الصومال..كيف تفكر واشنطن في مكافحة الإرهاب

52

بقلم : الهضيبي يس

أفريقيا برسالصومال. أعلنت وزارة الخارجية الأميركية إضافة قياديين بارزين من عناصر حركة الشباب على قائمة الإرهاب وهما “علي محمد راغي” و “عبد القادر محمد عبد القادر”. وأشارت الخارجية الأمريكية في بيان، إلى أنها أدرجت أيضا ثلاثة من كبار قادة تنظيم القاعدة وداعش إلى قائمتها الخاصة بالإرهاب العالمي، مما يقضي بالضرورة حجب أي ممتلكات أو مصالح لهم في الولايات المتحدة.

الخط الأمريكي

تتخذ سياسات مكافحة الإرهاب في الصومال أبعادًا خاصة، تعود إلى طبيعة التطورات التي تشهدها الدولة الصومالية منذ أكثر من عقدين من الزمان، وما يرتبط بها من تزايد تدخلات القوى الخارجية في الشأن الصومالي، وكذلك ما نتج عنها من بروز حركة شباب المجاهدين التي تمثل الجماعة المسلحة الرئيسية في الصومال وتحمل تهديدات إلى دول إقليم شرق أفريقيا بأكمله، وتسعى لاستغلال كافة عوامل الضعف التي تعاني منه الدولة الصومالية في فرض سيطرتها على أكبر مساحة ممكنة من الأرض، خاصة بعد انضمامها إلى تنظيم القاعدة في فبراير عام 2012.

استراتيجية مسبقة

وتقوم الإستراتيجية الأمريكية في الصومال على نشر عدد صغير من قوات العمليات الخاصة بهدف تنفيذ الضربات الموجهة، وتوفير المعلومات الإستخباراتية، وبناء قدرات قوات الشركاء المحليين لتنفيذ العمليات البرية من خلال دعم الجيش الصومالي وبعثة الإتحاد الأفريقي وقوات العشائر التي تشارك في عمليات مكافحة الإرهاب.

وبدأت الغارات الأمريكية في الصومال في العام 2011، حيث اتسمت بالمحدودية والسرية وقتها وقدم عدد من جنود العمليات الخاصة الإستشارة للقوات الصومالية خلال العام 2013؛ وظل عمل القوات الأمريكية مقصورا على مقديشو وقاعدة بيلدوغول الجوية جنوب الصومال، وقد بلغ عدد ضباط العمليات الخاصة 100 ضابطا تقريبا، وظلت مهمتهم استخباراتية بالأساس بجانب غارات مكافحة الإرهاب.

إدارة بايدن

يرجح مراقبون سياسيون مُضي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في تطبيق استراتيجية التقليص والمعاملة الديمقراطية بفرض مزيد من العقوبات على الجماعات الإرهابية في القارة الأفريقية والتي من بينها حركة الشباب الصومالية وذلك لعدة أسباب منها تحديات اقتصادية بفعل التداعيات المرتبطة بأزمة وباء كورونا، إذ سجلت الموازنة الفيدرالية في الولايات المتحدة، على خلفية هذه الأزمة، عجزاً قياسياً بلغ 3.1 تريليون دولار في نهاية العام المالي 2020-2021. وعقب ذلك صدور توجهات من إدارة بايدن بتخفيض النفقات الدفاعية والعمل على تقليص حجم قوات مكافحة الإرهاب وليس سحبها بالكامل، وهو ما يعني احتمالية توجيه بعضها إلى مناطق أخرى.

يوسف جراد، كاتب صحفي

يقول الكاتب الصحفي يوسف جراد في حديث لموقع ” أفريقيا برس “، أن خطوات الحكومة الأمريكية إزاء مكافحة الارهاب سوف تختلف كثيراً عن نهج إدارة سلفه الجمهوري دولاند ترامب وهو ما يرجح فرضية سيناريو استمرار إدارة بايدن في المضي قُدُماً في اتباع نفس النهج. مع التزام إدارة بايدن بوجود عسكري محدود، وبتعزيز التحالفات حول العالم. ما يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تتجه الى إنتهاج مسلك جديد على مستوى إدارة ملف الارهاب في القارة الافريقية بان تكون أكثر انفتاحاً على العمل مع المنظمات الأفريقية والدولية، والتعاون مع الدول الحليفة والصديقة في جهود مكافحة الإرهاب، وهي بيئة ملائمة لتعزيز الشراكات الأمنية.

ويصف جراد قرار سحب القوات الأمريكية من الصومال من أشد القرارات التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه الصومال، وهو ما وصف بتقويض لجهود استقرار البلاد وقد يغذي من قوة حركة الشباب وبعض فلول تنظيم داعش المتخفية في جبال شمال شرقي البلاد.

تفويض عسكري

في أواخر العام 2016 أعلنت إدارة أوباما أنها أعادت تفسير التفويض الممنوح لها في العام 2001 لاستخدام قواتها العسكرية ضد تنظيم القاعدة ليضم حركة الشباب، لكن هذه الخطوة لم تمنع حركة الشباب من توسيع أهدافها وتحسين وسائل متابعتها، فقد حاولت الحركة في فبراير 2016 إسقاط طائرة في مطار مقديشيو الدولي.

وزادت الولايات المتحدة من عملياتها ضد الحركة ردا على ذلك، حيث اتجهت إلى استهداف عناصر الحركة في المستويات الوسطى والدنيا؛ فقامت القوات الأمريكية بغارة على معسكر تدريب تابع لحركة الشباب على بعد 120 ميل شمال مقديشيو في مارس 2016، أسفرت وقتها عن مقتل ما يقرب 150 مقاتلا.

وقد تمكنت الولايات المتحدة في تصفية واعتقال عدد من قيادات جماعة الشباب؛ فنجحت القوات الأمريكية في القبض على “علي سليمان عبدالله” من داخل إحدى المستشفيات في عام 2003، وقتل “آدم حاشي فارح عيرو”  في العام 2008 وهو زعيم وعضو مؤسس لحركة الشباب، وقتل “صالح علي صالح نبهان”، المتهم بالمشاركة في الهجوم على فندق براديس الإسرائيلي في مومباسا ومحاولة إسقاط طائرة إسرائيلية في عام 2002، وذلك أثناء تنفيذ غارة تابعة لسلاح البحرية الأمريكية في سبتمبر 2009. كما حاولت البحرية الأمريكية القبض على “عبد القادر محمد عبد القادر” خلال هجوم برمائي على مدينة باراوي الساحلية في أكتوبرمن العام 2013.

نظرة أمنية

وينوه المراقب للشؤون الامنية الصومالية محمود عمر في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن الولايات المتحدة الأمريكية تولي أهمية كبيرة لأمن منطقة القرن الأفريقي بما فيها الصومال. وأن الإدارة الحالية تدرك ذلك، لأن الوحدات الأمريكية كانت تدعم القوات المشتركة بمعلومات استخباراتية إلى جانب الغارات الجوية، موضحا أن غياب دور الوحدات الأمريكية على الأرض، ربما يؤثر على العمليات العسكرية ضد مقاتلي حركة الشباب، معربا عن أمله بأن تقوم الإدارة الحالية بتعزيز عملياتها ضد حركة الشباب.

اخفاقات واشنطن

محمد علي فزاري، محلل سياسي ومراقب لشؤون القرن الأفريقي

ويقول المراقب لشؤون القرن الأفريقي محمد علي فزاري في حديث لموقع “أفريقيا برس”، من الملاحظ تراجع دور الإدارة الأمريكية في شأن مكافحة الارهاب على مستوى دول القرن الأفريقي ودول الساحل. ويرجع محمد فشل السياسة الأمريكية في ملف مكافحة الارهاب لاسيما في دول مثل الصومال، أفغانستان، العراق، ليبيا، مالي وغيرها من الدول الى عدم معرفتها بالطبيعة الإقتصادية والتركيبة الاجتماعية لهذه الدول.

وأكثر مراحل الاخفاقات التي صاحبت الأدوار الأمريكية إبان حقبة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وحتى الان مع الرئيس جو بايدن الذي قلص حجم وجود القوات الأمريكية في عدة دول تعيش أوضاع متأزمة.

وشهدت حقبة حكم الديمقراطيين في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاع العمليات الإرهابية باستخدام الخطاب السياسي الذي يسخر قضايا مكافحة الارهاب بغرض كسب أرضية جديدة في دول تتمتع بقدر كبير من الموارد، وخير شاهد مهام قوات “أفريكوم”، في شرق وغرب أفريقيا وما تم تحقيقه منذ العام 2012.

هكذا هي النظرة السائدة عند العديد من المجموعات وقادة المؤسسات الأفريقية، بأن الولايات المتحدة الأمريكية بما فيها ادارة الرئيس جو بايدن، بات ملف مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية ليس من أولوياتها خاصة مع الانتشار الواسع والمشكوك لفيروس كورونا في العالم والقارة الأفريقية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here