حزب البعث يرسم سيناريو خطير.. مواجهة جديدة وتدخلات خارجية في السودان

31
حزب البعث يرسم سيناريو خطير.. مواجهة جديدة وتدخلات خارجية في السودان
حزب البعث يرسم سيناريو خطير.. مواجهة جديدة وتدخلات خارجية في السودان

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في هذا الحوار مع أفريقيا برس، تحدث الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله عن قضايا عديدة، أبرزها موقف الحزب من اقتراحات دول الرباعية لحل الأزمة السودانية، إضافة إلى تفسيره لخطاب البرهان بشأن السلام، حيث توقّع خلف الله سيناريو قاتمًا في حال رفض الجيش السوداني السلام.

الحرب السودانية في طريقها إلى إكمال عامها الثالث وحتى الآن لا أفق للسلام.. برأيك ما أسباب استمرار الحرب في السودان؟

أفق السلام يظل مفتوحًا ولو “طال السفر”، باعتباره الأصل والفطرة، أما الحرب، مهما طالتها أطرافها ومموّلوها، فهي تظل الاستثناء الطارئ.

أسباب استمرار الحرب مركّبة ومتداخلة، داخلية وخارجية، أسهمت في دفع أوضاع السودان إلى التفجر في أبريل 2023، فيما صبّت عوامل أخرى الزيت على نيرانها.

وإن تعددت الأسباب، لا يمكن القفز فوق الموقف من الانتقال السلمي الديمقراطي كأبرز الأسباب، وكخلاصة لصراع القوى حول السلطة ووسيلة الاستيلاء عليها بالقوة.

فشل انقلاب قوى الردة والفلول على الانتقال السلمي في 25 أكتوبر 2022، والمدعوم من العدو الصهيوني وبعض دول الجوار، عمّق الصراعات داخل مكوناته. كما أن العامل الإقليمي والدولي كان حاضرًا بقوة، سواء في الانقلاب أو في الحرب، لما يمثله السودان من موقع جيوسياسي ودور قومي وإقليمي مهم، إضافة إلى ثرواته وموارده وخبرات شعبه النضالية.

انعكس ذلك على تكتيكات وتحالفات أطراف الحرب، ونشوء قوى رأسمالية طفيلية (مدنية – عسكرية – مليشياوية) وشبكة مصالح متجاوزة الحدود. وتضافرت هذه العوامل في استمرار الحرب، وتبادل أطرافها الأدوار في إعاقة وإجهاض مساعي إنهائها، رغم ما ألحقته من أذى ودمار وتهديد للوحدة والسيادة، وتبدد فرضية “الضربة القاضية”.

بحسب تقارير منظمات دولية وصحف عالمية، فإن الإمارات تدعم قوات الدعم السريع عسكريًا.. لماذا تؤجج الإمارات الصراع السوداني – السوداني؟

إن علاقات الدعم السريع الخارجية بالعديد من الدول العربية والأفريقية، بما فيها العدو الصهيوني، كانت قائمة قبل اندلاع الحرب، وهي إحدى مسبباتها. ومع استمرار الحرب لعامها الثالث، تواصل تدفق السلاح والإمدادات إلى أطراف النزاع من عدة مصادر، منها الإمارات، حسب ما أشارت إليه تقارير المنظمات الدولية، رغم صدور قرارات حظر توريد السلاح إلى السودان ودارفور من جهات متعددة.

ولا يمكن عزل دوافع داعمي استمرار الحرب ومورّدي الأسلحة، ومن بينهم الإمارات، عن الأسباب العميقة لتفجرها، خاصة ما يتعلق بتأثيراتها على أمن البحر الأحمر والتنافس حول شواطئه، وصراعات القرن الأفريقي، وكذلك موقع ودور السودان في الصراع العربي الصهيوني.

ما هو موقف حزبكم من دور دول الرباعية في حل الأزمة السودانية؟

أصدر حزب البعث بيانًا بعنوان (بيان الرباعية والدور الوطني في تحديد مستقبل السودان) بتاريخ 16/10/2025، ويمكن الرجوع إليه لمزيد من استجلاء الموقف ومتطلباته.

إن الأسباب التي أدت إلى الحرب واستمرارها تؤكد أن موقف الحرب بكل تعقيداته يتطلب تضافر الجهود والمساعي الجادة لوضع حد لمآسيها وتداعياتها. لذلك اعتبر حزب البعث بيان الرباعية الصادر في 15/10 خطوة إيجابية يمكن أن تسهم في دعم جهود إنهاء الحرب، وتعامل الحزب بإيجابية مع توجهاتها، لا سيما فيما يتعلق بوقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات، وحماية المدنيين والبنية التحتية، والعودة إلى المسار الديمقراطي، والدعوة إلى الحوار السياسي والحلول السلمية لقضايا الصراع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

وأبرز العقبات التي تعيق إنهاء الحرب تتمثل في:

– تعدد مراكز اتخاذ القرار داخل معسكر الحرب، ووجود لوبيات مصالح وضغط وتأثير متعددة عليه.

– يقابل ذلك تعدد مراكز القوى الرافضة للحرب، وعدم بلورة توافق وطني حول برنامج سياسي واقتصادي لعملية انتقالية تقودها سلطة مدنية تعبّر عن الإرادة الشعبية، لا يشارك فيها حزب المؤتمر الوطني وواجهاته وحلفاؤه، حول ما بعد وقف الحرب وآلياته.

وأوضح خلف الله أن حزب البعث أجرى اتصالات وتفاهمات مع قوى عديدة حول مرتكزات التوافق وعناوين العملية السياسية وأولوياتها، بما في ذلك استعادة الحياة الطبيعية للمواطنين عبر توفير الأمن، واستئناف مؤسسات الدولة لواجباتها في تأمين السلع الضرورية والخدمات الأساسية وتيسير سبل المعيشة، إضافة إلى التحضير لإجراء الانتخابات العامة.

كما أشار إلى أن تعدد الأطراف والمبادرات الإقليمية والدولية دفع حزب البعث إلى المبادرة عبر التواصل مع قوى سياسية واجتماعية للتوافق حول آلية جامعة للتعامل مع المبادرات، بما يضمن التنسيق الفعّال وتقديم المصلحة العليا للوطن على أي حسابات آنية أو خاصة.

البرهان في زيارته الأخيرة لمصر تحدث عن السلام ودور الرباعية في حل الأزمة السودانية، مؤكدًا أنه مع التفاوض. ولكن فور عودته للبلاد، قال في خطاب أمام ضباط الجيش إنه لن يذهب للتفاوض ولا يقبل بأي حوار، سواء مع الرباعية أو غيرها. كيف تفسر هذا التناقض؟

التناقض إحدى السمات البارزة في خطاب الفريق البرهان، الذي يغلب عليه الارتجال منذ ظهوره كقائد للجيش ورئيس لمجلس السيادة، الذي انقلب عليه قبيل انتهاء رئاسة المكون العسكري له. وهي “إبرته” التي يشتري بها الوقت للمناورة مع الجميع، كما أن التناقض أصبح حرفته في الانتقال من حال إلى حال، ومن موقف إلى آخر.

إن التمعن في خطابه المرتجل، في المناسبة الاجتماعية التي أشرت إليها، يجعله أقرب إلى التمهيد الحذر والتهيئة الناعمة لاستقبال الرياح القادمة، وفي مقدمتها توجهات الرباعية وتوقيتاتها، دون فصل ذلك عن تعقيدات منظومة التكتيكات والتحالفات السياسية والاجتماعية والعسكرية والمالية التي نسج خيوطها خلال إدارته للحرب، وهو الآن مضطر إلى أن ينقض ما غزله بيديه، وربما يطبخ ذلك على نار هادئة، إدراكًا منه لحقل الألغام الذي يسير فيه.

هل يعني ذلك أن البرهان يخشى من انقلاب في حال ذهب إلى المفاوضات؟

الفريق البرهان، رغم إنكاره المستمر، هو أفضل من خدم “المتأسلمين” بعد سقوطهم السياسي في أبريل 2019، سواء بإعاقة الانتقال الديمقراطي وعدائه للجنة إزالة التمكين، أو بانقلابه الذي قاده مع قيادة الدعم السريع ومن تحالف معهما في أكتوبر 2020. ومنذ ذلك الحين، وأثناء سنوات الحرب، أعاد تمكينهم سياسيًا ووظيفيًا وأمنيًا وماليًا، بل واسترد إليهم، مع الزيادة، ما كانت قد طالته إجراءات لجنة إزالة التمكين.

فلماذا ينقلبون عليه “إن كان في الكأس باقٍ”؟ حتى الآن يكتفي المتأسلمون بالضغط الإعلامي على البرهان، والذي يصل أحيانًا إلى حد تخوينه والإساءة إليه وإلى الجيش، بهدف دفعه إلى “القفز داخل الحلبة وليس خارجها”، كلما لاح في الأفق ما لا يخدم مصالحهم.

المتأسلمون، بهذا المعنى، حريصون على شعرة معاوية التي يستخدمها الطرفان كلعبة ضمن هندسة موازين القوى. وبعد أن تفرقوا أيدي سبأ، مَنْ مِنَ المتأسلمين يمكن أن يُقدِم على قطع تلك الشعرة؟ دون إسقاط ذلك كاحتمال.

وفي إطار الاستعداد للمرحلة القادمة والإمساك بالشعرة، كلّف الفريق البرهان الفريق كباشي برئاسة اللجنة السياسية التابعة لمجلسه، والتي عقدت اجتماعات استمرت أربعة أيام وأصدرت بيانًا ختاميًا لما عُرف بـ”القوى السياسية وأطراف السلام” في بورتسودان بتاريخ 17 أكتوبر الماضي، وهي القوى التي أطلقت عليها المخيلة الشعبية بـ “اعتصام الموز”.

وقد استمات المجتمعون، والبيان الصادر عنهم، في الدفاع عن المتأسلمين في العديد من فقراته من خلال التأكيد على حوار سوداني سوداني يشمل الجميع “دون إقصاء لأحد”. واكتفى البيان في ختامه بالترحيب بـ”الجهود الدولية ومساعي وقف الحرب دون المساس بالسيادة والقرار الوطني”، من دون ذكر الرباعية أو الإشارة إلى الأطراف الإقليمية، مثل الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والإيغاد، رغم أنها المحرك الأساسي لهذا الحراك، وذلك ضمن لعبة “شعرة معاوية”.

ماذا لو رفض الجيش السوداني مقترحات دول الرباعية؟ ما السيناريو المتوقع؟

هذا سؤال افتراضي لاحتمال قائم، والإجابة عليه تعتمد على ما الذي سيتم رفضه تحديدًا من توجهات تعبّر في جانب منها عن مطالب ودعوات ظل ينادي بها تيار وطني واسع.

في مقدمة تلك المطالب وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين والبنية التحتية وفق القوانين الوطنية والدولية، وإيصال المساعدات، والدعوة إلى الحوار والحلول السلمية التوافقية.

ويعتبر حزب البعث هذه الخطوات إيجابية، شريطة أن تتم بإرادة سودانية خالصة، وبما يحافظ على وحدة السودان وسيادته واستقلاله، التي زعزعتها الحرب بخطاب أطرافها وتدخلات مموليها وداعميها. أما الرفض المطلق، فهو موقف عدمي يدفع البلاد نحو دوامة جديدة من المواجهات والعقوبات والتدخلات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here