كيف تفاعل الجزائريون مع  خطاب الملك المغربي

26
كيف تفاعل الجزائريون مع  خطاب الملك المغربي
كيف تفاعل الجزائريون مع  خطاب الملك المغربي

أفريقيا برس – الصحراء الغربية. قوبل خطاب الملك المغربي محمد السادس، الداعي لإقامة علاقات طبيعية مع الجزائر، ببرود في الأوساط الإعلامية والسياسية الجزائرية، التي اعتبرت أن هناك تعارضاً بين الأقوال والأفعال في الطرح المغربي. ومن الجانب الرسمي، يتوقع ألا يصدر أي رد فعل بالنظر إلى سلوك السلطات الجزائرية التي تعودت على تجاهل خطابات الملك المغربي في أوقات أقل توترا من الوضع الحالي.

بعد نحو سنة من قرار قطع العلاقات بين البلدين في آب/أوت 2021، وجّه العاهل المغربي محمد السادس، في خطاب ذكرى اعتلائه العرش، دعوة للرئاسة الجزائرية من أجل إقامة علاقات طبيعية بين البلدين. كما تبرأ الملك من حملات السب التي تطال الجزائريين، قائلا: “إن من يقومون بها، بطريقة غير مسؤولة، يريدون إشعال نار الفتنة بين الشعبين الشقيقين”. وأضاف أن ما يقال عن العلاقات المغربية الجزائرية “غير معقول ويحز في النفس، ونحن لم ولن نسمح لأي أحد، بالإساءة إلى أشقائنا وجيراننا”، مشيرا إلى أن “الشعب المغربي حريص على الخروج من هذا الوضع، وتعزيز التقارب والتواصل والتفاهم بين الشعبين”.

لكن كلام العاهل المغربي، الذي يأتي في سياق مشحون بين البلدين، لم يثر على الجانب الجزائري تفاعلا كبيرا، وذهب البعض إلى التشكيك في نوايا القصر المغربي، خاصة في ظل التقارب غير المسبوق بين المغرب وإسرائيل والتعاون العسكري بينهما، والذي ينظر إليه في الجزائر على أنه استهداف مباشر للبلاد.

وكتبت صحيفة الخبر الجزائرية في هذا الشأن تقول: “ما قاله محمد السادس عن العلاقات مع الجزائر، لم يخرج من منطق خطاباته السابقة، كلام معسول، لكن في الكواليس الضرب تحت الحزام هو السيد”. واعتبرت أن “تصريحات العاهل المغرب في خطابات عيد العرش لم تعد لها أي مصداقية، فغالبا ما تكون مسبوقة أو تلي طعنة في الظهر، لعل أهمها تصريحات وزير الكيان الصهيوني التي هدد فيها الجزائر من الأراضي المغربية”.

وكان من أبرز ما أثار في خطاب الملك المغربي حديثه عن أطراف، لم يسمها، تحاول إشعال نار الفتنة بين الشعبين الشقيقين، في إشارة لما يتم تداوله على مواقع التواصل من سباب وشتائم وتشكيك في التاريخ الجزائري. وعلّق محمد رابح، الصحفي ومدير موقع سبق برس، على هذه النقطة قائلا: “ملك المغرب يعود بعد أشهر من الغياب، ويلقي خطابا يتوود فيه للسلطات الجزائرية، ويشير ضمنيا إلى أطراف في بلاده تسعى للعداء مع الجزائر”. وأضاف متسائلا: “هل خطاب محمد السادس يأتي في إطار مناورات المخزن، أو أنه يعبر عن انقسام في بنية نظام الحكم بالجارة الغربية وتصدع المخزن، خصوصا بعد مرض الملك والغموض الذي يكتنف حالته الصحية؟”.

من جانبه، كتب الصحفي إسماعيل طلاي على فيسبوك، حول قضية الفتنة بين الشعبين، يقول “لا يوجد عاقل يقول إن بين الشعبين الجزائري والمغربي عداوة، ولم أسمع مسؤولا جزائريا أو مواطنا يقول ذلك؛ عدا مشاحنات عابرة تخلفها مباريات في كرة القدم سرعان ما تندثر. بالمقابل؛ هناك خلافات سياسية نعم”.

لكن ما لا يمكن تجاهله في رأي الصحفي أن “وزير خارجية الكيان الصهيوني أساء للجزائر من داخل المملكة المغربية، وبحضور وزير خارجيتها الذي وقف جامدا، وهذا لم يحدث قبلا في تاريخ علاقات البلدين!”. وأضاف طلاي: “بخلاف ذلك: لا أتوقع أن تحل الخلافات السياسية بين البلدين حول قضية الصحراء الغربية عاجلا، لكن دخول الكيان الصهيوني للمنطقة، وعقد اتفاقيات استخباراتية معه يجعل المخاوف والهواجس مشروعة! الخلافات السياسية لا تحل بدغدغة المشاعر، بل بأقوال وأفعال!”.

وفي تعليقه على دعوة الملك المغربي، قال ناصر حمدادوش، مسؤول الإعلام في حركة مجتمع السلم، إنه “يعتقد أن بين تصريحات الملك وأفعاله مسافات من السنوات الضوئية من تحقيق هذا الحلم من العلاقة الطبيعية، والتي لم تعد مرتبطة بالخلاف حول قضية الصحراء الغربية فقط، بل تجاوزها إلى بيع القضية الفلسطينية في مساومة خاسرة بها”.

وذكر حمدادوش، في تصريح ل”القدس العربي”، أن “المغرب قطع أشواطا خطيرة في تفجير وحدة المغرب العربي والتقارب مع الجزائر، خاصة بعد التطبيع مع العدو الصهيوني، والذي تجاوز التطبيع إلى اتفاقيات أمنية وعسكرية استراتيجية معه، ونحن الآن أمام دولة فاقدة للسيادة مع أعدائنا التقليديين (الصهاينة، فرنسا، المعسكر الغربي عموما)، ولذلك ستكون هذه الدعوة كمن نام في النهار واستيقظ في الليل”.

وتابع النائب السابق يقول: “نحن نتمنى أن تتحقق وحدة المغرب العربي ووحدة شمال إفريقيا ضمن إطاره الطبيعي العربي الإسلامي كما نص على ذلك بيان أول نوفمبر، ولكن شعوب المنطقة يدفعون ثمن أخطاء الأنظمة السياسية الفاقدة للسيادة على قراراتها السيادية السياسية والاقتصادية”.

وترى معظم التحليلات أن دعوة الملك المغربي لن يقابلها موقف رسمي جزائري، قياسا إلى عمق الخلافات بين البلدين، والتي وصلت حد قرار البلاد قطع علاقاتها مع جارتها الغربية في آب/أوت الماضي. وسبق للسلطات الجزائرية أن تجاهلت دعوات مماثلة في السابق أطلقها الملك المغربي لفتح الحدود. واعتبرت أن مسألة الحدود لا يمكنها أن تحل إلا في إطار حل كل الخلافات السياسية بين البلدين.

وكان الملك المغربي في خطاب العرش العام الماضي، قد دعا الجزائر أيضا لبناء علاقة ثنائية أساسها الثقة وحسن الجوار”. وقال إن “لديه قناعة بأن الحدود المفتوحة هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين لأن إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي ومبدأ قانوني أصيل تكفله المواثيق الدولية”. وعبّر العاهل المغربي عن أسفه للتوترات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، مؤكدا أن “أمن واستقرار الجزائر وطمأنينة شعبها من أمن واستقرار المغرب”، مطمئنا الجزائريين بأن “الشر والتهديد لن يأتي من المغرب”.

لكن هذا الخطاب كان قد تلا عاصفة دبلوماسية بين البلدين وموجة استياء عارمة في الجزائر بعد تقديم السفير المغربي في الأمم المتحدة عمر هلال مذكرة يدعو فيها لتقرير مصير “شعب القبائل الشجاع”، على حد وصفه، وهو ما جعل خطاب الملك المغربي يبدو متناقضا مع أفعال دبلوماسيته، وفق قراءات الملاحظين الجزائريين.

وبعد 3 أسابيع من ذلك الخطاب، قررت الجزائر قطع علاقاتها مع المغرب، بسبب ما وصفته بالأعمال العدائية التي تقوم بها جارتها المغربية ضدها، والتي من بينها، وفق بيان الرئاسة الجزائري، دعم منظمة انفصالية في منطقة القبائل تصنفها الجزائر على قوائم الإرهاب والتجسس على مسؤولين جزائريين عبر برنامج بيغاوسوس الإسرائيلي والسماح لمسؤول صهيوني بإطلاق تهديدات ضد الجزائر من الأراضي المغربية في سابقة في تاريخ العلاقات العربية العربية، وفق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصحراء الغربية اليوم عبر موقع أفريقيا برس