بعد إرسال سفيرها.. هل قبلت واشنطن بحكم العكسر؟

290
بعد إرسال سفيرها.. هل قبلت واشنطن بحكم العكسر؟
بعد إرسال سفيرها.. هل قبلت واشنطن بحكم العكسر؟

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. تباينت الآراء واختلفت التحليلات عقب وصول السفير الامريكي للخرطوم، ففي الوقت الذي أعتبرها البعض بالخطوة التي تأتي في سياق التنافس الروسي الأمريكي في المنطقة، رأى البعض الآخر أن تعيين سفير أمريكي في الخرطوم، يقرأ في سياق الاعتراف الضمني للولايات المتحدة بحكومة العسكر وأن وصول سفيرها يعني تطبيع العلاقات مع حكمهم، والبحث عن مصالحهم في البلاد الغنية الموارد ومترامية الاطراف.

ممثل بارز

ووصل السفير الامريكي جون جودفري السودان في الأيام الفائتة، ليكون أول سفير للولايات المتحدة في السودان منذ ما يقرب 25 عامًا. وقالت السفارة الأمريكية بالخرطوم: “سيعمل السفير جودفري، وبصفته ممثلاً بارزًا للحكومة الأمريكية على تعزيز العلاقات بين الشعبين الأمريكي والسوداني ودعم تطلعاتهم إلى الحرية والسلام والعدالة والانتقال الديمقراطي. كما أنه يتطلع إلى النهوض بالأولويات المتعلقة بالسلام والأمن والتنمية الاقتصادية والأمن الغذائي”.

زوايا عديدة

السفير الصادق الملقى، دبلوماسي ومحلل سياسي

ويقرأ الدبلوماسي والمحلل السياسي السفير الصادق الملقى، تعيين سفير أمريكي في السودان من عدة زوايا، إذ يقول في إفادته لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن إعادة السفير للسودان تأتي في إطار تطبيع علاقات السودان مع الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب الثورة وسقوط نظام الإنقاذ وبعد قطيعة دامت 24 عاما بسبب وضع أمريكا للسودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقد اتخذت هذا القرار و وافقت في نفس الوقت على رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين من قائم بالأعمال إلى درجة السفير حتى اعتمدت اول سفير لها في السودان بعد 25 عاما، وقطع المقلى بأن وصول السفير لا يعني البته اعتراف امريكا بالحكم العسكري في السودان، مشيرا إلى أن الموقف الأميركي تجاه النظام العسكري في السودان جاء فى مصفوفة للعلاقات بين البلدين ضمها قانون الكنغرس الأمريكي لدعم التحول الديمقراطي والمحاسبية والشفافية المالية لعام 2020، وبموجب هذا القانون يقول المقلى “تزعمت الولايات المتحدة الأمريكية العزلة الدولية والإقليمية ومقاطعة كل المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف التي تتعامل مع السودان وكذا وقف مسار إعفاء الديون”، وهنا يقول المقلى “تبلور ذلك جليا في موقف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الأخير واللذان علقت فيه مسار إعفاء الديون ريثما يتم استعادة مسار التحول الديمقراطي وتشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية”، وأضاف “كذلك وصول السفير الأمريكي يجعل واشنطن قريبة جدا من الأحداث على الطبيعة، وأن الوصول لا يعني أن تعترف بالحكم العسكري”، مستدلا بأن استئناف العون الدولى للسودان ظل باقيا في ظل النظام الانقلابي في السودان، مشيرا إلى ان هناك لوبى كبير و متنامي في الكونغرس الأميركي داعم للتحول الديمقراطي بالسودان، ونبه إلى أن الإدارة الأمريكية تكيف مواقفها مع الدول وفق مصالحها الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية، و يبدو أنها بحسب الصادق وصلت إلى قناعة ان النظام العسكري في السودان فى ظل الحراك الثوري المستمر منذ اندلاع ثورة ديسمبر لا يخدم مصالحها خاصة في هذه المنطقة الجيوسياسية التي يتنامى فيها النفوذ الروسي حيث يسعى بحسب المقلى لإيجاد موطن قدم له في المنطقة وتقارب العسكر معه منذ عهد النظام السابق و ما ورد من تقارير حول توقيع الأخير على اتفاق مبدئي ينص على منح روسيا مركز لوجستى على البحر الأحمر لسفن روسية تحمل رؤوسا نووية و هو اتفاق حالت الثورة دون أن يرى النور ، فضلا عن زيارات كبار المسؤولين السودانيين و على رأسهم النائب الأول لموسكو و وقوف السودان إلى جانب روسيا في اعقاب غزوها لأوكرانيا و عدم إدانة السودان لهذا الغزو فى المحافل الدولية، بالاضافة الى إعلان السودان دعمه لوحدة الصين على هامش زيارة رئيسة البرلمان الأمريكي مؤخرا الى تايوان ، وهو الامر الذي قال عنه المقلى يزيد مخاوف واشنطن إزاء المزيد من التقارب بين موسكو و الخرطوم ، وختم المقلى حديثه : على كل فإن وصول السفير الأمريكي الجديد بعد 25 عاما يدل على حرص الولايات المتحدة الأمريكية أن تكن قريبة اكثر من الأحداث في المنطقة و أن التعبير عن دعمها للتحول الديمقراطي في السودان في محله وتدعمه ، مستدلا بما ورد فى تصريح الخارجية الأمريكية امس على هامش وصول سفيرها للسودان .

محطة صراع

د. سهير أحمد صلاح، أستاذة العلوم السياسية بجامعة الزعيم الازهري

تقول أستاذة العلوم السياسية بجامعة الزعيم الازهري سهير أحمد صلاح لموقع “أفريقيا برس”؛ إن أمريكا الآن تتحرك في إطار المنافسة مع الصين وروسيا، وأن الصراع القادم سيكون على مناطق الموارد الغنية في أفريقيا، وفي هذا الإطار تقول صلاح “تتحرك امريكا بدبلوماسيتها واقتصادها لبناء علاقات توازن مثلها مثل العلاقات الصينية والروسية في المنطقة”، وتضيف “كذلك يمكن القول ان منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي الآن هي محور الصراع الدولي في الفترة الحالية والقادمة”، وتنبه سهير إلى أن ذرائع الإرهاب التي تتحجج بها الولايات المتحدة ما عادت مقنعة خاصة وان محاكم أمريكية أصدرت أحكام في قضايا تخص تفجير سفارة الولايات المتحدة في نيروبي وتفجير المدمرة كول في خليج عدن وبرأت السودان منها، وحول مقاطعة امريكا للسودان عقب الانقلاب تقول سهير ساعده في ذلك اللوبي الذي عمل مع ناشطين سودانيين اضروا بالبلاد ضررا امتد أثره حتى اليوم، وتؤكد سهير أن عودة السفير تعني أن السودان الآن يشهد محطة صراع بين قوى عظمى، على اعتبار ان كل القوى الدولية المتنافسة تريد لها موطئ قدم في المنطقة والسودان والذي في نظرها يعد قلب هذه المنطقة، مشددة على ضرورة استخدام هذه الميزة بأقصى ما يمكن حتى يحقق مصالحه، ونوهت إلى أن السفير الجديد كان يعمل بالعراق والسعودية قبل السودان وهو الامر الذي اعتبرته سهير يعني الكثير لهم إذ أنهم ربما ينظرون لخبرته في هذه البلاد كامتداد لمشروعهم في السودان، متسائلة؛ ماذا قدمت امريكا للعراق؟.

رغبة أمريكا

الفاتح محجوب، أستاذ في العلاقات الدولية ومحلل سياسي

ويذهب الخبير في الشأن الدولي، الفاتح محجوب بعيدا عن الحديث السابق، إذ يقول في حديثه لموقع “أفريقيا برس”؛ إن كل دول العالم تعترف بأي حكومة تسيطر على وطنها وتبسط قوتها ونفوذها عليه بغض النظر عن كونها منتخبة او جاءت عبر انقلاب او ثورة او عبر شراكة بين عسكر ومدنيين، وينبه إلى أن العامل الأساسي في الاعتراف بأي حكومة هو أنها حكومة الأمر الواقع وتسيطر على مقاليد الحكم. ولهذا يقول الفاتح “إن الحكومة الأمريكية بإرسالها سفيرا للسودان، ترغب في رعاية مصالحها في السودان وإبعاده عن روسيا وايضا لدعم الجهود التي ترمي لحفظ الدولة السودانية من التفكك والانهيار”، مؤكدا إنه لا مصلحة لها في مقاطعة العسكر السودانيين خاصة وان كل الجهود المبذولة حاليا لحل أزمة الحكم في السودان يصعب أن تلغي دور العسكر في الحكم، ولهذا يقول الفاتح “إن التعامل مع العسكر شيء طبيعي ومتوقع من أي دولة ترغب في تطوير علاقاتها مع السودان”.

ساحة جديدة

الناطق باسم حركة وجيش تحرير السودان، محمد عبدالرحمن الناير، لديه رؤية مختلفة عن الحديث السابق، إذ يرى أن تعيين السفير الأمريكي في ظل الأوضاع الماثلة بالسودان ،سوف يشعل الصراع بين طرفي الإنقلاب “البرهان وحميدتي” لا سيما وأن الأخير قد قطع أشواطاً بعيدة في خلق علاقة إستراتيجية مع روسيا، وهو الأمر الذي قال عنه الناير أغضب أمريكا وجعلها تسرع في تعيين سفيرها قبل أن يصبح الوجود الروسي بالسودان واقعاً يصعب التعامل معه مستقبلاً، يقول الناير “ربما انتقلت المعركة الأمريكية الروسية في أوكرانيا إلى ساحة جديدة مسرحها السودان”، ويرى الناير في مقال له، أن روسيا لن تصمت على هذه الخطوة الأمريكية، وسوف تتحرك لمقاومتها بطريقة أو بأخرى، وهو الأمر الذي قال عنه الناير؛ يفاقم من الأوضاع السودانية المأزومة أصلاً، وقد ينتج عن ذلك مواجهة أمريكية روسية مفتوحة ولكن بأدوات سودانية، وختم حديثه “ربما سارعت أمريكا إلى تقديم “جزرة” للإنقلابيين للابتعاد عن الحلف الروسي والقبول بترتيب المشهد السوداني مع بعض الضمانات “الشخصية”، مقابل اعتراف أمريكا بحكمهم وغض الطرف عن جرائمهم، لا سيما وأن كل الإدارت الأمريكية لا تحفل كثيراً بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن معظم حلفائها في المنطقة من عتاة الدكتاتوريين”، مستدركا “ولكنها لن تتوانى في رفع “العصا” لكل من يخالف توجهاتها وإن استدعي الأمر تدخلاً عسكرياً رغم استحالة ذلك “نظرياً” ، بناءًا على تجارب تدخلاتها العسكرية الفاشلة في الصومال والعراق وأفغانستان وسوريا، مما أجبرها على سحب قواتها والخروج المُذل من تلك البلدان رغم تفوقها العسكري”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here