خبير لـ”أفريقيا برس”: تصاعد مخاوف الإدارة الأمريكية في أفريقيا يدفعها للتقارب مع الصومال

20
خبير: تصاعد مخاوف الإدارة الأمريكية في إفريقيا يدفعها للتقارب مع الصومال
خبير: تصاعد مخاوف الإدارة الأمريكية في إفريقيا يدفعها للتقارب مع الصومال

الهضيبي يس

أفريقيا برس – الصومال. أعلنت الإدارة الأمريكية تخليها عن مبلغ يتجاوز مليار دولار من قيمة الديون المستحقة على الصومال، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين، ودعم مسار التنمية للشعب الصومالي، وفقاً لتصريحات الإدارة الأمريكية.

ومع ذلك، هناك قراءة أخرى لهذه الخطوة، حيث تزامنت مع دخول الصومال المرحلة الثالثة من تنفيذ استراتيجية مكافحة الإرهاب، وتوقيع اتفاقيات للدفاع المشترك مع دول مثل الصين وتركيا. أثارت هذه التطورات مخاوف أمريكية من تمدد نفوذ بعض الدول في المنطقة، التي تُعتبر حيوية للمصالح الأمريكية.

حول هذه القضايا والتساؤلات، أجرى موقع “أفريقيا برس” مقابلة مع الباحث والخبير في شؤون القرن الأفريقي، محمد محي الدين، لتسليط الضوء على الدوافع والتداعيات المحتملة لهذه الخطوة الأمريكية.

كيف تقرأ خطوة إلغاء مبلغ مليار دولار من الديون الأمريكية على الصومال؟

بالتأكيد، إعفاء الصومال من ديون بقيمة مليار دولار يعد خطوة إيجابية للغاية، تسهم في مساعدة دولة عانت لسنوات طويلة من ويلات الحرب.

هذه الخطوة من المتوقع أن تدعم جهود الحكومة الصومالية في تنفيذ مهامها الأساسية، أبرزها إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتطوير البنية التحتية، بالإضافة إلى تعزيز قدرتها على مكافحة الإرهاب.

الصومال، بموقعه الجغرافي المتميز، أصبح محط أنظار العالم، حيث يلعب دوراً محورياً في حماية ممرات التجارة العالمية وأداء أدوار استراتيجية أخرى.

هل للخطوة أي تداعيات وتأثيرات؟

بالتأكيد، خطوة إلغاء الدين عن الصومال لها تداعيات على عدة مستويات، سواء على المنطقة ككل أو على مستقبل العلاقات الأمريكية-الصومالية. فالصومال باتت الآن دولة ذات أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة من الناحية الجيوسياسية، ما يعكس استشعار الإدارة الأمريكية لوجود خطر محدق بهذه المنطقة.

ويبدو أن واشنطن تسعى للحد من هذا الخطر، خاصة في ظل المشاريع التوسعية التي تقودها دول مثل تركيا والإمارات في المنطقة، التي تُعتبر جزءًا من المجال الحيوي للولايات المتحدة.

إضافة إلى ذلك، تهدف الولايات المتحدة إلى الحد من أنشطة الجماعات الإرهابية ومكافحة القرصنة، التي باتت تشكل تهديداً كبيراً لحركة الملاحة الدولية. ولتحقيق هذه الأهداف، لن يكون بمقدورها تنفيذ هذه الخطط إلا من خلال تطبيع وتعزيز العلاقات مع الصومال.

ما هي طبيعة السياسة الأمريكية التي قد تلجأ إليها في التعامل مع الصومال؟

تتسم استراتيجية الإدارة الأمريكية بالثبات من حيث المبادئ الأساسية، مع تغييرات في طبيعة السياسات التي تُنفذها على الأرض بناءً على الظروف. غالباً ما تعتمد واشنطن على خيار تطبيق سياسة “كفكفة الأذى”، والتي تهدف إلى تنفيذ عمليات سياسية أو عسكرية مع تقليل الخسائر إلى الحد الأدنى. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الإدارة إلى تقديم المساعدات للدول الأقل نمواً، حيث تعتبرها مدخلاً لإقامة علاقات تصالحية وتعزيز التعاون.

من جهة أخرى، تُطبق الولايات المتحدة أحياناً سياسة “العصا والجزرة”، والتي تقوم على تقديم المساعدات مقابل تنفيذ سياسات تخدم مصالحها. يُلاحظ أن هذا الأسلوب يُستخدم حالياً مع معظم دول منطقة القرن الإفريقي.

ومع ذلك، خلال السنوات الأخيرة، بدأت الإدارة الأمريكية بتغيير استراتيجيتها تجاه بعض الدول الإفريقية، بما في ذلك الصومال، وذلك في محاولة لحماية مصالحها المتزايدة التي أصبحت تواجه تهديدات ملحوظة على الصعيدين الاقتصادي والجيوسياسي.

ماذا عن المخاوف الأمريكية في أفريقيا والصومال على وجه التحديد؟

تتزايد المخاوف الأمريكية في إفريقيا، وخاصة في الصومال، نتيجة لعدة عوامل تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة. أحد أبرز هذه المخاوف هو ارتفاع مستوى التهديدات الأمنية على حركة الملاحة الدولية، حيث أصبحت مجموعات مثل القراصنة الصوماليين والحوثيين تمثل خطراً كبيراً على المصالح الغربية في باب المندب والبحر الأحمر، وهما ممران حيويان للتجارة العالمية.

إلى جانب ذلك، تشكل الموانئ الصومالية مصدر قلق كبير للولايات المتحدة، حيث أصبحت محط اهتمام وتمدد لدول مثل تركيا، إيران، الصين، وروسيا. هذه الدول تسعى لتعزيز نفوذها في منطقة القرن الإفريقي، وهو ما تعتبره الإدارة الأمريكية تهديداً مباشراً لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

لذلك، تبدو التحركات الأمريكية في الصومال جزءاً من مساعيها للحد من هذه التهديدات وحماية نفوذها في منطقة تعد واحدة من أكثر المناطق حيوية على الصعيد الجيوسياسي.

ما هي أبرز مساعي الإدارة الأمريكية في الصومال؟

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحقيق تقارب أكبر مع الصومال، مستندة إلى هدف رئيسي يتمثل في مكافحة الإرهاب. وقد صنفت واشنطن مؤخرًا حركة “الشباب” كجماعة إرهابية، نظرًا لارتباطها ببقايا عناصر تنظيم القاعدة في إفريقيا.

ولتحقيق هذا الهدف، قدمت الإدارة الأمريكية حوافز اقتصادية وعسكرية للحكومة الصومالية لدعم جهودها في تنفيذ استراتيجية “مقديشو” لمكافحة الإرهاب والتصدي لأنشطة حركة الشباب. علاوة على ذلك، وسعت الولايات المتحدة دعمها لدول منطقة شرق إفريقيا، مما يشير إلى رغبتها في إقامة تحالفات استراتيجية تستند إلى المصالح المشتركة مع هذه الدول، في إطار جهودها لتعزيز نفوذها الأمني في المنطقة.

ما هي استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة القرن الأفريقي؟

تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية خطة استراتيجية واضحة لمكافحة الإرهاب في منطقة القرن الإفريقي، مع التركيز على التصدي لجماعات مثل حركة الشباب. إلى جانب ذلك، تسعى واشنطن إلى الحد من مشاريع منافسيها، مثل الصين وروسيا، في منطقة البحر الأحمر، التي تُعتبر ذات أهمية استراتيجية لمصالحها الاقتصادية والجيوسياسية.

في هذا السياق، تعمل الإدارة الأمريكية على تحسين علاقاتها مع الصومال، من خلال اتباع نهج يقوم على الترغيب وفتح صفحة جديدة من التعاون. تأتي هذه الخطوات في ظل جملة من التطورات التي بدأت تشكل تهديداً مباشراً لنفوذها في المنطقة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، مع ازدياد المنافسة الدولية على السيطرة على منطقة البحر الأحمر وممرات الملاحة الدولية.

تهدف هذه الاستراتيجية إلى ضمان بقاء الولايات المتحدة لاعباً رئيسياً في منطقة تُعد حيوية لمصالحها في ظل التنافس المتزايد مع قوى عالمية أخرى.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الصومال عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here