العسكر والمدنيين.. متاهة معارك حكم الانتقال

77

بقلم : خالد الفكى

أفريقيا برسالسودان. ثمة معارك مؤجلة بين العسكر والمدنيين كلما حاول الطرفان تحاشي إيقاد نارها والخروج من متاهتها، إلا أن منعطفات مسار الحكم الانتقالي تضع خطاها على أحد الالغام لتتفجر الخلافات علناً وتتطاول الألسن بقاذفات العبارات الموجعة، مع التهديد المعلن وغيره ارتكازاً على دينامكية قواعد اللعبة السياسية والتي يقف الشارع الثائر على رأسها، مقابل تحشيد مرتقب مضاد من قبل بعض قوى الثورة لحكم الانتقال وأدواته الحية التى تمثلها لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الـ30 من يونيو.

مراهقة سياسية

اتهامات متبادلة بين الطرفين بتحميل الآخر مسؤولية وضع العراقيل أمام إنجاز مهام الانتقال بين الحين والآخر، لترتقي إلى درجة الأفعال مؤخراً من خلال سحب العسكر لمنسوبيهم من حماية المدنيين.

الدكتور أبوالقاسم إبراهيم، كاتب ومحلل إقتصادي

الصحفي والمحلل الاقتصادي الدكتور أبوالقاسم إبراهيم يقول لـ” أفريقيا برس”: “من حق القوات المسلحة والدعم السريع سحب قواتهما من تأمين أي منشآت داخل المدن”. موضحاً أن المسؤولية تقع على عاتق الشرطة وجهاز الأمن المعني أيضا بحماية الشخصيات الدستورية.

وقال إبراهيم: “ما حدث رد فعل طبيعي من الجيش ولا يمكن للمدنيين أن يديروا البلاد بمعزل عن القوات النظامية كافة”. مضيفاً: “على السياسيين أن يرتقوا للمسؤولية ويتركوا المراهقة السياسية خاصة الذين هم في السلطة، حيث أقل من أن يكونوا رجال دولة. ولا واحد فيهم يجلس على الكرسي الحالية بانتخاب، مع انهم لم يمثلوا هذا الشعب المغلوب الذين بسببه هم في هذه البحبوحة التي يعيشونها”.

وتوقع إبراهيم، بدخول البلاد على أخطر ثلاثة شهور من الناحية الاقتصادية والأمنية، مشيراً إلى أنه إذا توحدت الرؤى لتدراك الأمر في قضية الكساد الاقتصادي الذي يتجه نحو الذروة بسرعة، إضافة إلى أن أزمة السيولة ستتجدد وأزمة الندرة ستعاود الظهور بعد ثلاثة عقود. وتسأل إبراهيم: “وكيف يمكن لحكومة حمدوك أن توفي بمطالب العاملين بالدولة .. دائرة الاضطرابات ستتوسع؟

ويرى إبراهيم عدم استشعار بالمسؤولية من قبل حكومة حمدوك وقحت وقضية تمويل الترتيبات الأمنية معلقة.. مضيفا: “هي قنبلة موقوتة هذه القوات أوضاعها المعيشية غاية في السوء”.

سيناريوهات محتملة

الأزمة تتصاعد بين العسكر والمدنيين، وطرقات المتاهة تزداد ظلاماً مع تقدم عمر مرحلة الانتقال نحو النهاية، خاصة ميقات تسليم الرئاسة للمكون المدنيين.

مصباح أحمد، مسؤول الإعلام في حزب الأمة القومي

مسؤول الإعلام في حزب الأمة القومي، مصباح أحمد يوضح لـ’’أفريقيا برس’’، بأن السيناريوهات المتوقعة في هذه المرحلة هي سيناريوهان لا ثالث لهما. ويشير مصباح أن يجب أن يجلس شركاء الفترة الانتقالية على طاولة واحدة لبحث أزمة الثقة بين الطرفين والوصول إلى تفاهمات مشتركة لوضع خطة واحدة لإدارة الفترة الإنتقالية.

وأفاد أحمد أن هذا بناءً على الوثيقة الدستورية وأهم ملامح هذه الخطة هي تحديد المسؤوليات ليتحمل كل طرف مسؤولياته بصورة واضحة وتعمل كل الأطراف على إنجاز أهم متطلبات الانتقال.

وشدد أحمد على استكمال هيكلة المؤسسات الأمنية عبر تنفيذ بند الترتيبات الأمنية المتفق عليه في اتفاقية السلام. كما شدد أيضا على تفكيك بنية النظام البائد داخل المؤسسات الأمنية وتكوين جيش وطني قومي موحد، لمنع حدوث ردة سياسية في مسار الانتقال.

ودعا أحمد لحسم التفلتات الأمنية ومعالجة الوضع الاقتصادي المتردي واستكمال بناء المؤسسات المدنية المتمثلة في “المجلس التشريعي – المحكمة الدستورية – والمفوضيات القومية”.

وعن السيناريو الثاني قال  أحمد: “السيناريو الثاني يتمثل في استمرار حالة التشاكس بين مكونات الفترة الإنتقالية، وهذا سيؤدي استثمار هذا الوضع من أصحاب الردة السياسية قطعا، ويؤدي قطعا لحدوث محاولة إنقلاب سيعيدنا إلى ماقبل سقوط النظام البائد”. كما قال أحمد إن الأمر سيعود بالبلاد إلى عهد الدكتاتورية والعقوبات الأممية والعزلة الدولية فضلا عن إجهاض ثورة ديسمبر المجيدة.

أحمد يرى أن الانقلاب العسكري غير مستبعد في ظل هذا الوضع الهش والتشاكس الماثل والتآمر على الحكومة المدنية من عناصر داخل المؤسسات العسكرية وخارجها، معتقداً أنه ليس هنالك من خيار سوى الجلوس على طاولة التفاوض ومراجعة الشراكة وضبطها بميثاق شرف يحكم العلاقة بين مكونات الفترة الإنتقالية للعبور نحو مرافي التحول الديمقراطي دون ردة.

الشارع الثائر

مدفعية كلامية ثقيلة متبادلة بين الطرفين من أعلى مستوى في هرم سلطة حكم الانتقال، وهذا دون شك ألقى بظلاله سلبيا على الشارع السياسي ليتم التحشيد والتحشيد المضاد.

نورالدين صلاح، نائب أمين أمانة السياسات العامة بحزب المؤتمر السوداني

نائب أمين أمانة السياسات العامة بحزب المؤتمر السوداني نورالدين صلاح، يقول إن تصريحات البرهان وحميدتي مؤخراً لم تكن فى السياق المناسب. ويفيد صلاح أن تصريحات الرجلين لم تحترم روح الشراكة، عبر إطلاق الاتهامات علناً في حين كان من الاجدر مناقشة كافة الخلافات داخل الغرف المغلقة بين الطرفين.

وابدى صلاح استغرابه من التهديد بفض الشراكة وقطع طريق الانتقال مما يعني وضع البلاد في متاهتها القديمة التي لطالما أرادت الخروج منها. ودعا صلاح على التمسك بتنفيذ الوثيقة الدستورية. واعتبرها صلاح: “خارطة الطريق للخروج من متاهة البلاد الراهنة ولا سبيل سوى إستكمالها بكل مشاريعها المبرمة بين الطرفين وصولاً لمرحلة الانتقال الديمقراطي المدني”.

ويُشير صلاح أن حزب المؤتمر السوداني، لم يتردد بالقول أن هناك تحامل كبير من قبل العسكر على المدنيين ومحاولات للتنصل من المسؤوليات الواقعة على عاتقهم. مضيفا: ” على العسكر إدراك تحمل المسؤولية الأمنية ومحاربة التهريب الاقتصادي للسلع الاستراتيجية والموارد النفيسة وكل مايهدد سيادة البلاد”. وأعلن صلاح أن حزب المؤتمر السوداني سيظل منحازا لصف الشعب في حال فض الشراكة والتغول على مكتسبات ثورة ديسمبر التي منحتها للسودانيين.

ويرى مراقبون أن الدعوات لخروج المواكب والمسيرات الداعمة لفترة الانتقال الديمقراطي التى بدأها الحزب الشيوعي ويليها مليونية 30 ديسمبر تجعل كرة الثلج تتدحرج بقوة نحو الأسفل. كما يعتقد آخرون أن الشارع الثوري سيكون مستعداً لكافة السيناريوهات فى ظل تهديدات حميدتي بإخراج شارع متقابل، من غير المستبعد أن يكون جله من قوى شاركت البشير السلطة.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here