أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. منذ إندلاع الحرب في السودان، تراجعت شعبية القوى السياسية لجهة أن بعضاً منها ساند قوات الدعم السريع، تارة بتبرير هجماتها على المدنيين، وتارة بصمتها إزاء الانتهاكات والفظائع التي ارتكبتها. في المقابل ازدادت شعبية الجيش السوداني لكونه يتميز بالضبط والربط، فضلا على اعتباره جيشا قوميا ومهنيا ويدافع عن المواطن السوداني والذي ينظر له بأنه المنقذ والمخلص من بطش قوات الدعم السريع.. فهل تراجع دور الأحزاب السياسية؟ وما هي فرص حكمها للسودان مستقبلاً؟
مواقف مخزية
يقول المحلل السياسي حسن عبدالحميد لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن بعض القوى السياسية السودانية هي التي تخلّت عن الشعب السوداني في أزمته ومحنته حينما إستهدفته المليشيات المتمردة وسرقت ممتلكاته واحتلت منازل المواطنين وانتهكت الأعراض وارتكبت جرائم حرب في الجزيرة ودارفور”.
ويرى عبدالحميد أن بعض القوى السياسية أصبحت جناحا سياسيا للمليشيات المتمردة وبوقا إعلاميا يبرر لها جرائمها، وعليه فإن هذه القوى السياسية بمواقفها المخزية هذه، سيقابلها تخلي من قبل الشعب السوداني وسيحاسبها حسابا عسيرا بعد انتهاء الحرب”.
وتابع “هناك قوى سياسية وقفت موقفا مشرفا وأدانت بالصوت العالي جرائم المليشيات المتمردة وانحازت للشعب السوداني ضد جرائم المليشيات المتمردة، وانخرطت عمليا في مقاومة المليشيات المتمردة بشتى السبل”، منوها إلى أن “الشعب السوداني، شعب حصيف وذكي ووفيّ يميّز جيدا من وقف معه وسانده، ومن وقف في الجانب الآخر في صف من انتهك حرماته وقتل أبناءه وشرّد المواطنين”.
ويقول عبدالحميد إن “بعض القوى السياسية ساهمت مساهمة مباشرة في تأجيج الصراع بانحيازها المعيب والمفضوح مع المليشيات المتمردة ومرتزقتها ومسانديها من قوى البغي والعدوان الإقليمية والدولية وغضّت الطرف عن جرائم الحرب التي ارتكبتها المليشيات المتمردة بل ووفرت لها الغطاء السياسي والبوق الإعلامي وهذه القوى بلا شك شريك أساسي في تأجيج الحرب”.
وحول مستقبل القوى السياسية بالنسبة لحكمها للسودان، قال عبدالحميد “إن ما بعد هذه الحرب لن يكون كما كان قبلها”، وتابع “أي قوى سياسية ساندت المليشيات المتمردة بأي صورة من الصور عليها أن تعلم أنها دمّرت مستقبلها السياسي وعرّضته للخطر، وعليها أن تنسى أن تحكم شعبا خذلته وتخلت عنه في محنته، والشعب السوداني كما ذكرنا حصيف وذكي وذاكرته ليست بهذا الضعف الذي يعوّل عليها بعض الموهومين والحالمين بالعودة للحكم على أشلاء الشعب السوداني وبمساندة الأجنبي الطامع والمجرم”.
ودعا عبدالحميد القوى السياسية التي تساند الدعم السريع بأن تغادر الساحة السياسية طوعا وذلك حتى تُجبر على ذلك بواسطة جموع الشعب السوداني.
المقاومة الشعبية على الخط
فيما يعتقد المحلل السياسي الفاتح محجوب أن “الحرب أحدثت متغيرات كبيرة جدا على الأرض، أهمها ظهور المقاومة الشعبية في الولايات وتسيدها للمشهد السياسي والاجتماعي”، وهو أمر بحسب الفاتح يصعب تجاوزه في أي حراك سياسي بعد انتهاء الحرب.
وأضاف الفاتح لموقع “أفريقيا برس” إن “بعض القوى السياسية راهنت على الدعم السريع وبعد ظهور بشاعة أفعال منسوبي الدعم السريع، خسرت هذه القوى السياسية التأييد الذي كانت تحظى به في تلك المناطق”.
وقال المحجوب “بشكل عام من المؤكد أن خارطة النفوذ السياسي في السودان بعد إنتهاء الحرب ستتغير كثيرا، متوقعا أن الحركات الدارفورية يكون لها نفوذ كبير في عدد من ولايات دارفور على حساب النفوذ القديم لحزب الأمة القومي”، مستدركا “ولكن بشكل عام غالبا ما تسود البلاد أحزاب تنموية نهضوية بدلا عن الأحزاب العقائدية والطائفية التي كانت تسيطر على الساحة السياسية السودانية سابقاً”.
سودان ما بعد الحرب
بدوره، دافع القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار عن القوى السياسية، إذ يقول لموقع “أفريقيا برس” إن “الشعب السوداني يدرك من الذي أشعل الحرب، وهو ناقم على قادة الجيش والمليشيات، باعتبار أن الصراع على السلطة بينهما قاد للحرب اللعينة التي خلفت ما خلفت من قتلى وجرحى وتدمير”، منبها إلى أن القوى السياسية لم تجلب الحرب ولا تحمل السلاح، بل في معظمها دعت لوقف الحرب والتفاوض”، مستدركا “ولكن طرفي الحرب والمتحالفين معهما لا زالوا يؤججون نار الحرب لأنهم مستفيدون منها”.
وأضاف كرار “الحقيقة الواضحة أن أطراف الصراع لا تريد وقف الحرب لأنها أصبحت حربا بالوكالة، وتنفيذا لمصالح جهات ودول اجنبية”.
ويرى كرار أن “مصير السودان ما بعد الحرب هو الدولة المدنية، والتداول السلمي للسلطة، وبالتالي فإن المستقبل ليس للديكتاتورية العسكرية أو حكم المليشيات، بل يقول للقوى السياسية السودانية ذات البرنامج الواضح والتأييد الشعبي”، مؤكدا أنها التي ستحكم سودان ما بعد الحرب.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس