أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. ربما هنالك الكثير والمثير يدور داخل الغرف المغلقة بين العسكر والسياسيين، وهذا يقرأ من خلال حديث الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، إذ كشف الرجل عن تنازلات قدمتها القوى السياسية في آخر لقاء جمعهم، كما رحب البرهان بذات التنازلات التي لم يفصح عنها، وهو الأمر الذي جعل “أفريقيا برس” تبحث عما قدمته القوى السياسية من تنازلات للعسكر.
دماء جديدة

ويرى عضو المكتب السياسي لحركة “حق” مجدي عبدالقيوم “كنب” أن التنازلات التي يقصدها البرهان هي موافقة القوى السياسية على فكرة المجلس الاعلى للقوات المسلحة على اعتبار أنها كانت النقطة المختلف حولها فيما يتعلق بهياكل الحكم. وحول حديث البرهان بشأن البشريات التي أطلقها، قال كنب لموقع “أفريقيا برس”؛ “لا اعتقد ان هناك بشريات تلوح فى الأفق على الأقل حتى الآن وربما كان توافر عنصر الإرادة السياسية لحل الازمة هو ما بدأ الآن جليا لدى كل الفاعلين فى المشهد وهذا بيت القصيد”، وبحسب “كنب”؛ شروع المجلس المركزي في خطوات عملية لتوسيع قاعدة هذا التحالف بضم قوى لها ثقل سياسي ووزن جماهيري حقيقي وبالتالي قدرة على رفد المجلس المركزي بدماء جديدة مثل الاتحادي الاصل والمؤتمر الشعبي.
وكان الفريق البرهان أطلق بشريات للسودانيين، مؤكدا أن موعد التوافق بين القوى السياسية بات قريبا، وقال البرهان: كل ما وجدنا طريقََا لإخراج البلاد سنسلكه ولن نتردد ولن ننتظر أحد وأي مبادرة تخرج البلاد لبر الأمان سنسير فيها.
عمل إيجابي
مصدر فضل ذكر إسمه قال لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن حديث الفريق أول عبدالفتاح البرهان عن تنازل قوى الحرية والتغيير هو قبولها بالقوى السياسية التي شاركت النظام السابق مثل المؤتمر الشعبي والاتحادي الاصل وانصار السنة”، مؤكدا “إنه عمل ايجابي وتنازل في صالح الوطن”، وأضاف “كذلك البرهان هو ايضا لمح الى ضرورة تقديم مزيد من التنازلات من جميع القوى السياسية السودانية لبناء توافق سياسي سوداني يسع الجميع عدا المؤتمر الوطني لقيادة الفترة الانتقالية”، وهذه التنازلات بحسب المصدر مطلوبة من الجميع وليس فقط من قحت مستدلا بقول البرهان أنهم كعسكريين قدموا تنازلات كبيرة، ويبدو بحسب المصدر أن البرهان يلمح إلى إعلانهم بالخروج من السلطة التنفيذية وضرورة إقدام الجميع على تقديم تنازلات وهذا يعني بحسب المصدر ضرورة فتح اتفاقية جوبا للسلام للنقاش حول بنودها خاصة المستحقات المالية ومسارات الشرق والشمال والوسط إضافة لامتيازات طلاب دارفور وربما مناقشة حصتها في الحكم. وشدد المصدر على ضرورة مراعاة ظروف البلاد الاقتصادية من الجميع بجانب مراعاة أن معظم الأقاليم سواء في الفقر لكن الشرق أشدها بؤسا ويتطلب معاملة خاصة.
محض اختلاق

ويقول القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن حديث الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عن تنازلات قدمتها القوى السياسية وإعلانه الترحيب بها، هو محض اختلاق لأكاذيب لا يصدقها البرهان ذات نفسه فهو يعلم يقينا أنه الذي تنازل إرغاما، فهو لم يستطع تشكيل حكومة الانقلاب لسنة تامة عجفاء، تراجع فيها الأداء الحكومي وأزهقت فيها أرواح لخيرة شباب الوطن”، منبها إلى أن التنازل الوحيد الحقيقي الذي قدمته قيادة بعض القوى السياسية هو العودة للجلوس مع البرهان الذي زجها في السجون وأذلهم واغتصب سلطتهم، وأضاف مشيرا إلى أن هذا هو التنازل الأكبر. وأضاف بأنه “ينظر لحال البلد وهمنا أن نرى الشعب السوداني يعيش حياة مستقرة ويأمن على نفسه” ويرى عروة ان ذلك يكذب الواقع فهو “البرهان” الذي بحسب عروة عطل أبسط المعونات التي تقدمها الحكومة لإعانة البسطاء والفقراء ودمر البنية الاقتصادية للبلاد وحجب عنها فرص تنموية كان بالإمكان أن توظف ما لا يقل عن مليوني شخص في قطاعات الطاقة والزراعة والانتاج، متسائلا “فعن أي استقرار يتحدث؟، وهو الذي جرف الحياة الاجتماعية بانقلابه وصمت عن الاعتداءات المسلحة التي صارت سمة غالبة في كثير من الولايات وهددت جماعات منفلته أمن المدن والحواضر.
أما حديثه عن وحدة لحمة البلاد يقول عروة “فقد حقق عكسه بانقلابه وقسم الحياة العامة والأحزاب السياسية والكيانات الاجتماعية وجسم الثورة السودانية وزرع الفتن والشقاق بين مكوناتها واخترق عمق القبائل وجند هو ونائبه قيادتها كل لصالح مشروعه فاندلعت الخصومات بين أبناء الرجل الواحد”.
وكان البرهان قال في خطابه الأخير، “إن القوات المسلحة لن تتقهقر ولن تترك هم السودان وحفظ أمنه وأهله”؛ واضاف “اجتهدنا في الحفاظ على لحمة البلد وسنظل كذلك”.
أما حديث البرهان عن الفرح الذي حرم منه الشعب السوداني، يقول عروة “تسبب البرهان شخصيا في غياب الفرحة عن مئات الأسر وللأبد بارتكابه جرائم في حق أبناء الشعب السوداني واستخدام سلطته لقتل وتصفية شباب نضر لم يخرجوا إلا بحناجرهم وهتافاتهم المناوئة لنظام حكمه”، فيقول عروة “فحرمهم الفرح أبدا، وهرب من هذه الحقيقة ليزف نحو مئتي شاب في حفل زواج جماعي وصحف الخرطوم، تنشر بصورة يومية دعاوى طلاق للغيبة والنفقة متوسط الحالات اليومية خمسمائة حالة”، وأضاف “وكأن الفرح يمد لسانه ليقول للبرهان زوجهم اليوم وأفقرهم ليتطلقوا غدا”، مشيرا إلى أن هذه الأزمات الاجتماعية مارسها المخلوع من قبله فأورث البلاد أعداد لا حصر لها من المطلقات والعوانس والأطفال المأزومين. وأشار البرهان في خطابه إلى أن الشعب السوداني محروم من الفرح بسبب المخاطر والمهالك.
وبشأن حديث البرهان عن عوته للتوافق الوطني الذي يخرج الدولة السودانية لبر الأمان يقول عروة “هذا يعني به فتح الباب للسدنة والفلول ليدخلوا بعد أن أشرعه على مصراعيه وأعادهم للخدمة المدنية ومنحهم امتيازات كبيرة ومكنهم من أموال منهوبة وأصول معتدى عليها من قبل التنظيم والحركة المحلولين”، وأضاف “أما قوله: نرى المزايدات والتناقضات والكذب والتلفيق في حق المؤسسة العسكرية، فهو احتماء بالمؤسسة التي يجلها ويحترمها الشعب السوداني وقد حمل عناصرها الذين ناصروه في الثورة على أعناقهم واحتفى بشهدائها الذين قضوا نحبهم وهم يدافعون عن شباب الثورة في بوابات القيادة العامة”، وهذا الاحتماء بالقوات المسلحة يقول عروة فيه “استعداء مبطن وخلق فتنة عكف على بثها عناصره من خبراء ومحللين عسكريين واستراتيجيين يردد البرهان حماقاتهم، وكل ذلك هدفه مواراة عملية التجريف التي تمت في القوات المسلحة السودانية والإحالات التي تمت على يد البرهان لمجموعة كبيرة من الضباط وقادة الأسلحة بعضهم مناوئون له وبعضهم نفذ بهم الانقلاب فأقالهم كنوع من جزاء سنمار”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس