العلاقات الصومالية التركية.. أبعاد ومآلات اتفاقية التعاون الدفاعي على منطقة البحر الأحمر

32
العلاقات الصومالية التركية.. أبعاد ومآلات اتفاقية التعاون الدفاعي على منطقة البحر الأحمر
العلاقات الصومالية التركية.. أبعاد ومآلات اتفاقية التعاون الدفاعي على منطقة البحر الأحمر

الهضيبي يس

أفريقيا برس – الصومال. وصل إلى العاصمة الصومالية مقديشو، وفد رفيع المستوى من تركيا يضم قادة القوات البحرية والبرية ومسؤولين من وزارة الدفاع التركية. وتعد الزيارة جزء رئيسيا من الجهود المستمرة لتنفيذ الاتفاقية الدفاعية والاقتصادية الأخيرة بين الصومال وتركيا التي تهدف إلى تعزيز تطوير وتجهيز القوات العسكرية الصومالية، الأمر الذي يعتبر حسب مراقبين خطوة حاسمة لأمن البلاد وسيادتها.

وكانت الدولتان قد وقعتا اتفاقا عسكريا للتعاون المشترك بحلول شهر مارس من العام 2024، حيث يتوقع أن يلعب الاتفاق دورا مهما خلال الفترة القادمة في تأمين المياه الإقليمية الصومالية بمنطقة البحر الأحمر وخليج عدن.

وهناك عاملان أساسيان دفعا الصومال اللجوء إلى توقيع اتفاق الدفاعات مع تركيا؛ الأول تزايد المخاوف الصومالية ما بعد توقيع الاتفاق الذي جرى ما بين إثيوبيا، وإقليم أرض الصومال الذي بموجبه منحت حكومة الإقليم جزء من إدارة ميناء بربرة لإثيوبيا، فضلا عن إقامة قاعدة عسكرية في مقابل اعتراف إثيوبيا بنتيجة الاستفتاء الذي منح أرض الصومال حق الانفصال، وثانيا؛ تزايد العمليات الإرهابية التي باتت تستهدف منطقة البحر الأحمر من قبل القراصنة والجماعات المتطرفة مما يشكل خطرا جديدا على دول تحالف البحر الأحمر، وممرات التجارة الدولية.

ويتوقع أن يسهم الاتفاق في تخفيف المخاوف الصومالية وتأمينها بشكل أكبر في الفترة المقبلة، من رفع مستوى القدرات العسكرية لدى الحكومة الصومالية نتيجة لتلقي دورات تدريبية ستقوم بها البحرية التركية لعناصر البحرية الصومالية، وتنص الاتفاقية على التعاون الدفاعي والاقتصادي مع الصومال لمدة 10 سنوات، بالإضافة إلى تخطيط وتنفيذ العمليات الجوية والبرية والبحرية المشتركة، في حال الحاجة للدفاع فيما يتعلق باستخدام هذه الموارد من بناء السفن وإنشاء الموانئ والمرافق وتشغيلها، واتخاذ الترتيبات القانونية اللازمة لذلك، وتوحيد قوانين الملاحة البحرية بين البلدين. واتخاذ تدابير أحادية ومشتركة لمكافحة جميع أنواع التهديدات في المناطق البحرية الخاضعة للسيادة، مثل “الإرهاب” والقرصنة والنهب والصيد غير القانوني والتهريب، من بناء منشآت أحادية ومشتركة وإقامة مناطق أمنية، ناهيك عن تقديم الدعم التدريبي والتقني والمعداتي للجيش الصومالي، وإنشاء وإدارة منشآت أمنية ساحلية حيث ستتحصل الشركات التي ستعمل في جميع هذه المجالات على الموافقة من تركيا، وسيتم فتح المجال الجوي الصومالي ومناطقها الأمنية بالكامل أمام أنقرة وبعد الاتفاق الإطاري سيتم توضيح التفاصيل من خلال بروتوكولات فرعية.

وبموجب الاتفاقية، ستعمل تركيا على حماية ما يقارب 3 آلاف كيلومتر من ساحل الصومال، من كينيا إلى جيبوتي، بواسطة سفن حربية وجنود أتراك، ولم يتضح بعد إن كانت ستتم هذه الحماية في خليج عدن ومنطقة أرض الصومال، حيث سيتم تحديد الوضع بدقة إثر توقيع البروتوكولات الفرعية بعد الاتفاقية الإطارية خاصة وان الطلب جاء من حكومة الصومال، وأعطى الرئيس رجب طيب أردوغان شخصيًا توجيهات بإعداد الاتفاقية، حيث أصدرها لوزارتي الدفاع والخارجية بضرورة توقيع اتفاقية عاجلة للتعاون الدفاعي والاقتصادي مع الصومال والمنطقة، لتجنب حدوث حالة فوضى وتدهور الوضع الحالي، وقد اُعِدّت الاتفاقية في غضون 10 أيام وتم توقيعها بعد ذلك”. ما يشير إلى وجود مستجدات هامة جدًا في منطقة القرن الأفريقي، مع احتدام التوتر بشكل واضح، ويرى الكثير من الخبراء والصحفيين والدبلوماسيين أن التوقيع المفاجئ على هذه الاتفاقية التي تحمل الطابع العسكري بين تركيا والصومال أمرا مهم للغاية لانقرة.

ويؤكد الباحث في الشؤون الصومالية عبدو عيدي لموقع “أفريقيا برس”؛ أن الصومال أضحت المدخل الرئيسي لتركيا نحو منطقة شرق أفريقيا، فهي تظل تنظر إلى “الصومال” بعين استراتيجية المصالح المشتركة أكثر من أي شيء آخر.

ويضيف عيدي بأن قضية البحر الأحمر باتت إحدى القضايا التي تشغل العالم وتهدد مصالحه ما يتطلب التحرك نحوها بشكل كبير، بينما موقعها “الجيوسياسي، والجغرافي” يحتم عليها هي الأخرى إقامة تحالفات تكفل لها الحماية. سيما وان تركيا تعتبر من الدول المتقدمة التي تمتلك قدرات عسكرية، واقتصادية كبيرة باستطاعتها إنفاذ ما تم الاتفاق علية مع “الصومال”.

ويذهب الكاتب الصحفي مسعود جادالله في تصريح لموقع” أفريقيا برس” إلى أن تطورات العلاقة ما بين مقديشو، واديس أبابا وازدياد حجم الاحتقان والحرب الباردة مؤخرا بينهما هو ما دفع الصومال لتوقيع اتفاقها مع تركيا.

وأشار مسعود إلى ان الصومال أيضا تعتبر ما تقوم به إثيوبيا ليس الهدف منه تحقيق اي مصالح داخلية لنفسها، فإن كانت ترغب في ذلك كان عليها إنفاذ الاتفاق الذي أبرم قبل أعوام بإنشاء 4 موانئ رئيسية ما بين الدولتين وهو بمثابة صفقة اقتصادية.

وزاد مسعود “هناك اعتقاد سائد عند الصوماليين سواء كان المسؤول الحكومي، أو السياسيين والإعلاميين والقادة العسكريين بأن إثيوبيا ترغب في لعب دور لجهات أخرى قد تشكل مزيدا من المخاطر على الأمن القومي الصومالي داخلياً وخارجياً، لهذا فقد لجأت إلى حليفتها تركيا لتأمين وتعزيز مواقفها سياسيا وعسكريا”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here