أحمد جبارة
أفريقيا برس – السودان. مازال الجدل يدور في السودان، حول انسحاب المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض، أن العسكر لم ينسحب من المشهد السياسي وإنه موجود فيه بفعل الأمر الواقع، رأى آخرون أن الحديث عن خروج الجيش يمثل مناورة من العسكر وتراجعا تكتيكيا يقبل ظاهريا بمبدأ عودة الجيش للثكنات مع إفراغ هذا المبدأ من محتواه.
تعهدات البرهان
وكان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الحاكم الفريق عبد الفتاح البرهان أعلن عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الوطني في مسعى لحل الأزمة السياسية في البلاد وإفساح المجال لتشكيل حكومة مدنية. وقال البرهان في خطاب رسمي إنه تقرر “عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في المفاوضات الجارية حاليا (الحوار الوطني) لإفساح المجال أمام القوى السياسية والثورية وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال (متطلبات) الفترة الانتقالية”.
وخلال الأيام الماضية جدد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، التزام المؤسسة العسكرية بعدم الخوض في العمل السياسي، وقال إن جيش البلاد صادق في التزامه بالخروج من المشهد السياسي، طالما الهدف هو تحقيق الاستقرار والازدهار”.
عامل جديد

الباحث السياسي عبدالقادر محمود صالح، يرى في حديثه لموقع “أفريقيا برس”؛ إن هنالك عامل جديد في المشهد السياسي السوداني يتمثل في تعيين السيد جون غودفري سفيرا للولايات المتحدة الأمريكية لدى السودان، وهذا العامل بحسب صالح، أضاف زخما جديدا لديناميكية الصراع السياسي الراهن في اتجاه ضرورة الانتقال الديمقراطي المدني، خاصة وأن الرجل قالها بصريح العبارة: “أننا مع رغبة الشعب السوداني في التغيير والتحول الديمقراطي”، وكذلك السيد السفير أرسل عدة رسائل في بريد من يهمهم الأمر حينما التقى بلجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير، ورأى صالح أن المكون العسكري بانسحابه من المشهد السياسي قد أستوعب تلك الرسائل التي تشير إلى عدم جدوى دراما المبادرات والتحالفات التي كان يعول عليها في إيجاد توازن بينه وقوى الثورة وإرباك المشهد لإطالة عمر السلطة العسكرية القائمة، وأضاف “لا أعتقد أن من مصلحة المكون العسكري عدم الالتزام بوعدهم، ترك المشهد السياسي والإصرار في دفع مناوراتهم التي أصبحت مكشوفة”، ويقول صالح “إن الوقت ليس لتضييع الفرص وإنما المضي قدما نحو تحقيق مطلوبات التغيير والتحول الديمقراطي في السودان وغير ذلك سوف يقود إلى عواقب كارثية كالتي وقعت على طغمة النظام البائد الذي راوغ وتعنت وحاول أن يكسب الزمن بمسرحيات من قبيل حوار الوثبة وحوار الطرشان إلى أن قادهم الوقت إلى ما هم عليه الآن”، ويرى عبدالقادر أن المشهد السياسي يتجه إلى وضع أشبه بما كانت عليه الأوضاع قبل الانقلاب أو الإجراءات التصحيحية كما يحلو للبعض تسميتها، مستدركا “لكن هذه المرة ستكون السلطة كاملة للمدنيين وربما تحدث تسويات مع قادة المكون العسكري على شاكلة “الإفلات من العقاب مقابل التحول الديمقراطي”.
تكتيك سياسي

يقول القيادي بمركزي “قحت”، أحمد حضرة لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن اعلان العسكر الانسحاب من المشهد السياسي هو في الحقيقة تكتيك للبقاء بقوة في السلطة وتمسكهم أكثر بها والاستحواذ وتوسيع صلاحياتهم ونفوذهم من خلال مقترحات الهياكل التي سعوا ولايزالون لإجازتها من خلال المبادرات التي يدعمونها ويقفون خلفها وتوسيع السلطات الممنوحة لهم من خلال مجلس أعلى للقوات المسلحة أو لجنة أمن ودفاع أو أي صيغة توفر لهم ليس البقاء والمشاركة في الهياكل العليا فقط بل طموحاتهم في السيطرة التامة على الحكومة التنفيذية نفسها وتعين من يرئسها وتفصيل هياكلها عليهم، وأضاف “شعار الانسحاب الزائف وربطه بشروط لا يمكن تحقيقها في وحدة واتفاق القوي المدنية الرافضة للانقلاب والداعم للانقلاب هو شرط تعجيزي أو محاولة للتزاكي وتحميل مسئولية الاختلاف للقوي المدنية وما يترتب علي ذلك من مشروعية بقائهم”، لان ذلك الشرط التعجيزي بحسب حضرة لم يتحقق، داعيا الشعب السوداني القبول باطروحاتهم للحلول لإدارة الفترة الانتقالية وصولا لانتخابات والذي يرى إنهم هم مستعدين لتزويرها بالكامل لنيل الشرعية الديمقراطية القادمة، كما كان يفعل النظام السابق وعقلية من كانوا يديرونة من الكيزان وهي مدرسة واحدة للاسف لازالت تسعى وتطرح نفس المنهج والحلول وفرض الأمر الواقع، وقطع بأن العسكر لاعهد لهم ولن يلتزموا بشعار الانسحاب من المشهد السياسي -والذي يرى- إنه فقط شعار جميل رفعوه ، مشيرا إلى إنه كلمة حق يراد بها باطل وتمسكهم بالسلطة أكثر واكثر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس