أفريقيا برس – المغرب. رغم أن الشعاب المرجانية لا تمتلك أعينا فإن دراسة حديثة نشرت في مجلة “إي لايف” وثقت أنها تستشعر الضوء بطرق أخرى مذهلة، عن طريق بروتينات حساسة للضوء.
الشعاب المرجانية تعد من أعظم كنوز المحيطات وأكثرها تنوعا وإبهارا في العالم الطبيعي، وهي ليست مجرد تشكيلات حجرية صامتة، بل “مدن حية” تحت الماء، تزخر بالكائنات البحرية وتعتمد عليها أنظمة بيئية كاملة.
تتكون الشعاب المرجانية من تراكم مستمر للهياكل الكلسية التي تفرزها كائنات صغيرة تُسمى المرجانيات. هذه الكائنات، رغم صغر حجمها، تعمل معا عبر آلاف السنين لتشكيل جدران وحواجز تمتد لمئات الكيلومترات، مثل “الحاجز المرجاني العظيم” في أستراليا، الذي يعد أكبر بناء حي على الأرض.
سر الأوبسين
وفي تصريح للجزيرة نت، يقول الدكتور أكيهيسا تيراكيتا الباحث في قسم الأحياء في كلية الدراسات العليا للعلوم بجامعة أوساكا اليابانية والباحث المشارك في هذه الدراسة “بينما يفتقر المرجان إلى عيون، فإنه يمتلك على المستوى الخلوي خلايا تحتوي على الأوبسين، وهو بروتين يلتقط الضوء، تماما مثلنا ومثل الحيوانات الأخرى ذات العيون”.
ويضيف “بمعنى آخر، تستشعر جميع الحيوانات تقريبا الضوء باستخدام بروتينات حساسة للضوء تُسمى الأوبسينات. وقد كشفت دراستنا هذه أن الأوبسينات المرجانية تمتلك خاصية فريدة: وهي حساسية الحموضة أو الرقم الهيدروجيني، وحددت الدراسة آلية غير معروفة سابقا مسؤولة عن هذه الخاصية”.
عندما يلتقط الأوبسين الضوء، تُحوَّل الإشارة الضوئية إلى إشارات عصبية عبر نظام معقد يتضمن بروتينات متعددة.
وفي كائنات حية مثل المرجان والتي تفتقر إلى جهاز عصبي متطور، يُعتقد أن هذه المعلومات العصبية تُرسَل بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الجهاز الحركي أو هياكل مشابهة، على الرغم من أن هذه العملية لم تُفهم تماما بعد.
حساسية للضوء وأشياء أخرى
وعلى النقيض من ذلك في البشر والحيوانات الأخرى ذات العيون، تُعالَج هذه المعلومات العصبية أولا داخل الجهاز العصبي للعين، ثم تُرسَل إلى الدماغ، حيث تُساهم في عملية الرؤية.
ويضيف تيراكيتا أن الدراسة تظهر أن المرجان يمتلك أوبسينات بخصائص تختلف عن خصائص الأوبسينات المعروفة لدى الحيوانات الأخرى.
ويوضح “تحديدا، وجدنا أن أنواعا عديدة من أوبسينات المرجان قد تُعدِّل نسبة حساسيتها للأشعة فوق البنفسجية والضوء الأزرق استجابة لتغيرات درجة الحموضة”. ونعتقد أن هذا يُشير إلى أن المرجان يمكنه تعديل حساسيته للأشعة فوق البنفسجية والضوء الأزرق استجابة لتغيرات درجة الحموضة داخل الخلايا الناتجة عن عملية التمثيل الضوئي لبكتيريا زوزانتيلا التكافلية داخل خلايا المرجان”.
علاقة تكافلية
ويرجع العلماء -إلى حد كبير- نجاح نمو الشعاب المرجانية، التي تُعتبر واحدة من أكثر النظم البيئية تنوعا في العالم، إلى نوع رائع وفريد من التكافل، بين الشعاب المرجانية والزوزانتيلا.
حيث تقوم الزوزانتيلا بعملية البناء الضوئي، وبالتالي تمد الشعاب المرجانية بالمغذيات التي نتجت عن عملية البناء الضوئي (السكر والأحماض الأمينية). وفي المقابل تحصل الزوزانتيلا على الأمونيا والفوسفات الناتجة عن عمليات التمثيل الغذائي للشعاب المرجانية.
ولكن هذه الدراسة أضافت بعدا تكافليا جديدا وهو أن تغيرات درجة الحموضة نتيجة عملية البناء الضوئي التي تقوم بها الزوزانتيلا داخل خلايا المرجان تعمل على تعديل حساسيته للأشعة فوق البنفسجية والضوء الأزرق.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس