“العدالة والتنمية: حكومة أخنوش تحرم المغاربة من الأضحية”

4
"العدالة والتنمية: حكومة أخنوش تحرم المغاربة من الأضحية"

أفريقيا برس – المغرب. مع اقتراب احتفال المغاربة بعيد الأضحى، تبدو شوارع المدن وأزقتها أكثر هدوءًا على غير المعتاد، حيث يستمر المواطنون في ممارسة طقوسهم اليومية، دون أن تشهد الأسواق الممتازة كما الشعبية، الاكتظاظ المعهود ولا أن تعرف الأزقة أنشطة تجارية موسمية مرتبطة بذبح الأضاحي.

هذه الأجواء الاستثنائية تأتي استجابة لتوجيهات العاهل المغربي محمد السادس، القاضية بعدم إقامة شعيرة ذبح أضحية العيد لعدد من الاعتبارات، من بينها توالي سنوات الجفاف، وتضرر قطيع المواشي، وغلاء الأسعار وتضرر فئات واسعة من المجتمع بعد تدني القدرة الشرائية.

وفي وقت يدعم عدد من الأسر القرار الملكي نظراً لراهنيته الاقتصادية وحفاظاً على القطيع، لم تمتثل عدد من الأسر المغربية لقرار إلغاء شعيرة الذبح بسبب أهميته الشرعية، وسارعت إلى اقتناء أكباش أو شراء كميات كبيرة من اللحوم إلى جانب كبد الخروف وباقي أحشائه المعروفة محلياً بـ “الدوّارة” التي وصل ثمنها إلى 700 درهم (حوالي 70 دولاراً) في سابقة من نوعها، إلى جانب ارتفاع أسعار لحم الضَّأن التي وصلت 130 درهماً للكيلوغرام الواحد (حوالي 13 دولاراً).

وزارة الداخلية وجهت تعليماتها بضرورة التقيد بالإجراءات الواجب اتخاذها في حالة الامتناع عن ذبح الأضحية، وقررت إغلاق المسالخ يوم العيد، ومنع فتح الأسواق والمساحات المخصصة لبيع المواشي في المدن والقرى والأسواق التجارية، مع منع بعض الأنشطة الموسمية التي تزدهر عادة على هامش احتفالات عيد الأضحى. وعززت الوزارة الرقابة على وسائل نقل الماشية، بالتنسيق مع مصالح الدرك الملكي، من أجل رصد أي حركة غير عادية واتخاذ التدابير اللازمة عند الاقتضاء.

وأمام هذه الإجراءات، اعتبرت المجموعة البرلمانية لحزب “لعدالة والتنمية” في مجلس النواب، أن حكومة عزيز أخنوش هي المسؤولة الأولى عن حرمان المغاربة من أضحية عيد الأضحى المبارك لهذه السنة.

وقال عبد الله بووانو، خلال الاجتماع الأسبوعي للمجموعة، إن قطاع الفلاحة المعني بتوفير القطيع، وبالتالي توفير الأضاحي، استفاد في عهد حكومة أخنوش مما لا يقل عن 61 مليار درهم (حوالي 6,1 مليار دولار أمريكي)، في مختلف الاعتمادات المخصصة للقطاع، بما في ذلك الماشية، سواء في إطار مواجهة آثار الجفاف، أو دعم الاستيراد، أو إلغاء الرسوم الجمركية، دون أن يظهر لذلك أثر على القطيع.

وأوضح أن تدخل العاهل محمد السادس من خلال إهابته بالمغاربة بعدم ذبح الأضحية لهذه السنة، هو قرار حكيم، رفع الحرج عن المغاربة، وسيمكّن من الحفاظ على القطيع الوطني من الماشية، وإعادة إحيائه، مبرزاً أن الحقيقة اليوم هي أن السياسات العمومية المطبقة في القطاع الفلاحي فشلت، ويجب محاسبة المسؤولين عنها.

وبيّن بووانو، أنه لو تم توزيع الاعتمادات المالية المخصصة للفلاحة وللمواشي على كل أسرة مغربية لتمّ توفير أضحية بمبلغ 3000 درهم (300 دولار)، دون أن نصل إلى الاعتمادات المرصودة، منتقداً عدم اللجوء إلى دعم “الكسّابة” (مربّو الماشية) بشكل مباشر، عوض دعم عدد معروف من المستوردين، ومنهم من لا علاقة له بالفلاحة والماشية، دون أن يكون لذلك أثر سواء على مستوى القطيع، أو على مستوى أثمنة اللحم في السوق الوطنية.

في سياق متصل، يرى الصحافي المغربي مولاي التهامي بهطاط، أن “أسعد الناس في المغرب اليوم في معركة اللحم المرتبط بعيد الأضحى هو رئيس الحكومة، الذي خرج من هذه الكارثة الوطنية غير المسبوقة، كالشعرة من العجين، ولو أنه في الحقيقة لم يخرج، بل تم إخراجه من طرف صحافة المغرب الجديد، ومن طرف جراد المؤثرات والمؤثرين، وكذا من طرف مواقع التواصل الاجتماعي”.

وتطرق إلى الإجراءات الاستثنائية التي اتُّخذت لمحاصرة أسواق المواشي ومنع المواطنين من شراء الأغنام، مع كثير من التهويل، “حتى ليخيل للمرء أنه تم إعلان حالة الاستثناء أو الحصار، وأنه لم يبق إلا توالي صدور البلاغات الأمنية عن ضبط مشتبه به وفي حوزته جزء صغير من الكبش المذبوح. أما المتلبس بحيازة “دوارة” (أي أحشاء الذبيحة) فيحتاج إلى ندوة صحافية لعرض المحجوز”، وفق ما جاء في تدوينة ساخرة للصحافي مولاي التهامي بهطاط.

واعتبر أن “الكوميديا السوداء التي نسجها المدافعون عن حكومة أخنوش تحولت إلى إساءة فعلية لملك البلاد، لأنهم يقولون صراحة إن المغاربة واجهوا الدعوة الملكية بالرفض والتحدي”. وأضاف قائلاً: “لا أدري هل هناك بقية عقل لدى الدولة، بحيث تتكفل جهة ما بتنبيه هؤلاء إلى أن أخبار مداهمة الكراجات ومراقبة الأسطح عبر أجهزة درون، والتي قد تتطور قريباً إلى منزول المدرعات لمحاصرة الأسواق، واعتقال كل من تسول له نفسه أكل اللحم يوم العيد… إلى أن هذه “الحموضة” إنما تسيء إلى المغرب ملكاً وشعباً ودولة.. أما الحكومة، فهي أسعد السعداء”.

واستطرد صاحب التدوينة موضحاً: “لا يجادل أحد في وجاهة الإهابة الملكية، بسبب الإكراهات التي يعرفها الجميع. ولا يتخيل عاقل أن هناك عيد أضحى دون لحم، ولو في الحد الأدنى.. ودعونا من نظريات منظّري الفيسبوك الذين اكتشفوا فجأة أن عبادة تحولت إلى عادة مستحكمة، وإلى بعض “المتكلمين في الدين” – بتعبير وزير الأوقاف – الذي اكتشفوا فجأة أن الصحابة وضمنهم الخلفاء الراشدون، لم يكونوا يضحون، بل لربما صارت الأضحية مجرد طقس جاهلي موروث عن زمن حاتم الطائي.. وبالمقابل، لا يمكن أن ينكر أحد أن مسؤولية السيد عزيز أخنوش ثابتة لا ريب فيها ولا غبار عليها، بحكم أنه المتحكم الوحيد في القطاع الفلاحي منذ حكومة عباس الفاسي”.

وهذه المسؤولية، حسب الصحافي نفسه، كانت تقتضي في الحد الأدنى، المبادرة إلى دعم الإهابة الملكية عملياً على الأرض. “لكن الذي حدث، هو أن الحكومة سكتت، وجلست في موقع المتفرج المستمتع بما ينقله ذباب مواقع التواصل الاجتماعي عن “تحدي جزء من الشعب للقرار الملكي”، وفق ما جاء في التدوينة.

وأكد أنه كان مطلوباً أن تعمل الحكومة على توفير اللحوم بسعر معقول، وأن تقطع الطريق على جشع الوسطاء. ولاحظ، على سبيل الطرافة، أن مكتب مجلس النواب يخوض هذه الأيام “معركة داحس والغبراء” لمجرد السماح بتشكيل لجنة استطلاعية تستطلع أخبار دعم مستوردي البقر والأكباش واللحوم الذين أجمعت مصادر من الحكومة والمعارضة على أنهم حققوا أرباحاً باهظة جراء استفادتهم من الدعم المالي للدولة ومن إعفائهم من رسوم الاستيراد والضرائب، دون أن يعملوا على تخفيض أثمان اللحوم وأضاحي العيد.

وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات وفيديوهات تبرز الحملة التي تقوم بها السلطات من أجل محاصرة بيع الأكباش، لدرجة أن أحد المدونين كتب بالعامية ساخراً، ما مفاده: “إذا أُلقي القبض عليك وأنت تحمل الفاخر (حطب الطهي) أو أسياخ الشواء، فسوف يُطبَّق عليك الفصل 507! وإذا كانت الأسياخ ممتلئة، فسيُعدَّل الدستور من أجلك!” ويشير “الفصل 507” إلى مادة في القانون الجنائي المغربي تنص على أنه “يعاقب على السرقة بالسجن المؤبد إذا كان السارق أو أحدهم حاملاً لسلاح، سواء كان ظاهرًا أو مخفيًا”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس