مصطفى واعراب
أفريقيا برس – المغرب. أصدرت محكمة العدل الأوروبية يوم الجمعة 4 أكتوبر الماضي، قرارا نهائيا غير قابل للطعن يقضي ببطلان اتفاقيتي الصيد البحري والمواد الزراعية، اللتين عقدهما الاتحاد الأوروبي مع المغرب في عام 2019. وذلك ردا على طعون تقدمت بها المفوضية الأوروبية على قرار مماثل سابق صدر عن قضاء الاتحاد الأوروبي في 2021. وعللت المحكمة قرارها بكون “موافقة شعب الصحراء الغربية على تنفيذ الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لعام 2019، في هذه الأراضي غير المستقلة، هي شرط لصحة تلك القرارات، التي يوافق عليها المجلس الأوروبي لمصلحة دول الاتحاد الأوروبي”.
إن هذا القرار ليس مجرد قضية قانونية فحسب بل أبعد من ذلك، هو يمثل منعطفا مفصليا في مستقبل التعاون الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، خصوصا في قطاعات الصيد البحري والتبادل التجاري. وفي سياق ذلك، يطرح القرار إشكالية كبرى يُمكن اعتبارها تحديا جوهريا مطروحا أمام الاتحاد: فإما أن يجد الاتحاد بسرعة طريقة يلتف بها على القرار القضائي، ليواصل شراكته مع المغرب الذي ليس مستعدا للتفاوض حول سيادته على صحرائه. أو أن يخسر شريكا استراتيجيا في قطاعات تمس أمن أوروبا الغذائي مثل المنتجات الزراعية والصيد البحري.
المقال التالي يعود إلى خلفيات قرار محكمة العدل الأوروبية إياه، محاولا استشراف أبعاده المستقبلية المحتملة.
قرار غير مفاجئ
تعليقا على حكم المحكمة الأوروبية، وصف وزير الخارجية المغربي القرار بأنه “لا حدث”، و”قرار معزول” وأيضا مجرد “ضربة سيف في الماء”.. موضحا بأن قضية الصحراء التي يخوض القرار في حيثياتها، تُناقَش في الأمم المتحدة وتحديدا في مجلس الأمن، وليس في مكان آخر من قبيل محكمة إقليمية، ليس لها أي اختصاص. وإلى ذلك، كشف بوريطة أن 19 دولة أوروبية (من أصل 27 دولة التي تنتظم داخل الاتحاد الأوروبي) قد عبرت عن تبني وجهة النظر المغربية بخصوص حل قضية الصحراء، بينها دول مهمة داخل الاتحاد، من قبيل إسبانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وألمانيا…
استغل بوريطة الندوة الصحفية التي عقدها الثلاثاء الماضي (8 أكتوبر) بالرباط، رفقة رئيس الحكومة الجهوية لجزر الكناري، فيرناندو كلابيخو، ليؤكد على أن “المغرب ليس طرفا في هذه القضية، التي تهم الاتحاد الأوروبي من جهة، و”البوليساريو” المدعومة من قبل الجزائر من جهة أخرى. فالمغرب لم يشارك في أي مرحلة من مراحل هذه المسطرة، وبالتالي يعتبر نفسه غير معني بتاتا بهذا القرار”.
ومع ذلك لم تفت وزير الخارجية المغربي ملاحظة كون “مضمون قرار محكمة العدل الأوروبية تشوبه العديد من العيوب القانونية الواضحة، والأخطاء في الوقائع محل شبهات”، وهو ما يؤشر في أحسن الأحوال على “جهل تام بحقائق الملف، إن لم يكن انحيازا سياسيا صارخا”. بل ذهب بوريطة في نقده القاسي للمحكمة أبعد من ذلك، عندما تساءل حول معنى أن يكون عدد من قضاة المحكمة (بمن فيهم رئيسها!؟!) قد انتهت فترة انتدابهم، ساعتين فقط بعد إصدارهم للقرار إياه.
والواقع الذي لا تخطئه نباهة المراقب لما يجري، أن محكمة الاتحاد الأوروبي (الأقل درجة من محكمة العدل) أظهرت تحاملا سياسيا سافرا اتجاه المغرب. وذلك منذ 17 يوليو 2023، تاريخ انتهاء صلاحية اتفاقي الصيد البحري وتصدير المنتجات الزراعية الموقعين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في 2019. وبالتالي كان منتظرا أن يصدر القرار بعدم شرعيتهما، على الرغم من أن جبهة البوليساريو التي تحركها الجزائر وتمولها وتسلحها، لا تملك أية صفة تسمح لها بادعاء كونها “ممثلا شرعيا للشعب الصحراوي”. فلا سكان الصحراء انتدبوها لتمثيلهم من خلال انتخابات حرة، ولا دولة داخل الاتحاد الأوروبي (وحتى خارجه) اعترفت بها بتلك الصفة.
وعلى الرغم من كل الجدل الذي أثاره قرار محكمة العدل الأوروبية في المغرب وأوروبا والجزائر، يوضح الناشط الصحراوي المغربي بأن “محكمة العدل الأوروبية هي مجرد هيئة استشارية. وبالتالي فإن قراراتها غير ملزمة حتى بالنسبة إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي”، مضيفا بأن “الولاية القضائية لهذه المحكمة محصورة داخل فضاء الاتحاد الأوروبي، ولا تشمل أي حيز خارج ذلك الفضاء”، وعله فإن “المغرب يتصرف في مجال الاتفاقيات الدولية، من منطلق سيادي على كامل ترابه الوطني، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية (الصحراء). وطبعا هذه السيادة تشمل التصرف في الشأن الاقتصادي، بما في ذلك استغلاله للثروات الطبيعية في الأقاليم الجنوبية، شأنها شأن بقية أقاليم وجهات البلاد”.
أوروبا “تعتذر” للمغرب
سياسيا، اعتبرت وزارة الخارجية المغربية بأن “المغرب غير معني بقرار محكمة العدل الأوروبية، الذي يخص الأوروبيين. وعليه فإن الاتحاد الأوروبي سيد القرار بشأن تجديد أو إلغاء الاتفاقيتين”. وشددت الوزارة على “موقف المغرب الثابت إزاء عدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية لا تحترم وحدته الترابية والوطنية”، في إشارة إلى أن الرباط لن توقع أي اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يستثني الأقاليم الصحراوية.
بينما علقت مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي وشخصياته الوازنة على القرار، بالإعلان عن تشبثها بالشراكة الاستراتيجية مع الرباط، من بينها إسبانيا وألمانيا وفرنسا والبرتغال وهنغاريا. ودافعت دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، مثل بلجيكا وهولندا والمجر، عن “العلاقة المهمة القائمة مع المغرب، الذي يعتبر بلدا رئيسيا على جميع المستويات في جميع أنواع الشراكات مع الاتحاد الأوروبي”. والمفارقة أن ما لا يقل عن 19 دولة أوروبية [إلى جانب أكثر من 100 دولة حول العالم] تؤيد مقترح المغرب بشأن حل النزاع المفتعل في الصحراء، ما يمثل اعترافا ضمنيا (صريحا بالنسبة إلى الولايات المتحدة) بمغربية الصحراء. وهو ما يدل كذلك على حجم الدعم الدولي الكبير الذي يتمتع به المغرب في هذه القضية.
هكذا، وبعد مرور ساعات على صدور قرار محكمة العدل الأوروبية المذكور، جددت فرنسا على لسان رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه، التأكيد على “تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب، وعزمها على مواصلة تعميقها”. وأضافت الخارجية الفرنسية أن فرنسا و”كما جاء ذلك في الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون إلى الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، تظل عازمة بشكل خاص على مواكبة جهود المغرب للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء، لفائدة الساكنة المحلية”.
وشدد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، من جانبه، على أن “الشراكة مع المغرب ضرورية لاستقرار المنطقة، وأن العلاقات بين مدريد والرباط لن تضعف بحكم محكمة العدل الأوروبية”. وكشف بأن العلاقات التجارية بين بلاده والمغرب بلغت قيمتها 22 مليار أورو سنة 2022، مما يجعل المغرب أحد أهم الشركاء التجاريين لإسبانيا، بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة”.
كما أيدت بروكسل (الاتحاد الأوروبي) في بيان مشترك أصدرته أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، وجوزيب بوريل الممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للمفوضية، التأكيد على “التزام الاتحاد الأوروبي من جديد بالشراكة مع المغرب”. وقالت فون دير لاين و بوريل في هذا التصريح المشترك، وهو أعلى رد سياسي للاتحاد الأوروبي بعد صدور قرار محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، إن “الاتحاد الأوروبي، الذي يجمعه تعاون وثيق مع المغرب، يعتزم بشكل حازم الحفاظ على علاقاته الوثيقة مع المملكة في جميع مجالات شراكة المغرب – الاتحاد الأوروبي، وذلك انسجاما مع مبدأ العقد شريعة المتعاقدين”.
وأكد المسؤولان الأوروبيين الساميين أن بروكسيل “أخذت علما” بقرار محكمة العدل الأوروبية حول الطعون ضد قرار المحكمة السابق الصادر بتاريخ 29 شتنبر 2021، وكذا الجواب على طلب القرار الأولي المتعلق بملصقات سلع الفواكه والخضروات الواردة من الأقاليم الجنوبية للمملكة (الصحراء)، مضيفَين بأن اللجنة الأوروبية “تقوم حاليا بتحليل قرارات محكمة العدل الأوروبية بالتفصيل”.
أوروبا أكثر تضررا من القرار
على هذا النحو، خلف قرار محكمة العدل الأوروبية إياه ردود أفعال غير مرحبة من الأطراف الأوروبية التي هي المتضررة بالدرجة الأولى من قرار الإلغاء. وعلى رأسها إسبانيا التي كانت سفنها تستفيد من إمكانية ولوج المياه الإقليمية المغربية للصيد. فقد كشفت مصادر إعلامية إسبانية بأن مهنيي الصيد في إقليم الأندلس (جنوب البلاد) تلقوا قرار المحكمة الأوروبية وكأنهم تعرضوا لـ”دلو ماء بارد”، في إشارة إلى ما يُشبه الصدمة القوية، بعدما كانوا يأملون في أن يكون القرار مخالفا للقرارات السابقة، القاضية بإلغاء الاتفاقية مع المغرب في الشق المتعلق بالصيد البحري.
وكشفت تقارير صادرة عن الاتحاد الأوروبي بأن 10 دول أوروبية من إجمالي 27 بلدا عضوا في الاتحاد الأوروبي، ستجد نفسها متضررة بشكل مباشر من قرار المحكمة الأوروبية، القاضي بإلغاء اتفاقية الصيد التي انتهت صلاحيتها فعليا منذ 17يوليو 2023، ولم يتم تجديدها بعد ذلك. وذلك بسبب كون 128 من سفنها كانت تستفيد من هذه الشراكة خلال الفترة ما بين 2019 و2023، وفي مقدمتها السفن الإسبانية التي تبلغ 92 سفينة.
ووفق ما أكده قطاع الصيد البحري ضمن الكونفدرالية الإسبانية للصيد، فإن الأسطول الإسباني في إقليم الأندلس مثلا، المتمركز في موانئ بارباتي وكونيل وطريفة، يوجد في حالة عطالة حاليا. أما صيادو منطقة قادس الذين يعولون في نشاطهم الاقتصادي على الصيد في السواحل المغربية لجلب أسماك مثل السردين والأنشوفة، فقد تلقوا بدورهم “ضربة قوية” بهذا القرار القضائي.
ووفق تأكيدات رئيس الكونفدرالية الإسبانية للصيد البحري، خافيير غارات، فإن أسطول الصيد بواسطة الشباك كان يعاني أساسا من ضغط كبير من قبل المفوضية الأوروبية، التي كانت تسعى لفرض خفض كميات الأنشوفة الذى يتم اصطيادها في سواحل إسبانيا بـ 54 %، مع وضع قيود مشددة على صيد السردين حفاظا على المخزون السمكي. ثم صدر القرار القضائي الذي “ستكون له عواقب اجتماعية واقتصادية” على مناطق ساحلية إسبانية عديدة.
وتعليقا على هذا القرار، قال مهنيون في قطاع الصيد البحري المغربي، إن “الوجه الإيجابي” لإلغاء اتفاقية الصيد البحري، هو تراجع استغلال الثروة السمكية المغربية التي كانت تستغلها بشكل كبير السفن الأوروبية التي تدخل المياه المغربية للصيد بموجب الاتفاقية المبرمة بين بروكسيل والرباط. معتبرين أن توقف دخول السفن الأوروبية عن الصيد في المياه المغربية، ستكون له تداعيات إيجابية على قطاع الصيد، من أبرزها عدم تعرض العديد من الأنواع السمكية للاستغلال المكثف من طرف السفن الأوروبية، وخاصة في المياه الإقليمية للصحراء. مهنيون في قطاع الصيد البحري المغربي أن السفن الأوروبية، كانت تخرق في العديد من الأحيان قوانين الصيد البحري المعمول بها، وكانت تستعمل شباكا ووسائل صيد تؤدي إلى استنزاف الثروة السمكية المغربية، وبالتالي فإن توقف دخول هذه السفن، سيكون له تداعيات إيجابية على القطاع، من هذا الجانب على الأقل. ويشرح المهنيون المغاربة بأنه في الماضي، كانت مجموعات كبيرة من الأسماك تهاجر بشكل دوري من السواحل الصحراوية إلى السواحل الشمالية من المملكة. لكن بسبب الاستنزاف المفرط للسفن الأوروبية في السنوات الأخيرة، توقفت تلك الهجرات، التي كانت تساهم في إنعاش الثروة السمكية في عدد من المناطق الساحلية المغربية الواقعة شمال الصحراء.
والمعروف أنه خلال العام الجاري، شهدت أسواق المغرب ندرة في السمك ─ خاصة السردين والأنشوفة التي تقبل عليها الطبقات الفقيرة─ واشتكت من الأزمة كذلك مصانع تصبير الأسماك، حيث يعتبر المغرب أكبر مصدر لمصبرات السردين في العالم. وأرجع مهنيو الصيد البحري المغاربة تراجع المخزون السمكي إلى استنزاف البواخر الأوروبية.
خلفيات القرار وأبعاده
في خلفيات قرار محكمة العدل الأوروبية، يمكن سرد الكثير من الحيثيات السياسية وغير السياسية. لكن اختصارا للموقف، نقول إن الطرف المغربي ضيق هامش المناورة على الطرف الأوروبي، بسبب احترامه للشروط الصارمة و استجابته للمعايير الدولية من حيث سلامة المنتجات الزراعية. وبعدما قاد لزمن طويل حملات اعتراض شاحنات الخضر والفاكهة المغربية، العابرة نحو الأسواق الأوروبية، لم يجد اللوبي اليساري في أجهزة ومؤسسات الاتحاد الأوروبي [بينها محكمة العدل الأوروبية إياها] المدافع عن الفلاحيين الأوروبيين، ما يمنع به المنتجات المغربية غير ابتزاز الرباط بورقة الصحراء [اتفاقية الصيد]. مع علم هذا اللوبي النافذ جدا المسبق أن الحكومات الأوروبية سترفض هذا التوجه والقرار القضائي حوله، لأنها تريد الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية الكبرى مع المغرب ولأن ما يحكم المجال التجاري في الأصل هو المنافسة.
ومن خلال استحضار المعارك السياسية داخل الاتحاد الأوروبي، نستطيع أن نفهم لماذا استغرق البت في هذه الملفات من محكمة العدل الأوروبية كل هذا الوقت (منذ 2021 وإلى غاية 2024)، قبل الإفراج عن حكمها بشأن الطعن المقدم حول اتفاقية الصيد البحري، إلى جانب اتفاقية الأفضليات التعريفية التي شملت الأقاليم الجنوبية للمملكة، بما في ذلك مطالبة نقابة المزارعين الفرنسيين بوقف استيراد المنتجات الفلاحية المغربية، بمبرر أنها “قادمة من الأقاليم الصحراوية للمملكة.
الملفات التي حسمت فيها المحكمة الأوروبية هي ثلاثة. اثنتان منها متعلقتان بالطعن المقدم من طرف مجلس ومفوضية الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2021، ضد قرار محكمة الاتحاد الأوروبي في سبتمبر 2021، والذي كان قد قضى بإلغاء الاتفاقيتين الرئيسيتين الموقعتين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، أي الاتفاق حول المنتجات الزراعية من جهة، واتفاق الصيد البحري من جهة أخرى. واللتين تشملان الأقاليم الصحراوية للمغرب، من منطلق ما اعتراها من خرق لقرارات محكمة العدل الأوروبية وخاصة قراري 2016 و 2018. أما القرار الثالث فهو مرتبط بالشكوى التي سبق أن تقدمت بها نقابة المزارعين الفرنسيين ضد شركات فرنسية، بمزاعم كونها تستورد المنتجات الفلاحية القادمة من الصحراء المغربية للسوق الأوروبية.
أما بالنسبة لجبهة البوليساريو، فمن جانبها تخوض بمعية حاضنتها الجزائر حربا ضروسا في الكواليس، للحيلولة دون صدور قرار حاسم يعزز موقف المغرب ويتماهى ومصالحه. سيّما وأنها تراهن كثيرا على احتمالية تأكيد المحكمة الأوروبية لقراراتها السابقة لخلق انتصارات “وهمية وصغيرة” جديدة، يمكن لها أن تعتبرها ردا على الاعترافات المتصاعدة لدول الأوروبية في مقدمتها فرنسا وإسبانيا بدعم مبادرة الحكم الذاتي.
أما في شق أبعاد قرار محكمة العدل الأوروبية، ففي إطار النقاش الدائر حاليا في إسبانيا حول السبل الممكنة للالتفاف حول قرار محكمة العدل الأوروبية، اعتبر ممثل المهنيين الإسبان المنضوين لفي إطار الكونفدرالية الإسبانية للصيد البحري، بأنه “الآن بعد إلغاء الاتفاقية يجب النظر في عدة سيناريوهات، بما في ذلك عمليات الصيد بموجب تصاريح في إطار اتفاق مباشر بين مدريد والرباط (خارج إطار الاتحاد الأوروبي”. وأضاف قائلا: “نحن مستعدون للعمل بشكل عاجل مع جميع الأطراف المعنية لضمان استمرار النشاط التجاري والتعاون في مجال الصيد بين المغرب والاتحاد الأوروبي في المستقبل”.
وضمن حسابات الأبعاد الأخرى كذلك، يُتوقع أن لا يتضرر المغرب (على الأقل بشكل محسوس) من قرار إلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري. فالمعروف أنه دأب، من أجل تنويع استفادته ولتفادي الوقوع ضحية للابتزاز، على تنويع شراكاته الاقتصادية منذ عشر سنوات، وتحديدا منذ زيارة الملك محمد السادس لروسيا سنة 2015، بحيث صارت قوى دولية مثل الصين وروسيا والصين وبريطانيا العظمى شركاء من العيار الثقيل، طبعا إلى جانب الاتحاد الأوروبي. وذلك رغم كل الضغوط الأمريكية التي تحاول إبعاده عن الصين وروسيا.
وفي هذا الإطار، حملت الأخبار أسبوعا فقط بعد صدور قرار المحكمة المثير للجدل، أخبارا حول مفاوضات تجري بين المغرب وروسيا لعقد اتفاقية جديدة للصيد البحري، يُنتظر أن تمتد لأربع سنوات انطلاقا من سنة 2025، بما يشمل كامل السواحل الأطلسية للمملكة، متضمنة مياه أقاليم الصحراء. وفي التفاصيل أن تلك المفاوضات، التي انطلقت قبل صدور حكم محكمة العدل الأوروبية، تهدف إلى تجديد الاتفاقية المعمول بها حاليا بإلغاء بين الرباط وموسكو.
وكانت مواقع إخبارية اقتصادية روسية أشارت إلى أنه “تم تمديد الاتفاقية المُبرمة بين حكومتي روسيا والمغرب في مجال الصيد البحري مؤقتا إلى غاية 31 دجنبر 2024. وهي الاتفاقية التي من المنتظر أن تنتهي صلاحيتها خلال شهر أكتوبر الجاري”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس