خبير قانوني: قانون جرائم المعلوماتية لتكميم الأفواه لا لحماية الدولة

10
خبير قانوني: قانون جرائم المعلوماتية لتكميم الأفواه لا لحماية الدولة
خبير قانوني: قانون جرائم المعلوماتية لتكميم الأفواه لا لحماية الدولة

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. أكد الخبير القانوني المعز عثمان حضرة في حديثه لـ”أفريقيا برس” أن مجلس الوزراء لا يملك الصفة التشريعية لإجازة القوانين، مشددًا على أن الأولوية يجب أن تكون لإيقاف الحرب لا لتشديد العقوبات.

وقال إن القانون الجديد يستهدف كبت الرأي والرأي الآخر، وأضاف أن القوانين السابقة كافية ولا تحتاج إلى تعديلات، خاصة في ظل معاناة الشعب من الجوع والمرض.

وأوضح أن التعديلات تهدف لتخويف الناشطين وحرمانهم من فضح جرائم الحرب، معتبرًا أن ما يحدث ليس سوى محاولة لإسكات الأصوات المعارضة وتكميم الحريات.

أجاز مجلس الوزراء السوداني تعديلات واسعة على قانون جرائم المعلوماتية.. كيف ترى هذه الخطوة؟ وما الهدف منها؟

مجلس الوزراء ليس الجهة التي تجيز القوانين، فالمعني بإجازتها هو المجلس التشريعي، حتى وفقًا للوثيقة الدستورية المعطوبة. وزير العدل هو من يقترح للمجلس التشريعي إجازة القوانين، وفي ظل غياب المجلس التشريعي فإن الإجازة تتم عبر الاجتماع المشترك بين مجلس الوزراء ومجلس السيادة. وبالتالي، فإن مجلس الوزراء لا يملك الصفة القانونية للإجازة.

الواضح أن الهدف من هذه الخطوة هو تشديد العقوبات وتخويف الناشطين الذين يكشفون الفساد والمعلومات التي تدين حكومة بورتسودان. إنها خطوة لتكميم الأفواه، ولكنهم لا يتعلمون من التاريخ ولا يقرأونه، وإن قرأوه لا يفهمونه. ومهما تم استغلال القانون فلن يحد من هذا الفضاء المعلوماتي القوي، الذي مهما حاولوا محاصرته فلن يستطيعوا.

ولكن البعض يرى أن وضع السودان في حالة حرب يوجب إجازة قانون يحمي من الفوضى في وسائل التواصل الاجتماعي، إذ هناك نشر لمعلومات خطيرة تتعلق بسير المعارك وأخرى تسيء لرموز الدولة.. كيف ترد؟

كون السودان في حالة حرب ليس مبررًا لإجازة القوانين لوقف الفوضى. وقف الفوضى يتم عندما تتوقف الحرب، وعندما يأتي مجلس تشريعي يجيز القوانين. الآن لا توجد جهة تشريعية لتحدد القوانين.

هذه القوانين ليست سوى وسيلة لكبت الرأي والرأي الآخر. بالعكس، فإن مواقع التواصل الاجتماعي فضحت الجرائم الخارجة عن القانون التي ترتكبها ميليشيات وكتائب الإسلاميين. وإذا كانت هناك إساءة لرموز الدولة فالقانون الجنائي كفيل بها، ولا يحتاج إلى تعديلات جديدة.

ثمة من يقول إن الهدف من القانون الجديد هو تشديد العقوبات وإضافة تعريفات جديدة للجرائم الإلكترونية.. هل هذا صحيح؟

القانون السابق كان جيدًا وتم تعديله في الفترة الانتقالية، وفيه تشديد على العقوبات. لكن الواضح الآن أنه في ظل غياب المعلومات عن الحرب وجرائم الحرب التي ترتكبها كتائب الإسلاميين وميليشيات المؤتمر الوطني، فإن الهدف هو تخويف من يقومون بنشر هذه الجرائم.

فبعد أن عجزوا عن معاقبة الناشطين والمدنيين تحت قانون التعاون مع الدعم السريع وفتح بلاغات تقويض النظام الدستوري، لجؤوا إلى تجديد قانون جرائم المعلوماتية للحد من النشطاء الذين يفضحون جرائم المؤتمر الوطني.

ولكن في ظل الحرب الدائرة الآن، أليس من حق الدولة إصدار قوانين تحافظ على الأمن القومي وسيادة الدولة؟

في الظروف التي يمر بها السودان، الأولوية لإيقاف الحرب. والدولة لها جهة محددة هي المجلس التشريعي، وهو الجهة المخولة بإصدار القوانين. أما القوانين عندما تصدر لغرض كبت الرأي والرأي الآخر، فهذه ليست أولوية.

برأيك.. هل يحتاج السودان إلى قوانين جديدة أم أن القوانين القديمة كافية؟

القوانين القديمة كافية، وما يحتاجه الشعب الآن هو وقف الحرب، لأنها في حد ذاتها أكبر جريمة. هناك حاجة لإعادة الوثيقة الدستورية بما تتضمنه من حقوق وحريات، وإلغاء كل التعديلات التي كبّدت الناشطين. نحن لا نحتاج لتعديل قانون جرائم المعلوماتية، فهذه ليست أولويات لشعب يموت بسبب حمى الضنك والملاريا والجوع، وتقتله المسيرات. لكنهم يريدون كبت وتكميم الأفواه.

هذا يعني أن قانون جرائم المعلوماتية الجديد هو تحجيم للفكر والنقاش ومصادرة لحرية الرأي؟

بالطبع، القانون الجديد هو تحجيم للفكر والنقاش وتكميم للأفواه ومحاربة للناشطين، بعد أن فشلوا في محاكمتهم بالقوانين العادية مثل ما يسمى بالتعاون مع الدعم السريع. فالقانون لا يتضمن جريمة بهذا الاسم. وبالتالي، هذا القانون الجديد مجرد وسيلة لتكميم الأفواه ومحاربة ناشطي ثورة ديسمبر.

هل القانون الجديد محاولة لإسكات كل صوت ضد ما يُحاك خلف الغرف المغلقة؟

نعم، بالفعل يمكن أن يذهب القانون لمحاربة كل المعارضين، وليس السياسيين فقط، بل المدنيين والنقابيين أيضًا. فبعد أن فشلوا في استغلال القوانين الموجودة، أصبحوا يريدون سن قوانين جديدة لكبت الرأي الآخر.

ما الجديد في القانون المقترح؟ وهل كان موجودًا من قبل؟

أعتقد أن مشروع القانون الجديد ليس فيه جديد سوى تشديد العقوبات، واقتراح قوانين ضد التحول الديمقراطي وضد الحريات والرأي الآخر. الهدف الواضح هو كبت الصوت الآخر والناشطين والقانونيين الذين يفضحون جرائم حكومة بورتسودان.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here