أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. بينما تزداد المعارك شدتها في السودان، وصلت وفود الأطراف المتصارعة “الجيش – الدعم السريع” العاصمة السويسرية جنيف لبدء نقاشات غير مباشرة لوقف الحرب وكيفية تقديم المساعدات الإنسانية، وذلك تحت رعاية الأمم المتحدة.. فهل تنجح المنظمة الأممية في وقف حرب السودان؟ ولماذا قبل الجيش السوداني بالمفاوضات خاصة أنه سبق وأن أعلن عدم نيته في الدخول في مفاوضات مع قوات الدعم السريع؟
وكان رمطان لعمامرة، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، طلب من قائدي الجيش والدعم السريع إرسال وفدين إلى سويسرا لبدء محادثات غير مباشرة حول وقف إطلاق النار، و حماية المدنيين وتسهيل وصول العون للمتضررين من القتال تحت رعاية الأمم المتحدة.
عجز البرهان
ولا يتوقع القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق، أن يحدث أي اختراق في محادثات جنيف لجهة أن البرهان قائد الجيش عاجز عن فك إرتباطه مع التنظيم الإخواني الذي يقول الصادق إنه يرفض أي تحرك نحو مربع إنهاء الحرب.
وبشأن الدور الدبلوماسي للأمم المتحدة في إنهاء الحرب، يقول الصادق إنه دون المستوى المطلوب، كما أن الاهتمام الاممي بالسودان بحسب عروة في درجات متدنية جدا، ولم تستطع الأمم المتحدة إلى الآن تقديم شخصية قوية وفاعلة ومؤثرة في السودان، فرمطان لعمامرة، يقول الصادق إنه لم يستطع اقتراح طريق صحيح للحل وظل مقيدا بتوجس من مخاصمة الحكومة السودانية للمبعوثين الدوليين، مؤكدا أن هذا الأمر أكبر عقبة أمام التعاطي الفعال والمؤثر تجاه الأزمة السودانية.
وتابع الصادق “بالرغم من أن هيئات ومكاتب منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية لديها أدوار متعددة تلعبها في السودان، تتسع وتضيق من منطقة لأخرى، بما في ذلك رصد ومناقشة وتوضيح الوضع الإنساني واستنكار الانتهاكات لحقوق الإنسان وإدانتها، إلا إنه لم يتأثر بوجود عناصر وموظفي تلك الوكالات والهيئات على الأرض، فعادة ما تستجيب هذه المنظمات بالرصد والتحرك عندما تحدث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو وقوع أزمات إنسانية كبيرة خاصة في المدن الكبرى، وغالبا ما تكون المنظمات المعنية حذرة ومتعددة الأوجه في تقديم التدخلات والبيانات لضمان المساواة والعدالة في التعامل مع كافة القضايا الإنسانية المختلفة، لذلك تجد التأثر دوما ما يكون بالخرطوم وأماكن تواجد البعثات”.
ويقول الصادق لموقع “أفريقيا برس” إن الاهتمام من الامم المتحدة ينخفض لدرجة الإهمال للمناطق الأخرى، حتى داخل العاصمة، يقول الصادق “هناك مناطق مظلمة منذ بداية الحرب لا يوجد بها اتصال أو أدنى مقومات الحياة، لذا من المهم معالجة كافة الأوضاع والمشاكل التي تواجه السودان بشكل شامل دون انتقائية واستثناء، ويمكن أن يكون الدور الدولي والإقليمي المطلوب هو زيادة الوعي بالقضايا المهمة في كافة تلك المناطق والعمل على إيجاد حلول دولية وإقليمية لتلك الأزمات وإشراك المجتمع المحلي (local Staff) في الحلول واختيار متطوعين للعمل ضمن مكاتب هيئات الأمم المتحدة ووكالاتها التي عجز موظفوها الأممين عن العمل في المناطق الملتهبة”.
وشدد الصادق على ضرورة أن تفي الأمم المتحدة بالتزاماتها المالية واللوجستية وتشجيع التعاون بين الدول والمنظمات الدولية لتحسين الأوضاع وتحقيق الاستقرار في المناطق المتأثرة وليس احتكار وحصر الحلول والدعم للخرطوم وحدها.
تبييض وجه
ويقلل الخبير العسكري، ياسر أحمد الخزين، من محادثات جنيف، معتبرا ارسال الحكومة السودانية وفدا إلى جنيف ما هو إلا “لتبييض لوجه المجتمع الدولي، ووضع مكياج تجميلي للمجتمع الدولي وميليشيات التمرد وجناحها السياسي “تقدم” المتحورة من “قحت”.
وأضاف الخزين “المتابع أن مشاركة وفد حكومة السودان الذي تسميه قحت وفد الجيش في كل المنابر هو للتمثيل فقط، والهدف من إرساله هو أن يكون إسم حكومة السودان حاضرا في المحافل الدولية”.
واردف “في كل جولة وبأي دولة وأي منبر تسجل حكومة السودان إسمها بأحرف من نور وتعود، وتتمسك بتنفيذ إتفاق منبر جدة الأول الذي وقعت عليه الميليشيات ورعاة الإتفاق وتنفيذه على أرض الواقع ضرب من المستحيل ولن تستطيع الميليشيات إنفاذه لجهة إنها ستفقد ما تحصنت به”.
وقال الخزين لموقع أفريقيا برس”؛ “متى ما أخلت قوات الدعم السريع بأي بند ستكتب نهايتها من الوجود، أضف لذلك عدم وجود قيادة لهذه الميليشيات تأتمر بأمرها وتنتهي به فأصبحت كخلية نحل فقدت ملكتها وسرب طيور فقد قائده وتحولت لعصابات نهب وسلب وإغتصاب”. ولفت الخزين إلى أنه “لا يوجد خيار للشعب السوداني غير إبادة الجنجويد ومنع التعاون معهم”. مضيفا “لا تفاوض ولايحزنون، كل ما يجري في المحافل الدولية بشأن السودان وهو لتجني قيادات تقدم مصاريف تقتات بها من موائد اللئام والقوات المسلحة والنظامية الأخرى”، منبها إلى أن “المساندة ماضية لتحقيق رغبة الشعب السوداني في إبادة الجنجويد والقبض على داعميهم”.
وفي رده على سؤال يرتبط بقبول الجيش بالمفاوضات بعد ما صرح قائد الجيش ونائبه بعدم الذهاب إلى جدة؟ قال عروة الصادق “ليست المرة الأولى التي يقول فيها قائد الجيش حديثا ويعلن الجيش السوداني بدوره رسميًا قبوله دعوة من دولتي الوساطة بمنبر جدة لاستئناف المفاوضات مع قوات الدعم السريع أو استجابة لنداءات إقليمية ودولية محفوفة بضغوطات ومحفوفة بعقوبات شخصية وعلى المؤسسات وتدرجت من القاعدة لتصل إلى القمة كما رأينا في القوائم التي شملتها الخزانة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ووارد جدا أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية أوامر ملاحقات على ذات صلة بالصراع في السودان”.
وأضاف الصادق “هذه الخطوة تأتي بعد تعليق المحادثات منذ مطلع يونيو الماضي وهذا الأمر لا لانهزام البرهان، لأنه يحشد عدته وعديده وكذلك التنظيم الإخواني من جانب آخر ينشط في التحشيد والاستنفار ليزيد وقود الحرب ويضاعف اشتعالها للاستمرار، ولكل من البرهان والتنظيم أجندتهما المتقاطعة؛ فالبرهان يريد الحفاظ على موقعه والتنظيم يريد استعادة سلطته التي لن يكون على رأسها البرهان”.
ولا يرى الصادق أن الهدف من الركون للتفاوض إنهاء الصراع المستمر منذ عدة أشهر، او لتسهيل انسياب الحياة وعودتها إلى طبيعتها وتجسير المعونات، وفتح الباب للعمل الإنساني وتمكين المواطنين من العودة إلى المدن التي عانت من النهب والسلب والحرق والقصف والاغتصاب، بل بحسب الصادق؛ أن “الهدف من التفاوض هو من اجل المناورات المستمرة منذ مايو 2023 حتى تاريخ اليوم؛ شراء للوقت واستعدادا لمرحلة أسوأ من التي نعيشها، وهو الأمر الذي يجب أن تضعه الأسرة الدولية والاقليم نصب أعينهم، فالقادم سيكون أفظع حال استمرت هذه الحرب”، محذرا من أن “ألسنة اللهب ستطال دولا جارة وشقيقة وصديقة”.
كما لا يستبعد الصادق تطور الأمر لحرب أهلية شاملة تصطف فيها قبائل متداخلة ويتسرب إليها سلاح غير منضبط لكل الأطراف، مشددا على ضرورة جدية التفاوض وصرامة المسهلين وذلك لضمان سلامة السودان والسودانيين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس