مصطفى واعراب
أفريقيا برس – المغرب. تشهد التجارة الإلكترونية في المغرب، منذ ظهور جائحة كورونا العام ما قبل الماضي، تطورا كبيرا بعدما وجد المغاربة أنفسهم مضطرين إلى اللجوء إلى الأنترنت لشراء بعض حاجياتهم، ربحا للوقت وخوفا من إصابتهم بفيروس كورونا في الأسواق والأماكن المزدحمة.
وقد ساهم هذا التحول السريع في نمط التسوق عند المغاربة، في ظهور عدد كبير من الشركات في مجال التجارة الإلكترونية، الأمر الذي مكن من توفير فرص عمل جديدة للشباب. وهكذا احتل المغرب، بحسب دراسة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، المرتبة 12 عربيا و95 عالميا في مؤشر أنشطة التجارة الإلكترونية سنة 2020.
بينما بوأته دراسات أخرى المرتبة السادسة إفريقياً (توجد 54 دولة إفريقية)، في تصنيف أكثر أسواق التجارة الإلكترونية ديناميكية، على التوالي بعد كل من: جزيرة موريس، وجنوب إفريقيا، وتونس، ونيجيريا، وكينيا.
وهي مرتبة جد متقدمة. لكن مع ذلك، يرى خبراء بأن هذا التطور يبقى أقل مما تتيحه إمكانيات المغرب، بالمقارنة مع دول أخرى في المحيطين العربي والإفريقي. تحليل.
وفقا لمعطيات “مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية” (UNCTAD)، بلغت تعاملات التجارة الإلكترونية في العالم نحو 25 تريليون دولار في عام 2020. وناهز عدد المتسوقين عبر الشبكة العالمية للمعلومات في العالم حوالي 1,5 مليار شخص في عام 2020.
وهكذا نمت سوق التجارة الإلكترونية في الدول العربية بحوالي 46,6% في 2020، مسجلة قيمة أنشطة بلغت نحو 22 مليار دولار نهاية 2020. وهو ما يوازي 1% من إجمالي التجارة الإلكترونية العالمية، بحسب معطيات صندوق النقد العربي.
وفي هذا السياق، سبق لدراسة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، أن صنفت المغرب في المرتبة 12 عربيا و95 عالميا في مؤشر أنشطة التجارة الإلكترونية سنة 2020، إذ يقدر رقم معاملات القطاع بالمغرب بحوالي 6 مليارات درهم (حوالي 650 مليون دولار أمريكي).
تطور هام للقطاع
ويرى خبراء أن قطاع التسوق عبر الأنترنت سمح بتطور مجموعة من الشركات المغربية الصغيرة المتخصصة، التي تلعب دور الوساطة التجارية، خالقة بذلك عددا مهما من فرص الشغل أمام الشباب، وأمام التجار التقليديين أيضا للتحول والانفتاح أكثر على التسويق الرقمي.
وتكشف الأرقام أن سنتي 2020 و2021 عرفت قفزة نوعية وكمية للتجارة الرقمية بالمغرب، من خلال الوصول إلى فئات جديدة من المجتمع بما فيها بالعالم القروي، والزيادة في عدد مواقع التجارة الرقمية، حيث شكلت التجارة الإلكترونية 13,4% من مجموع تجارة التجزئة بالمملكة سنة 2020، في مقابل 9,8% سنة 2019.
وسجلت المواقع التجارية التابعة لمركز النقديات خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2021 ما مجموعه 14,9 مليون عملية أداء إلكتروني بواسطة البطاقات البنكية المغربية والأجنبية.
وهو ما يمثل قيمة إجمالية بلغت 5,7 مليارات درهم. وعرف نشاط التجارة الإلكترونية في غضون ذلك، زيادة بنسبة 48,4% في عدد العمليات و30,5% من حيث القيمة المالية.
ويأتي على رأس استخدامات الإنترنت لدى المغاربة المشاركة في شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة 98% تليه مشاهدة الأفلام والفيديوهات بـ95,3%، ثم الهاتف عبر تطبيقات الإنترنت.
ويتوسط الترتيب كل ما له علاقة بالعمل والدراسة والتثقيف والإجراءات الإدارية والعمليات البنكية والتسوق الإلكتروني. وبخصوص التعامل التجاري، تستحوذ مواقع التجارة الإلكترونية المغربية على 90,2% من عمليات الشراء على الإنترنت.
ويرجع ذلك لملائمة عروضها للعميل المغربي، وتوفير إمكانية الأداء بالدرهم المغربي، وببطاقات بنكية محلية عكس المواقع الأجنبية التي تتطلب بطاقات دولية للأداء بالعملة الصعبة.
وبخصوص نوعية المشتريات، تأتي الملابس والأحذية وأدوات الرياضة في المرتبة الأولى بـ69% تليها خدمات الفوترة (الماء، الكهرباء، الهاتف وغير ذلك) بـ40,5%، ثم منتجات التجميل والمواد الغذائية والبقالة، بينما تأتي بعد ذلك مجموعة واسعة ومتنوعة من الخدمات والمنتجات، وهو ما يؤشر -وفق الخبراء-إلى اتساع مجال ومستقبل التجارة الرقمية بالمغرب.
الزبائن ما يزالون حذرين
يرى خبراء في القطاع أن المغاربة باتوا يقبلون أكثر فأكثر على التجارة الرقمية، بفضل ما تمتاز به من اقتصاد في الوقت وتنوع في العروض والاختيار، بالإضافة إلى التنافسية.
لكن على الرغم من أن كثيرا من المؤشرات مشجعة، إلا أن الحصيلة مع ذلك لا ترقى إلى مستوى مؤهلات المملكة في المجال، من توفرها على نسيج إنتاجي متنوع، وحظيرة أنترنت متطورة، ووسائل لوجستية متوفرة، وانفتاح على التكنولوجيا.
فرغم انفتاحه على التجارة الإلكترونية، يظل سلوك العميل المغربي، مطبوعا بالحذر وتوخي الأمان في كل العمليات. ويتبين ذلك بحسب الخبراء، من خلال معايير اختيار مواقع التسوق؛ حيث تأتي سمعة الموقع في المرتبة الأولى بـ75,4%، يليها الأمان بـ72,8%.
أو من خلال تفضيل الزبون للأداء نقدا عند الاستلام مع إمكانية استبدال أو إرجاع البضاعة بالنسبة لـ88,2% من المشترين، تليها البطاقة البنكية بـ37,7%، بينما يظل الأداء بالهاتف متواضعا بـ6 % فقط.
ويرى خبراء أن ما يجعل بعض المغاربة يتحفظون في التفاعل أكثر مع التجارة الرقمية، هو عموما عامل فقدانهم للثقة في وسائل الأداء والخوف من استعمال بطاقاتهم البنكية.
ولذلك ينصحون لتطوير التجارة الإلكترونية بالمغرب، بضرورة تطوير الخدمات البريدية وخدمات التوصيل الأخرى. وكذلك تنويع وسائل الأداء، وتكثيف العروض المتوفرة على منصات التجارة الرقمية، من خلال توفير تحفيزات جبائية، ومواكبة تقنية.
على أن من أهم الشروط تقوية ثقة المستهلك في التجارة الإلكترونية، عن طريق المنظومة القانونية، وآليات حماية المستهلك، وحماية معطياته الشخصية، وكذلك من خلال التوعية.
بالأرقام.. التجارة الإلكترونية في المغرب
كشفت خلاصات بحث وطني حول استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، أُجري مؤخرا، أن سياق جائحة كورونا وما ترتب عنه، من حيث اللجوء إلى العمل والتعليم عن بعد والتجارة الإلكترونية، مجموعة عوامل أدت إلى توسيع عدد مستعملي الأنترنت بالمغرب.
وبحسب خلاصات البحث الذي أنجزته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، فقد عرف استعمال الأنترنيت زيادة ملحوظة بنسبة 14,4 ℅ بين سنة 2019 و2020. وجاء في البحث أن سياق الجائحة أدى إلى رفع عدد مستخدمي الأنترنت بـ3,5 ملايين شخص، انضافوا سنة 2020 إلى مستعملي الأنترنت السابقين.
وتم إجراء هذا البحث بشراكة مع كل من وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، والمندوبية السامية للتخطيط، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وبنك المغرب، واللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، ووكالة التنمية الرقمية.
وكشف البحث أن شبكات التواصل الاجتماعي تجذب مستخدمي الأنترنت، في المناطق الحضرية كما القروية. وأنه باستثناء مستخدمي النت الذين تزيد أعمارهم عن 75 سنة، تتجاوز جميع الفئات العمرية عتبة 95 ℅ في ولوج شبكات التواصل الاجتماعي.
وبخصوص التجارة الإلكترونية، كشفت معطيات البحث أن التسوق عبر الأنترنت ارتفع خلال السنة الماضية بثلاث نقط، إذ إنه في العالم الحضري قام 1 من كل أربعة أشخاص بعملية شراء عبر النت.
وأن الظاهرة الأبرز بالنسبة لسنة 2020، كانت هي تكرار التسوق عبر الشبكة بما يتراوح ما بين 2 إلى 5 مرات، بالنسبة لثلاثة أرباع الأشخاص المتسوقين. ويستفاد من المصدر نفسه أن ثلاثة أرباع الأفراد، زاد استخدامهم لهواتفهم خلال الحجر الصحي سنة 2020.
كما ارتفع استعمال الأنترنت خلال الحجر بالنسبة لثمانية أفراد من بين كل عشرة. وخلافا لسنة 2019، حيث عرفت نسبة تجهيز الأسر بالحاسوب واللوحة الإلكترونية استقرارا، سجل عام 2020 زيادة مهمة بلغت 64,2 ℅.
كما كشف البحث أن أسطول الهواتف المحمولة يتقدم بوتيرة أسرع من النمو الديمغرافي، إذ حصل أكثر من 840 ألف شخص جديد على هاتف متنقل. وهو ما يمثل 140 ℅ من نسبة التزايد السكاني (أكثر من هاتف لدى المواطن)، ما بين 2019 و2020، بواقع يناهز زيادة 365 ألفا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس