؤولياتها وتنقية صفوفها من الفساد وتقديم أفكار وبرامج مبدعة ومتجددة، مع ضرورة تقوية المؤسسات وربط المسؤولية بالمحاسبة وإصلاح النظام الانتخابي وفق معايير الديمقراطية الحرة والنزيهة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس