المجلس التشريعي في السودان.. أسباب الغياب والتأخير

109

بقلم : أحمد جبارة

أفريقيا برسالسودان. بالرغم من المهلة التي حددها رئيس الوزراء السوداني ، عبدالله حمدوك للقوى السياسية والتي كانت شهراً كحد أقصى لتشكيل المجلس التشريعي ، إلا إنه مازال الجدل يحتدم حول تشكيله ، ولم يرى النور بعد ، في وقت تشهد فيه البلاد حالة من الفراغ الدستوري بسبب غياب المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية ، فامتى يتم تشكيل المجلس التشريعي ؟ وماهي العقبات التي تعترض عملية التكوين ؟

نص التشكيل
نصت الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير في 17 أغسطس/ آب 2019، على أن يتكون المجلس التشريعي من 300 عضو بـ “التعيين”، على ألا تقل نسبة مشاركة النساء عن 40 في المائة ،كما نصت على أن يشكل المجلس التشريعي ويباشر مهامه خلال 90 يوما من تاريخ توقيع الوثيقة ذاتها، ويكون التشكيل بواقع 67 في المائة من قوى “إعلان الحرية والتغيير” و33 في المائة من القوى الأخرى المشاركة في الثورة على أن يتم تسمية النسبة الأخيرة بالتشاور بين قوى الحرية ومجلس السيادة ، وبالتالي، كان مقررا الإعلان عن تشكيل المجلس التشريعي، في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وفقا للوثيقة الدستورية الخاصة بالمرحلة الانتقالية، غير أن المجلس لم يتشكل حتى الآن، وعقب توقيع اتفاق السلام بين الحكومة والحركات المسلحة في 3 أكتوبر/تشرين أول الماضي، تم تعديل الوثيقة الدستورية لمنح الحركات المسلح الموقعة على الاتفاق 25 في المائة من مجلس الوزراء المكون من 26 عضوا و3 مقاعد في المجلس السيادي و25 بالمائة من مقاعد البرلمان، وبعد الاتفاق أصبح توزيع مقاعد المجلس التشريعي، بواقع 165 مقعدا لصالح قوى “الحرية والتغيير” توزع بين المناطق الجغرافية والكتل السياسية (55 بالمئة)، 75 مقعدا نصيب الحركات الموقعة على الاتفاق ممثلة في الجبهة الثورية (25 بالمئة)، و60 مقعداً بالتشاور بين قوى التغيير والمكون العسكري لتوسيع دائرة المشاركة (20 بالمئة).

جسم مشوه

يوسف الصادق الشنبلي، قيادي في حزب الأمة القومي

يرى القيادي في حزب الأمة القومي ، يوسف الصادق الشنبلي ، أن الحكومة تأخرت كثيرا في إكمال هياكل السلطة المهمة لاسيما المجلس التشريعي ، لافتا إلى إنه الجهاز التشريعي الذي يصنع الدستور ويسن القوانيين والتشريعات ويجيز ويصادق على الإتفاقيات ، بجانب إنه يقوم بالدور الرقابي على أجهزة الدولة خاصة مجلس الوزراء ويقدم التوصيات بإعفاء كل من يقصر في أداء واجبه ، وقال الشنبلي لـ “أفريقيا برس” إن عدم تشكيل المجلس التشريعي أثر على أداء حكومة الفترة الإنتقالية ، معتبرا غيابه من الأسباب الرئسية لحالة الفشل التي تعيشها الحكومة الإنتقالية. و قال الشنبلي “من أسباب عدم تكوين المجلس التشريعي هي الإنقسامات والخلافات التي ضربت تحالف الحرية والتغيير” ، مؤكدا “أنها أصبحت جسم مشوه بعد خروج معظم مكوناتها كحزب الأمة القومي والحزب الشيوعي والحركات المسلحة وتجمع المهنيين” ، وتابع ، “كذلك من الاسباب التي أخرت المجلس التشريعي هي خلافات الحرية والتغيير مع لجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني في نسبة المقاعد في التشريعي ، لافتا إلى أن كل فصيل يريد أن يستأثر بالتمثيل في المجلس التشريعي ويقصي الآخريين ، مستدلا بمطالبات بعض المكونات بنسبة كبيرة وأخذ نصيب الأسد ، كما إنه بحسب الشنبلي هنالك بعض المكونات طالبت برئاسة المجلس التشريعي حتى قبل تكوينه ، وأوضح الشنبلي بأن الوثيقة الدستورية منحت المكون العسكري إختيار 33 عضوا من المكونات غير المنضوية تحت لواء الحرية والتغيير ورشحت أنباء بأن المكون العسكري سوف يدفع بعدد من نظار الإدارات الأهلية ومشائخ الطرق الصوفية وبعض رجالات الأعمال وبعض المستقلين واستدرك ، أن الحرية والتغيير كانت تتحفظ على هذا الأمر وتبدي مخاوفها من أن يأتي المكون العسكري بعناصر كانت على صلة بالنظام السابق ولذلك هذا الأمر قد يشكل أيضا نقطه خلاف تحول دون تكوين المجلس التشريعي.

عقبات التشكيل

جعفر خضر ، قيادي سابق في قوى الحرية والتغيير

وإن كان الشنبلي أرجع أسباب تأخير تكوين المجلس التشريعي لخلافات الحاضنة السياسية ، فإن القيادي السابق بقوى الحرية والتغيير جعفر خضر ، أرجع أسباب عدم تشكيل المجلس التشريعي للمكون العسكري لجهة إنه يرغب في تغييب تكوين المجلس التشريعي، مؤكد أن ذات المكون يريد أن يكون المجلس تابعا له ، واستدرك قائلا ، لكن تواجه مشكلة وهي ان عدد اعضاء المجلس التشريعي كبير يصعب الإتيان بالأغلبية كما يشتهي المجلس، لذلك فهو يعيق قيامه بأقصى ما يستطيع، كما أنه يعمل على الاستعانة بالقريبين منه من قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية لتمييع أعضاءه بقدر الإمكان ، وتابع ، كذلك من الاسباب أن المسيطرين على الحرية والتغيير والجبهة الثورية يريدون أن يأتوا بمجلس أغلبيته منهم، ليكونوا هم السلطة التنفيذية وهم السلطة التشريعية، فينعدم معنى الرقابة وهم في ذات الوقت يخشون في هذه الحالة من انعزالهم الكبير من الشعب السوداني، مما يرجح كفة (تسقط تالت) ويضع هيمنتهم على المحك، لذلك فهم يقدمون رجلا ويؤخرون آخر ، وشدد جعفر في حديثه لـ “أفريقيا برس” على ضرورة أن يتم تشكيل المجلس التشريعي من أسر الشهداء ولجان المقاومة وكل القوى الثورية الحية- بالتركيز على القوى غير المشاركة في السلطة – وذلك لتصحيح مسار الثورة وإكمالها بتحقيق أهدافها.

لماذا تأخير التشريعي؟

عبد الرحمن أبوخريس ، محلل سياسي سوداني

أرجع المحلل السياسي عبد الرحمن أبوخريس ، أسباب تأخير تكوين المجلس التشريعي إلى ما أسماه” الخلافات بين قوى الحرية والتغيير ” مؤكدا أن الصراعات بين مكونات “قحت” هو الذي أخر تكوين المجلس التشريعي ، وأضاف ، كذلك من الاسباب التي أخرت التشكيل هو عدم الاعتراف بالحركات المسلحة كفاعل في الثورة مستدلا بعدم مشاركتها في التشكيل الوزاري الاول ، والذي يرى أبوخريس ، أنها رفضت من قبل قوى الحرية والتغيير ، لذلك قوى الحرية والتغيير ترفض وجودها في التشريعي. ولم يستبعد أبوخريس أن يكون سبب تأخير المجلس خلفه دول لا تريد استكمال البناء الدستوري والتحول الديمقراطي في السودان لجهة أن هذه الدول تريد بقاء الفترة الانتقالية بهذا الشكل من غير محكمة دستورية ومجلس تشريعي ، معتبرا أن ذات الدول لها مصالح وتقاطعات في السودان وأنها لا ترغب في نجاح تجربة ديمقراطية حقيقية في السودان. وقال أبو خريس لـ “أفريقيا برس” : إذ تم تكوين المجلس التشريعي فإنه سيكون جهاز لتكميل البناء الدستوري للإنتقالية فقط ، باعتبار أن كل المهام المفترض أن يقوم بها المجلس تم إجازتها قبله ، مؤكدا إن تأجيل قيامه يعد هدف من أهداف بعض التنظميات السياسية لكي تهيمن على الساحة السياسية وتوظفها بالشكل الذي يحقق لها مصالحها واهدافها لاسيما القوانيين التي تعجز عن إجازتها داخل قبة البرلمان.

مسؤولية “قحت”

إبراهيم الشيخ ، القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ووزير الصناعة السوداني

في ذات السياق ، كشف القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ووزير الصناعة إبراهيم الشيخ أن سبب التأجيل المتكرر لتشكيل المجلس التشريعي يعود إلى “مخاوف وهواجس” ناتجة عن أزمة الثقة بين التيارات المكونة للحكومة الانتقالية. وشدد الشيخ على ان التطورات السياسية الآن ستؤدي لتجاوز هذه الوضعية والإعلان قريبا عن تكوين المؤسسة التشريعية. واعترف الشيخ بحسب صحيفة “التغيير” بمسؤولية “الحرية والتغيير” كحاضنة سياسية للحكومة الانتقالية عن غياب المجلس التشريعي كل هذه المدة رغم حرصها المبدئي عليه ومبادرتها بتضمين النص على صلاحياته في الوثيقة الدستورية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here