أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. في هذا الحوار مع “أفريقيا برس”، يكشف القيادي بحزب الأمة القومي يوسف هارون الشنبلي تفاصيل حول الإطاحة برئيس حزب الأمة القومي. كما يتناول الشنبلي تداعيات مشاركة الحزب في ميثاق كينيا، ومدى تأثير هذه المشاركة على تماسك الحزب في الفترة المقبلة.
كيف تنظر إلى قرارات قيادات حزب الأمة بشأن الإطاحة برئيس الحزب فضل الله برمة ناصر؟
إن مشاركة اللواء فضل الله برمة ناصر في الميثاق السياسي الداعي إلى تكوين حكومة منفى في مناطق سيطرة الدعم السريع وتوقيعه على الميثاق كانت قرارًا فرديًا اتخذه الرئيس المكلف دون علم أو تفويض من المؤسسات. ويعد ما أقدم عليه تصرفًا غير دستوري وغير مؤسسي، لا يمثل الحزب، بل يعكس موقفه الشخصي، خاصة أنه اعتاد تجاوز المؤسسات وعدم الالتزام بقراراتها.
عند تكليف اللواء فضل الله برمة ناصر برئاسة الحزب، كان هذا التكليف مشروطًا بالتوافق داخل مؤسسة الرئاسة، التي تضم تسعة عشر عضوًا، على أن تُتخذ القرارات من خلال الشورى والتراضي بين جميع أعضاء المؤسسة.
هل تُعد مشاركة برمة في الميثاق مخالفة لدستور الحزب؟
بالطبع، خالف الرئيس المكلف الدستور والقانون وجميع اللوائح المنظمة لعمل الحزب، حيث تصرف بشكل منفرد دون الرجوع إلى الأجهزة المختصة أو التشاور مع المؤسسات التي يستمد منها صلاحياته. بناءً على ذلك، اجتمعت مؤسسة الرئاسة بالحزب وحصرت جميع التجاوزات والمخالفات التي ارتكبها الرئيس المكلف، وقررت إعفاءه من منصبه وسحب الثقة منه، مع تكليف الأستاذ محمد عبدالله الدومة برئاسة الحزب ومنحه جميع سلطات وصلاحيات الرئيس المنتخب. وقد تم هذا التكليف بالتوافق بين أعضاء مؤسسة الرئاسة، وفي حال تعذر التوافق، يتم اتخاذ القرار بأغلبية خمسين بالمئة زائد واحد.
كان هذا الإعفاء ضروريًا نظرًا لمخالفة الرئيس المكلف للقانون والدستور وانحرافه عن مبادئ الحزب وخطه السياسي، مما أدى إلى جرّه إلى التحالف مع مليشيا إرهابية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية بحق الشعب السوداني، بما في ذلك قواعد وجماهير حزب الأمة القومي. وبالتالي، فإن هذا التحالف يتعارض مع إرادة ورغبة ومصلحة جماهير الحزب. لقد عانى الحزب كثيرًا من مواقف الرئيس المكلف، حيث أدى تصرفه إلى تصنيف الحزب كمتعاون مع هذه المليشيا، مما أضر بسمعته بشكل بالغ. ورغم تأخر قرار إعفائه، إلا أن اتخاذه الآن يساهم في تصحيح المسار وإزالة اللبس، بما يعيد للحزب وضوح رؤيته ومواقفه الحقيقية.
قبل التوقيع على الميثاق السياسي، منح الحزب الرئيس المكلف خيارين: إما الاستقالة من الحزب أو الامتناع عن المشاركة في الميثاق السياسي باسمه. وإن أصر على المشاركة، فلا يجوز له حضور الاجتماع بصفته رئيسًا لحزب الأمة القومي. لكن الرئيس المكلف اختار الاستمرار في موقفه، وحاول اختطاف الحزب والتحدث باسمه رغم رفض المؤسسات لذلك. ولأنه كان يدرك رمزية الحزب وتأثيره، تعمد الزج به في هذا الموقف المتناقض مع مبادئه وأهدافه.
الرئيس المكلف السابق، اللواء فضل الله برمة ناصر، ارتكب العديد من المخالفات، من أبرزها الانضمام إلى تحالف وتنسيقية (تقدّم) دون موافقة الحزب، ولقاؤه مع قائد الدعم السريع في إثيوبيا والتوقيع على اتفاق معه، وأخيرًا مشاركته في التوقيع على الميثاق السياسي، إضافة إلى خرقه للدستور ولوائح الحزب المتفق عليها.
ومن بين المبادئ الأساسية التي خالفها الرئيس المكلف السابق، رفض الحزب الاعتراف بالمليشيات أو التعامل معها، وإدانة جميع انتهاكاتها، ورفض العنف والانقلابات العسكرية، إضافة إلى رفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد، ورفض علمانية الدولة، ومناهضة أي إجراءات تؤدي إلى تقسيم البلاد، مع الدعوة إلى مشاركة جميع المكونات السياسية دون إقصاء أو تهميش.
ألا ترى أن المشاركة في لقاء كينيا قلل من رصيد حزب الأمة؟
المشاركة لم تخصم من رصيد حزب الأمة القومي بل خصمت من الرئيس المكلف السابق فضل الله برمة ناصر والذين ذهبوا معه من عضوية الحزب هم أقلية لا تزيد عن 5% بأكثر تقدير وكل جماهير الحزب بمؤسساته المركزية والولائية وقطاعاته المختلفة تقف خلف المؤسسات وتدعم و تؤييد وتساند كل قرارات مؤسسات الحزب والسبب في ذلك أن اشواق وتطلعات الجماهير كلها تقف صفا واحدا ضد المليشيا المتمردة وكل من يتحالف مع هذه المليشيا يكون منبوذا ومعزولا من جماهير الحزب والأن يعتبر موقف الحزب ضد الرئيس المكلف شهادة براءة للحزب من كل التهم التي وجهت إليه
بالتحالف مع المليشيا المتمردة وهذه سوف تحقق مكسبا كبيرا للحزب وتزيد من شعبيته، وبالنسبة للرئيس المكلف تعتبر هذه الخطوة إنتحار سياسي ونهاية لكل التاريخ الذي تقلد فيه رئاسة أكبر حزب سياسي وتحول إلى ناشط سياسي أو شيخ قبيلة وبذلك يكون قد هبط من الثريا إلى الثرا، وفي تقديري أن الرئيس المكلف قد أراد بهذه الخطوة الإنحياز والولاء إلى القبيلة بدل الحزب و إشباع رغباته في الحكم والسلطة والجاه والمال على حساب المبادي وجماهير الحزب استهجنت سلوكه وما أقدم عليه من تصرفات وطالبت بفصله من الحزب نهائيا وتعتبره ( باع المبادي وحرق نفسه وانتحر سياسيا ).
يبدو أن حزب الأمة، بعد قرار الإطاحة ببرمة، أصبح أقرب إلى الجيش. ألا تتفق مع هذا الرأي؟
ليس صحيحًا أن الإطاحة باللواء فضل الله برمة ناصر جاءت بهدف التقارب مع الجيش، فالمخالفات التي ارتكبها لا علاقة لها بموقف الحزب من المؤسسة العسكرية. والدليل على ذلك أن مؤسسة الرئاسة، التي اتخذت القرار، تضم تيارات مختلفة، من بينها تيار محايد، وتيار مناهض للجيش، وتيار يؤيد دعمه. ومع ذلك، فإن الإقالة جاءت بسبب تغييب المؤسسات، والتحالف مع المليشيا المتمردة، التي يعتبرها التيار المحايد طرفًا في الصراع ومرتكبةً لجرائم ومجازر.
السبب الأساسي لهذا الإعفاء كان تجاوز المؤسسات وعدم احترام قراراتها، إضافة إلى اتخاذ قرارات فردية، مثل المشاركة في مؤتمر حكومة المنفى دون تفويض رسمي، والتحدث باسم الحزب وصفته كرئيس، رغم رفض مؤسسات الحزب لذلك. ولم يكن هدف الحزب من هذه الخطوة استمالة الجيش أو التقارب معه، بل إن هناك تيارات متعددة داخله ترى أن الحياد هو الأنسب في هذه المرحلة لوقف الحرب، بينما يرى آخرون دعم الجيش، وهو ما يعكس تنوع الآراء داخل الحزب. وفي النهاية، القرار الأول والأخير يعود إلى المؤسسات، بشرط أن يتماشى مع دستور الحزب ومبادئه وأعرافه وبرنامجه السياسي المعتمد.
ألا تتفق أن حزب الأمة فقد البوصلة بعد وفاة الصادق المهدي؟
ترك الإمام الصادق المهدي فراغًا كبيرًا في الحزب يصعب ملؤه، وتأثر الحزب والوطن برحيله، نظرًا لما كان يتمتع به من كاريزما وحكمة وشعبية لم تتوفر في غيره من قادة حزب الأمة القومي. ومع ذلك، لم يفقد الحزب البوصلة، لأن الإمام الراحل ترك وراءه مؤسسات مكتملة وبرنامجًا فكريًا متكاملًا، بالإضافة إلى إرث سياسي وتنظيمي، ومبادئ ثابتة، وخط سياسي واضح.
إذا التزمت القيادة الحالية بدستور الحزب وقرارات مؤسساته، وسارت على نهج الإمام الصادق ومبادئ الحزب، وعملت على تحقيق مصالح وتطلعات الجماهير، فإنها قادرة على سد الفراغ والحفاظ على الحزب من الضعف والانهيار، خاصة في ظل الانشقاقات ومحاولات بعض الأطراف إضعاف الحزب والتشكيك في مواقفه، وتصنيفه كموالٍ لمليشيا الدعم السريع.
ألا يؤثر قرار إقالة برمة على تماسك الحزب؟ هل يؤدي ذلك إلى انشقاق داخلي؟
قد يحدث انشقاق بسيط جدًا بين بعض القيادات والكوادر، لكن القاعدة الجماهيرية العريضة للحزب لن تتأثر إطلاقًا بخروج بعض الأفراد. فقد ذهب فضل الله برمة ناصر بشخصه ولم يأخذ الحزب معه، فالحزب كالشجرة الكبيرة التي لا تتأثر بتساقط أو ذبول بعض الأوراق الصفراء التي تهزها الرياح.
لم أرَ موقفًا توحدت فيه إرادة الحزب أكثر من الإجماع على رفض ما قام به برمة ناصر، وهو ما زاد الحزب تماسكًا وقوةً، وأعاد للمؤسسات هيبتها ودورها في الدفاع عن مبادئ الحزب، وتفعيل اللوائح التنظيمية على الجميع. وأكد هذا القرار أن القانون والدستور فوق الجميع، ولا أحد فوق المحاسبة، مما يعكس التزام حزب الأمة القومي بالمؤسسية والشورى وفقًا لدستوره.
أما الذين ذهبوا مع برمة ناصر، فهم قلة قليلة، لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وبعضهم يتقلد مناصب في الحزب. وسيتم محاسبتهم من قبل الأجهزة المعنية، وغالبًا سيتم إعفاؤهم واستبدالهم بقيادات وكوادر أكثر التزامًا بمبادئ الحزب ونهجه السياسي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس