كمال عمروسية لـ”أفريقيا برس”: حزب العمال متمسك بالديمقراطية ويرفض إجراءات 25 جويلية

147
كمال عمروسية لـ
كمال عمروسية لـ"أفريقيا برس": حزب العمال متمسك بالديمقراطية ويرفض إجراءات 25 جويلية

أفريقيا برس – تونس. أشار كمال عمروسية القيادي بحزب العمال في حواره مع “أفريقيا برس” إلى أن مؤتمر الحزب السادس الذي انعقد في بداية شهر جويلية الجاري قد جدد فيه الحزب تمسكه بالديمقراطية رافضا إجراءات 25 جويلية التي يصفها بالانقلاب على الدستور.

وبين عمروسية أن إعادة انتخاب حمة الهمامي أمينا عاما للحزب يأتي كونه الشخصية السياسية الأكثر قدرة على مواجهة المطبات بسبب تاريخها النضالي كما تحظى بثقة عالية من مناضلي الحزب وهي الأنسب للدفاع عن خط الحزب وأهدافه، وفي تقديره فإن المستقبل سيكون لليسار في تونس غير أن ذلك يتطلب من اليسار الجرأة لتجديد الخطاب وردم الهوة والمسافات الطويلة مع الجماهير.

وكمال عمروسية هو عضو اللجنة المركزية لحزب العمال في تونس، وهو رئيس المؤتمر السادس للحزب.

حوار آمنة جبران
ماهي أبرز مخرجات مؤتمر حزب العمال الأخير في العلاقة بالأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد؟

طبعا نحن في حزب العمال فقد اعتبرنا منذ 25 جويلية 2021 أن ما وقع في تونس هو انقلاب كامل الشروط وانقلاب على الدستور الذي وصل به قيس سعيد نفسه إلى السلطة، وفي نفس الوقت هو انقلاب وسط انقلاب بمعنى أن الفترة التي سبقت سلطة قيس سعيد لم تكن فترة وردية ولم يكن فيها احتراما بشكل مطلق للحقوق والحريات، وبالتالي اعتبرنا في مؤتمرنا أنه فترة حكم ما بعد الانقلاب هو تواصل لنفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمنظومة التي سبقتها، وهو ما جعل البلاد تعيش أزمة سياسية حادة وأزمة أخلاقية وهي اليوم في منعطف حاد جدا، وبالتالي كسياسيين لا نرى أي تطور بل نرى رجوعا ونكوصا نحو الوراء بما أن قيس سعيد يمثل رأس حربة الثورة المضادة، واليوم تونس تعيش أسوأ حقبة بعد ثورة 17 ديسمبر و14 جانفي وهي مهددة ومفتوحة على كل السيناريوهات المؤلمة والمؤسفة.

فتح إعادة انتخاب حمه الهمامي أمينا عام للحزب العمال باب الانتقادات مجددا بسبب عدم التجديد في القيادة، ما تعليقكم على ذلك؟

نحن سعداء أن عديد من الرأي العام قد واكب مؤتمرنا ولا يزعجنا أي انتقادات رغم أن هذه المسألة بحد ذاتها هي مسألة داخلية تعني فقط المؤتمرات والمؤتمرون وتعني فقط مناضلي ومناضلات حزب العمال لكن يهمنا الرأي العام أيضا ويهمنا أن نتوجه إليه بأن حزبنا انطلق منذ شهر ماي الماضي في نقاش للوائح ووثائق المؤتمر وامتد ذلك طيلة شهران وكانت نقاشات معمقة طالت الخط السياسي وطالت الخط التنظيمي وعديد الأبعاد الأخرى.

ونحن نعتبر أن الأمين العام للحزب حمة الهمامي هو محل ثقة مناضلي ومناضلات الحزب ، ونعتبر أن الأزمة في تونس التي تعد من أبرز أبعادها جانب الحريات والحريات السياسية ونرى أن حمه الهمامي الشخصية البارزة والقادرة أن تمنح الأمل وتواجه كل المطبات وهي الشخصية التي واجهت بكل ثبات وبكل مبدئية نظام الحكم البورقيبي وواجهت نظام حكم بن علي وعشر سنوات من حكم الإسلاميين، ولدينا الثقة أن الأمين العام للحزب قادر على أن يكون أمينا على خط الحزب ومستقبل الحزب.

علاوة على ذلك هناك مسألة نريد توضيحها هو أن الأمانة العامة لدى حزب العمال ليست بنفس الأهمية مقارنة بالأحزاب الأخرى، نعلم أن الأحزاب الأخرى الأمين العام يصول ويجول ولديه صلاحيات واسعة، بينما نحن في حزبنا الأمين العام ليس لديه صلاحيات واسعة بل هو مناضل ككل مناضلي الحزب وهو محل نقد ومساءلة فقط لديه صلاحيات محدودة وفق القانون الأساسي، كما أن الأمين العام لحزب العمال لا يقع انتخابه بشكل مباشر من المؤتمر في إطار استثنائي فقط بل حتى في السير العادي يقع التغيير علما أنه رغبة مناضلي الحزب والقيادة هي تقلد حمة الهمامي هذه المسؤولية لأنه محل ثقة الحزب ونعتبره في أوج العطاء الفكري والسياسي والتنظيمي القادر على تقديم الإضافة لبلادنا في ظل هذا الوضع الحالك.

دعا حمه الهمامي أنصاره للتخطيط لوصول اليسار إلى الحكم، هل اليسار قادر اليوم في ظل انقسامه وتشتته إلى الوصول إلى السلطة؟

صحيح اليسار في تونس مشتت ومنقسم، وهو يعيش على وقع أزمات متتالية ولم يتخلص من عديد السلوكيات التي جعلت بيه وبين الجماهير مسافات طويلة لكن تبقى مسألة السلطة هي المسألة الجوهرية في تونس. ونحن كحزب عمال نضع أمام أنفسنا السلطة كهدف رئيسي، وهو في الحقيقة فيه توجه ونوعا من النقد الذاتي لأنه في السنوات الفارطة لم تكن السلطة مسألة جدية بالنسبة إلينا، وبالتالي نعتبر مسؤولية اليسار في تونس ونحن من أبرز أحزابه التوجه نحو القضية الأساسية وهي السلطة، بقي أنه حين نطرح مسألة السلطة لا نعني ذلك أنه سيكون على المدى القريب أو البعيد لكن الأساسي أن السلطة هي المسألة المركزية في برنامجنا ونضالنا.

ماهي أبرز أخطاء اليسار التونسي، في العقد الأخير؟

اليسار في تونس ارتكب عديد الأخطاء من بينها أنه لم يستطيع ردم المسافة بينه وبين الشعب التونسي، اليسار رغم التضحيات ورغم النضالات الكبيرة لم يستطيع أن يتحول إلى قوة جماهيرية كبيرة حتى يفرض من خلالها برنامجه وحتى تجربة الجبهة الشعبية التي لاقت نجاحا باهرا وكبيرا في الانتخابات التشريعية والرئاسية سنة 2014، إلا أنها بدأت في التعثر والانحدار وبلغت ذروتها سنة 2016 وكان من الأفضل أن تنتهي التجربة في تلك السنة إلا أنها بقيت تترنح إلى حدود سنة 2019.

أيضا وقعت العديد من الأخطاء الأخرى من الناحية السياسة، حيث نعتبر في حزب العمال أن التجربة البرلمانية لم تكن موفقة بشكل كبير لأننا تحولنا إلى جزء من المنظومة في تونس وهذه المنظومة هي التي عاقبها الشعب في انتخابات 2019، ومطروح علينا اليوم أن نقدم حلولا من خارج المنظومة لأنها المنظومة الحالية تواصل نفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية ومن نتائجها مزيد من تعقيد أوضاع الشعب التونسي وبالتالي الحل يكون من خارجها، وأعتقد أن ذلك يعد أكبر خطأ وقعنا فيه، ونحن عاقدون العزم على تصويب أخطائنا وعلى تطوير عملنا وسط الجماهير من أجل تحقيق أهدافنا الآنية والبعيدة.

ما رأيكم في الانتقادات التي تطال اليسار بخصوص تمسكه بالأديولوجيا؟

طبعا هو اليسار أيديولوجيا كما أن اليمين أيديولوجيا وأيديولوجيتنا في حزب العمال هي الدفاع عن المستضعفين والفقراء والطبقات التي بصدد الانحدار على غرار المعلمين والأساتذة والصحفيات والصحفيين كل هذه الشرائح بصدد التراجع بشكل كبير وهذه الأيديولوجيا لا تزعجنا على العكس نرى أنه لا بد من الحفاظ عليها والدفاع عنها بلا هوادة بقطع النظر عن التشويهات التي تطال عملنا من حين إلى آخر، الأيديولوجيا لا مفر منها وبهذه المعنى بأن تكون الأيديولوجيا ضد القهر والظلم والاستغلال والميز العنصري فنحن سعداء بها وكلنا شرف للتمسك بها ولا إزعاج لنا في ذلك.

هل رهانكم على ديمقراطية الشارع صائب في ظل عزوف الشارع عن السياسة والأحزاب؟

هناك شيطنة للعمل الحزبي والسياسي وهناك هجوم سافر على هاته المكتسبات وربما اشتدت أكثر بعد صعود الشعبوية في تونس وبرنامجها الهادف إلى نسف كل عمل وسطي بين الجماهير، ونحن رغم العزوف لكن لدينا ثقة في الشعب التونسي وأن الاستكانة لن تطول ومتشبثون بمسألة الديمقراطية والجماهير حسمتها منذ عقود وكلنا ثقة في هذه القضية.

أين تتموقعون كحزب معارض اليوم، وهل أنتم مع المبادرات التي تقودها أحزاب معارضة والتي تطرح فيها بدائل وحلول مؤثرة في المشهد السياسي؟

نرى أن البلد في حاجة إلى خط وبرنامج مستقل حيث أن جزء من المنظومة تحت وطأة الشعبوية وهي من تضع القوانين وتضع يدها على القضاء وعلى كل أجهزة الدولة وتسعى بكل ما أوتيت من قوة لتنفيذ برنامجها، وهناك منظومة أخرى وهي منظومة الإسلاميين التي تترصد وتحن للعودة إلى الحكم وتحاول أن تتظاهر بمظهر المدافع عن الديمقراطية والحرية لكن هذه المنظومة هوت ولا مجال للعودة إليها.

وهناك منظومة أقدم بكثير وهي منظومة الدساترة التي يتزعمها الحزب الدستوري الحر ونعتبرها خطرا على الحرية وعلى الديمقراطية وعلى الشعب التونسي والتي لا تؤمن بالثورة، ناهيك ونحن أول حزب صدح برفضه لإجراءات 25 جويلية واعتبرها انقلابا وعديد من المكونات السياسية والاجتماعية والمدنية تبنت هذا الموقف، ونعتبر موقفنا اليوم على درجة عالية من الثبات والتماسك وسنواصل في نفس هذا الخط ونطرح أهدافنا وخطنا بمعزل عن الثلاثي الذي سبق وأن أشرت إليه.

أي مستقبل لليسار في تونس في ظل انقسامه وعجزه على التوحد؟

من الجانب النظري فإنه لا مستقبل إلا لليسار في تونس بالنظر إلى الرأسمالية في العالم وما أنتجته من حروب وأمراض وأوبئة، واليوم هناك أزمة عالمية شديدة وتناحر داخل معسكر الرأسمالية، نلاحظ أن الولايات المتحدة الأميركية نفقاتها العسكرية ستبلغ السنة القادمة ألف مليار دولار كذلك الصين التي تريد زعامة العالم حيث هناك صراع محتدم بين هذين المعسكرين، بالتالي نحن نعتقد أن المستقبل في العالم لليسار وللمستضعفين ونفس المستقبل في تونس باعتبار أننا جزء من العالم وجزء من الوطن العربي فالمستقبل لليسار، لكن على اليسار أيضا أن يجدد خطابه وأن يسعى أكثر ما يمكن للوحدة وأن يردم كما أشرت سابقا لكل المسافات بينه وبين الجماهير وأن ينقل مقولاته وأطروحاته إلى الشعب التونسي ومن المؤكد أن المستقبل سيكون له، ونحن في حقيقة الأمر طرحنا شعار “نعم سننتصر” لأنه كلنا ثقة بأن المستقبل سيكون لليسار ولكل قواه الحية والديمقراطية والتقدمية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here