رشيد العثماني لـ”أفريقيا برس”: اليسار التونسي يسعى لتجاوز تشتته، وتشكيل تحالفات بين قواه غير مستبعد

138
رشيد العثماني لـ
رشيد العثماني لـ"أفريقيا برس": اليسار التونسي يسعى لتجاوز تشتته، وتشكيل تحالفات بين قواه غير مستبعد

أمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أكد رشيد العثماني إحدى الشخصيات اليسارية في تونس، في حواره مع “أفريقيا برس” أن “مناضلي اليسار يعملون على تجاوز حالة الوهن والتشتت التي يعاني منها، والناجمة عن انقسامات وخلافات ومعارك داخلية”، كما لم يستبعد “تشكيل تحالفات وانصهارات بين قواه المتقاربة في المستقبل”، مقرا في الوقت ذاته “بعدم نجاح اليسار إلى حد الآن في إقناع الشارع بأطروحاته وتصوراته للحكم رغم ما قدمه من تضحيات للبلد”.

وأشار العثماني أن الموقف من مسار 25 جويلية ليس محددا لالتقاء وتحالف اليسار، مبينا أن”عدم المضي قدما في مسائل عدة مثل تجريم التطبيع وعدم تحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية والمحاكمات الكيدية على خلفية المواقف السياسية وعدم مراجعة المرسوم 54 يجعلنا في صف مقاومة هذا التمشي”.

ورشيد العثماني هو مناضل يساري تونسي، وهو الناطق الرسمي السابق لحزب الوطد الاشتراكي.

“أفريقيا برس”: كشخصية يسارية تونسية، ما هو موقفكم من الانتخابات الرئاسية، وهل تتوقع أن يتوحد اليسار لدعم شخصية توافقية في السباق الرئاسي أم لا؟

من المعلوم أن الشعب التونسي له اهتمام خاص بالانتخابات الرئاسية وذلك لعدة أسباب من أهمها أنها أكثر وضوحا وأقل تعقيدا ونسب المشاركة في الانتخابات الرئاسية عادة ما تكون الأكبر مقارنة بالانتخابات البرلمانية أو المحلية، لذلك أعتقد أن الموقف من الانتخابات الرئاسية يكتسي أهمية كبرى لكلّ مناضلة أو مناضل سياسي أو مهتم بالشأن العام وفي الحقيقة هناك تشاور ونقاشات مع مجموعة من مناضلي اليسار الوطني حول الانتخابات الرئاسية وكيفية التعاطي معها.

“أفريقيا برس”: ماهو موقفكم من الأحكام الصادرة مؤخرا بخصوص قضية الراحل شكري بلعيد، هل ستطوي هذه الأحكام ملف الاغتيال؟

في قضية الشهيد شكري بلعيد يجب أولا التنويه بمجهود هيئة الدفاع التّي استماتت في كشف حقيقة الاغتيالات التي فُجع بها الشعب التونسي وراح ضحيتها مناضلين وطنيين من طينة شكري بلعيد ومحمد البراهمي إضافة إلي كوكبة من شهداء الأمن والحرس والجيش الوطنيين، ورغم الإرتياح النّسبي للأحكام الصادرة في حق المُنفذّين فإن مسار كشف كل المتورطين تخطيطا وتمويلا وكل المتلاعبين بالملف لازال متواصلا وأكبر دليل على ذلك هو إستئناف الحكم من طرف هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي إضافة إلى رصد جملة من الاخلالات في التحقيق عبرت عنها هيئة الدفاع في الندوة الصحفية الأخيرة.

“أفريقيا برس”: لماذا اعتبر حزب الوطد الاشتراكي أن النظام القاعدي لا يتماشى مع تونس في نفس الوقت كنتم أول المؤيدين لمسار 25 جويلية؟

الموقف السلبي من النظام القاعدي لا علاقة له بالموقف من إجراءات 25 جويلية، فنقاش الرؤية المجالسية والقاعدية كتصور لشكل الحكم خاضع بالضرورة لرؤية نظرية وتاريخية ورفض هذا الشكل في ظل غياب تنظيم ثوري يقوم بدور المؤطر، وفي ظلّ تفشي ظاهرة “العروشية” وحتى القبلية له ما يبرره ولا يعني هذا أنني من أنصار الديمقراطية التمثيليّة التي لم تطرح يوما في أهدافها الخروج عن نظام الاستعباد والاضطهاد الموجود في العالم بل تعزّزه بواسطة مؤسسات المنظومة الخاضعة للقوى الرأسمالية.

أما إجراء 25 جويلية الذي لم يكن استجابة لمطلب شعبي فحسب بل كان مطلب العديد من القوى الوطنية والتقدمية فقد تم التعامل معه سياسيا باعتباره خطوة في اتجاه قبرِ منظومة ما قبل 25 جويلية مع التأكيد على القيام بإجراءات اجتماعية واقتصادية لصالح الطبقات والفئات الشعبية، غير أن هذا لا يعني تبني لما سُمِيّ”بمسار 25 جويلية” فالدستور والقانون الانتخابي والمرسوم 54 سيئ الذكر وعدم تجريم التطبيع والاعتقالات والمحاكمات على خلفية المواقف السياسية كلها كانت محلّ رفض بالنسبة إلينا.

“أفريقيا برس”: هل بوسع اليسار التونسي أن يرمم انقساماته واختلافاته السياسية أم يصعب ذلك في ظل التباين في الموقف من السلطة؟

اليسار التونسي منذ وجوده وهو في حالة اختلاف بشقيه الماركسي والعروبي، فطبيعة الثورة وطبيعة النظام والتشكيلة الاقتصادية ومسألة الأمة والطبقة واللغة والموقف من 20 مارس 1956 كلها كانت محل اختلاف ونقاشات كانت دافعا لكتابة العديد من المؤلفات والكراريس وجرى على قاعدتها أيضا الاستقطاب خاصة داخل الجامعة والنقابات، وأعتقد أن هذا الزخم قد تفرد به اليسار في تونس حيث كان الاختلاف يحسم نظريا وسياسيا، إذن من حيث المبدأ فالاختلاف داخل اليسار يمثل دافعا ايجابيا خاصة في تحيين العديد من المقولات وفي مستوى الأسلوب، وقد حصلت تجارب آخرها الجبهة الشعبية كانت تعبيرا عن وحدة جزء مهم من القوى اليسارية بشقيها الماركسي والعروبي في تحالف سياسي، وقد انتهت التجربة لأسباب يطول شرحها، علما وأن الجبهات تولد وتنتهي حسب طبيعة المهام والمرحلة، ويمكن في المستقبل أن نشهد تحالفات وحتى انصهارات بين قوى يسارية تتقارب وتتشابه فيما بينها. أما بالنسبة للموقف من 25 جويلية ورغم أهميته فهو ليس محددا في التقاء وتحالف اليسار خاصة أن محاور السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية والحريات العامة والفردية، هي تقريبا محل إجماع داخل الطيف اليساري و يجب النضال من أجلها، وفي الحقيقة فإن أكثر ما يبعد اليسار عن الالتقاء هي الأمراض الطفولية والتخوين المجاني ومصالح البعض،غير أنني أؤكد لك أن هذا الوضع لن يستمر فالعديد من المناضلين والمناضلات يعملون من أجل تجاوز حالة الوهن والتشتت.

“أفريقيا برس”: هل تعتقد أن الانقسامات بين اليسار ساهمت في مزيد تراجع شعبيته، وكيف يمكن أن يرمم اليسار صورته أمام الشارع اليوم؟

اليسار التونسي برغم من تضحياته وقوافل الشهداء وماقدمه للوطن والشعب في جميع المجالات لم يتبوأ إلى الآن مكانته الحقيقية بل ولاقى كثيرا من الجحود في العديد من المناسبات! لقد ناضل اليساريون ولازالوا من أجل قيم نبيلة وثورية غير أننا لم نستطع إقناع شعبنا إلى حد الآن، وطبيعي أن تكون المعارك الطاحنة بيننا من أسباب نفور جزء كبير من الشعب رغم أن اليسار هو المعبر الحقيقي عن طموحاتهم في الحرية والعدالة، لكن ذلك لا يجب أن يخفي استهداف القوى الرجعية وتشويههم لليسار والتحريض علنا على مناضلاته ومناضليه واستغلال الوعي المتدني لكثير من الناس ورميه بشتى النعوت مثل “الانبتات والتعالي والمجون” وللأسف فقد انخرط في هذه الحملات حتى بعض المحسوبين على القوى الوطنية والتقدمية، غير أن هذا لا يعفينا المسؤولية حيث يجب التواضع لشعبنا والعمل الجدي لإقناعه بالممارسة قبل الكلام ومراجعة العديد من المسائل.

“أفريقيا برس”: ماهي مآخذكم بخصوص مسار 25 جويلية وتصوراتكم لإخراج البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية؟

بالإضافة إلى ما سبق ذكره فيما يتعلق بالمؤاخذات مثل الدستور والقانون الانتخابي والمرسوم عدد 54، فإن عدم المضي قدما في تجريم التطبيع وعدم تحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية لصالح الطبقات والفئات الشعبية والمحاكمات الكيدية يجعلنا في صف مقاومة هذا التمشي، أما في ما يخص التصور القادر على إخراج البلاد من الأزمة فلن يكون غير برنامج وطني و ديمقراطي واجتماعي تكون رافعته جبهة وطنية شعبية.

“أفريقيا برس”: ما تقييمكم لأداء الدبلوماسية التونسية فيما يخص دعمها للتطورات في الحرب على غزة؟ ولماذا برأيكم لم يقع تمرير قانون تجريم التطبيع؟

الموقف التونسي الرّسمي مُشرف عكس المواقف الخيانية لمنظومة ماقبل 25 جويلية، غير أن الترجمة العملية لهذا الموقف لم تتجسد وأقصد قانون تجريم التطبيع فبالرغم من مجهودات بعض النوّاب وعملهم الدؤوب من أجل تمرير القانون إلا أن أغلبية البرلمان ورئيسه يعرقلون ذلك مؤكدين أن ذلك هو موقف رئيس الجمهورية وهو ما يجعل من شعار “التطبيع خيانة “محلّ تساؤل،أما عن المستوى الشعبي ورغم أن الشارع التونسي لا يتحرك بحجم الجرائم التي ترتكبها آلة الحرب الصهيونية بغطاء أمريكي وأوروبي وبتواطؤ عربي رسمي فإن المناضلات والمناضلين الثوريين في تونس يبدعون حقيقة في إسناد المقاومة مراوحين بين حملات المقاطعة والمظاهرات والوقفات الدورية أمام السفارة الداعمة لكيان الاحتلال الصهيوني وبأشكال نضالية مختلفة دون أن يكفوا عن المطالبة دائما بتجريم التطبيع.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

1 تعليق

  1. نعم الموقف تجاه 25 جويلية ليس هو المحدد للإلتقاء و كذلك ليس هو الموقف من ما يسمى مسار 25 جويلية و الرئيس قيس سعيد أصبح للبعض لمن ” يمثلون” اليسار في تونس محدد للإلتقاء !!! و هي سابقة في تاريخ اليسار في العالم أن يكون الرئيس الحاكم هو المحدد للإلتقاء !!!!

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here