مبادرة حمدوك .. هل تخرج السودان من أزماته؟

14
مبادرة حمدوك .. هل تخرج السودان من أزماته؟
مبادرة حمدوك .. هل تخرج السودان من أزماته؟

أفريقيا برسالسودان. أحمد جبارة – وجدت مبادرة حمدوك والتي جاءت تحت عنوان ” الازمة الوطنية وقضايا الانتقال ” ردود افعال وأسعة ، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن المبادرة محاولة لحل أزمة الفترة الانتقالية ، اعتبر البعض الاخر إنها رسمت صورة قاتمة للمشهد السياسي ولمكونات الفترة الإنتقالية ، مؤكدين إنها ستؤدي إلى إنهيار مشروع الدولة السودانية وليس الفترة الإنتقالية ، وبين هذا وذاك يذهب أخرون ، إلى إن المبادرة الهدف منها تهدئة الشارع السوداني المنتفض و الذي ينتظر ٣٠ يونيو ليسقط الحكومة ، لافتين إلى أن حمدوك في مبادرته وجه تطمينات للشارع مفادها إنه ” شخص ازمة الفترة الانتقالية وإنه يسعى لمعالجتها ” .

أزمة شاملة

وأطلق رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، الاول مبادرة قال ، إنها ستكون لتحصين المسار الديمقراطي في البلاد، وفيما شملت المبادرة توحيد الكتلة الانتقالية، وإصلاح القطاع العسكري والأمني وتوحيد الجيش، وتوحيد السياسة الخارجية، والالتزام بتنفيذ اتفاق السلام الشامل، ومعالجة قضية العدالة بما يضمن عدم الإفلات من العقاب، والتوافق على برنامج اقتصادي عبر حوار شامل، وتفكيك دولة نظام الإخوان السابق لصالح دولة الوطن وتكوين المجلس التشريعي خلال شهر ، قال حمدوك في الوقت ذاته ، إن البلاد تعيش واقعا معقدا وتشهد أزمة وطنية شاملة أرجعها إلى الفشل في تحقيق الإجماع الوطني الشامل ، مؤكدا أن الشراكة تواجه تحديات وتشظيا بين المكون العسكري نفسه والمدنيين ، و أشار إلى الإنجازات التي تحققت على مستوى الانفتاح الخارجي ونجاح الحكومة في شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وقال حمدوك إنه شرع في إجراء لقاءات ومشاورات واسعة مع قيادات السلطة الانتقالية والقوى السياسية والمدنية وقوى “ثورة ديسمبر” وذلك بخصوص تطوير مبادرات تهدف لتوحيد مكونات الثورة والتغيير وإنجاز السلام الشامل، وتحصين الانتقال الديموقراطي وتوسيع قاعدته وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة.

مبادرة سابقة

لم تكن مبادرة ” الازمة الوطنية وقضايا الانتقال ” التي أطلقها حمدوك هي الوحيدة ، حيث سبق وأن أطلق حمدوك نفسه مبادرة سماها «القومة للسودان- الحملة الشعبية للبناء والتعمير»، وهي كانت دعوة للتبرع الجماعي لمساعدة السودان في مواجهة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهه، وقال حمدوك وقتها : «أقف أمامكم اليوم بتواضع، وأمل كبير، ونحن نشهد فترة عصيبة في تاريخ بلادنا، وتواجهنا مسؤولية جماعية لحماية أمتنا ومجتمعاتنا، وكُلنا ثقة بأننا سنتغلب عليها بالتكاتف والتعاون والعمل المشترك» ، وما إعلن حمدوك وقتها عن المبادرة ، حتى وجدت ترحيب وأسع من المجتمع الدولي ، حيث أستجاب عدد المواطنيين ورجال الاعمال في ارسال تبرعاتهم على حساب المبادرة البنكية وعبر الموبايل .

مبادرة “دولار الكرامة”

كذلك أطلق رئيس الوزراء “عبدالله حمدوك” فور تسلمه رئاسة مجلس الوزراء حملة بعنوان “نعم لدولار الكرامة، ولا للاستدانة” وذلك لدعم الاقتصاد السوداني، وذلك بعد لقاء تلفزيوني تم بثه في عددٍ من القنوات السودانية في العام 2019 و أعلن فيها وقتها حاجة البلاد لمساعدات أجنبية قال إنها تقدر بنحو 8 مليارات دولار لتغطية الواردات، وإعادة بناء الاقتصاد بعد الاضطرابات السياسية المستمرة منذ أشهر، على أن يصل منها ملياران في غضون ثلاثة أشهر لإنهاء خطر عدم كفاية الاحتياطي من السلع الأساسية، فضلًا عن حاجة السودان إلى ملياري دولار إضافية كاحتياطي في البنك المركزي لوقف تراجع العملة المحلية. وفور طرحها، لاقت مبادرة “حمدوك” تجاوبًا جماهيريًّا واسعًا في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال المقترحات والمداخلات المؤيدة .

تشخيص أزمة

في ذات السياق ، أعتبر القيادي بقوى الحرية والتغيير الطيب العباس مبادرة حمدوك بأنها شخصت أزمة الفترة الانتقالية ،لافتا إلى إنه كان يكتم مابداخله غيظ لكثير من المعاناة التي لم يفصح عنها إلا مؤخرا ، وقال العباس (للجريدة) إن حمدوك أقر لإول مرة بأن هنالك ازمة حقيقية تشهدها الفترة الانتقالية والتي في مقدمتها عدم التناغم بين مكونات الفترة الانتقالية ، بجانب أن ذات المكونات تشهد خلافات في داخلها ، وقال إنه وبعد إتفاقية السلام تعقدت الامور أكثر واتسعت رقعة عدم التناغم بين المكونات ، مستدلا ببعض المكونات والتي قال إنها أصبحت تغازل مكون ضد مكون أخر ، مؤكدا إنها أثرت تأثير سلبي على دولاب العمل ، وأضاف ، كل هذه التعقيدات لايمكن لشخص أن يديرها لذلك خرج حمدوك للعلن ليؤكد إنه عاجز لحللة هذه الخلافات ، واعرب العباس عن إسفه لعدم إرتقاء الحكومة والقوى السياسية لمستوى المسؤولية الوطنية ، محذرا في ذات الوقت مما إسماه تمزق السودان حل لم يستجاب لمبادرة حمدوك ، وقال العباس ، إن مبادرة حمدوك أكدت أن العمود الفقري للحكومة والذي يتمثل في أجهزة العدالة لم يكتمل مستدلا بالمجلس التشريعي والمحكمة الدستورية والتي يرى إنها محصورة عند أشخاص بعينهم ، لافتا إلى أن شعارات الثورة لن تتحقق إلا بعد إكتمالها .

صورة قاتمة

فيما يرى أستاذ العلوم السياسية الرشيد محمد أحمد ، أن مبادرة حمدوك رسمت صورة قاتمة للمشهد السياسي ولمكونات الفترة الانتقالية ، مؤكدا إنها مؤشر خطير قد يؤدي إلى إنهيار مشروع الدولة السودانية وليس الفترة الانتقالية ، وقال محمد أحمد في حديثه (للجريدة) : إن حمدوك في مبادرته تحول من النظرة التفاؤلية إلى النظرة التشأومية باعتباره أقر بتعقيدات في الفترة الانتقالية ، وانتقد المحلل السياسي المبادرة معتبرها بأنها لاتحل الازمة ، بجانب إنه يفترض أن تكون قرارات وليس طرح برامج وتصور لجهة أن حمدوك يمثل رأس الحكومة وليس مدير مؤسسة او منظمة .

تانحر قحت

لكن المحلل السياسي ، الفاتح محجوب ، يرى أن مبادرة حمدوك يصعب التوافق حولها لجهة أن مكونات قحت نفسها يصعب أن توافق علي المبادرة في ظل تناحر هذه المكونات نفسها ، وأضاف ، كذلك يصعب تكوين المجلس التشريعي في ظل عدم الاتفاق علي توزيع المقاعد ، وعليه فإن المبادرة -بحسب الفاتح -لن تحل أزمة البلاد حتي لو تم تكوين المجلس التشريعي لاسيما في ظل ضبابية تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام وتعثر المفاوضات مع الحلو والوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد ، وقال الفاتح (للجريدة ) : إن البلاد تعاني أساسا من أزمة اقتصادية طاحنة وهي التي حالت دون تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام خاصة بند الترتيبات الأمنية والأموال التي نص عليها الاتفاق لتدفع سنويا لإقليم دارفور وأيضا للمنطقتين كما ان الأزمة الاقتصادية هي التي حالت دون توافق قوي الحرية والتغيير علي رؤية موحدة بخصوص الإصلاحات الاقتصادية وهذه قضية -بحسب الفاتح- لم يتطرق إليها حمدوك والذي ركز علي دمج الجيش السوداني والدعم السريع وأيضا التوافق علي المجلس التشريعي ، كما انه دعا لإشراك كل القوي السياسية عدا المؤتمر الوطني في العملية السياسية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here