اتفاقات موسكو والخرطوم، هل تشعل الصراع على ساحل البحر الأحمر؟

76

بقلم : بدرالدين خلف الله

ثمة تحديات تواجه تنفيذ الاتفاقات الروسية مع السودان الخاصة بإنشاء قاعدة عسكرية على شاطي البحر الأحمر لاسيما بعد توجه السودان الغربي نحو الولايات المتحدة الأمريكية في فترته الانتقالية بعد الإطاحة بالرئيس المعزول عمر البشير في أبريل 2019.

الحكومة الانتقالية تحفظت رسمياً حول الاتفاقيات الروسية وبررت الخطوة بعدم وجود مجلس تشريعي لاجازتها وأثار تحفظها ورفضها المبطن جدلاً واسعاً وترك موجة تساؤلات حول مصير الاتفاقات الروسية ومستقبل علاقات السودان مع دول الصراع الكبرى حول مياه البحر الأحمر وكيفية حفظ التوازن في تلك العلاقات، وهل سيكون تقارب واشنطن والخرطوم على حساب روسيا والصين؟

قاعدة روسية

تسعى موسكو منذ وقت طويل لتوفير موطيء قدم لبحريتها في مياه البحر الأحمر ونشر الرئيس فلاديمير بوتين مرسوما في نوفمبر تشرين الثاني 2020 قال فيه إنه وافق على اقتراح الحكومة الروسية بإنشاء مركز بحري للإمداد والتموين في السودان. وفي 9 ديسمبر 2020 أعلنت روسيا اعتزامها إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية قرب بورتسودان، قادرة على استيعاب 300 عسكري ومدني واستقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية.

اتفاقات قديمة

وحول اتفافات السودان مع روسيا حول بناء قاعدة روسية قالت المؤسسة العسكرية إن السودان يراجع اتفاقية تم التوصل إليها خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير حول استضافة قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر ولفتت إلى أن الاتفاقية “لم تعرض على المجلس التشريعي ولم يجيزها، سواء في عهد النظام السابق أو الآن، وهذا يجعل لدينا حرية مراجعة الاتفاقية لتحقيق مصالح البلد. في المقابل طلبت موسكو مزيد من المحادثات لتوضيح الأمر ومصير الاتفاق مع الخرطوم. وتوقعت مصادر رسمية وصول وفد عسكري روسي للخرطوم في الأيام القادمة للتباحث بشأن اتفاق القاعدة البحرية.

منح مجانية

الخبير الاستراتيجي اللواء أمين إسماعيل مجذوب

الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي اللواء أمين إسماعيل مجذوب أشار إلى أن مراجعة المؤسسة العسكرية للاتفاقيات الروسية القديمة يرجع إلى عدة أسباب منها أن الاتفاقية مثل منحة مجانية تبرع بها النظام السابق للنظام الروسي. وأضاف في حديثه لـ “أفريقيا برس” أن السودان لم يستفيد من الاتفاقية. وقطع الخبير العسكري أن الاتفاقية تمس السيادة الوطنية السودانية.

احترام المعاهدات

بيد أن الكاتب الصحفي والمحلل السياسي ضرغام أبو زيد يذهب إلى ضرورة احترام الاتفاقات الدولية ، وحذر أبو زيد الحكومة الانتقالية من التنصل من الاتفاقات العسكرية مع روسيا بحكم أنها اتفاقيات دولية يجب أن تُحترم. وقال أبوزيد لـ “أفريقيا برس” إن تغيير الأنظمة لا يعني تغيير الاتفاقات الدولية ووصف الأمر بالخطير ولمح إلى أن الحكومة الانتقالية تحاول التنصل من الاتفاقات مع روسيا ارضاءاً لواشنطن. ويصف تبرير الحكومة الانتقالية بعدم وجود مجلس تشريعي لاجازة الاتفاقية مع روسيا بغير المقنع.

ويرى أبو زيد أن تسليح الجيش السوداني واعتماده على السلاح الروسي عبر صفقة العديد من الطائرات حقيقة غير قابلة للانكار و السودان استفاد منها كثيراً.

بداية توتر

الكاتب الصحفي و المحلل السياسي ضرغام أبو زيد

و أعتبر أبو زيد أن الاتفاقية بين الخرطوم وموسكو لإنشاء قاعدة روسية على ساحل البحر الأحمر بداية للتوتر والتناحر والتنافس الأمريكي الروسي على السيطرة على مواني البحر الأحمر. وأشار في حديثه لـ “أفريقيا برس” إلى أن موافقة السودان بإقامة قاعدة عسكرية روسية محاولة لإعادة التوازن وارغام الولايات المتحدة الأمريكية على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه.

تأثير

وكشف الخبير الاستراتيجي اللواء أمين إسماعيل مجذوب أن إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد رفعها الحظر المفروض على السودان له تأثير كبير على العلاقات العسكرية مع الأطراف الدولية الأخرى. ونبه إلى أن إنشاء السعودية إلى آلية أمنية لحماية البحر الأحمر وجعله بحيرة عربية يدل على عدم وجود رغبة إقليمية عربية في وجود نفوذ أجنبي أو قواعد أمنية في الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

تقارب طبيعي

واستبعد مجذوب أن يؤثر التقارب السوداني الأمريكي على العلاقات السودانية الروسية أو الصينية أو أي دولة أخرى لجهة أن السودان هو من يحدد مصالحه ومكاسبه. وأوضح أن الصين وروسيا استفادتا من السودان في فترة العقوبات الأميركية في مجالات الزراعة والنفط والذهب. وشدد على أن المرحلة الحالية مرحلة تغيير جديدة ونظام جديد يحدد مصلحته الخارجية مع من يتحالف ، ووصف السودان بالدولة الضعيفة فهي تحتاج إلى علاقة مع دول قوية تساعدها وفق مصالحها.

سياسة تائهة

الخبير في شؤون القرن الأفريقي محمد خليفة صديق

من جهته لفت الخبير في شؤون القرن الأفريقي محمد خليفة صديق إلى أن السياسة السودانية عبر تاريخها تعاني من عدم الثبات في المحاور والعلاقات الخارجية. ويشير في حديثه لـ “أفريقيا برس” أن تَغلُب السياسات في العلاقات الخارجية السودانية وجنوحها نحو النظام الروسي لن يؤثر على علاقات السودان مع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبار أي محاولة من السودان لرفض الاتفاقية سوف يؤدي إلى اضطراب في علاقات البلدين ووصفها بالقوية والقديمة. واستبعد أن تُقدم الحكومة الانتقالية على أي خطوة تؤثر في العلاقات الروسية، لكنه توقع حدوث بعض التضيق لأنشطة القاعدة الروسية. وأكد أن روسيا سوف تحافظ على وجودها في شاطيء البحر الأحمر و إن كلفها ذلك دفع ثمن باهظ.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here