أفريقيا برس – السودان. اجتماعات مكثفة انخرطت فيها اللجنة السياسية للكتلة الديمقراطية برئاسة مني أركو مناوي، قدمت خلالها رؤيتها للحل الشامل في السودان، وقالت إنها تسعى لفتح قنوات حوار مع كل القوى السياسية الأخرى للوصول إلى توافق وطني شامل.
ويأتي ذلك في ظل واقع سياسي سوداني معقد، حيث ظلت الأجسام السياسية في السودان تشهد انقسامات مستمرة، في إطار حرب دخلت عامها الثالث في البلاد.
وقال الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة السودانية محمد زكريا، والذي تلا البيان الأول لاجتماعات الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية، إن الكتلة ترى أن الحل السياسي في السودان “يجب أن يكون سودانيا خالصا من حيث المسؤولية والملكية والإدارية، مع دور مساعد فقط للمجتمع الإقليمي والدولي”.
ويقول للجزيرة نت إن “الكتلة تؤمن بضرورة إجراء الحوار على مرحلتين، تبدأ بمناقشة القضايا العاجلة كوقف الحرب وتشكيل السُلطة الانتقالية، وتليها مرحلة معالجة جذور الأزمة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على المواطنة والعدالة”.
كما تشترط الكُتلة “تهيئة المناخ وبناء الثقة، وتنفيذ اتفاق جدة كخطوة ضرورية”، وقال إنهم يدعون إلى “حوار شامل لا يقصي أحدا، إلا من تلطخت أيديهم بجرائم جسيمة، وأن يدار الحوار بإجماع الأطراف داخل السودان بعد وقف الحرب”، مؤكدا التزام الكتلة بنتائج الحوار عبر ميثاق شرف توقع عليه جميع القوى المشاركة.
فرص النجاح
يرى المحلل السياسي الدكتور محي الدين محمد محي الدين أن اجتماعات الكتلة الديمقراطية تعد شكلا من أشكال التحالف المبني على الحد الأدنى من المشتركات، وأن الاجتماع الأخير “جاء في سياق النظر بترتيبات المرحلة الحالية”، وذلك على خلفية دعم الكتلة للقوات المسلحة السودانية في “حرب الكرامة”.
ويعتبر محي الدين أن “المشكلة الحقيقية بأن القضايا التي تمت مناقشتها -ورغم الاتفاق في الحد الأدنى حولها- تحتاج لرؤى تفصيلية لم تصدر في الاجتماع الأخير”، سواء كانت تلك المتعلقة بالفترة الانتقالية والمشاركة السياسية فيها، أو حتى الرؤية لما بعد انتهاء الحرب”.
ويقول للجزيرة نت إن دعوة الكتلة الديمقراطية للتوافق الوطني الشامل جاءت “نتيجة عملية الإقصاء التي تمت قبل الحرب، والتي لم تستثنِ أعضاء النظام السابق فقط، وإنما شمل مجموعات القوى الأخرى التي انقسمت عن مجموعة الحرية والتغيير”.
ويضيف أن “هذا توضح جليا عندما أخرجت تلك المجموعات -التي ترى أنها تمثل المدنيين- تصورا يقول إنها تمثل الثورة، وإن الذين توافقوا معها هم قوى انتقال”، حيث فرّقت بين مَن تسميهم بقوى الثورة وقوى الانتقال في محاولة لتجاوز أخطاء الماضي.
ولا يعتقد محي الدين أن فرص نجاح الكتلة الديمقراطية وحدها كبيرة في حل الأزمة الحالية، “لأن الشركاء معها في الداخل هم أطراف كثيرة، وهناك جهات إقليمية ودولية فاعلة، وبالتالي لا تستطيع الكتلة أو أي مكون آخر وحده أن يمسك مفاتيح حل الأزمة السياسية في البلاد”. لكنه أضاف أن هذا “الطرح يبقى جزءا من أطروحات يمكن التوافق فيها مع شركاء آخرين لمعالجة الأزمة”.
وفي بيانها الأول في 13 يوليو/تموز، جددت اللجنة السياسية للحرية والتغيير في الكتلة الديمقراطية تمسكها بالتحول المدني الديمقراطي “مع أهمية الوصول إلى توافق وطني شامل لا يستثني أحدا، ويسهم في حل الأزمة السودانية”، وشددت على أن “خارطة طريق الحل في السودان تصنعها قوى وطنية خالصة، وفق تطلعات وطموح أهله”.
“نجاح جزئي”
يرى الكاتب المحلل السياسي أحمد عمر خوجلي أن الاجتماعات الأخيرة للكتلة الديمقراطية تعد جزءا من “سلسلة اجتماعات متشابهة تتفق في أغلبها على الوقوف إلى جانب القوات المسلحة، ووحدة السودان، وتعزيز مسألة الحوار السوداني، وتوسيع قاعدة المشاركة”، والتي يعتبرها أنها أحد أهم أسباب انشقاق الكتلة الديمقراطية عن حركة الحرية والتغيير عام 2021.
ويقول خوجلي للجزيرة نت إن الكتلة الديمقراطية ظلت تتخذ موقفا ثابتا فيما يخص تمسكها بالتحول المدني الديمقراطي، “إلا أن الحرب عطَّلت النظر إليه كأولوية قصوى، ولكنه يطفو ويهبط حسب الحالة العامة”.
ويضيف أن “جهود الكتلة الديمقراطية لحل الأزمة في السودان تعبر عن الموقف السوداني الوطني، ولكن ليس بالضرورة أنها تعبر عن قوى سياسية أخرى”.
ويشُبِّه ما يحدث الآن بأنه “حوار سوداني سوداني داخل القوى الوطنية التي تقف إلى جانب القوات المسلحة”، ويعتقد أن هذه الجهود يمكن أن تمضي للأمام لإقامة حوارات أخرى ومع جهات مختلفة، قد تكون قريبة من بعض التيارات السياسية الأخرى، في حال تم تجاوز العقبات، ومن خلال تقوية الكتلة وإحكام التنسيق بينها”.
ويضيف أن “الإجماع الوطني السوداني هو إجماع لا يستثني أحدا كما قال بيان الكتلة الديمقراطية، وأن نجاح الدعوة لهذه الكتلة السياسية هو نجاح جزئي ينتظر نجاحات أخرى، في محاولة جَر مزيد من القوى السياسية”.
ويرى خوجلي أن حل الأزمة في السودان “متصل بحوار داخلي، للقوى الوطنية، ويمكن النظر إليه من خلال هذه اللقاءات”، وأنه “مرتبط أيضا بالشكل الذي سوف تنتهي عليه هذه الحرب، ويمكن أن تمتد حبال التواصل مع القوى الأخرى، ممن هي خارج القوة ولكنها داخل حرز الوطن” حسب وصفه.
وكان رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس قد دعا في وقت سابق إلى حوار وطني شامل لكل القوى السياسية للعمل معا بشفافية توصل إلى السلام والاستقرار، من خلال اتباع نهج الحوار البَنَّاء والعمل المشترك، بما يحقق تطلعات الشعب السوداني.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس