أفريقيا برس – الصومال. قامت مصر مؤخرا بإرسال قوات عسكرية إلى الصومال في خطوة تُعبر عن استراتيجية جديدة تهدف إلى تأكيد وجودها العسكري في منطقة القرن الأفريقي وتأمين مصالحها الحيوية، خاصة فيما يتعلق بمياه النيل وسد النهضة. وتسعى القاهرة من خلال هذه القوات إلى مواجهة التهديدات المحتملة التي قد تنجم عن أي تحركات إثيوبية عدائية، وتعزيز موقفها في المفاوضات المستقبلية بشأن تقاسم المياه. بالإضافة إلى ذلك، تهدف مصر إلى دعم استقرار المنطقة وتعزيز علاقاتها مع دول الجوار، مما يُعزز من قوتها ونفوذها في الصراع الإقليمي المُعقد.
وفي حوار مع “أفريقيا برس”، أكد الخبير في الشؤون الإفريقية الدكتور بدر الدين خلف الله أن التوتر في العلاقات المصرية الإثيوبية يعود إلى أزمة سد النهضة، حيث ترى مصر أن هذا السد يؤثر سلبًا على حصتها من المياه. وقال إن نشر قوات مصرية في الصومال سيزيد من حالة التوتر، حيث اعتبرت إثيوبيا هذه الخطوة تهديدًا لأمنها. وأضاف أن إثيوبيا ستتجه نحو الاستعداد العسكري والتحركات الدبلوماسية لمواجهة الوجود العسكري المصري. وشدد على أن هذه التوترات ستلقي بظلالها على منطقة شرق أفريقيا، مما يزيد من احتقان الوضع الأمني ويعقد الأزمات القائمة، رغم الجهود التركية لجمع الأطراف على طاولة التفاوض.
كيف تؤثر أزمة سد النهضة على العلاقات المصرية الإثيوبية والتوترات الحالية بين البلدين؟
أعتقد أن التوتر في العلاقات المصرية الإثيوبية يعود إلى بداية أزمة سد النهضة الإثيوبي، حيث شهدت العلاقات بين البلدين توتراً كبيراً لفترة طويلة. ترى مصر أن سد النهضة يلقي بظلاله السلبية على حصتها من المياه، مما يؤدي إلى كوارث طبيعية. في هذا السياق، استمرت القاهرة مع السودان في عقد مباحثات، بجانب توضيح موقفها الدولي للأسرة الدولية والتنديد القاطع لما تقوم به إثيوبيا.
أعتقد أن التطور الحالي، المتمثل في نشر قوات مصرية عسكرية في دولة الصومال، سيزيد بلا شك من حالة التوتر بين الدولتين. وقد رأينا ردود الفعل الكبيرة من إثيوبيا، التي رفضت نشر هذه القوات، معتبرةً إياها تهديداً واضحاً لأمنها، واعتبرت أن الخطوة المصرية موجهة بشكل أساسي ضدها. هذه التطورات تحمل أبعاداً خطيرة، خاصةً أن إثيوبيا بدأت تتحرك عسكرياً نحو حدودها مع الصومال، مما ينذر بشن حرب أو صراع بين الدولتين.
ما هي المخاوف الإثيوبية بشأن نشر القوات المصرية في الصومال، وكيف ردت الحكومة المصرية على هذه المخاوف؟
تمتلك إثيوبيا مخاوف حقيقية لاعتبارات عدة، منها أن الحشود العسكرية المصرية الكبيرة التي وصلت، والتي تُعلن القاهرة أنها تأتي في إطار قوات حفظ السلام، تُعتبر قوات كبيرة جداً. وتعتقد إثيوبيا أن هذه القوات يمكن أن تُستخدم ضدها، مما يزيد من مخاوفها. على الرغم من ذلك، أكد وزير الخارجية المصري في تصريح صحفي أن القوات المصرية التي نُشرت في العاصمة الصومالية مقديشو تهدف إلى المشاركة في قوة حفظ السلام، مُقللاً من المخاوف الإثيوبية، لكن أعتقد أن تصريح الوزير المصري يسعى إلى تقليل حدة التوتر بين الدولتين بشأن نشر القوات المصرية في الصومال.
ما هي الخطوات المتوقعة من إثيوبيا لمواجهة الوجود العسكري المصري في الصومال، وكيف يمكن أن تؤثر هذه الخطوات على الأمن الإقليمي؟
الخطوات التي من المتوقع أن تلجأ إليها أديس أبابا أصبحت واضحة منذ أن بدأت مصر بنشر قواتها في الصومال. فقد رفضت إثيوبيا هذه الخطوة واعتبرتها تهديداً لأمنها. أعتقد أن إثيوبيا ستتجه نحو الاستعداد العسكري، حيث قامت سابقاً بتحركات عسكرية نحو الحدود الصومالية. بالإضافة إلى ذلك، ستقوم إثيوبيا بتحركات دبلوماسية لشرح الأزمة والتهديد المصري لاستقرارها. كما أعتقد أن إثيوبيا ستستكشف كافة الخيارات المتاحة، سواء كانت عسكرية أو دبلوماسية، أو من خلال بناء تحالفات جديدة تستطيع من خلالها مواجهة الوجود العسكري المصري في الصومال.
كيف يمكن أن تؤثر التوترات بين مصر وإثيوبيا على الدول المجاورة، وما هو دور تركيا في محاولة حل الأزمة؟
أعتقد أن التوترات بين مصر وإثيوبيا ستشعل تأثيرات كبيرة في الدول المجاورة الداعمة لأرض الصومال وأيضًا دولة الصومال. سيؤدي ذلك إلى استقطاب حاد بين الصومال وأرض الصومال، مما قد يؤثر بشكل كبير على منطقة شرق أفريقيا والدول المتحالفة فيها. ورغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها تركيا لجمع الصومال وإثيوبيا على طاولة التفاوض لحل الأزمة بشكل جذري، فإن الأوضاع الحالية قد تعقد هذه الجهود.
ما هي التبعات المحتملة للتوترات بين الصومال وإثيوبيا على الأمن والاستقرار في منطقة شرق أفريقيا بشكل عام؟
التوترات بين الصومال وإثيوبيا ستلقي بظلالها السلبية على منطقة شرق أفريقيا بأكملها، التي شهدت لفترة طويلة حروبًا أهلية وصراعات في معظم المناطق. أعتقد أن هذا التوتر سيزيد من احتقان المنطقة أمنيًا وعسكريًا، مما سيؤثر بشكل كبير على أمن هذه الدول الهشة. إن الوضع المتفجر قد يهدد الاستقرار ويزيد من تعقيد الأزمات القائمة في المنطقة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال عبر موقع أفريقيا برس