صمود: التواصل مع الإسلاميين غير مجدٍ فهم دعاة فتنة

52
صمود: التواصل مع الإسلاميين غير مجدٍ فهم دعاة فتنة
صمود: التواصل مع الإسلاميين غير مجدٍ فهم دعاة فتنة

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. لا تزال حرب السودان مستعرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتعج الساحة السياسية بعدد من القضايا الملحة، حيث تسعى عدد من القوى السياسية لوقف الحرب عبر أطروحة المفاوضات، بينما ترى قوى أخرى ضرورة استمرار الحرب حتى القضاء على قوات الدعم السريع، لجهة أنها قتلت وشردت السودانيين. في هذا السياق، حاورت “أفريقيا برس” القيادي بتحالف القوى المدنية الديمقراطية “صمود” مصباح أحمد محمد، في الحوار التالي:

رغم الحصار في الفاشر لمدة عامين، ولكن المجتمع الدولي ظل يصمت ولم تدخل المساعدات. برأيك، لماذا يتأخر المجتمع الدولي في إنقاذ مواطني الفاشر؟ وهل القوى المدنية الديمقراطية “صمود” لديها محاولات لحث المجتمع الدولي لتقديم مساعدات للمدنيين في الفاشر؟

تمثل الفاشر بؤرة لمعاناة إنسانية غير مسبوقة وكارثة تطاول أمدها بسبب الحصار واستمرار الحرب. وقد بذلت القوى السياسية منذ بداية الحرب جهودًا كبيرة لتجنيب الفاشر ويلات الحرب وحماية المدنيين، لكن إصرار الأطراف المتحاربة على خوض المعارك وسط المدنيين ضاعف المأساة. ولم يعد مقبولًا استمرار هذه المعاناة، لذلك ندعم المبادرات الداعية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة.

وفي هذا الإطار، عقد تحالف “صمود” لقاءات عدة مع جهات دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، حول الأزمة الإنسانية في البلاد، وقدم رؤية تبنتها الآلية الرباعية لمعالجة الوضع الإنساني، تبدأ بهدنة إنسانية لثلاثة أشهر وتسهيل وصول المساعدات إلى جميع المناطق المنكوبة، وعلى رأسها الفاشر. ونحن نعتقد أن هذه الخطة يجب أن تُدعم بآليات تنفيذية ومراقبة دولية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.

هل “صمود” يمكن أن تتواصل مع الدعم السريع لإقناعه بفتح مسارات للمساعدات الدولية في الفاشر؟

“صمود” على تواصل مستمر مع جميع الأطراف بهدف حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وهو تواصل لم ينقطع منذ اندلاع الحرب. وظلت تطالب وتشجع الأطراف كافة على الالتزام بتعهداتهم الواردة في اتفاق جدة، ونؤكد أن الغاية النهائية هي التوصل إلى حل جذري للأزمة ووقف الحرب عبر التفاوض بين طرفي النزاع، والحل السياسي عبر العملية السياسية التي تجمع المكونات السياسية والمدنية السودانية.

ظلت “صمود” تكرر دائمًا أن المؤتمر الوطني والإسلاميين أشعلوا الحرب ويريدون استمرارها حتى تحقيق أهدافهم. لماذا لا تتواصلون مع الإسلاميين لوقف هذه الحرب باعتبارهم من أشعلوها؟

الإسلاميون يرفضون أي مبادرة لإنهاء الحرب، وقد عرقلوا كل الجهود الوطنية والدولية بدءًا من مبادرة جدة، مرورًا بالمنامة وسويسرا، وصولًا إلى مبادرة الرباعية الأخيرة التي حظيت بدعم المجتمع الدولي وترحيب القوى السياسية والمدنية، باستثناء الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني اللذين رفضا المبادرة، وهما يستثمران في الحرب من أجل العودة إلى السلطة على جماجم السودانيين.

لذلك فإن التواصل معهم غير مجدٍ في ظل مواقفهم المتطرفة، فهم دعاة فتنة وشر، ومصالحهم تتعارض مع مصلحة الوطن والشعب السوداني، ولا يعنيهم نزيف الدماء ولا دمار البلاد ومؤسساتها.

بحسب محمد الفكي، إنكم تريدون عودة التحالف القديم “صمود.. الجيش.. الدعم السريع”. لماذا تتحالفون مع الدعم السريع الذي قتل وهجّر السودانيين؟

نحن لا نتحدث عن عودة لأي تجربة سابقة، بل عن حلول وطنية لأزمات السودان عبر مشروع وطني جديد يقوم على عقد اجتماعي جامع، يعالج الأزمة الوطنية بإرادة موحدة وإصلاح مؤسسي حقيقي، بما في ذلك بناء جيش قومي مهني بعيد عن السياسة وغير خاضع لتدخلات أي جهة سياسية. وقد قدمنا رؤية واضحة في هذا الاتجاه.

أما حديث الأخ محمد الفكي، في نظري، فقد جرى تحويره واقتطاعه من سياقه؛ فهو لا يعني العودة للماضي، بل يهدف إلى مواجهة الإسلاميين المتطرفين عن التأثير الضار في الحرب الحالية، إذ أنهم يستغلون الطرفين للاستمرار في إشعالها وتأجيج الصراع بينهما. فالحركة الإسلامية ليست تنظيمًا سياسيًا بقدر ما هي جماعة مسلحة تمارس الإرهاب بأشكاله المختلفة.

ربما أخطر ما قاله محمد الفكي هو عرض البرهان للموانئ والأراضي السودانية للخارج من أجل بقائه في السلطة. هل هذا الحديث صحيح؟ وهل البرهان لديه تحالف خارجي للبقاء في السلطة، خاصة أن شواهد كثيرة تؤكد طموحه الكبير للتمسك بالحكم؟

ليست لدينا معلومات مؤكدة حول ما نُسب إلى البرهان، لكن ما يهمنا هو أن نمضي في بناء جبهة وطنية عريضة لتعزيز الضغط الشعبي وتشجيع خطوات العودة إلى طاولة التفاوض من أجل وقف الحرب ورفع معاناة السودانيين كأولوية.

وعندما يتوقف صوت السلاح ويبدأ الحوار الجاد، ونصل إلى الاستقرار، لا بد من أن تكون هناك لجان تحقيق شفافة لكشف من أشعل الحرب، ومن ساعد في استمرارها، ومن أفسد وبدد أموال الشعب، حتى تتحقق العدالة للمظلومين في هذه الحرب وما قبلها، لنصل إلى التعافي الشامل ويترسخ حكم مدني ديمقراطي قائم على قيم الحرية والعدالة والمساواة والسلام.

كل العالم يعلم أن الإمارات هي الشريك الأساسي مع الدعم السريع في قتل وتهجير السودانيين، وذلك وفقًا لمنظمات وصحف عالمية أكدت أن الإمارات تدعم الدعم السريع بالمال والسلاح. هل يمكن لكم في صمود إقناع الإمارات بوقف دعم الدعم السريع؟ وماذا تريد الإمارات من السودانيين؟

كل الحروب في السودان، قديمها وحديثها، ارتبطت بتدخلات خارجية، كما أن السودان نفسه تدخل في صراعات دول أخرى مثل حرب اليمن. ولذلك فإن الحرب نفسها مدعاة للتدخل الخارجي لأنها توفر بيئة وتحالفات لذلك، وبالتالي فإن وقف الحرب هو السبيل الوحيد لوقف التدخلات الخارجية كافة. استمرار النزاع يعني استمرار التدخل الخارجي وانتهاك السيادة الوطنية من أطراف متعددة، ومحاولة تجاوز هذه الحقيقة غير مجدية؛ فالمشكلة الأساسية هي الحرب نفسها، وهي المرض الذي يجب معالجته.

أما بالنسبة للعلاقات الخارجية، فإن “صمود” ليست لها صلات خاصة بأي جهة خارجية، بل تنطلق من موقف وطني محايد، وتسعى لبناء علاقات متوازنة مع جميع الأطراف الدولية بما يخدم مصلحة الوطن والشعب السوداني. ومن هذا المنطلق، فإننا ظللنا نطالب على الدوام بوقف كل أشكال الدعم التي تغذي الصراع، أيًا كان مصدرها، وما زلنا نشدد على أن الدعم المطلوب من المجتمع الدولي ينبغي أن يتجه نحو الإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار، ودعم الاستقرار لا نحو تأجيج القتل والدمار.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here