ماذا تعني الخطة “ب” لدى حميدتي؟

49
ماذا يعني حميدتي بالخطة
ماذا يعني حميدتي بالخطة "ب" ؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. يبدو أن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان حميدتي، يسعى لتحقيق أهداف أكبر من مجرد المواجهة العسكرية الحالية. فقد طالب قواته بالتوجه فوراً إلى الوحدات العسكرية، وأعلن في خطاب ناري عزمه على حشد مليون جندي لمواصلة القتال. كما أشار إلى ما أسماه الخطة “ب”، دون الكشف عن تفاصيل دقيقة لهذه الخطة.

حديث حميدتي، عن الخطة “ب” يلمح إلى استراتيجية بديلة قد تكون قائمة على تكتيكات غير تقليدية أو تحالفات خارجية أو حتى إعادة تنظيم قواته، لكن تظل التفاصيل غير واضحة. كما أن الإعلان عن حشد مليون جندي قد يكون جزءًا من حرب نفسية هدفها تعزيز الروح المعنوية لقواته وأنصاره، وتخويف خصومه في الداخل والخارج.

ويبقى السؤال ما إذا كان بإمكانه فعلاً جمع هذا العدد الكبير من الجنود في ظل التحديات العسكرية والسياسية التي يواجهها، بالإضافة إلى العقوبات الدولية التي فرضت على شقيقه القوني، والتي قد تعيق دعم قواته ماليًا ولوجستيًا.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي يخطط له حميدتي؟ وما المقصود بالخطة “ب”؟ وهل هو فعلاً قادر على حشد هذا العدد الهائل من الجنود؟

قائد مهزوم

محمد السماني، الناطق الرسمي باسم التحالف السوداني، يرى في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن خطاب قائد المليشيات، محمد حمدان حميدتي، يعكس صورة القائد المهزوم أمام جنوده وخصومه على حد سواء. ويؤكد السماني أن ما جاء في خطاب حميدتي ليس إلا محاولة لتغطية العجز الذي يعيشه في ساحة المعركة، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات تدل على فشل في تحقيق أهدافه وإحساسه بتضاؤل نفوذه العسكري والسياسي في ظل الظروف الحالية.

ويضيف السماني أن قوات الدعم السريع في ذروتها لم تكن تتجاوز هذا العدد الذي يتحدث عنه حميدتي، مما يجعل من الصعب تصديق قدرته على جمع مليون جندي في هذا السياق. ويشير إلى أن المليشيات لا وجود لها ولا مستقبل لها في الدولة السودانية، مشدداً على أن الشعب السوداني لن يقبل بها بعد الجرائم الكبرى التي ارتكبتها بحقه. هذا التصريح يعكس رفضاً شعبياً واسعاً للمليشيات، مؤكداً أن ما ارتكبته من فظائع في السودان يجعل من الصعب عليها البقاء كقوة مؤثرة في المشهد السياسي أو العسكري في المستقبل.

وقال السماني إنّه بعد فشل الخطة “أ”، وهي الاستيلاء على السلطة عبر الانقلاب في 15 أبريل، لجأ حميدتي إلى الخطة البديلة أو الخطة “ب”، التي تعني نقل فكرة المليشيات إلى دول الجوار، وخاصة مع انتشار أنواع مختلفة من الأسلحة الحديثة في دول مثل ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى. وأضاف السماني أن هذا التوجه قد يزيد من عدم الاستقرار الإقليمي، حيث من الممكن أن تتحول هذه الدول إلى حاضنات للمليشيات المسلحة التي تعمل خارج إطار الدولة، مما يعقّد المشهد الأمني في المنطقة ويزيد من حدة الصراعات.

وبحسب السماني، يسعى حميدتي إلى نقل قوات عرب الشتات إلى جمهورية مصر العربية، في محاولة لتوسيع نطاق نفوذه خارج السودان. ويضيف السماني أن الخطة “ب” لحميدتي قد تؤدي إلى حرب إقليمية جديدة بدعم من أجهزة مخابرات عالمية. ويأتي هذا الصراع، وفقاً للسماني، بهدف السيطرة على الممرات البحرية الهامة، سواء في البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى المعبر البري الذي يربط البحر الأحمر بغرب أفريقيا. هذه الاستراتيجية تسلط الضوء على الأهمية الجغرافية للمنطقة في الصراعات الدولية، ومحاولات قوى مختلفة للسيطرة على نقاط العبور الحيوية والتأثير على التجارة الإقليمية والدولية.

تعرية حميدتي

في هذا السياق، قال الخبير العسكري ياسر أحمد الخزين لموقع “أفريقيا برس” إن حميدتي، سواء كان حياً أو ميتاً، فقد سيطرته على ما تبقى من شتات مليشياته، ولم يعد يمتلك القدرة على الحشد كما يدعي. وأشار الخزين إلى أن غالبية القوات المنتشرة للدعم السريع هم من “الشفشافة” ومعتادي الإجرام، مما يجعل من الصعب على حميدتي حشد حتى عشرة جنود، فكيف يمكنه حشد مليون؟ وأكد أن المغريات التي كانت متاحة سابقاً لتجنيد هؤلاء الجنود قد انتهت، مما يعرّي حميدتي ويظهر ضعفه في المرحلة الراهنة.

ولفت الخبير العسكري ياسر أحمد الخزين إلى أن خطاب حميدتي الذي تم بثه، صادر عن الغرف الإعلامية للجهات التي استخدمته كمخلب قط، وكانت تأمل في نجاح انقلابه وتمرده المشؤوم. وأضاف الخزين في حديثه أن هذه الدول لو كان حميدتي قد نجح في الاستيلاء على السلطة، لرفعت في وجهه فوراً بطاقات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد الإنسانية التي ارتكبها خلال عهد الإنقاذ في دارفور، وذلك للضغط عليه لتلبية مطالبها واستغلال موارد السودان.

وأضاف الخزين أن فشل انقلاب حميدتي وهلاك النخب القيادية في قواته، إلى جانب تعريته أمام الشعب السوداني، يعني أن الخطة “ب” أو أي خطط أخرى، حتى الخطة “ج” أو “ياء”، لن تنجح في تقديم حميدتي كذراع عسكري لخدمة الجهات التي تدعمه. وأشار الخزين إلى أن هذه الجهات تتضمن قوى قحت المدعومة من خلف الكواليس من قبل دويلة الشر الإمارات، والتي وصفها بأنها عميلة المخابرات الصهيونية الأمريكية وتعمل وفقاً لأجندة الماسونية العالمية.

جزر معزولة

الضابط المتقاعد والخبير العسكري عبدالغني عبدالفراج عبدالله يرى أن قوات الدعم السريع تتجه نحو التلاشي، مؤكدًا أن حميدتي فقد القدرة على التواصل مع قواته بعد خسارته العديد من القادة المؤثرين وأصحاب الخبرة في القتال. وأضاف عبدالغني أن قوات الدعم السريع أصبحت أشبه بـ”جزر معزولة” بسبب انتشارها في مساحات متباعدة جغرافياً، مما يزيد من ضعفها وصعوبة التنسيق بين عناصرها. هذه العوامل مجتمعة تشير إلى تدهور تدريجي في قدرات قوات حميدتي واندثارها كقوة مؤثرة على الأرض.

وأضاف عبدالغني عبدالفراج عبدالله أن قوات حميدتي فقدت أيضًا ميزة “الفزع” التي كانت تمكنه من تحقيق النجاح في المعارك. وأوضح أن خسارته للعديد من القادة البارزين، وخاصة في معارك الفاشر بعد أكثر من 130 هجومًا، أدت إلى إصابة معظم قيادته بالإحباط، حيث لم يعد هناك من هو مستعد للقتال معه. هذه الخسائر الميدانية والقيادية أدت إلى تراجع كبير في معنويات قواته وجعلت من الصعب مواصلة القتال بفعالية.

وفيما يتعلق بخطة حميدتي التي أعلن عنها، قال عبدالغني عبدالفراج عبدالله في حديثه لموقع “أفريقيا برس” إن مليشيات الدعم السريع، على مدى العام والنصف من عمر الحرب، قد نفذت بالفعل كل ما خططت له، بما في ذلك التهجير، النهب، الاغتصاب، وتدمير البنية التحتية، واستهدفت الهوية السودانية، بما في ذلك السجل المدني وسجلات الأراضي وحتى المتحف القومي. وتساءل عبدالغني عن أي خطط يتحدث حميدتي الآن، معتبرًا أن قواته قد أكملت بالفعل كل أهدافها التخريبية. وأشار إلى أن حديث حميدتي عن “خطة ب” ليس إلا محاولة يائسة لرفع معنويات جنوده الذين فروا من ميدان القتال.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here