العقوبات الأمريكية على حميدتي: تأثيرها وجدواها السياسية

57
العقوبات الأمريكية على حميدتي: تأثيرها وجدواها السياسية
العقوبات الأمريكية على حميدتي: تأثيرها وجدواها السياسية

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في تحول مفاجئ، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى سبع شركات إماراتية تمد هذه القوات بالسلاح.

وقد فُرضت العقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098، الذي يعاقب “أشخاصًا معينين يزعزعون استقرار السودان ويقوضون هدف الانتقال الديمقراطي”.

وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، فإنه ومنذ ما يقرب من عامين، “انخرطت قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي في صراع مسلح وحشي مع القوات المسلحة السودانية للسيطرة على السودان، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف، وتشريد 12 مليون سوداني، وإحداث مجاعة واسعة النطاق”.

وأوضحت الخارجية أن قيادة حميدتي انخرطت في “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجنسي على نطاق واسع وإعدام المدنيين العزل والمقاتلين الأسرى”.

وتضيف الخارجية الأمريكية أن قوات الدعم السريع تعمدت حرمان الشعب السوداني من الإغاثة الإنسانية، مشيرة إلى أنها تستخدم ذلك كسلاح حرب في وجه المدنيين.

كما تضمنت العقوبات شركة “كابيتال تاب”، التي تتخذ من الإمارات مقرًا لها، متهمةً إياها بتقديم الأموال والمعدات العسكرية لقوات الدعم السريع، تحت قيادة المواطن السوداني أبو ذر عبد النبي حبيب الله أحمد (أبو ذر).

شعارات براقة

وقلّل المحلل السياسي، مجدي عبد القيوم “كنب”، من جدوى العقوبات الأمريكية على حميدتي، مشيرًا إلى أنها شعارات أمريكية براقة ولا تخرج عن السياق البراغماتي الذي تنتهجه أمريكا.

وقال مجدي لموقع “أفريقيا برس” إن العقوبات سلاح تستخدمه أمريكا لتحقيق أغراض سياسية أكثر من غيرها، وبالتالي فإن تطبيقها على أرض الواقع مرتبط بمواقف معينة.

وتابع قائلاً: “العقوبات على حميدتي لا تخرج عن هذا السياق، وتجربة أمريكا مع الجولاني لا تعطي لهذه العقوبات أي مصداقية، وإن تضمنت في الحالة السودانية جزئية أخرى متصلة بعدد من الشركات المملوكة للدعم السريع والمسجلة في الإمارات، باعتبار أن عوائدها تُستخدم في تمويل الحرب، ولعل هذه هي الأكثر تأثيرًا في القرار الأمريكي، أكثر من العقوبات الشخصية”.

ويرى مجدي أن قرار العقوبات تأخر كثيرًا، ولم تكن أمريكا بحاجة إلى كل هذا الوقت لاتخاذ مثل هذا القرار. وأضاف: “لا يعدو القرار أن يكون جزءًا من المنهج البراغماتي الذي تنتهجه أمريكا في سياستها الخارجية. فهي دولة تتعاطى السياسة بعيدًا عن المصداقية وترتكز على دعاوى زائفة وشعارات براقة لا أكثر، وهي التي تقف وراء كل الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية على مستوى العالم”.

قرار متأخر

عضو مبادرة القضارف للخلاص، جعفر خضر، لديه رؤية مغايرة عن “كنب”، إذ يرى في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن تسمية أمريكا لجرائم حميدتي بالإبادة الجماعية من شأنه أن يفتح المجال أمام المنظمات الدولية والغربية لانتهاج ذات النهج الأمريكي وفرض العقوبات.

وقال جعفر: “لأول مرة في هذه الحرب، جهة غربية تتهم الدعم السريع بارتكاب جريمة (الإبادة الجماعية). ولا شك أن تسمية الإدارة الأمريكية لجرائم الجنجويد بالإبادة الجماعية سيفتح المجال للمنظمات الدولية والدول الغربية الأخرى لتأكيد ذات الاتهام”.

وأضاف: “إن الهزائم الدبلوماسية التي مُنيت بها مليشيا الدعم السريع كان أحد أسبابها تحول ميزان القوى على أرض المعركة لصالح الجيش، بجانب أن الجرائم الكبرى التي ارتكبتها المليشيا تضع كل من يدافع عنها في معضلة أخلاقية لا يمكن تجميلها”.

ويرى جعفر أن ارتفاع سقف العقوبات الأمريكية ليطال قائد المليشيا محمد حمدان دقلو نفسه، بجانب الشركات التابعة لمليشيا الدعم السريع، تأخر كثيرًا، مما يُظهر أن موقف الإدارة الأمريكية ليس مبدئيًا. كما قال جعفر إن الإدارة الأمريكية طعنت في الظل وتركت الفيل، إذ إن مليشيا الدعم السريع تعمل لصالح دولة الإمارات، التي لا تزال الولايات المتحدة تتجنب توجيه اتهامات واضحة لها بسبب المصالح الاقتصادية، فقد باعت الولايات المتحدة للإمارات أسلحة بأكثر من مليار دولار في الأيام الفائتة.

ويبدو أن الإدارة الأمريكية، بحسب جعفر، أضحت ترى أن مصلحتها غير المشروعة لن تتحقق عبر مليشيا الدعم السريع، وأن هذا الموقف هو بداية التحول للاستثمار في قيادة الجيش بدلًا من المليشيا، مما يؤدي إلى استبعاد روسيا التي لها مطامع في السودان وترغب في إنشاء قاعدة عسكرية لها في البحر الأحمر.

وقال جعفر إن التحول في الموقف الأمريكي يمكن أن يمثل عاملًا مساعدًا لهزيمة المليشيا الإماراتية، مستدركًا: “ولكن يظل العامل الرئيسي هو توحد الجبهة الداخلية، شعبًا وجيشًا، لهزيمة مليشيا الدعم السريع وحلها تمامًا، تحقيقًا جزئيًا لشعار ثورة ديسمبر التي قالت: (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل)”.

قرار صائب

بينما يرى المحلل السياسي عبدالباقي عبدالمنعم أن العقوبات الأمريكية من شأنها أن تؤثر على تحركات قوات الدعم السريع وتضعف قوتها، نظرًا لأنها ستفقد الإمداد الخارجي، خصوصًا من الدول الأقرب للإدارة الأمريكية.

وأكد عبدالمنعم في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن القرار الأمريكي يُعد انتصارًا لكل السودانيين الذين قُتلوا وشُرّدوا، ويعني أن العدالة والقصاص قد أصبحا قريبين.

ودعا عبدالمنعم المنظمات الحقوقية والدولية إلى اتخاذ قرارات مشابهة، مؤكدًا أن القرار الأمريكي مهم وصائب، لكنه تأخر كثيرًا.

وأضاف أن القرار يظهر بوضوح أن أمريكا تقف مع الشعب السوداني ومع شعارات الحرية والكرامة والإنسانية، داعيًا الإدارة الأمريكية إلى إصدار المزيد من القرارات بحق الدول التي يعتقد أنها متورطة في انتهاكات الدعم السريع عبر تقديم المساعدة والمساندة له.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here