محمد فقيري لـ”أفريقيا برس”: العلاقة بين الجيش والإسلاميين ليست صراعًا بل تباينًا في التقديرات

69
محمد فقيري: العلاقة بين الجيش والإسلاميين ليست صراعًا بل تباينًا في التقديرات

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. برزت مؤخرًا حرب كلامية بين قيادات الجيش السوداني وبعض الشخصيات المحسوبة على التيار الإسلامي، وهو ما اعتبره البعض مؤشرًا على خلاف محتمل في الأفق، نظرًا لاتهام الجيش بأنه يخضع لنفوذ الإسلاميين. في هذا السياق، تسعى “أفريقيا برس” إلى استجلاء طبيعة العلاقة بين الجيش والإسلاميين، وما إذا كانت هناك بالفعل خلافات بينهم. ومن أجل ذلك، أجرت حوارًا مع القيادي الإسلامي البارز محمد فقيري. إليكم أبرز ما جاء في هذا اللقاء.

مؤخرًا، شن القيادي الإسلامي والداعية عبد الحي يوسف هجومًا حادًا على رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، متهمًا إياه بالمسؤولية عن تمدد قوات الدعم السريع وتمكينها، ووصفه بالضعيف. من جانبه، رد البرهان بوصف عبد الحي بـ”الضلالي”. هل توجد خلافات خفية بين الإسلاميين والجيش؟

لا يمكن الجزم بوجود خلافات جوهرية بين الجيش والإسلاميين. قد تظهر بعض التباينات في التقديرات السياسية بين الجانبين. على سبيل المثال، موضوع المقاومة الشعبية كان مطلبًا إسلاميًا للإسراع بحسم المعركة، بينما تباطأ الجيش في دعمه لهذه الفكرة من حيث التدريب وتوفير السلاح اللازم.

في رأيي، التيار الإسلامي لم يحسم بعد قضاياه الداخلية ولم يحدد لنفسه مسارات واضحة. وبالتالي، أي اختلافات قد تنشأ مع المؤسسة العسكرية تظل غير محددة أو محورية.

ماذا يعني لك تصريح عبد الحي يوسف عندما أشار إلى أن الإسلاميين موجودون في مكتب البرهان؟

تصريح عبد الحي يعكس واقعًا موجودًا أكثر من كونه اتهامًا، إذ إن كتلة الإسلاميين تشكل جزءًا كبيرًا من طبقة التكنوقراط في الدولة السودانية. وجودهم يعود إلى بقائهم في السلطة لمدة ثلاثين عامًا، ما أكسبهم خبرة واسعة في إدارة شؤون الدولة. ومع ذلك، هذا الوجود لا يعني بالضرورة نفوذًا سياسيًا، لأن القرار السياسي خرج من أيديهم بعد سقوط نظام الإنقاذ، وحتى قبل ذلك مع المفاصلة الشهيرة بين حسن الترابي وعمر البشير.

الدكتور حسن الترابي، رحمه الله، أشار حينها إلى أن غالبية عضوية الحركة باتوا مجرد موظفين في أجهزة الدولة، ولذلك انحازوا للدولة عند تلك المفاصلة. دعم الإسلاميين للجيش، في الوقت الحالي، يبدو مدفوعًا بوعيهم بمقتضيات الدولة ومسؤولياتها، أكثر من كونه طموحًا سياسيًا أو سعيًا للسلطة، كما يدّعي خصومهم.

هل سنشهد انفصالًا حقيقيًا وميدانيًا بين الكتائب الإسلامية والجيش بحيث يكون للإسلاميين قرار منفصل ووحدة مستقلة عن الجيش في الحرب؟

كتائب البراء، المعروفة بانتماء بعض أفرادها للتيار الإسلامي، تقاتل حاليًا تحت إمرة القوات المسلحة السودانية، ولا تتبع بشكل مباشر للحركة الإسلامية كما يروج البعض.

في اعتقادي، هذه الفكرة تُعدّ من الأماني التي يروج لها الدعم السريع وأنصاره بهدف تفكيك التحالف القوي بين الجيش والشعب. وكما أشرت سابقًا، فإن القضايا السياسية مؤجلة إلى ما بعد انتهاء المعركة، وبالتالي من غير المتوقع أن يحدث مثل هذا الانفصال الميداني أو التنظيمي بين الجيش والكتائب الإسلامية في الوقت الراهن.

كيف تنظر إلى تصريحات يوسف عزت حول سيطرة الحركة الإسلامية على إدارة مناطق الدعم السريع؟

تصريحات يوسف عزت تعكس رؤية شخصية لمشروع غامض يروج له، يدعو فيه إلى نهاية الدولة السودانية لصالح فكرة غير واقعية لا وجود لها إلا في ذهنه.

حديثه عن أن المعركة هي صراع بين أجنحة الإسلاميين يعيد تكرار نفس المبررات التي استند إليها الدعم السريع في حربه ضد الدولة السودانية، مدعيًا أن الإسلاميين يسيطرون بالكامل على السلطة، وأن البرهان ليس سوى أداة بأيديهم.

صحيح أن الدعم السريع استعان ببعض القيادات ذات الخلفيات الإسلامية التاريخية، مما يعكس مدى تأثير الإسلاميين العميق في المجتمع السوداني. ومع ذلك، هذه الادعاءات تتجاهل حقيقة أن التيار الإسلامي فقد تماسكه عندما فشلت فكرته واستأثر البشير بالسلطة بعيدًا عن عموم السودانيين. هذا الأمر أدى إلى تعميق التناقضات داخل المشهد السياسي والاجتماعي في السودان، بدلاً من تشكيل سيطرة موحدة للحركة الإسلامية.

كيف تفسر استسلام قوات الدعم السريع المتكرر؟ وهل الاستسلام يعني بداية انهيار قوات الدعم السريع؟

أعتقد أن مشروع الدعم السريع للاستيلاء على السلطة وإحلال نفسه بديلًا للقوات المسلحة السودانية قد انتهى بفشل ذريع. لقد فقدت هذه القوات عددًا كبيرًا من عناصرها، ولم يتبقَّ سوى جيوب متناثرة. يبدو أن غياب المكاسب من الحرب، التي كان معظم حشدهم قائمًا على السلب والنهب، أدى إلى تراجع حماس الكثيرين منهم عن الاستمرار في القتال.

بالإضافة إلى ذلك، انقطاع الإمدادات بالسلاح والمال أسهم بشكل كبير في تآكل قدرتهم على الاستمرار. بناءً على ذلك، يمكن القول إن الحرب دخلت، مراحلها الأخيرة. هذا الوضع يتطلب طرح مشروع سياسي عاجل لتعزيز التوافق الوطني وتقليل فرص الانقسام والتناحر.

كما أنه من الضروري أن يتقدم التيار الإسلامي بمبادرة تعيد ترتيب الواقع السياسي، وتجنبه الانزلاق في مستنقع المحاصصات والمصالح الضيقة، لخلق مناخ يضمن استقرار السودان ومستقبله.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here