أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. بتحرير منطقة “صالحة” جنوب أم درمان يكون الجيش السوداني قد حرر بالكامل عاصمة السودان “الخرطوم” من قوات الدعم السريع. الخرطوم العصية العنيدة أصبحت في قبضة الجيش. كيف حدث ذلك؟ وما الأسباب التي جعلت الخرطوم تخضع للجيش بعد عامين من سيطرة قوات الدعم السريع عليها؟
وكان الجيش السوداني، خلال الأيام الماضية، قد تمكّن من استعادة منطقة “صالحة”، التي اتخذتها قوات الدعم السريع معقلًا لها ولمخازن الوقود والسلاح.
وقبل صالحة، سيطر الجيش السوداني على مناطق شرق النيل ووسط الخرطوم وجنوبها، كما سيطر على كل الجسور. وبتحرير الخرطوم، يكون الدعم السريع قد تلقى ضربة موجعة. فكيف خسرها؟
تكتيك جديد
في رده على سؤال “أفريقيا برس” بشأن الأسباب التي أدت إلى تفوق الجيش على قوات الدعم السريع في الخرطوم، قال الخبير العسكري ياسر أحمد الخزين إن الجيش السوداني اتخذ تكتيكًا جديدًا تجاوز النظريات المُدرسة في الكليات والأكاديميات العسكرية، وذلك بفضل تراكم خبرات قيادته وخوضهم عمليات متعددة ضد التمرد منذ تخرجهم ضباطًا حتى بلوغهم رتبة “الضابط العظيم”. وأضاف أن ما اتخذه الجيش من تكتيك يجب أن يُدرّس، حيث عمل على الحفاظ على مقراته ومواقعه العسكرية، مما أكسبه نجاحًا في الدفاع وصد الهجمات المتكررة، وهذه هي العقيدة العسكرية التي بُني عليها الجيش.
ويرى الخزين أن تفوق الجيش في الخرطوم يرجع إلى الطيران المسيّر والطيران الحربي، إذ قال إن هذه الوسائل دمّرت الأسلحة الثقيلة والنوعية التي كان يعوّل عليها المتمردون والغزاة، وذلك رغم كثافة أعدادهم ونيرانهم وبعد مدى أسلحتهم. وتابع: بعد ذلك، انتقل الجيش من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، مما أكسبه مساحات جديدة خارج مناطقه التي كانت شبه محاصرة، إلى جانب العمليات النوعية التي نفذتها مجموعات قوات العمل الخاص وكتائب المجاهدين، مما أحدث رعبًا في صفوف المتمردين وجعلهم يتراجعون وينسحبون من كثير من المواقع.
وفي ما يتعلق بكيفية حسم المعركة في الخرطوم، أوضح الخزين أن القوات المسلحة عملت على عزل وحدات التمرد بعضها عن بعض، مما أفقدها خاصية “نظام الفزع” التي تُجيدها هذه القوات من خلال سرعة الحركة والانتشار، وذلك بالتزامن مع ضرب مراكز الاتصال بين قادتها وغرف السيطرة لإدارة العمليات، بل واختراق بعضها.
ويشير الخزين إلى أسباب أخرى، من بينها نداء القائد العام للجيش للتعبئة العامة، والذي أسفر عن انخراط عشرات الآلاف من المستنفرين والقوات المؤهلة سابقًا ممن لديهم خبرات وتدريب عالٍ خلال التمردات السابقة، خاصة قوات الدفاع الشعبي، وعزة السودان، والدبابين، والسائحين، وعودة هيئة العمليات بجهاز المخابرات العامة. وتابع: كذلك من أسباب النصر تسيير قوافل الدعم للمجهود الحربي، ماديًا ومعنويًا وعينيًا، مما وفّر على قيادة الجيش عناء تأمين الإمدادات و”التشوين”.
عمليات نوعية
يرى المحلل السياسي مجدي عبد القيوم “كنب” أن الجيش السوداني، لتحرير الخرطوم، استخدم عددًا من الخطط بدأت بالسيطرة على الجسور أو الكباري في العاصمة لقطع طرق الإمداد عن الميليشيا، وفي الوقت نفسه السيطرة على منافذ الدخول إلى حدود ولاية الخرطوم، مؤكدًا أن ذلك شكّل طوقًا على قوات الميليشيا، ومهّد لتنفيذ عمليات نوعية.
وأضاف في تصريح لموقع “أفريقيا برس” أن جهاز الاستخبارات والقوات الخاصة كان لهما دور كبير في تحرير الخرطوم، إذ استهدفت هذه القوات مراكز القيادة والسيطرة، ومخازن الإمداد “التشوين” الخاصة بالميليشيا، ومنصات المراقبة والتشويش، مشيرًا إلى أن هذا التكتيك أدى إلى انهيار القوة الصلبة للميليشيا، مما جعل، بحسب مجدي، عملية السيطرة على الخرطوم سهلة.
وأكد أن كل هذه العوامل ساهمت في انتصار الجيش في معركة الخرطوم، واعتبرها مقدمة للانتصار الكامل في الحرب، خصوصًا أن معركة “صالحة” أظهرت أنها كانت المركز الرئيسي للقيادة، على ما يبدو، من خلال كميات ونوعية الأسلحة التي وقعت تحت سيطرة الجيش.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس