متاريس “الشرق”؛ هل تعصف بالانتقالية؟

145

بقلم: أحمد جبارة

أفريقيا برسالسودان. لليوم الرابع على التوالي يواصل المجلس الأعلى لنظارات البجا بقيادة محمد الامين ترك إغلاقه لإقليم شرق السودان مطالبا بإلغاء مسار الشرق في إتفاقية سلام جوبا، في وقت لم تحرك الحكومة ساكناً اتجاه هذه المطالب، والتي بحسب كثيرون تبدو مطالب سليمة ومنطقية.

بطء حكومي حيال الأزمة

سيد محمد الامين ترك ، زعيم قبيلة الهدندوة بشرق السودان ، وناظر عموم البجا

الشاهد أن تلكؤ الحكومة في تنفيذ مطالب الشرق جعل القيادات في شرق السودان ترفع من سقف مطالبها، وهذا ما ينطبق على حديث محمد الأمين ترك الذي اعتبر أن إلغاء مسار الشرق لم يعد المطلب الوحيد لهم، معرباً عن أمله أن يتخذ المكون العسكري في مجلس السيادة إجراءات عاجلة، منها إعلان حالة الطوارئ في البلاد، وحلّ الحكومة المدنية، وتشكيل حكومة جديدة، وهو الأمر الذي عداه البعض بالخطير وقد يعصف بالفترة الانتقالية.

تعاطف كبير

ولعل ما يحفز ترك لرفع سقف مطالبه، هو تضامن ووقوف عدد من الولايات الأخرى مع حراك شرق السودان وذلك بهدف مزيد من الضغط على الحكومة المركزية، حتى تحقق كل الأهداف، ويمضي ترك محذراً الحكومة من استعمال القوة لفض المحتجين، في وقت يشير إلى أنهم يمتلكون 45 ألف عنصر مدرّب، كاشفا في ذات الوقت عن اتجاه للمكون المدني في الحكومة لفض الحشود بقوة، كما لوح ترك في مخاطبة جماهيرية أمام انصاره بتكوين حكومة خاصة بالإقليم تمهيداً للانفصال.

تلويح بالانفصال

في السياق أعلن المجلس الأعلى لنظارات البجا في بيان؛ إن الإغلاق الشامل للشرق لا يشمل السيارات الخاصة للمواطنين والحافلات السفرية وسيارات المنظمات، بل يستهدف ناقلات النفط وبقية المعينات للدولة، بجانب إنه سيطال جميع المؤسسات، وإغلاق الميناء الجنوبي ومنطقة الكشف الجمركي، في وقت أعلن فيه قيادي بالبجا إغلاق ميناء سواكن ومن ثم سيتم تحديد جدولة إغلاق موانئ تصدير البترول ومطار بورتسودان الدولي وشركات التعدين.

وخاطب رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا عدداً من الفعاليات بمدن أوسيف وهيا وسنكات؛ أوضح فيها موقفهم وأهدافهم من التصعيد وتنوير الشباب بضرورة المحافظة على سلمية الحراك، وعدم الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مجدداً مطالبه بتنفيذ مخرجات مؤتمر سنكات، نافياً قبول أي تسويات سياسية. من جهة أخرى قال عدد من المحتجين انهم يطالبون  بمنبر تفاوضي لكل الشرق في حال أبدت الحكومة استعداداً لذلك فسيكون هنالك حل وإلا سينفصل شرق السودان ويطالب بحق تقرير المصير.

موقف الحكومة

بالرغم من عدم بروز موقف واضح من الحكومة بشأن الأزمة في شرق السودان، إلا أن مصادر تحدثت لعدد من وسائل الإعلام عن اجتماع داخل أروقة الحكومة ناقش كيفية حل مشكلة الشرق بطرق سلمية، وكشفت ذات المصادر عن زيارة مرتقبة لوفد رفيع من الحكومة الانتقالية إلى بورتسودان خلال اليومين القادمين، لبحث إنهاء إغلاق محتجين من قبائل البجا للطريق الرئيسي الرابط بين شرقي البلاد وبقية ولايات السودان.

قضايا عادلة

محمد نور هاشم ، قيادي في قوى الحرية والتغيير بشرق السودان

تباينت الرؤى واختلفت التحليلات حول قضايا شرق السودان، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن القضايا عادلة ومشروعة، اعتبر البعض الآخر أن قضايا الشرق يقف خلفها النظام السابق لشل الفترة الانتقالية مستدلين بقفل الطرق وإثارة الفوضى، داعين إلى ضرورة حسمها بواسطة الحكومة، وبين هذا وذاك يقول القيادي في الحرية والتغيير بشرق السودان محمد نور هاشم لـ”أفريقيا برس”؛ إن قضية شرق السودان قضيه عادلة تخص التهميش، بجانب أنها  قضايا ملموسة على أرض الواقع، معتبراً أن مجلس النظارات هو مسؤول من خلال موقعه عن القضايا و يحافظ على مصالح شعبه حسب صلاحيات الادارة الأهلية، موضحا أنها مطالب تتحدث عن الخدمات الاساسية لاسيما أن الشرق يمتلك موارد تدر للخزينة العامة للدولة، في حين يفتقر الشرق لأبسط مقومات الحياة.

وشدد هاشم على ضرورة حل مشاكل الشرق وإعادة التنمية فيه وقال: “نحن في قوى الحرية والتغيير ولاية البحر الأحمر قدمنا مبادرة لرئيس الوزراء وقد وقفنا مراراً ننادي بضرورة أن تجد الحكومة آليات حل لقضية الشرق وعدم التماطل فيها ومن خلال مسؤوليتنا ظلننا في كل زياره للمركز ننادي بحل هذه القضية حتى لا نصل إلى ما وصلنا إليه الآن”، مؤكداً إلى إن الحرية والتغيير يدعمون اي حل يفك تلاصم هذه القضية بصورة جوهرية، معربا عن أمله في أن لا تسوف القضية.

وحذر هاشم من التمادي في قضايا الشرق لجهة أن التماطل سيقود إلى عواقب غير حميدة، داعياً إلى ضرورة التعامل معها بالحكمة والمرونة، والتعامل الجاد في حسمها، منوها إلى إنهم كقوى تغيير رفضوا مسار الشرق وأنهم لم يشاركوا في الورش الخاصة به.

تمدد” ترك”

صباح محمد الحسن كاتبة صحفية

في ذات السياق، اعتبرت الصحفية صباح محمد الحسن أن قضايا شرق السودان أصبحت المطالب بها أكبر، مستدلة بتجاوز المطالبة بإلغاء مسار الشرق إلى مسرح دوري وسيناريو من الفوضى، والتي بحسب صباح سمحت بها الحكومة، وهو ذات الأمر الذي جعل ما أطلقت عليه صباح “إمبراطورية ترك” التي تتسع وتتمدد، مؤكدة إنه أصبح خطرا ليس على إنسان الشرق بل لكل السودان.

صباح محمد الحسن شددت في مقال لها؛ على ضرورة تقديمه ترك للمحاكمة باعتبار أن الخطوة ضرورية ومهمة للحكومة، واعتبرت أن ترك المسنود من قيادات النظام البائد والذي تمت صناعته لمثل هذه المواقف والظروف سابقاً، ويوفر له الدعم والمساندة حالياً، ويقول إنه يريدها سلمية فكيف تكون سلمية وهو يلقي بالضرر على المواطن بإغلاق الطرق المهمة، مشيرة إلى أن هذه الطرق ليست داخلية في مدينة كسلا أو بورتسودان بل تمثل نوافذ وبوابات مهمة لحركة التجارة والاقتصاد، وقرار إغلاقها لا يمكن أن يصدر من ترك وحده.

واعتبرت الحسن أن هذا الرجل يهدد بتفكيره وتصرفاته الأمن ومعاش المواطن، ويجب حسمه ملفه حسماً فورياً، قبل أن يرفع علماً للشرق ويكون جيشه، كما يجب تقديمه لمحاكمة عاجلة بسبب تهديده وإثارة الفوضى والتعدي على حقوق المواطنين وعزل الشرق وإنسانه، وفي المقابل اعتبرت الحسن أن القوات النظامية والأمنية والعسكرية لا ترغب في حسمه، وأكدت أن ترك لم يطالب بإسقاط البرهان عن السلطة ولم يطالب بإبعاد حميدتي من الحكومة، بل يبث كُرهه وسمومه فقط على المكون المدني والحكومة التنفيذية ولجنة التفكيك.

وأضافت الحسن: “بالرغم من أن سلام جوبا كله على بعضه صناعة عسكرية بقيادة البرهان وحميدتي، لكن الرجل يتناقض مع نفسه يرفض سلام جوبا دون أن يوجه ولو صوت لوم لصناع السلام، ولأنه يريد إسقاط الحكومة المدنية، لأغراضه السياسية وأغراض من يقفون خلف الستار لذلك تجد أن المكون العسكري يتعامل مع تِرك ناظر القبيلة “المدلل”، فلو نادى تِرك بإقالة البرهان غداً، لتحرك البرهان لحسمه وحسم فوضاه”.

موقف الإدارة الأهلية

البشرى الصائم قيادي بالادارة الاهلية في السودان

يرى عضو مبادرة الإدارة الأهلية لحل أزمة الشرق البشرى الصائم أن مجلس السلام هو المسؤول الأول عن تفاقم أزمة الشرق، ودلل على ذلك بأن رئيس المجلس الأعلى للبجا محمد سيد ترك استجاب لمبادرة الإدارة الأهلية ووالي البحر الأحمر عندما قام بإغلاق الطريق القومي في المرة الأولى مما يعني أنه أبدى أولى خطوات حسن النوايا بفتح الطريق لظروف إنسانية على أن يعاود إغلاقه خامس أيام عيد الأضحى الماضي.

فلاش باك 

وفي تصريح “للجريدة” قال الصائم: “وافق رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك على المبادرة وأرسل وفداً وزارياً رفيعاً ضم الوزراء خالد سلك ومريم الصادق وميرغني موسى ومقرر المجلس المركزى كمال بولاد و ممثل لجنة التفكيك طه عثمان في لقاء اركويت، وتوصل الوفد الحكومي الى اتفاق حول مطالب مجلس النظارات والعمد”، وأشار الى أنه بعد اتفاق الطرفين على ذلك تم الاتفاق على تكوين آلية خماسية من كل طرف و تمثيل أطراف أخرى مقبوله لدى الطرفين للتوصل إلى حل الأزمة بمنبر تفاوضي أو مؤتمر عام لقضايا الشرق عبر أجندة تشمل؛ مؤتمرات أسمرا ومسار جوبا وسنكات وتلكوك وعضويه المؤتمر التي تتكون من محليات الولايات الثلاثة مع تمثيل نوعي للمكونات الأخرى.

قائمة ترك

كشف الصائم عن أن الناظر قام بإرسال قائمة بأسماء ممثليه للحوار حول التحضير لتنفيذ ما اتفق عليه على أن تبدأ اللقاءات عقب عيد الأضحى. واستدرك قائلا: “لكنا فوجئنا في الأسبوع الأول بعد عطلة العيد بقرار مجلس السلام الرافض لحل مسار الشرق واقتراح رفع نسبة ترك ومجلسه في السلطة لتصل لـ 30% متساوية مع نسبة المسار، بجانب تكوين لجنة برئاسة الفريق كباشي وعضوية عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي والوزير خالد سلك ومفوض السلام الدبيلو لتنفيذ قرار المجلس حول قضيه الشرق”.

واعتبر الصائم أن صدور هذا القرار يمثل نقضا لاتفاق مبادرة الإدارة الأهلية مع مجلس الوزراء والناظر ترك ليصبح في حل منه. وأقر بوجود مجموعات كبيره من الفلول و المؤتمر الوطني داعمة لترك لكن من منطلقات ليس من بينها قضية الشرق إنما لدعم ترك، واصفاً موقفهم بـ “الانتهازي” لأنهم استغلوه نكاية في قوى الحرية والتغيير وتأكيد فشلها.

وشدد الصائم على ضرورة عدم تجاهل القبائل الأخرى التي تعتبر أن الدولة ترمي بثقلها نحو ترك وإهمال دورها كمكونات أساسية بالشرق لجهة أن صوتها بدأ في الارتفاع لاتخاذ مواقف مضادة له مما سيؤدي الى تحويل الصراع الى صراع قبلي بعد أن كان مطلبياً.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here