ما دلالات فرض عقوبات على جبريل إبراهيم وفيلق البراء؟

6
ما دلالات فرض عقوبات على جبريل إبراهيم وفيلق البراء؟
ما دلالات فرض عقوبات على جبريل إبراهيم وفيلق البراء؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على كل من جبريل إبراهيم محمد، وزير المالية في الحكومة السودانية وقائد حركة العدل والمساواة، إضافة إلى قوات “فيلق البراء بن مالك” التي تساند الجيش السوداني في قتاله ضد قوات الدعم السريع.

ووفقًا للموقع الرسمي للوزارة، فإن هذه العقوبات جاءت بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098، الذي يتيح للولايات المتحدة استهداف الأفراد والكيانات المتورطة في النزاعات المسلحة أو انتهاكات حقوق الإنسان.

وقد أُدرج “فيلق البراء بن مالك” ضمن القائمة ذاتها، باعتباره جماعة مسلحة تأسست في 7 يناير 2020 وتعمل داخل الأراضي السودانية. وتأتي هذه الخطوة في إطار الضغوط الأمريكية المتزايدة على أطراف النزاع في السودان، حيث سبق أن فرضت واشنطن عقوبات على قيادات عسكرية ومدنية، بالإضافة إلى كيانات اقتصادية مرتبطة بالقتال الدائر منذ أبريل 2023.

تكتيك أمريكي لتفكيك التحالفات

يرى الباحث السياسي وائل نصر الدين أن العقوبات المفروضة على جبريل إبراهيم تهدف إلى الضغط على حلفاء قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، لدفعهم إلى التخلي عنه وعن المؤسسة العسكرية. وأوضح في تصريح لموقع “أفريقيا برس” أن كل من يستمر في دعم الجيش سيواجه تجميدًا لأرصدته وملاحقة دولية.

ويعتبر نصر الدين أن هذا الأسلوب يُعد تكتيكًا أمريكيًا معروفًا، استخدمته واشنطن سابقًا لتفكيك الأنظمة العسكرية في مناطق مختلفة، مشيرًا إلى إمكانية فرض عقوبات مستقبلية على الإدارات الأهلية المؤيدة للجيش، كما حدث مع قبائل يمنية مؤيدة للحوثيين.

ورغم ذلك، يرى نصر الدين أن تأثير هذه العقوبات سيكون محدودًا، نظرًا لكون معظم السودانيين خارج النظام الاقتصادي الدولي، ولا يبدون اهتمامًا كبيرًا بالسفر إلى الولايات المتحدة أو أوروبا.

استهداف مباشر للقوات المساندة للجيش

من جانبه، يرى المحلل السياسي عبدالباقي عبدالمنعم أن الهدف من العقوبات هو وقف انتصارات الجيش السوداني، خاصة أن الفصائل المستهدفة، مثل حركة العدل والمساواة وفيلق البراء، تُعد من أبرز الداعمين للجيش في الميدان. ويعتبر أن أي عقوبات تطال هذه القوات تُعد استهدافًا مباشرًا للسودان وجيشه الوطني.

ويضيف عبدالباقي أن الشعب السوداني رفض هذه العقوبات فور إعلانها، وأبدى تضامنًا واسعًا مع جبريل إبراهيم وفيلق البراء، معتبرًا أن هذه القوات تمثل إرادة الشعب وتدافع عنه. كما انتقد ازدواجية المعايير الدولية، متسائلًا عن غياب العقوبات ضد إسرائيل رغم ما ترتكبه من انتهاكات في غزة وفلسطين.

ويؤكد عبدالباقي أن هذه العقوبات تُعد تدخلًا في السيادة الوطنية للسودان، ومحاولة لتقويض إرادة شعبه وحكومته.

هدف العقوبات

خبير سياسي فضّل عدم الكشف عن هويته، قال لموقع “أفريقيا برس” إن العقوبات المفروضة على فيلق البراء تستهدف الإسلاميين الذين يملكون أدوات القتال، ويُنظر إليهم كعقبة أمام الحلول السلمية. ويرى أن هذه الخطوة تهدف إلى منع إدماجهم في الجيش السوداني المستقبلي، الذي تسعى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى جعله جيشًا مهنيًا مستقلًا وخاليًا من التأثيرات الأيديولوجية.

ويشير الخبير إلى احتمال ملاحقة فيلق البراء من قبل المحكمة الجنائية الدولية، بسبب ما يُنسب إليهم من جرائم ضد المدنيين واستخدام أسلحة محرّمة محليًا ودوليًا. ويتوقع أن تؤثر العقوبات فعليًا على قدرتهم القتالية، نظرًا لاعتمادهم على أسلحة مستوردة من الخارج.

أما بالنسبة لجبريل إبراهيم، فيصفه الخبير بأنه زعيم إسلامي تربطه علاقات بالحرس الثوري الإيراني. ويرى أن العقوبات تهدف إلى عزله سياسيًا ومنعه من المشاركة في أي حكومة مدنية مستقبلية، إضافة إلى تعطيل مشروعه الاقتصادي الذي بناه من موارد الدولة، مستغلًا منصبه كوزير للمالية.

بين السيادة الوطنية وإعادة تشكيل المشهد السوداني

تُظهر العقوبات الأمريكية الأخيرة على جبريل إبراهيم وفيلق البراء تحولًا في أدوات الضغط السياسي على أطراف النزاع في السودان. فهي لا تستهدف فقط القيادات العسكرية، بل تمتد إلى الفصائل الميدانية والرموز السياسية ذات الخلفيات الأيديولوجية.

وبينما يرى البعض أنها محاولة لتفكيك التحالفات العسكرية حول البرهان، يعتبرها آخرون تدخلًا سافرًا في الشأن السوداني، يهدف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي وفقًا لرؤية دولية لا تحظى بإجماع داخلي.

وفي ظل استمرار النزاع، تبقى هذه العقوبات جزءًا من معركة النفوذ الإقليمي والدولي على مستقبل السودان، بين من يسعى إلى بناء جيش موال للغرب، ومن يتمسك بتحالفات ميدانية داخلية يرى فيها ضمانة لبقاء الدولة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here