قتلى وجرحى في تظاهرات معارضة للانقلاب العسكري في السودان

42
قتلى وجرحى في تظاهرات معارضة للانقلاب العسكري في السودان
قتلى وجرحى في تظاهرات معارضة للانقلاب العسكري في السودان

أفريقيا برس – السودان. خرجت تظاهرات في السودان، الأحد، منددة بانقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ضمن ما أطلق عليها «مليونية الصدمة»، حيث سقط ثلاثة قتلى، وعشرات الجرحى (حتى إعداد هذا التقرير) في وقت يعتزم فيه المجلس المركزي للحرية والتغيير، الرافض للانقلاب، قبول دعوة حمدوك، الذي طلب مقابلة المجلس لمناقشة موقف الجانبين من الوضع الراهن في البلاد.

وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، في بيان، سقوط قتيل عشريني، إثر إصابة عنيفة مباشرة في الرأس من قبل القوات الأمنية، أدت لتهتك الجمجمة خلال مشاركته في تظاهرات الخرطوم .

وحسب «مبادرة حاضرين لمعالجة مصابي ثورة ديسمبر»، فقد «سقط شهيدان في مدينة أمدرمان التي شهدت قمعا عنيفا وإطلاق الرصاص على المتظاهرين»، ليرتفع عدد القتلى منذ انقلاب قائد الجيش إلى 57، سقط 15 منهم بعد توقيع اتفاق البرهان ـ حمدوك في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني.

وشارك في تظاهرة الأحد التي حملت اسم «مليونية الصدمة» عشرات الآلاف من المحتجين في العاصمة السودانية الخرطوم، وعدد من المدن السودانية المختلفة. وحملت تظاهرات، الأحد، اسم «مليونية الصدمة» لأنها جاءت بشكل مباغت، ولم يتم الإعلان عنها ضمن جداول تظاهرات يناير/ كانون الثاني.

نحو القصر

وأعلنت لجان مقاومة الديوم الشرقية، وسط الخرطوم، في ساعات متأخرة من مساء السبت، عن خروجها الأحد في «مليونية الصدمة» لـ»المطالبة بالقصاص للشهداء الذين سقطوا برصاص الأجهزة الأمنية والمطالبة بإسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين»، محددة وجهتها نحو القصر الرئاسي.

وخلال ساعات من إعلان لجان مقاومة الديوم الشرقية عن تظاهرة الصدمة، توالت بيانات من لجان المقاومة في مدن العاصمة السودانية الثلاثة – الخرطوم، الخرطوم بحري وأمدرمان، وعدد من الولايات والمدن السودانية المختلفة.

وقالت لجان المقاومة في بياناتها، التي ردت خلالها على لجان مقاومة الديوم الشرقية: (لن تسيروا وحدكم) مؤكدة أنها ستخرج معهم في تظاهرات الأحد، ليلحق بهم تجمع «المهنيين السودانيين»، داعيا جماهير الشعب السوداني وجموع المهنيين والعاملين بأجر في كل مدن وقرى السودان للخروج والمشاركة في «مليونية الصدمة».

وقال المهنيون، في بيان مساء السبت، إلى لجان مقاومة الديوم الشرقية: «لن تسيروا وحدكم، فلنجعل منه عاماً للمقاومة المستمرة والضارية ومقبرة للطغاة المتجبرين وكل الآثمين بحق شعبنا العظيم».

إرباك الأمن

من الجانب الآخر، أربكت التظاهرات المفاجئة الأجهزة الأمنية، التي عادت لإغلاق الجسور التي تربط مدن العاصمة الخرطوم الثلاث، والطرق المحيطة بالقصر الرئاسي ومباني القيادة العامة للقوات المسلحة، التي كانت قد فتحتها قبيل ساعات من إعلان التظاهرة.

وتجمهر الآلاف صبيحة الأحد أمام جسر الفتيحاب الذي يربط مدينتي الخرطوم وأمدرمان، احتجاجا على إغلاق السلطات المتكرر للجسر وتعطيل مصالحهم ووصولهم لمقار عملهم.

وأمرت القوات الامنية التي انتشرت بكثافة غير معهودة، في العاصمة الخرطوم، صباح ، جميع الموظفين في المؤسسات والبنوك وأصحاب المحال التجارية بمغادرة مكاتبهم ومحالهم فورا.

وقامت السلطات أيضا، بتعطيل شبكات الاتصال وخدمات الإنترنت في العاصمة الخرطوم، في وقت استمرت الخدمات في المدن الأخرى.

واستطاعت تظاهرات، ، رغم تشديد الطوق الأمني وإطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بكثافة، الوصول إلى شارع القصر المتاخم للقصر الرئاسي، وسط الخرطوم، هاتفين بإسقاط قادة المجلس العسكري وتسليم السلطة للمدنيين.

وفي ظل إغلاق الجسور، انطلقت تظاهرات قوامها عشرات الآلاف من المحتجين الذين لم يستطيعوا الوصول لمدينة الخرطوم، واللحاق برفاقهم أمام القصر الرئاسي، فقاموا بإغلاق الطرق الرئيسية بالمتاريس، وأطلقوا هتافات منددة بالانقلاب العسكري وقتل وقمع المتظاهرين واستهداف لجان المقاومة.

يشار إلى أن تظاهرة 30 ديسمبر/كانون الأول، الماضي، شهدت مقتل خمسة من أعضاء لجان مقاومة أمدرمان برصاص الأجهزة الأمنية، بينما تواصل السلطات اعتقال لجان المقاومة في مدن السودان المختلفة، وسط نداءات ومخاوف على سلامتهم.

«وقف القوة المميتة»

في الموازاة، طالبت وزارة الخارجية الأمريكية، الأحد، قوات الأمن السودانية بـ«وقف استخدام القوة المميتة على الفور ضد المحتجين والتحرك لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات ضد حقوق الإنسان».

وهنأ وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للوزارة، الشعب السوداني بمناسبة الذكرى السنوية الـ66 لاستقلال بلاده.

وقال إن «الولايات المتحدة كانت تأمل في أن يتيح العام 2021 فرصة للشراكة مع سودان ديمقراطي، بيد أن استيلاء الجيش على السلطة في أكتوبر/ تشرين الأول والعنف ضد المحتجين السلميين ألقيا بظلال من الشك على هذا المستقبل».

وأضاف: «لا نريد العودة إلى الماضي ونحن مستعدون للرد على أولئك الذين يريدون عرقلة تطلعات الشعب السوداني إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية والذين يقفون في طريق المساءلة والعدالة والسلام» .

وطالب البيان قوات الأمن السودانية «بوقف فوري لاستخدام القوة المميتة ضد المحتجين والتحرك لمحاسبة أولئك المسؤولين عن انتهاكات ضد حقوق الإنسان» .

كما طالب قادة السودان بـ«إحراز تقدم سريع في تشكيل حكومة ذات مصداقية، وإنشاء مجلس تشريعي، وتشكيل هيئات قضائية وانتخابية، ونقل قيادة المجلس السيادي».

وتابع: «موقفنا واضح، ستواصل الولايات المتحدة الوقوف بجانب الشعب السوداني وكفاحه السلمي من أجل الديمقراطية».

وفي غضون ذلك، تتواصل الاجتماعات بين مكونات السلطة في السودان، والتي ينتظر أن تخرج بقرارات هامة خلال الساعات المقبلة، تتعلق بحسم قضية استقالة حمدوك ومصير الإعلان السياسي الذي وقعه مع البرهان في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وانعقد اجتماع بين رئيسي المجلس السيادي ومجلس الوزراء ، بحضور مجموعة قوى «الحرية والتغيير ـ الميثاق»، لمناقشة استقالة حمدوك، وتنفيذ الإعلان السياسي بينه وبين البرهان، والتداعيات السياسية الراهنة.

وسبق ذلك السبت اجتماع للمجلس السيادي ومجلس الأمن والدفاع. وحسب المتحدثة باسم المجلس السيادي، سلمى عبد الجبار، فقد أكد المجلس السيادي، على «ضرورة كشف المرتكبين للمخالفات وحالات القتل من جميع الأطراف».

وأدان الانتهاكات التي وقعت، وما وصفه بـ«سلوك بعض الجهات التي تسعى لإحداث الفتنة وزرع الخلافات بين مكونات الشعب السوداني».

وشدد المجلس على «ضرورة معالجة الأزمة الراهنة بالحوار والتوافق وتجسير الرباط بين المبادرات المطروحة للخروج برؤية موحدة وتسريع تشكيل حكومة الكفاءات لسد الفراغ في هياكل الحكم».

وأكد على «بسط السلطات للحريات وحرية التظاهر والتعبير السلمي والالتزام بما هو متعارف عليه دوليا بخصوص التظاهرات مع الحفاظ على سلطة القانون وهيبة الدولة»، حسب بيان صحافي لإعلام المجلس.

وكان من المنتظر أن يخاطب حمدوك الشعب السوداني، الجمعة الماضية بمناسبة ذكرى الاستقلال، حتى أن طاقم التلفزيون القومي، ظل ينتظر حمدوك لساعات، حتى وصول توجيهات للفريق التلفزيوني، بتأجيل الخطاب، إلى حين الوصول لنتائج بخصوص حسم قضية استقالة حمدوك والوصول لتوافق سياسي يضمن تشكيل الحكومة فضلا عن حسم الانتهاكات والقتل الذي ارتفعت وتيرته في التظاهرات الأخيرة.

ووقع حمدوك اتفاق إعلان سياسي مع البرهان، بعد أربعة اسابيع من انقلاب قام به الأخير على الحكومة الانتقالية في السودان. وتشارك العسكريون والمدنيون من قوى «الحرية والتغيير»، الحكم في الفترة الانتقالية الأكثر من عامين وفق الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس/ آب 2019.

وانضمت للشريكين الحركات المسلحة وفق اتفاق السلام الموقع في أكتوبر/تشرين الأول 2020، إلا أن العسكريين في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نفذوا انقلابا عسكريا قبيل موعد تسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين بأيام، بدعم من مجموعة من الحركات المسلحة وبعض الأحزاب الصغيرة. الأمر الذي قابله الشارع بالرفض والتظاهرات التي ظلت متصاعدة، بينما اعتبرته قوى «الحرية والتغيير» انقلابا عليها، و»خيانة» من العسكريين للوثيقة الدستورية الموقعة بين الجانبين، ولآمال الشعب السوداني الذي يتطلع للحكم المدني الكامل.

جبهة عريضة

ورغم رفض قوى «الحرية والتغيير» للإعلان السياسي الموقع بين حمدوك والبرهان، يبدو أن بعض المبادرات الوطنية والدولية قد ينجح في جمع حمدوك مع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.

وأكد القيادي في «الحرية والتغيير» شهاب الدين الطيب، لـ»القدس العربي» أن المجلس المركزي لـ»الحرية والتغيير» يعتزم الموافقة على دعوة حمدوك، مشيرا إلى أنهم توافقوا على أن تتم المقابلة وفق رؤية سينتهي التحضير لها خلال الساعات المقبلة ثم بعدها يتم الإعلان عن قبول دعوة حمدوك بشكل رسمي.

وسبق أن دعت «الحرية والتغيير» لجان المقاومة وعددا من القوى الرافضة للانقلاب، لاجتماعات بغرض مناقشة تكوين جبهة عريضة لمقاومة الانقلاب.

وحسب الطيب قبلت بعض اللجان دعوة الحرية والتغيير وسيتم تحديد جداول اللقاءات معها والترتيبات الإجرائية.

لكن بعض لجان المقاومة تتحفظ على الحوار مع الحرية والتغيير، الأمر الذي أعتبره الطيب «انعكاسا لتداعيات العلاقة بين الجانبين وأجواء عدم الثقة»، قبيل انقلاب 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وأكد على «ضرورة بذل الحرية والتغيير المزيد من الجهود لتبديد مخاوف بعض لجان المقاومة التي تتحفظ على الحوار وبقية مكونات الثورة»، مشددا على» ضرورة الحوار من أجل تكوين جبهة عريضة لإسقاط الانقلاب».

«سلطة مدنية انتقالية»

«تجمع المهنيين السودانيين» أعلن عن ميثاق سياسي، قال إنه «لاستكمال مهام ثورة ديسمبر/ كانون الأول، يرتكز على «إسقاط المجلس العسكري للانقلاب وسلطته بشكل كامل وقيام سلطة انتقالية مدنية، تتكون من مجلس سيادي مدني تشريفي، دون أي مهام أو سلطات تنفيذية، ينحصر دوره في تمثيل رأس الدولة في المحافل الدولية، يتكون من خمس شخصيات مدنية منحازة لأهداف الثورة السودانية، بالإضافة لتكوين مجلس وزراء مدني يمثل السلطة الادارية والتنفيذية في الدولة، لا يتجاوز أعضاؤه العشرين، ومجلس تشريعي مدني يمثل السلطة التشريعية الثورية، يراقب أداء السلطة التنفيذية ومجلس السيادة والمفوضيات، على ألا يتجاوز عدد أعضائه 250».

وأوضح في بيان صحافي، مساء السبت، أن «مقترح الميثاق جاء إلحاقًا لمقترح الإعلان السياسي الذي طرحه تجمّع المهنيين في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لقطاعات متعددة في القوى الثورية من لجان المقاومة والقوى النقابية والأجسام المطلبية والقوى السياسية والحركات المسلحة».

واشار إلى «تلقيه ملاحظات وتعديلات من تلك الأطراف أبرزها يتعلق بأولوية تشكيل ما أسماه المجلس التشريعي الثوري ليقوم هو بتعيين مؤسسات الانتقال والمصادقة عليها وغير ذلك من مقترحات».

وبيّن أنه «يعمل على تجميع وتلخيص تلك الملاحظات استصحابها وصولا إلى ميثاق متفق عليه بين قوى الثورة السودانية».

وحسب تجمع المهنيين الغرض من مقترح الميثاق «توسيع وتعميق دوائر التداول والنقاش حوله، ضمن جهود تنسيق مواقف القوى الثورية الحية المتمسكة بالتغيير الجذري وبناء تحالفها القاعدي الواسع، وتحصين إرادتها الثورية ضد الاختطاف والتجيير».

وأيضا «ضمان جاهزيتها لاستلام السلطة الوطنية المدنية الكاملة ومراقبتها لتنزيل شعارات الثورة وتحقيق التحول الديمقراطي والعدالة والسلام في دولة المواطنة واستقلال القرار السياسي والاقتصادي، ولكسر الدائرة الشريرة للانقلابات العسكرية التي ظلت تنهش البلاد»، حسب البيان.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here