فرنسا تعزز حضورها في السودان من بوابة الديون

118
مؤتمر باريس: تعهدات بمليارات الدولارات للسودان

بقلم : بدرالدين خلف الله

أفريقيا برسالسودان. شهدت العلاقات السودانية الفرنسية خلال عقود رحلة عداء مستحكمة وتوتر مستمر لاسيما في فترة الرئيس السوداني السابق عمر البشير حيث دعمت فرنسا في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي موقف الجنائية الدولية على مذكرة أوكامبو، التي تتهم الرئيس البشير بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور.

كما أوت فرنسا رئيس حركة جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد نور عدة سنوات داخل أراضيها دون طرده بل مثل ورقة ضغط على الحكومة السودانية. وأبدت باريس اهتمامها باقليم دارفور باعتباره جزء من الجغرافيا الفرنسية الممتدة في صحراء أفريقيا، لحماية مصالحها من التمدد الأمريكي.

وبدأ الاهتمام الفرنسي بالسودان مؤخراً منذ سقوط حكومة عمر البشبر في أبريل 2019 حينما أوفدت فرنسا وزير خارجيتها للسودان جان إيف لودريان، لمباركة حكومة الثورة ودعم فترتها الانتقالية، وصاحبها وعد فرنسي بتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الانتقال السلمي الديمقراطي الحر. ومثلت الخطوة الفرنسية تدفق أوربي نحو السودان وانفتاح جديد نحو الدول الغربية. وتعد الزيارة كأرفع زيارة أوربية للسودان في فترته الانتقالية ويعول السودان لتلك الخطوة لإنهاء عزلته الدولية وفتح شركات جديدة مع المؤسسات الدولية بجانب اعفاء ديونه الخارجية البالغة ٥٦ مليار دولار.

أهمية اقتصادية

بحسب كثيرين يعتبر مؤتمر باريس الدولي منصة جديدة لانطلاق السودان في حوارات مع المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة، كما تم وضع قضية ديون السودان الخارجية ضمن مبادرة “الهيبك” وبحسب مراقبين يعد السودان مستوفي شروط المبادرة حيث قام السودان قبل نحو شهر بسداد الدين السيادي للمتأخرات المستحقة للبنك الدولى و التي تقدر “بمليار ونصف المليار دولار” فضلاً عن سداد دين بنك التنمية الافريقي البالغة “413” مليون دولار بواسطة قرض من الولايات المتحدة الأمريكية. ويشار إلى أن المتأخرات المستحقة التي تبقت لصندوق النقد الدولى ما يقارب مليار دولار (“964″ مليون دولار).

وبدأ السودان و فرنسا في الإعداد للمؤتمر منذ أكثر من 4 أشهر بالتركيز على تحديد فرص وموارد الاقتصاد السوداني. وعرضت الحكومة الانتقالية في مؤتمر باريس خمسة قطاعات رئيسية حيث شملت ” القطاع الزراعي وقطاع الثروة الحيوانية و قطاع النفط وقطاع التعدين و قطاع النقل والبنى التحتية وقطاع الاتصالات بجانب قطاع التحول الرقمي” بهدف تعزيز الفرص الاستثمارية المتاحة والتى ترغب حكومة الفترة الانتقالية في إحداث تغيير إيجابي فيها .

آمال وتحديات

الباحث والمحلل الاقتصادي عثمان آدم شريف شدد في حديثه لموقع أفريقيا برس على أن المؤتمر يشكل تحولاً ايجابياً لاتجاهات المؤسسات المالية الدولية نحو السودان، واعتبر المؤتمر فرصة لدعم الاقتصاد السوداني وتحقيق النمو والتطور. وأضاف “من خلال المؤتمر ستتعاطي الحكومة الانتقالية مع الدائنين والتواصل في إطار ” الهيبك” عبر إدارج السودان ضمن الدول المثقله بالديون بإعتبارها أوفت بإلتزام تسديد الدين السيادي كشرط رئيسي ضمن إجندة التفاوض للهيبك.

بيد أنه أشار إلى جملة تحديات تنتظر تنفيذ مخرجات المؤتمر تتمثل في تطبيق برامج المؤسسات الدولية والتعاطي مع البرامج المعدة لانفاذها في السودان كمسار تتبعي لاستكمال حلقات التعاطي ضمن حزمة الاصلاحات التى بدأتها مع السودان الى جانب تحدي الاشكال السياسي وضعف البنية السياسية و الاقتصادية “. وطالب شريف الحكومة الانتقالية بوضع رؤية للاصلاح الاقتصادي تستغل من خلالها الموارد الوطنية” الى جانب الاسراع في إنفاذ السلام و إلحاق الممانعين حتى يساعد في تعزيز الانتقال الديمقراطي بما يحقق شعارات ثورة ديسمبر نحو تحقيق السلام والحرية والعدالة.

انفتاح دولي

قطع المحلل السياسي فزاري محمد علي بأن مؤتمر باريس يمثل فرصة عظيمة واستثنائية لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان. وقال لموقع أفريقيا برس إن نتائج المؤتمر غير مسبوقة من خلال تحقيق جزء من أهداف المؤتمر وهي إعفاء الديون السودان الخارجية وجذب المستثمرين الأجانب وبناء شراكات دولية واسعة للسودان بجانب التطبيع مع الأسرة الدولية. ووصف محمد علي المؤتمر بأنه فرصة مهمة لانطلاق السودان نحو المجتمع الدولي واقامة شركات ذكية مع القطاعات الاستثمارية والمالية. وأشاد بالمشاركة الدولية الكبيرة في المؤتمر وأوضح أن 40 دولة ومنظمة شاركت لدعم السودان واعتبرها المؤتمر خطوة تمهيد لخطوات لاحقة يجنيها السودان في دعم اقتصاده وفترته الانتقالية.

وتعتبر الديون الخارجية عقبة كبيرة أمام إنعاش الاقتصاد السوداني الذي يعاني من أزمات كبيرة بعد التدهور المريع الذي طال كافة القطاعات بسبب الفساد الكبير الذي شهدته فترة حكم عمر البشير، التي استمرت 30 عاما. وتحصل السودان خلال مؤتمر باريس على تعهدات وإعفاءات من ديون ثنائية بقيمة 30 مليار دولار، كما أعلنت فرنسا إلغاء كافة ديونها الثنائية على السودان والمقدرة بنحو 5 مليارات دولار، لكن يبقى السؤال المهم والذي يحتاج الى إجابة في الأشهر القادمة ، هل تلتزم هذه الدول بتعهداتها دون أن تفرض على السودان شروطا تزيد من معاناته وتبعيته للخارج؟

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here