تونس تستقبل غالي.. سحابة صيف أم اتجاه نحو القطيعة مع المغرب؟

67
تونس تستقبل غالي.. سحابة صيف أم اتجاه نحو القطيعة مع المغرب؟
تونس تستقبل غالي.. سحابة صيف أم اتجاه نحو القطيعة مع المغرب؟

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. فجرت القمة الثامنة لمنتدى التعاون الياباني الإفريقي “تيكاد”، التي التأمت بالعاصمة التونسية يومي 27 و28 أغسطس/آب الماضيين، أزمة ديبلوماسية كبرى تسبب فيها استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لإبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو. فقد قررت على إثر ذلك المملكة المغربية مقاطعة قمة تيكاد، وأيضا سحب سفيرها من تونس للتشاور وأصدرت بيانا شديد اللهجة.

وكما هو منتظر من مثل هذه “الحوادث”، انقسم الشارع المغاربي على شبكات التواصل الاجتماعي (خصوصا المغاربة والتوانسة) بين مدافعين عن موقف الرئيس سعيد، وبين متعاطفين مع الموقف المغربي. بيد أن أخطر تداعيات هذه الأزمة المغاربية الجديدة، هو ظهور دعوات منظمة تدعو إلى قطع العلاقات السياسية والرياضية ووقف حركة التبادل التجاري بين البلدين.

فما هي خلفيات هذه الأزمة غير المسبوقة، والتي تعد الأقوى منذ استقلال تونس والمغرب قبل نحو ستة عقود؟ وإلى أين تتجه العلاقات بين البلدين في قادم الأيام، سيما في سياق إقليمي شديد الاضطراب؟

يبدو من تطورات الحادث أن الخارجية المغربية كانت تتابع مع السلطات التونسية، موضوع حضور زعيم البوليساريو من عدمه. وبحسب تأكيد مصدر مغربي مسؤول لوسائل إعلام غربية، فإن التونسيين ظلوا يؤكدون للجانب المغربي حتى آخر لحظة بأن “رئيس جمهورية الصحراء الغربية” لن يحضر قمة تونس. ثم انقلبوا على موقفهم المصرح به.

على إثر استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي وقيام الرباط باستدعاء سفيرها من تونس للتشاور، وهو ما يعتبر في اللغة الديبلوماسية رسالة احتجاج شديدة. وعبرت الخارجية التونسية عن استغرابها من تصرف المغرب، رافضة ما اعتبرته “تدخلا في شؤونها السيادية”، ومقررة بدورها استدعاء سفيرها من الرباط. واعتبر بيان للخارجية المغربية على أن تونس “بعد أن ضاعفت مؤخرا من المواقف والتصرفات السلبية تجاه المملكة المغربية ومصالحها العليا، جاء موقفها في إطار منتدى التعاون الياباني الإفريقي (تيكاد) ليؤكد بشكل صارخ هذا التوجه العدائي”.

الخارجية التونسية تأخرت لساعات قبل أن تصدر بلاغا للرد على المغرب، وذلك بعد أن قام موقع الرئاسة التونسية بسحب مقطع فيديو استقبال الرئيس قيس سعيد لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، ثم أعاد الموقع نشره في ما يعد مع حذف صفة “رئيس الجمهورية الصحراوية”، من دون تقديم أية توضيحات عن سبب هذا الارتباك. ولم يتضح ما إذا كان هذا الارتباك ناتجا عن ضغوط قامت بها اليابان، أم عن ضغوط مصدرها الدولة التونسية العميقة أو قيادة الجيش التونسي..

واستغربت الخارجية التونسية في بيانها عن استغرابها الشديد “مما ورد في بيان المملكة المغربية من تحامل غير مقبول على الجمهورية التونسية، ومن مغالطات بشأن مشاركة وفد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا”. وشددت تونس على أن من ثوابت سياستها الخارجية، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام خياراتها، كما “تؤكد أيضاً رفضها التدخل في شؤونها الداخلية وعلى سيادة قرارها الوطني”.

وردت الخارجية المغربية في تصريح ثان بأن “الإشارة المتعنتة في البيان التونسي إلى كون “تأمين استقبال لجميع ضيوف تونس على قدم المساواة” هي مبعث اندهاش كبير، بالنظر إلى أنه “لا الحكومة التونسية ولا الشعب التونسي يعترفان بهذا الكيان الوهمي [المقصود هو “جمهورية الصحراء الغربية]”.

ويبدو أن التركيز المغربي على بروتوكول استقبال غالي أكثر من واقعة استقباله. فتنقل الرئيس التونسي شخصيا إلى المطار، ومد السجادة الحمراء لرئيس دولة البوليساريو القادم على متن طائرة الرئاسة الجزائرية، كما لو كان رئيس دولة مهمة، وغيرها من التفاصيل الأخرى… جعلت الخطوة التونسية تظهر بمثابة اعتراف شكلي غير معلن من جانب تونس بـ “الجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية”. وهو ما يخالف لموقف التونسي المعروف تاريخيا بالحياد “الإيجابي” في قضية الصحراء، وعدم الاصطفاف مع أي طرف في الصراع الجزائري المغربي المزمن حول هذا الملف الشائك.

تونس تودع حيادها

قبل رئاسة قيس سعيد، لم يسبق أن صدر عن تونس أي موقف منحاز إلى جبهة البوليساريو. بل على العكس، حاولت الوقوف على مسافة واحدة مع كل من الجزائر والمغرب. فكان “الحياد الإيجابي” سياسة الرؤساء المتعاقبين، من الحبيب بورقيبة إلى زين العابدين بن علي، فالمنصف المرزوقي، ثم الباجي قايد السبسي. وعلى مدى ستة عقود، لم يُسجّل سوى موقف واحد يعادي المصالح المغربية العليا، في عهد الرئيس زين العابدين بن علي، عندما استدعى الهادي بلكوش —الذي كان وزيراً أول مقربا جدا من الجزائر— زعيم جبهة البوليساريو السابق. وقد أتت تلك الخطوة الاستفزازية للضغط على المغرب لكي يطرد المعارضين التونسيين الذين كانوا يعيشون على أرضه.

إن ما يجعل الموقف التونسي الجديد مفتوحا على تأويلات سياسية عدائية، أنه أتى بعيد أيام فقط من خطاب الملك المغربي محمد السادس، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب في 20 أغسطس/آب الماضي، الذي أعلن فيه بأن “ملف الصحراء هو المنظار الذي ينظر به المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”. والمعنى واضح من حيث كون مفصل العلاقات المغربية مع الدول الأخرى، هو موقفها من قضية الصحراء الغربية.

ويرى مراقبون تونسيون وأجانب بأن هذه الأزمة مع المغرب، أتت في سياق دبلوماسي غامض يرسمه الرئيس قيس سعيد، على نحو مختلف للدبلوماسية التونسية التقليدية التي انتهجتها البلاد، في عهد الرؤساء الراحلين بورقيبة وبن علي قبل الثورة والباجي قايد السبسي بعدها، والتي تقوم على الحياد الإيجابي في القضايا والملفات العربية والدولية، وعدم الاصطفاف ضمن محاور وتحالفات. وعلى الخصوص منها ملف الصحراء الغربية، الذي له من حساسية قصوى لدى كل من الجزائر والمغرب، تجنبا لخلق عداء مع أحد الجارين المغاربيين القويين، بما لا يسمح لا حجم تونس الجغرافي ولا وزنها الإقليمي ولا قدراتها العسكرية المحدودة، بمواجهته.

وفي هذا السياق، يعتبر الديبلوماسي السابق والباحث في العلاقات الدولية حاليا، التونسي بشير الجويني، في تدوينة على صفحته في فايسبوك، بأن “الدبلوماسية التونسية بدأت مع سعيّد، تفقد كثيراً من ركائزها التي مضى عليها أكثر من 50 عاماً. وهي التي ظلت محافظة على مواقفها الثابتة في علاقتها بدول الجوار وفي عدة قضايا، التي من بينها قضية الصحراء. ولكن الأداء الخارجي لتونس أصبح مرتبطا بمحاور وبأجندات ليست بالضرورة في صالح تونس والتونسيين. بل تقود إلى مزيد من تعقيد المسألة في المنطقة، سواء في علاقاتها مع ليبيا حيث لكل من رئيس الحكومة المعينة من البرلمان فتحي باشاغا ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، مشاكل مع تونس الرسمية، والآن المغرب”.

للتذكير، فقد كان وليد الحجام، المستشار لدى رئيس الجمهورية التونسية، اعتبر في 29 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، بأن “تونس تتمسك بعلاقاتها الأخوية والتاريخية المتميزة مع كلّ الدول المغاربية، كما تتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي في تعاطيها مع ملف الصحراء”.

وأوضح الحجام في تصريح لوكالة “تونس إفريقيا للأنباء” (رسمية) حرص تونس على تغليب لغة الحوار للتوصل إلى حل سياسي مقبول لهذا الملف، يُعزّز الاستقرار في المنطقة، ويفتح آفاقاً واعدة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي”. لكن بعد أقل من عام على تأكيد المسؤول التونسي على حياد “بلاده” في النزاع الذي يعرقل قيام اتحاد مغاربي منذ عقود، يبدو أن بوصلة الرئاسة التونسية السياسية قد غيرت اتجاهها.

خلفيات القرار

الواقع أن الخطوة التونسية لم تكن مفاجئة تماما. فكما ورد في بيان الخارجية المغربية، فهي أتت في سياق مسار من السلوكيات والمواقف غير الودية إزاء قضية الصحراء والمصالح العليا للمغرب. هكذا، فقبل استقبال الرئيس التونسي زعيم جبهة البوليساريو، كانت تونس بقيادة قيس سعيد قد قدمت إشارات سلبية تلقاها الجانب المغربي الرسمي بامتعاض، بينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالانتقادات الشديدة للرئيس سعيد ولتونس. ومن تلك المواقف نذكر على الخصوص امتناع تونس عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2602، في أكتوبر 2021، وهو القرار المتعلق بتمديد بعثة “المينورسو” [قوات الأمم المتحدة بالصحراء الغربية] لمدة سنة إضافية، الذي اعتبره وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، “يزعج الأطراف الأخرى (الجزائر وجبهة البوليساريو) لأنه يحيل على مبادرة الحكم الذاتي، ويبتعد عن كل ما هو ليس واقعياً، وكل ما هو ليس عملياً، وكل ما هو ليس قائماً على التوافق”، ويقصد بذلك الاستفتاء لتقرير المصير.

وكان هذا الموقف الجديد قد جر على تونس قيس سعيد حينها انتقادات حتى من الداخل التونسي، على اعتبار أنه (الموقف في مجلس الأمن) صدر في سياق تقارب سياسي ملحوظ وكثيف بين “قصر المرادية” بالجزائر و”قصر قرطاج” في تونس؛ وبالتالي ظهر كأنه “رضوخ” من قبل تونس للنظام الجزائري. وكانت تونس وروسيا الوحيدتان اللتان صوتتا بالامتناع، بينما صوتت باقي الدول الـ 13 الأخرى لصالح القرار الأممي، الذي شكل تحولا هاما في مسار قضية الصحراء.

والمعروف أن المغرب لم يكن مرتاحا للتقارب التونسي الجزائري منذ مجيء الرئيس قيس سعيد إلى السلطة في أكتوبر/تشرين الأول 2019. ومنذ تلك الفترة ظلت السلطات المغربية تراقب الوضع عن كثب في تونس، إلى أن لاح المؤشر الأول بالتصويت سلبيا في مجلس الأمن، فدخلت العلاقات بين البلدين في “أزمة صامتة”. ولذلك تحدث بيان الخارجية المغربية عن كون “امتناع تونس المفاجئ وغير المبرر عن التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 2602، الذي اعتمد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يثير شكوكا حقيقية ومشروعة بشأن دعمها للمسار السياسي (قضية الصحراء الغربية) ولقرارات الأمم المتحدة”.

آفاق الأزمة

لا يمكن لعاقل في تونس والمغرب أن يكون راضيا عن تطورات المواقف التي تلت حادث استقبال الرئيس سعيد لزعيم البوليساريو. فقد انتشرت مثل النار في الهشيم دعوات من البلدين إلى قطيعة، تمس قطاعات الاقتصاد والرياضة والديبلوماسية. بل هناك من دعا من البلدين إلى قطع العلاقات تماما وبكل بساطة.

فعلى المستوى الرياضة، أعلنت نوادي رياضية مغربية عن مقاطعاتها للفعاليات، المقررة أن تحتضنها تونس في غضون الأسابيع القليلة المقبلة. هكذا، فقد أعلن “الاتحاد المغربي لكرة اليد”، الإثنين الماضي (29 أغسطس/آب 2022)، انسحاب نواديه من البطولتين العربية والإفريقية المقررة إقامتهما في تونس خلال الأسابيع القادمة، وذلك على خلفية الأزمة السياسية القائمة بين البلدين. وكشف الاتحاد في بيان رسمي، بأن نادي وداد السمارة لن يشارك في البطولة العربية، التي ستقام بتونس بين 17 و27 سبتمبر/أيلول الجاري. كما لن يشارك نادي رجاء أكَادير في البطولة الإفريقية، التي ستنطلق يوم 28 سبتمبر/أيلول 2022، وتستمر حتى 10 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

ونفس القرار اتخذه “النادي المكناسي لكرة السلة سيدات”، الذي أعلن انسحابه من المشاركة في البطولة العربية للأندية لكرة السلة للسيدات، التي ستُقام في الفترة ما بين 20 و28 سبتمبر/أيلول 2022. كما انضمت “الجامعة (الاتحاد) الملكية المغربية للكاراتيه”، إلى صف المقاطعين للتظاهرات الرياضية المقرر تنظيمها بتونس، حيث أعلنت انسحاب منتخبها من المشاركة في بطولة شمال إفريقيا للكاراتيه، بسبب إقامة المنافسات في تونس بين 7 و11 من الشهر الجاري.

أما على المستوى الاقتصادي، فتونس هي الدولة المغاربية الوحيدة التي تربطها بالمغرب اتفاقية للتبادل التجاري الحر، وتعتبر الشريك التجاري الثاني للمغرب في المنطقة المغاربية. ولذلك ستكون في حال حصول قطيعة الخاسر الأكبر، بالنظر إلى كون كفة الميزان التجاري بين البلدين تميل لصالح تونس. بالمقابل، يستقر في المغرب (خصوصا في طنجة بأقصى شمال البلاد) عدد كبير من رجال الأعمال والمستثمرين التونسيين، الذين غادروا بلادهم بسبب الظروف غير المستقرة، واستقروا بالمغرب للاستثمار والعيش فيه.

وتشير أرقام مكتب الصرف المغربي (رسمي)، أنه خلال سنة 2021 بلغت واردات المغرب من تونس ما قيمته 228 مليار سنتيم مغربي [حوالي 230 مليون دولار]، في مقابل صادرات مغربية إليها بقيمة 129 مليار و600 مليون سنتيم [حوالي 130 مليون دولار].

وتعد التمور من أبرز واردات المغرب من تونس، إذ إنه في 2019 مثلاً صدَّرت تونس إلى المغرب 33 ألف طن، ما يجعل المملكة أول مستورد للتمور التونسية التي يعيض من عائداتها قطاع واسع من المزارعين والتجار التونسيين. بينما يُصَدّر المغرب لتونس الفوسفات وبعض المنتجات الأخرى، كالخضر والفواكه ومنتجات الصناعة الغذائية والنسيج والألبسة.

في ضوء ذلك كله، يطرح السؤال نفسه: إلى أين تتجه سفينة الأزمة بين البلدين؟

الملاحظ أنه بعد ردود الأفعال الغاضبة التي تلت حادث الاستقبال الرئاسي لـ “غالي” بتونس، هدأت الأوضاع والمواقف نسبيا. ولعل مواقف رموز النخبة التونسية عبرت عن انتقادها لما وقع، كان لها دور كبير في تهدئة الجانب المغربي الرسمي. ويذهب تقدير المراقبين إلى أنه ما لم يصدر عن الجانب التونسي الرسمي موقف عدائي جديد حيال المغرب [وهو أمر مستبعد]، فإن قطار العلاقات المغربية التونسية لن يطول به التوقف عند محطة الأزمة الحالية، وسيواصل شق طريقه من جديد.. بل وربما يعود إلى سكته السابقة، التي كان يسير عليها قبل وصول قيس سعيد إلى رئاسة تونس!

عائد عميرة: استقبال غالي لا يمثل موقف الدولة التونسية من قضية الصحراء

1- كمتابع لتطورات الموقف التونسي، هل يعتبر استقبال زعيم البوليساريو موقفا شخصيا للرئيس سعيد، أم أنه يمثل قرار الدولة التونسية من قضية الصحراء؟

عائد عميرة، صحفي ومحلل سياسي تونسي

لا أعتقد أن استقبال ابراهيم غالي في تونس ومنحه صفة لا يملكها موقف الدولة التونسية من قضية الصحراء ولا موقف الرئيس قيس سعيد الشخصي.

ما حصل سوء تقدير من الدبلوماسية التونسية، فالرئيس لم يتعمد الإساءة للمغرب من خلال استقبال زعيم البوليساريو، فقد وقع في سوء تقدير للموقف والدليل ان الرئاسة التونسية سارعت إلى حذف صور استقبال غالي وحذف الصفة التي أسندت له من صفحة الرئاسة على فيسبوك والتي تعد أداة التواصل الوحيدة للرئاسة التونسية.

سرعت حذف الصور والصفة تؤكد أن الرئيس قيس سعيد لم يكن ينوي أن يوصل أي رسالة لأي طرف، ذلك أنه أراد فقط أن يحترم البروتوكول.

2- عبرت شخصيات تونسية عديدة عن مواقف منتقدة لخطوة قيس سعيد.. ألا ترى بأن هذا يؤشر على أن ما جرى لا يحظى بإجماع التونسيين؟

اكيد ما حصل خلال قمة تيكاد لا يحضى باجماع تونسي، حتى الرئيس قيس سعيد، ما فتئ يؤكد على وحدة المغرب العربي، وما حصل هفوة، صحيح هفوة كبيرة لكن لا يجب أن تنسينا قوة العلاقات بين البلدين.

الشعب التونسي يكن حبا كبيرا للمغاربة، فنحن نشترك في العديد من الأشياء كالدين والعرق واللغة والتاريخ والجغرافيا، فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا.

جزء كبير من التونسيين يرى ان ملف الصحراء شأن داخلي مغربي ولا أحد له أن يتدخل فيه وحل هذا الملف يكون وفق ما تقتضيه مصلحة أهالي الصحراء.

3- برأيك ما هو الجديد الذي حمل الرئيس سعيد، على القفز فوق المبدأ القائم على حياد تونس في قضية الصحراء، والذي ظل يحكم الموقف التونسي على مدى أربعة عقود ونيف؟

كما قلت لك، ظاهر هذا الاستقبال يقول إن قيس سعيد حاد عن مبدأ الحياد الذي تتبناه الدبلوماسية التونسية في خصوص ملف الصحراء أو غيرها من الملفات منذ الاستقلال، لكن من يتمعن في خطوات سعيد منذ تقلده الرئاسة لا يرى وجود أي نية لتغير الموقف التونسي من هذه القضية.

الدبلوماسية التونسية مازالت على حيادها المعتاد من هذه القضية، وهي تعرف جيدا مكانة ملف الصحراء لدى الشعب المغربي لذلك تونس لا يمكن أن تقف ضد المغاربة.

4- ما الذي سوف يخسره البلدان من هذه الأزمة، في حال ساءت الأمور أكثر؟

نأمل ألا تسوء الأمور أكثر وأن ترجع العلاقات بين البلدين إلى سالف عهدها، وأن يتم تغليب لغة الحوار فما يحصل الآن لا يخدم البلدين.

كلا البلدين سيخسر جراء الأزمة، لن نتحدث عن الخسائر الاقتصادية فتلك من تحصيل الحاصل، لكن الخسارة الأكبر هي أن تخسر اخ شقيق يقف إلى جانبك في كل وقت.

المغرب وتونس تاريخ مشترك ولا يجب أن تفسد حادثة عابرة متانة العلاقات بين البلدين، على العقلاء من البلدين التدخل ووقف التصعيد وإعادة المياه إلى مجاريها.

ما يحدث لا يخدم الا مصلحة المتربصين بالمنطقة وهم كثر، همهم الوحيد بث البليلة والتفرقة بين شعوب المنطقة، خدمة لمصالحهم، فأن نكون متحدين يعني انتهاء مصالح تلك الأطراف.

5- برأيك، هل ينتهي التصعيد المتبادل القائم إلى توقيع قطيعة ديبلوماسية بين البلدين.. أم أنها مجرد سحابة صيف ستمر بسلام؟

ان شاء الله سينتهي هذا التصعيد في أقرب وقت َوستكون سحابة صيف تمر بسلام، ذلك ان شعبي المغرب وتونس يعلمان يقينا أن مصلحتهما في الاتحاد وليس في التفرقة. هذه الحادثة ستقوي أواصل الاخوة بين البلدين بدل من ضربها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس