أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. خلال حوار له مع “أفريقيا برس”، تحدّث نور الدين صلاح الدين، عضو المكتب التنفيذي للتيار الوطني، عن فرص نجاح حكومة كامل إدريس في حلّ الأزمة السودانية، داعياً إلى حوار وطني صادق يعيد تشكيل الدولة ويعيد توزيع السلطة.
وحذّر نور الدين من ارتباط القوى السياسية بالخارج، مؤكداً أن ذلك يُهدّد استقلال القرار الوطني ويُضعف الثقة الشعبية في الحكومة.
صمود رحّبت بحكومة بورتسودان، ووصف محمد الفكي هذه الخطوة بالجيدة، داعيًا إلى الحوار معها لتحقيق توافق بين جميع السودانيين. كيف ترون هذه الخطوة من جانب صمود؟ وما السيناريو المتوقع في هذا السياق؟
ننظر في التيار الوطني إلى تصريح القيادي في صمود، محمد الفكي، باعتباره تعبيرًا عن مقاربة جديدة تهدف إلى التخفيف من حدة الاستقطاب، وهي في حد ذاتها خطوة إيجابية إذا كانت صادقة ومفتوحة على مسار سياسي شامل.
لكن الترحيب بحكومة بورتسودان لا يمكن أن يُبنى على تنازلات شكلية أو حسابات ظرفية، بل ينبغي أن يكون جزءًا من رؤية أوسع تنطلق من ضرورة إنهاء الحرب واستعادة مؤسسات الدولة على أسس متفق عليها.
ما قاله الفكي حول “التنازل لبعضنا البعض” لا يكتسب وزنه من النوايا وحدها، بل من القدرة على تحويله إلى خطوات فعلية تفتح باب التفاهم مع بقية القوى المدنية، خاصة تلك التي تم تهميشها أو تجاهلها في السابق.
أما السيناريو المتوقع، فهو مرهون بإرادة جميع الأطراف. فإن استُثمر هذا الموقف في إطلاق حوار جاد يُبنى على الشفافية والندية، فقد يشكل بداية لتقريب وجهات النظر وتأسيس وضع انتقالي جديد أكثر تماسكًا. أما إذا كان مجرد غطاء سياسي ظرفي، فستتآكل فرص التوافق سريعًا، ويُعاد إنتاج الأزمة في شكل جديد.
نحن نرحب بأي تحول إيجابي في مواقف القوى المدنية، وندعو إلى البناء عليه بجدية، بعيدًا عن الحسابات الانفعالية أو الترتيبات الثنائية المعزولة.
بعض وزراء الحكومة الجديدة متهمون بالعمالة، ويُقال إن لهم علاقات بإسرائيل والإمارات. ما الذي قد يترتب على هذه الاتهامات إذا ثبتت صحتها؟
نحن في التيار الوطني لا نبني مواقفنا على الاتهامات المتداولة، بل على الوقائع والمواقف المُعلنة. لكن من حيث المبدأ، فإن أي ارتباط خارجي يهدد استقلال القرار الوطني أو يُضعف الثقة الشعبية في أي حكومة يُعد مشكلة حقيقية.
التعامل مع المحاور الإقليمية والدولية أمر واقع في السياسة، لكن يجب أن يكون ذلك ضمن إطار من الشفافية، واحترام السيادة الوطنية، وخدمة مصالح السودان فقط.
وإذا ثبت أن هناك ارتباطات تمس هذه الثوابت، فستكون لها تبعات سياسية خطيرة، أولها فقدان الثقة الشعبية، وانهيار إمكانات التوافق، وتعميق الانقسام في وقت نحن في أمسّ الحاجة فيه إلى وحدة الموقف المدني والسياسي لإنهاء الحرب وبناء الدولة.
نحن ندعو إلى الالتزام بمبدأ الشفافية الكاملة، لأن أي مشروع وطني لا يمكن أن يُبنى على الغموض أو الولاءات المتقاطعة.
إلى أي مدى يمكن أن تنجح حكومة كامل إدريس في حل الأزمة السودانية؟
أرى أن فرص نجاح حكومة الدكتور كامل إدريس في حل الأزمة السودانية محدودة، ما لم تُبنَ على قدرة حقيقية على إنهاء الحرب وتحقيق توافق سياسي فعلي. وقد أوضحنا ذلك في بيان سابق صادر عن “التيار الوطني”، مؤكدين أن تجاوز جذور الصراع لا يمكن أن يُفضي إلى حل فعّال.
نحن لا نشكك في كفاءة الدكتور إدريس كشخص، لكننا لا نرى أن تعيينه، في ظل غياب تفويض شعبي أو توافق وطني، قادر على إحداث تحول جوهري في مسار الأزمة، وهو ما يجب عليه استدراكه من خلال المضي قدمًا في مسار حوار سوداني–سوداني شامل.
بحسب رؤيتك للوزراء الذين تم اختيارهم، هل يتمتعون بكفاءة عالية؟ وما العقبات التي تعترض طريقهم؟
لسنا في موقع يسمح بتقييم الأفراد من الوزراء، لكن يمكن القول إن بعض الأسماء المطروحة تتمتع بخلفيات مهنية محترمة. ومع ذلك، فإن الكفاءة وحدها لا تكفي في ظل غياب بيئة سياسية وأمنية مواتية. فالحكومة الحالية تواجه عقبات جسيمة، على رأسها استمرار الحرب، وغياب السيطرة الفعلية على الأرض، إلى جانب غياب التوافق المدني الواسع، وضعف الغطاء الإقليمي والدولي. لذلك، فإن أي رهان على الأداء التنفيذي دون معالجة هذه القضايا الجوهرية سيكون محدود الجدوى.
مقترح من دولة غربية يطرح منح دارفور حكماً ذاتيًا لوقف الحرب.. ما مآلات منح دارفور الحكم الذاتي؟ وهل يمكن أن يسهم الحكم الذاتي في وقف الحرب؟
أي طرح لمنح دارفور حكماً ذاتيًا يجب أن يُناقش في إطار سياسي وطني شامل، لا كصفقة جزئية أو استجابة لضغط السلاح. فمطالب دارفور بالعدالة والمشاركة المتوازنة في السلطة والثروة مطالب مشروعة، لكن معالجتها لا تتم بعزل الإقليم عن بقية السودان، بل بدمجه في مشروع وطني يقوم على الإنصاف والتوازن.
منح الحكم الذاتي قد يُهدئ جبهة من جبهات الصراع مؤقتًا، لكنه قد يفتح الباب أمام مطالب مماثلة في أقاليم أخرى، ما يهدد وحدة الدولة إن لم يكن جزءًا من عملية سياسية شفافة وتوافقية تشمل جميع السودانيين.
ما نحتاج إليه هو حوار وطني صادق يعيد النظر في شكل الدولة وتوزيع السلطة، بما يعالج التهميش البنيوي التاريخي، لا مجرد إجراءات فوقية تنبع من ضغوط الحرب أو الحسابات الخارجية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس